البــرهان

في

تفسير القرآن

الجزء الثالث عشر

 

تأليف وتصنيف وتبويب

العلامة المتبحر

سيد هاشم البحراني

رحمه الله

 

 

قوله تعالى:

)وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً 72(

1 - محمد بن يعقوب: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن أبي أيوب‏ الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: )وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ( ، قال: الغناء».[1]

2 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، وأبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ( ، قال: «هو الغناء».[2]

3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن سعيد بن جناح ، عن حماد ، عن أبي أيوب الخزاز ، قال: نزلنا بالمدينة ، فأتينا أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لنا: «أين نزلتم؟» فقلنا: على فلان ، صاحب القيان. فقال: «كونوا كراما».

فوالله ما علمنا ما أراد به ، وظننا أنه يقول: تفضلوا عليه. فعدنا إليه ، فقلنا له: لا ندري ما أردت بقولك: «كونوا كراما».

 فقال: «أما سمعتم قول الله عز وجل في كتابه: )وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً(».[3]

4 - الطبرسي: في معنى قوله تعالى: )وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ( عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام): «هو الغناء».[4]

ومثله رواه الشيباني عنهما (عليهما السلام) ، في (نهج البيان)[5].

5 - وفي قوله تعالى: )وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراما(عن أبي عبد الله (عليه السلام)[6]: «هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا[7] عنه»[8]  ذكره الطبرسي.

6 - علي بن إبراهيم: في قوله: )وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ( ، قال: الغناء ، ومجالس أهل اللهو ، )وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا([9] الإسراف: الإنفاق في المعصية في غير حق ، )وَلَمْ يَقْتُرُوا لم يبخلوا عن حق الله. وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً([10] والقوام: العدل ، والإنفاق فيما أمر الله به.[11]

قوله تعالى:

)وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً 73(

1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن محمد بن زياد ، عن أبي بصير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً( قال: «مستبصرين ، ليسوا شكاكا».[12]

قوله تعالى:

)وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً 74(

2 - علي بن إبراهيم ، قال: وقرئ عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، فقال: «قد سألوا[13] الله عظيما ، أن يجعلهم للمتقين أئمة».

فقيل له: كيف هذا ، يا ابن رسول الله؟ قال: «إنما أنزل الله: الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما».[14]

3 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني محمد بن أحمد ، قال: حدثني الحسن بن محمد بن سماعة ، عن حماد ، عن أبان بن تغلب ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (، قال: «هم نحن أهل البيت».[15]

4 - وروى غيره: «أن أزواجنا: خديجة ، وذرياتنا ، فاطمة (عليهما السلام) ، وقرة أعين: الحسن والحسين (عليهما السلام) ، واجعلنا للمتقين إماما: علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[16]

5 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، عن حويرث[17] بن محمد الحارثي ، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير ، عن أبيه ، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس ، قال: قوله تعالى:)وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ( الآية ، نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام).[18]

5 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسين ، عن جعفر بن عبد الله المحمدي ، عن كثير بن عياش ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَ ذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً( ، قال: «أي هداة يهتدى بنا ، وهذه لآل محمد (عليهم السلام) خاصة».[19]

6 - وعنه: عن محمد بن جمهور ، عن الحسين بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي بصير ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): )وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً( ، قال: «لقد سألت ربك عظيما ، إنما هي: واجعل لنا من المتقين إماما وإيانا عنى بذلك».

 فعلى هذا التأويل تكون القراءة الاولى واجعلنا للمتقين- يعني الشيعة- إماما ، أن القائلين هم الأئمة (عليهم السلام).[20]

7 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سلام ، عن عبيد بن كثير ، عن الحسين بن نصر ابن مزاحم ، عن علي بن زيد الخراساني ، عن عبد الله بن وهب الكوفي ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، في قول الله عز وجل: )رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً( ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجبرئيل (عليه السلام): )مِنْ أَزْواجِنا (؟ قال: خديجة. قال: )وَ ذُرِّيَّاتِنا(؟ قال: فاطمة. قال:)قُرَّةَ أَعْيُنٍ(؟ قال: الحسن والحسين. قال: )وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً(. قال: علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين صلاة باقية إلى يوم الدين).[21]

قوله تعالى:

)أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً 75(

1 - (تحفة الإخوان) عن ابن مسعود ، وام سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله)- في حديث- قال له: «يا ابن مسعود ، إن أهل الغرف العليا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وشيعته المتولون له ، المتبرءون من أعدائه ، وهو قوله تعالى: )أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَ سَلاماً (على أذى الدنيا».[22]

2 - (كشف الغمة) لعلي بن عيسى: عن ثابت ، عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: )أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ (، قال: «الغرفة: الجنة )بِما صَبَرُوا( على الفقر ومصائب[23] الدنيا».[24]

قوله تعالى:

)قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً 77(

1 - الشيخ في (أماليه) قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود السجستاني ، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن المقسمي الطرسوسي ، قال: حدثنا بشر بن زاذان ، عن عمر بن صبيح ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، أنه قال: «إنما الدنيا عناء وفناء ، وعبر وغير[25] ، فمن فنائها: أن الدهر موتر قوسه ، مفوق[26] نبله ، يصيب الحي بالموت ، والصحيح بالسقم ، ومن عنائها: أن المرء يجمع ما لا يأكل ، ويبني ما لا يسكن ، ومن عبرها: أنك ترى المغبوط مرحوما ، والمرحوم مغبوطا ، ليس بينهما إلا نعيم زال ، أو بؤس نزل ، ومن غيرها: أن المرء يشرف عليه أمله ، فيختطفه دونه أجله».

قال: وقال علي (عليه السلام): «أربع للمرء ، لا عليه: الإيمان ، والشكر ، فإن الله تعالى يقول: )ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)[27] ، والاستغفار ، فإنه قال: )وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[28] ، والدعاء ، فإنه قال: )قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً(».[29]

2 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): )قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ( ، يقول: «ما يفعل ربي بكم )فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً(».[30]

3 - الطبرسي: روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام):كثرة القراءة أفضل ، أم كثرة الدعاء؟ قال: «كثرة الدعاء أفضل» وقرأ هذه الآية.[31]

المستدرك (سورة الفرقان)

قوله تعالى:

)كانَ عَلى‏ رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا 16(

 1- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: )كانَ عَلى‏ رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا( ، قال ابن عباس: معناه أن الله سبحانه وعد لهم الجزاء ، فسألوه الوفاء ، فوفى.[32]

قوله تعالى:

)وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ 31(

 2- أبو الفضل الطبرسي في (مشكاة الأنوار): يرفعه إلى الإمام الصادق (عليه السلام) ، أنه قال: «ما كان ولا يكون وليس بكائن ، نبي ولا مؤمن ، إلا وقد سلط عليه حميم يؤذيه ، فإن لم يكن حكيم فجار يؤذيه ، وذلك قوله عز وجل: )وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ(».[33]

 3- لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب ، ونال من أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، فقام الحسن (عليه السلام) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال: إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا جعل له عدوا من المجرمين ، قال الله تعالى: )وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ( فأنا ابن علي بن أبي طالب ، وأنت ابن صخر ، وأمك هند، و امي فاطمة ، وجدتك قتيلة ، وجدتي خديجة ، فلعن الله الأدنى منا حسبا ، وأخملنا ذكرا ، وأعظمنا كفرا ، وأشدنا نفاقا. فصاح أهل المسجد: آمين آمين. وقطع معاوية خطبته ودخل منزله.[34]

قوله تعالى:

)وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً 48(

 1- (مصباح الشريعة): قال الصادق (عليه السلام): «إذا أردت الطهارة والوضوء ، فتقدم إلى الماء تقدمك إلى رحمة الله تعالى ، فإن الله تعالى قد جعل الماء مفتاح قربته ومناجاته ، ودليلا إلى بساط خدمته ، وكما أن رحمة الله تطهر ذنوب العباد ، كذلك النجاسات الظاهرة يطهرها الماء لا غير ، قال الله تعالى: )وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً( ، وقال الله تعالى: )وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُون) [35]، فكما أحيا به كل شي‏ء من نعيم الدنيا ، كذلك برحمته وفضله جعل حياة القلب والطاعات والتفكر في صفاء الماء ورقته وطهره وبركته ولطيف امتزاجه بكل شي‏ء ، واستعمله في تطهير الأعضاء التي أمرك الله بتطهيرها ، وتعبدك بأدائها في فرائضه وسننه ، فإن تحت كل واحدة منها فوائد كثيرة ، فإذا استعملتها بالحرمة انفجرت لك عيون فوائده عن قريب ، ثم عاشر خلق الله كامتزاج الماء بالأشياء ، يؤدي كل شي‏ء حقه ، ولا يتغير عن معناه ، معبرا لقول الرسول (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن المخلص كمثل الماء ولتكن صفوتك مع الله تعالى في جميع طاعاتك كصفوة الماء حين أنزله من السماء ، وسماه طهورا ، وطهر قلبك بالتقوى واليقين عند طهارة جوارحك بالماء».[36]

قوله تعالى:

)لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً 49(

2- الطبرسي في (مجمع البيان): في قوله تعالى: )لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً( ، قال ابن عباس: لنخرج به النبات والثمار.[37]

سورة الشعراء

فضلها

1 - ابن بابويه ، بإسناده: عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة ، كان من أولياء الله ، وفي جوار الله ، وفي كنفه ، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبدا ، واعطي في الآخرة من الجنة حتى يرضى ، وفوق رضاه ، وزوجه الله مائة زوجة من الحور العين».[38]

2 - ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله). أنه قال: «من قرأ هذه السورة ، كان له بعدد كل مؤمن ومؤمنة عشر حسنات ، وخرج من قبره وهو ينادي لا إله إلا الله ومن قرأها حين يصبح ، فكأنما قرأ جميع الكتب التي أنزلها الله ، ومن شربها بماء شفاه الله من كل داء ومن كتبها وعلقها على ديك أفرق ، يتبعه حتى يقف الديك ، فإنه يقف على كنز ، أو في موضع يقف يجد ماء[39]».[40]

3 - وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أدمن قراءتها ، لم يدخل بيته سارق ، ولا حريق ، ولا غريق ومن كتبها ، وشربها شفاه الله من كل داء ، ومن كتبها وعلقها على ديك أبيض أفرق ، فإن الديك يسير ولا يقف إلى على كنز ، أو سحر ، ويحفره بمنقاره ، حتى يظهره».[41]

4 - وعن الصادق (عليه السلام): «من كتبها وعلقها على ديك أبيض أفرق وأطلقه ، فإنه يمشي ويقف موضعا ، فحيث ما وقف ، فإنه يحفر موضعه فيه ، يلقى كنزا ، أو سحرا مدفونا وإذا علقت على مطلقة ، يصعب عليها الطلاق ، وربما خيف ، فليتق فاعله ، فإذا رش ماؤها في موضع ، خرب ذلك الموضع بإذن الله تعالى».[42]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ- إلى قوله تعالى- أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ 1- 3(

1 - ابن بابويه ، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني ، فيما كتب إلي على يدي[43] علي بن أحمد البغدادي الوراق ، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري ، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء ، قال: حدثنا جويرية ، عن سفيان بن سعيد الثوري ، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا ابن رسول الله ، ما معنى قوله الله عز وجل: طس[44] وطسم؟ قال: «أما طس فمعناه أنا الطالب السميع ، وأما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد».[45]

2 - علي بن إبراهيم ، قال: طسم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المرموز في القرآن ، قال:قوله تعالى: )لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) أي خادع[46] نفسك (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(.[47]

3 - ابن شهر آشوب: عن العياشي ، بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) ، في خبر ، قال النبي (صلى الله عليه وآله): «يا علي ، إني سألت الله أن يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يؤاخي بيني وبينك ففعل ، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل» فقال رجل: والله ، لصاع من تمر في شن[48] بال خير مما سأل محمد ربه ، هلا سأل ملكا يعضده على عدوه ، أو كنزا يستعين به على فاقته! فأنزل الله تعالى: )لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(.[49]

قوله تعالى:

)إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ 4(

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن عمر بن حنظلة ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) ، يقول: «خمس علامات قبل قيام القائم (عليه السلام): الصيحة ، والسفياني ، والخسف ، وقتل النفس الزكية ، واليماني».

فقلت: جعلت فداك ، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات ، أنخرج معه؟ قال: «لا».

قال: فلما كان من الغد تلوت هذه الآيات: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: «أما لو كانت ، خضعت أعناق أعداء الله عز وجل».[50]

2 - علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «تخضع رقابهم- يعني بني أمية- وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر (عليه السلام)».[51]

3 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال ، قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون ، عن معمر بن يحيى ، عن داود الدجاجي ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ، قال: «سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ([52] ، فقال: انتظروا الفرج في ثلاث».

فقيل: يا أمير المؤمنين ، وما هن؟ فقال: «اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان».

فقيل: وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال: «أوما سمعتم قول الله عز وجل في القرآن: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع اليقظان».[53]

4 - وعنه ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا علي بن الحسن التميمي[54] ، قال: حدثنا عمرو بن عثمان ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، فسمعت‏ رجلا من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة يعيرونا ، ويقولون لنا: إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر. وكان متكئا ، فغضب وجلس ، ثم قال: «لا ترووه عني ، وارووه عن أبي ، ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهد أني قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إن ذلك في كتاب الله عز وجل لبين ، حيث يقول: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع ، وذلت رقبته لها ، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب وشيعته- قال- فإذا كان من الغد ، صعد إبليس في الهواء ، حتى يتوارى عن أهل الأرض ، ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته ، فإنه قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه- قال- فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق ، وهو النداء الأول ، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض ، والمرض والله عداوتنا ، فعند ذلك يتبرءون منا ، ويتناولونا ، فيقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت» ثم تلا أبو عبد الله (عليه السلام): )وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ([55]. [56]

وعنه ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم ، وسعدان بن إسحاق بن سعيد ، وأحمد بن الحسين بن عبد الملك ، ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا ، عن الحسن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، مثله سواء بلفظه[57].

5 - وعنه ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم ، قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري ، عن عبد الله بن جبلة ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، وقد سأله عمارة الهمداني ، فقال له: أصلحك الله ، إن أناسا يعيرونا ، ويقولون: إنكم تزعمون أنه سيكون صوت من السماء. فقال له: «لا ترووه عني ، وارووه عن أبي ، كان أبي يقول: هو في كتاب الله: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( فيؤمن أهل الأرض جميعا للصوت [الأول‏] ، فإذا كان من الغد صعد إبليس اللعين ، حتى يتوارى من الأرض في جو السماء ، ثم ينادي: ألا إن عثمان قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه. فيرجع من أراد الله عز وجل به سوءا ، ويقولون: هذا سحر الشيعة ، حتى يتناولونا ، ويقولون: هو من سحرهم ، وهو قول الله عز وجل: )وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ([58] ».[59]

6 - وعنه ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا علي بن الحسن ، عن أبيه ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن الحسين بن موسى ، عن فضيل بن محمد مولى محمد بن راشد البجلي[60] ، عن أبي‏ عبد الله (عليه السلام) ، أنه قال: «أما إن النداء من السماء باسم القائم في كتاب الله لبين». فقلت: أين هو ، أصلحك الله؟ فقال: «في )طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ([61] قوله تعالى: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ(- قال- إذا سمعوا الصوت ، أصبحوا وكأنما على رؤوسهم الطير».[62]

7 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن أحمد بن معمر الأسدي ، عن محمد بن فضيل ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، في قوله عز وجل: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، قال: هذه نزلت فينا وفي بني امية ، تكون لنا دولة تذل أعناقهم لنا بعد صعوبة ، وهوان بعد عز.[63]

8 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن علي ، قال: حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، قال: «نزلت في قائم آل محمد (صلوات الله عليهم) ، ينادي باسمه من السماء».[64]

9 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا[65] ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، قال: «تخضع لها رقاب بني امية- قال- ذلك بارز عند زوال الشمس- قال- وذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) يبرز عند زوال الشمس ، وتركب[66] الشمس على رؤوس الناس ساعة ، حتى يبرز وجهه ، ويعرف الناس حسبه ونسبه».

ثم قال: «إن بني امية ليختبئ الرجل منهم إلى جنب شجرة ، فتقول: خلفي رجل من بني امية ، فاقتلوه».[67]

10 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، قال: حدثنا صفوان بن يحيى عن أبي عثمان ، عن معلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): انتظروا الفرج في ثلاث. قيل: وما هن؟ قال: اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في شهر رمضان.

فقيل له: وما الفزعة في شهر رمضان؟ قال: أما سمعتم قول الله عز وجل: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ(؟ هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، ويستيقظ النائم ، ويفزع اليقظان».[68]

11 - (كتاب الرجعة) لبعض السادة المعاصرين: عن أحمد بن سعيد ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا حصين بن مخارق ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً( ، قال: «النداء من السماء باسم رجل ، واسم أبيه».[69]

12 - وبالإسناد عن الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ( ، قال: «تخضع لها رقاب بني امية- قال- ذلك بارز عند زوال الشمس ، وذلك علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، يبرز عند زوال الشمس ، ونزلت الشمس على رؤوس الناس ساعة حتى يبرز وجهه ، ويعرف الناس حسبه ونسبه». ثم قال: «أما إن بني امية ليختبئن الرجل إلى جنب شجرة ، فتقول: هذا رجل من بني امية ، فاقتلوه».[70]

قوله تعالى:

)وَإِذْ نادى‏ رَبُّكَ مُوسى‏ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ- إلى قوله تعالى- فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ 10- 63(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما بعث الله موسى (عليه السلام) إلى فرعون أتى بابه ، فاستأذن عليه ، فلم يأذن له ، فضرب بعصاه الباب ، فاصطكت الأبواب ففتحت ، ثم دخل على فرعون ، فأخبره أنه رسول الله ، وسأله أن يرسل معه بني إسرائيل. فقال له فرعون ، كما حكى الله: )أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ( أي قتلت الرجل )وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ( يعني كفرت نعمتي. قال موسى ، كما حكى الله: )فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) إلى قوله تعالى: (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) فـ(قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ(؟ وإنما سأله عن كيفية الله ، فقال موسى: )رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ( ، فقال فرعون- متعجبا- لأصحابه: )أَلا تَسْتَمِعُونَ( أسأله عن الكيفية ، فيجيبني عن الصفات؟! فقال موسى: )رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ( قال فرعون لأصحابه: اسمعوا ، قال: ربكم ورب آبائكم الأولين[71]!

ثم قال لموسى: )لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ( قال موسى: )أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ‏ءٍ مُبِينٍ(. قال فرعون:)أْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقى‏ عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ( فلم يبق أحد من جلساء فرعون إلا هرب ، ودخل فرعون من الرعب ما لم يملك به نفسه فقال فرعون: نشدتك بالله ، وبالرضاع ، إلا ما كففتها عني ، فكفها ، ثم نزع يده ، فإذا هي بيضاء للناظرين ، فلما أخذ موسى العصا رجعت إلى فرعون نفسه ، وهم بتصديقه ، فقام إليه هامان ، فقال له: بينما أنت إله تعبد ، إذ صرت تابعا لعبد! ثم قال فرعون للملأ الذين حوله: )إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ) إلى قوله: (لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ(. وكان فرعون وهامان قد تعلما السحر ، وإنما غلبا الناس بالسحر ، وادعى فرعون الربوبية بالسحر ، فلما أصبح بعث في المدائن حاشرين ، مدائن مصر كلها ، وجمعوا ألف ساحر ، واختاروا من الألف مائة ، ومن المائة ثمانين ، فقال السحرة لفرعون: قد علمت أنه ليس في الدنيا أسحر منا ، فإن غلبنا موسى فما يكون لنا عندك؟ قال: )إِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ( عندي ، أشارككم في ملكي. قالوا: فإن غلبنا موسى ، وأبطل سحرنا ، علمنا أن ما جاء به ليس من قبل السحر ، ولا من قبل الحيلة ، وآمنا به ، وصدقناه. فقال فرعون: إن غلبكم موسى ، صدقته أنا أيضا معكم ، ولكن أجمعوا كيدكم ، أي حيلتكم».

قال: «وكان موعدهم يوم عيد لهم ، فلما ارتفع النهار من ذلك اليوم ، جمع فرعون الخلق ، والسحرة ، وكانت له قبة طولها في السماء ثمانون ذراعا ، وقد كانت كسيت بالحديد والفولاذ المصقول ، فكانت إذا وقعت الشمس عليها ، لم يقدر أحد أن ينظر إليها ، من لمع الحديد ، ووهج الشمس ، وجاء فرعون وهامان ، وقعدا عليها ينظران ، وأقبل موسى ينظر إلى السماء ، فقالت السحرة لفرعون: إنا نرى رجلا ينظر إلى السماء ، ولن يبلغ سحرنا إلى السماء ، وضمنت السحرة من في الأرض. فقالوا لموسى: )إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ([72] قال لهم موسى: )أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ( فأقبلت تضطرب ، وصالت[73] مثل الحيات ، وهاجت ، فقالوا:)بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ(. فهال الناس ذلك ، فأوجس في نفسه خيفة موسى ، فنودي: )لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى‏ وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى([74].

فألقى موسى عصاه ، فذابت في الأرض مثل الرصاص ، ثم طلع رأسها ، وفتحت فاها ، ووضعت شدقها الأعلى على رأس قبة فرعون ، ثم دارت ، وأرخت شفتها السفلى ، والتقمت عصي السحرة ، وحبالها ، وغلب كلهم ، وانهزم الناس حين رأوها ، وعظمها ، وهولها ، مما لم تر العين ، ولا وصف الواصفون مثله قبل ، فقتل في الهزيمة ، من وطء الناس بعضهم بعضا ، عشرة آلاف رجل وامرأة وصبي ، ودارت على قبة فرعون- قال- فأحدث فرعون وهامان في ثيابهما ، وشاب رأسهما ، وغشي عليهما من الفزع.

ومر موسى في الهزيمة مع الناس ، فناداه الله: )خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى([75] ، فرجع موسى ، ولف على يده عباءة كانت عليه ، ثم أدخل يده في فيها ، فإذا هي عصا كما كانت ، فكان كما قال الله  )فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ( لما رأوا ذلك ، )وقالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى‏ وَهارُونَ( ، فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا ، وقال: )آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ) يعني موسى (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ( فقالوا ، كما حكى الله: )لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ(.

فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن ، حتى أنزل الله عليهم الطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم ، فأطلق فرعون عنهم فأوحى الله إلى موسى: )أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ( ، فخرج موسى ببني إسرائيل ، ليقطع بهم البحر ، وجمع فرعون أصحابه ، وبعث في المدائن حاشرين ، وحشر الناس ، وقدم مقدمته في ست مائة ألف ، وركب هو في ألف ألف ، وخرج كما حكى الله عز وجل: )فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ( ، فلما قرب موسى من البحر ، وقرب فرعون من موسى ، قال أصحاب موسى: )إِنَّا لَمُدْرَكُونَ( ، قال موسى: )كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ( أي سينجيني: فدنا موسى (عليه السلام) من البحر ، فقال له: انفلق ، فقال البحر له: استكبرت- يا موسى- أن تقول لي أنفلق[76] لك ، ولم أعص الله طرفة عين ، وقد كان فيكم المعاصي؟ فقال له موسى: فأحذر أن تعصي الله وقد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته ، وإنما إبليس لعن بمعصيته ، فقال البحر: ربي عظيم ، مطاع أمره ، ولا ينبغي لشي‏ء أن يعصيه.

فقام يوشع بن نون ، فقال لموسى: يا رسول الله ، ما أمرك ربك؟ قال: بعبور البحر. فاقتحم يوشع فرسه في الماء ، فأوحى الله إلى موسى: )أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) ، فضربه (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ( ، أي كالجبل العظيم ، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كل سبط منهم في طريق ، فكان الماء قد ارتفع ، وبقيت الأرض يابسة ، طلعت فيها الشمس ، فيبست ، كما حكى الله: )فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى([77].

ودخل موسى وأصحابه البحر ، وكان أصحابه اثني عشر سبطا ، فضرب الله لهم في البحر اثنى عشر طريقا ، فأخذ كل سبط في طريق ، وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال ، فجزعت الفرقة التي كانت مع موسى (عليه السلام) في طريقه ، فقالوا: يا موسى أين إخواننا؟ فقال لهم: معكم في البحر. فلم يصدقوه ، فأمر الله البحر ، فصارت طاقات ، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ، ويتحدثون.

وأقبل فرعون وجنوده ، فلما انتهى إلى البحر ، قال لأصحابه: ألا تعلمون أني ربكم الأعلى؟ قد فرج لي‏ البحر. فلم يجسر أحد أن يدخل البحر ، وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فتقدم فرعون ، حتى جاء إلى ساحل البحر ، فقال له منجمه: لا تدخل البحر. وعارضه فلم يقبل منه ، وأقبل على فرس حصان ، فامتنع الحصان أن يدخل الماء ، فعطف عليه جبرئيل ، وهو على ماديانة[78] ، فتقدمه ودخل ، فنظر الفرس إلى الرمكة[79] فطلبها ، ودخل البحر ، واقتحم أصحابه خلفه. فلما دخلوا كلهم ، حتى كان آخر من دخل من أصحابه ، وآخر من خرج من أصحاب موسى ، أمر الله الرياح ، فضربت البحر بعضه ببعض ، فأقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال ، فقال فرعون عند ذلك:  )آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ([80] فأخذ جبرئيل كفا من حمأ ، فدسها في فيه ، ثم قال: )آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ([81] ».[82]

2 - المفيد في (الإختصاص): عن عبد الله بن جندب ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، قال: «كان على مقدمة فرعون ست مائة ألف ، ومأتي ألف ، وعلى ساقته[83] ألف ألف، - قال- لما صار موسى في البحر ، اتبعه فرعون وجنوده- قال- فتهيب فرس فرعون أن يدخل البحر ، فتمثل له جبرئيل على ماديانة ، فلما رأى فرس فرعون الماديانة اتبعها ، فدخل البحر هو وأصحابه ، فغرقوا».[84]

3 - وعنه في (أماليه) ، قال: أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، قال: حدثني بكر بن صالح الرازي ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول لأبي: «ما لي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب؟» قال: إنه خالي. فقال له أبو الحسن: «إنه يقول في الله قولا عظيما ، يصف الله تعالى ، ويحده ، والله لا يوصف ، فإما جلست معه وتركتنا ، وإما جلست معنا وتركته».

فقال: إنه يقول ما شاء ، أي شي‏ء علي منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال له أبن الحسن (عليه السلام): «أما تخافن أن تنزل به نقمة ، فتصيبكم جميعا؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى ، وكان أبوه من أصحاب فرعون ، لما لحقت خيل فرعون موسى (عليه السلام) ، تخلف عنه ليعظه فأدركه موسى ، وأبوه يراغمه ، حتى بلغا طرف البحر ، فغرقا جميعا ، فأتى موسى الخبر ، فسأل جبرئيل عن حاله ، فقال: غرق (رحمه الله) ولم يكن على رأي أبيه ، لكن النقمة إذا نزلت ، لم يكن لها عمن قارب المذنب دفاع؟».[85]

4 - الحسين بن سعيد ، في كتاب (الزهد): عن النضر ، عن محمد بن هاشم ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن قوما ممن آمن بموسى (عليه السلام) ، قالوا: لو أتينا عسكر فرعون ، وكنا فيه ، ونلنا من دنياه ، فإذا كان الذي نرجوه من ظهور موسى ، صرنا إليه. ففعلوا ، فلما توجه موسى ومن معه هاربين ركبوا دوابهم ، وأسرعوا في السير ليوافوا موسى ومن معه ، فيكونوا معهم ، فبعث الله ملائكة ، فضربت وجوه دوابهم ، فردتهم إلى عسكر فرعون ، فكانوا فيمن غرق مع فرعون».[86]

5 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ( يقول: عصبة قليلة )وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ( يقول: مؤذون في الأداة ، وهو الشاكي في السلاح وأما قوله: )وَمَقامٍ كَرِيمٍ( يقول: مساكن حسنة. وأما قوله: )فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ( يعني عند طلوع الشمس. وأما قوله:)إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ( يقول: سيكفين».[87]

6 - ابن بابويه ، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) ، قال: حدثني أبي ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال: حضرت مجلس المأمون ، وذكر الحديث في عصمة الأنبياء ، من سؤال المأمون للرضا (عليه السلام) ، فكان فيما سأله: فما معنى قول موسى (عليه السلام) لفرعون:)فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ(؟

قال الرضا (عليه السلام): «إن فرعون قال لموسى (عليه السلام) لما أتاه: )وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ( بي قال موسى: )فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ( عن الطريق ، بوقوعي إلى مدينة من مدائنك )فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ( وقد قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله): )أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى([88]. يقول ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟) وَوَجَدَكَ ضَالًّا([89] يعني عند قومك. (فَهَدى([90] أي هداهم إلى معرفتك. (وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى([91] يقول: أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا» فقال المأمون: بارك الله فيك ، يا ابن رسول الله.[92]

7 - المفيد في كتاب (الغيبة): بإسناده عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال[93]: «إذا قام القائم (عليه السلام) تلا هذه الآية ، مخاطبا للناس: )فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ(».[94]

قوله تعالى:

)الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ- إلى قوله تعالى- وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ 78- 87(

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا حمزة ابن القاسم العلوي العباسي ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الكوفي الفزاري ، قال: حدثنا محمد بن الحسين ابن زيد الزيات ، قال: حدثنا محمد بن زياد الأزدي ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: )وَإِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ( ، وذكر الحديث فيما ابتلاه به ربه ، إلى أن قال: «والتوكل ، بيان ذلك في قوله: )الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ(.

ثم الحكم ، والانتماء إلى الصالحين ، في قوله: )رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ( يعني بالصالحين: الذين لا يحكمون إلا بحكم الله عز وجل ، ولا يحكمون بالآراء والمقاييس ، حتى يشهد له من يكون بعده من الحجج بالصدق ، بيان ذلك في قوله: )وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ( أراد في هذه الأمة الفاضلة ، فأجابه الله ، وجعل له ولغيره من الأنبياء: )لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ( وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وذلك قوله: )وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا([95]. [96]

ثم استقصار النفس في الطاعة ، في قوله: )وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ(».

والحديث طويل ، ذكرناه في قوله تعالى: )وَإِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ([97].

2 - وعنه ، قال: حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في حديث غيبة إبراهيم ، إلى أن قال: «ثم غاب (عليه السلام) الغيبة الثانية ، وذلك حين نفاه الطاغوت عن بلده[98] ، فقال  : )وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى‏ أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا([99]. قال الله تقدس ذكره: )فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا([100] يعني به علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، لأن إبراهيم (عليه السلام) قد كان دعا الله عز وجل أن يجعل له‏ لسان صدق في الآخرين ، فجعل الله تبارك وتعالى له ولإسحاق ويعقوب لسان صدق عليا ، فأخبر علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن القائم (عليه السلام) هو الحادي عشر من ولده ، وأنه المهدي الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملئت جورا وظلما ، وأنه تكون له غيبة ، وحيرة ، يضل فيها أقوام ، ويهتدي فيها آخرون ، وأن هذا كائن كما أنه مخلوق».[101]

1 - ومن طريق المخالفين: قوله تعالى: )وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ( عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، عرضت ولايته على إبراهيم (عليه السلام) ، فقال: اللهم اجعله من ذريتي ، ففعل الله ذلك».[102]

2 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: )وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ( ، قال: هو أمير المؤمنين (عليه السلام).[103]

قوله تعالى:

)إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ 89(

3 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان ابن عيينة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: )إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(. قال:«السليم الذي يلقى ربه ، وليس فيه أحد سواه». قال: وقال: «كل قلب فيه شرك ، أو شك ، فهو ساقط ، وإنما أرادوا الزهد في الدنيا ، لتفرغ قلوبهم للآخرة».[104]

4 - الطبرسي ، قال: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «هو القلب الذي سلم من حب الدنيا». قال الطبرسي: ويؤيده‏ قول النبي (صلى الله عليه وآله): «حب الدنيا رأس كل خطيئة».[105]

قوله تعالى:

)وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ 90- 91(

5 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: )وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ( يقول: قربت وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ يقول: نحيت».[106]

قوله تعالى:

)فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ- إلى قوله تعالى- فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ 94- 102(

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام)[107] ، في قول الله عز وجل: )فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ( ، قال: «هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ، ثم خالفوه إلى غيره».[108]

2 - وعنه: عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرزاق بن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث- قال فيه: «وأنزل في طسم :) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ([109] جنود إبليس: ذريته من الشياطين».[110]

3 - الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن النضر ، عن الحلبي ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ( ، قال: «هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم ، ثم خالفوا إلى غيره».[111]

4 - وعنه: عن عبد الله بن بحر ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ( ، فقال: «يا أبا بصير ، هم قوم وصفوا عدلا ، وعملوا بخلافه».[112]

5 - علي بن إبراهيم ، في معنى الآية: قال الصادق (عليه السلام): «نزلت في قوم وصفوا عدلا ، ثم خالفوه إلى غيره».

ثم قال: وفي خبر آخر: «هم بنو امية ، والغاوون هم بنو فلان».

)قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ( يقولون لمن تبعوهم: أطعناكم كما أطعنا الله ، فصرتم أربابا. ثم يقولون:)فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(.[113]

6 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن آدم بن إسحاق ، عن عبد الرزاق ابن مهران ، عن الحسين بن ميمون ، عن محمد بن سالم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ(. قال: «يعني المشركين الذين اقتدى بهم هؤلاء ، واتبعوهم على شركهم ، وهم قوم محمد (صلى الله عليه وآله) ، ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد ، وتصديق ذلك ، قول الله عز وجل: )كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ([114] ، )كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ([115] ، )كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ([116] ، ليس فيهم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله ، ولا النصارى الذين قالوا: المسيح ابن الله ، سيدخل الله اليهود والنصارى النار ، ويدخل كل قوم بأعمالهم.

وقولهم: )وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ( إذ دعونا إلى سبيلهم ، ذلك قول الله عز وجل فيهم حين جمعهم إلى النار: )قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ([117] ، وقوله: )كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً([118] برى‏ء بعضهم من بعض ، ولعن بعضهم بعضا ، يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج[119] ، فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم ، وليس بأوان بلوى ، ولا اختبار ، ولا قبول معذرة ، ولات حين نجاة».[120]

7 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن عمر بن أبان ، عن عبد الحميد الوابشي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها ، حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها. فقال: «سبحان الله- وأعظم ذلك- ألا أخبرك بمن هو شر منه؟» فقلت: بلى. فقال: «الناصب لنا شر منه ، أما إنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت ، فيرق لذكرنا ، إلا مسحت الملائكة ظهره ، وغفر له ذنوبه كلها ، إلا أن يجي‏ء بذنب يخرجه عن الإيمان ، وإن الشفاعة لمقبولة ، وما تقبل في ناصب ، وإن المؤمن ليشفع لجاره وما له حسنة ، فيقول: يا رب ، جاري كان يكف عني الأذى فيشفع فيه ، فيقول الله تبارك وتعالى: أنا ربك ، وأنا أحق من كافى عنك ، فيدخله الجنة ، وما له من حسنة ، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا ، فعند ذلك ، يقول أهل النار: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[121]

8 - الشيخ في (مجالسه) ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان الغزال ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا أبو حفص الأعشى ، قال: سمعت الحسن بن صالح بن حي قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «لقد عظمت منزلة الصديق ، حتى أن أهل النار يستغيثون به ، ويدعونه قبل القريب الحميم ، قال الله سبحانه مخبرا عنهم: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[122]

9 - وعنه ، في (أماليه) ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يونس القاضي الهمداني ، قال: حدثني أحمد بن الخليل النوفلي بالدينور[123] ، قال: حدثنا عثمان بن سعيد المري ، قال: حدثنا الحسن بن صالح بن حي ، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: «لقد عظمت منزلة الصديق ، حتى أن أهل النار ليستغيثون به ، ويدعونه في النار قبل القريب الحميم ، قال الله مخبرا عنهم: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[124]

10 - وعنه ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد ، قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (رحمه الله) ، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن شريف بن سابق ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، عن آبائه ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أول عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ، ما يقول الناس فيه ، إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا ، وأول تحفة المؤمن أن يغفر الله له ، ولمن تبع جنازته».

ثم قال: «يا فضل ، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلا وافدها ، ومن كل أهل بيت إلا نجيبها. يا فضل ، لا يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلاث ، إما دعاء يدعو به يدخله الله به الجنة ، وإما دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدنيا ، وإما أخ يستفيده في الله عز وجل- ثم قال- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام ، مثل أخ يستفيده في الله».

ثم قال: «يا فضل ، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا ، فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر. يا فضل ، إنما سمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن على الله ، فيجيز الله أمانه- ثم قال- أما سمعت الله تعالى يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[125]

11 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن عبد الله بن يزيد[126] ، عن الحسن بن محمد ، عن[127] أبي عاصم ، عن عيسى بن عبد الله بن‏ محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، قال: «نزلت هذه الآية فينا ، وفي شيعتنا ، وذلك أن الله سبحانه يفضلنا ، ويفضل شيعتنا ، حتى أنا لنشفع ويشفعون ، فإذا رأى ذلك من ليس منهم ، قالوا: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[128]

12 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي عبد الله البرقي ، عن رجل ، عن سليمان بن خالد ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ( ، فقال: «لما يرانا هؤلاء وشيعتنا ، نشفع يوم القيامة ، يقولون: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ( يعني بالصديق: المعرفة ، وبالحميم: القرابة».[129]

13 - وروى البرقي ، عن ابن سيف ، عن أخيه ، عن أبيه ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سليمان بن خالد قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام): فقرأ: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ( ، وقال: «و الله لنشفعن- ثلاثا- ولتشفعن شيعتنا- ثلاثا- حتى يقول عدونا: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[130]

14 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن عمر بن عبد العزيز ، عن مفضل ، أو غيره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تعالى: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ( ، قال: «الشافعون: الأئمة ، والصديق من المؤمنين».[131]

15 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي اسامة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي جعفر (عليهما السلام) ، أنهما قالا: «و الله ، لنشفعن في المذنبين من شيعتنا ، حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(- قال- من المهتدين- قال- لأن الإيمان قد لزمهم بالإقرار».[132]

16- أبو علي الطبرسي قال: وروى العياشي بالإسناد عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «و الله لنشفعن لشيعتنا ، والله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) إلى قوله(فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(».

قال: وفي رواية اخرى: «حتى يقول عدونا».[133]

17 - وقال الطبرسي أيضا: وعن أبان بن تغلب ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن المؤمن‏ ليشفع يوم القيامة لأهل بيته ، فيشفع فيهم».[134]

18 - وقال الطبرسي: وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله ، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «إن الرجل يقول في الجنة: ما فعل صديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم ، فيقول الله تعالى: أخرجوا له صديقه إلى الجنة ، فيقول من بقي في النار: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(».[135]

19 - الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «من كان له صديق حميم فإنه لا يعذب ، ألا ترى كيف أخبر الله عن أهل النار: )فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ(؟».[136]

20 - وقال: قال محمد بن علي الباقر (عليه السلام): «أيدخل أحدكم يده في كم صاحبه ، فيأخذ حاجته من الدنانير والدراهم؟». قالوا: لا. قال: «فلستم إذن بإخوان».[137]

قوله تعالى:

)كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ 105(

1 - الطبرسي ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بالمرسلين: نوحا ، والأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم (عليه السلام)».[138]

قوله تعالى:

)قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ 111(

2 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: )قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ يا نوح وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ( قال: الفقراء.[139]

قوله تعالى:

)فَافْتَحْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَتْحاً- إلى قوله تعالى- قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ 118- 153(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: )فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً( يقول: اقض بيني وبينهم قضاء».[140]

2 - وقال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ( قال: «المجهز ، الذي قد فرغ منه ، ولم يبق إلا دفعه».

وأما قوله: )بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً( قال الإمام أبو جعفر (عليه السلام): «يعني بكل طريق آية ، والآية علي (عليه السلام) (تَعْبَثُونَ)».[141]

3 - علي بن إبراهيم: وقوله: )وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ( ، قال: تقتلون بالغضب ، من غير استحقاق ، وقوله: )وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ( ، أي ممتلئ ، وقوله: )وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ( أي حاذقين ، ويقرأ: فرهين ، أي بطرين.[142]

4 - وقال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: )إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ( يقول: أجوف ، مثل خلق الإنسان ، ولو كنت رسولا ما كنت مثلنا».[143]

قوله تعالى:

)قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ 155(

5 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسن بن عبد الرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في حديث قوم صالح (عليه السلام) ، وقد تقدم في سورة هود بطوله ، وفي الحديث: «ثم أوحى الله تبارك وتعالى إليه: أن يا صالح ، قل لهم: إن الله قد جعل لهذه الناقة شرب يوم ، ولكم شرب يوم ، فكانت الناقة إذا كان يوم شربها شربت الماء ذلك اليوم ، فيحلبونها ، فلا يبقى صغير ولا كبير إلا شرب من لبنها يومهم ذلك ، فإذا كان الليل وأصبحوا ، غدوا إلى مائهم ، فشربوا منه ذلك اليوم ، ولم تشرب الناقة ذلك اليوم»[144]

وباقي الحديث يؤخذ من سورة هود [145].

قوله تعالى:

)إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ- إلى قوله تعالى- كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 168- 189(

 1-علي بن إبراهيم: )إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ( ، أي من المبغضين.[146]

2 - قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله: )كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ( قال: «الأيكة: الغيضة[147] من الشجر».

وأما قوله: )عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ( فبلغنا- والله أعلم- أنه أصابهم حر وهم في بيوتهم ، فخرجوا يلتمسون الروح من قبل السحابة التي بعث الله فيها العذاب ، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، وهم قوم شعيب.[148]

3 - علي بن إبراهيم ، وقوله: )وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ( ، قال: الخلق الأولين. وقوله:)فَكَذَّبُوهُ( ، قال: قوم شعيب )فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ( ، قال: يوم حر وسمائم.[149]

قوله تعالى:

)وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ- إلى قوله تعالى- وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ 192- 196  (

4 - علي بن إبراهيم: )وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ( يعني القرآن.[150]

5 - ثم‏ قال: وحدثني أبي ، عن حنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله: )وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِ‏ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ( ، قال: «الولاية التي نزلت لأمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير».[151]

3 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابه ، عن حنان بن سدير ، عن سالم الحناط ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ( ، قال: «ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».[152]

4 - وعنه: عن محمد بن أحمد ، عن العباس بن معروف ، عن الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدير ، عن سالم ، عن أبي محمد ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ، أخبرني عن الولاية ، أنزل بها جبرئيل من رب العالمين يوم الغدير؟ فتلا: )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ( قال: «هي الولاية لأمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه)».[153]

5 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن حنان بن سدير ، عن سالم الحناط ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ( ، قال: «هي الولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام)».[154]

6 - وعنه: عن علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحجال ، عمن ذكره ، عن أحدهما (عليهما السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: )بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ( ، قال: «يبين الألسن ، ولا تبينه الألسن»[155]. [156]

7 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن حنان بن سدير عن أبي محمد الحناط ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز وجل: )نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى‏ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ(؟ قال: «ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[157]

8 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن‏ محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال: «ولاية علي (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، ولم يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) وولاية وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[158]

9 - علي بن إبراهيم: قوله: )وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ( يعني في كتب الأولين.[159]

قوله تعالى:

)وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى‏ بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ 198- 199(

1 - قال علي بن إبراهيم: قال الصادق (عليه السلام): «لو انزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم». فهي فضيلة للعجم.[160]

قوله تعالى:

)أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ 205- 207(

2 - محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن محمد بن الوليد ، ومحمد بن أحمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن علي بن عيسى القماط ، عن عمه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامه بني امية يصعدون على منبره من بعده ، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى[161] ، فأصبح كئيبا حزينا- قال- فهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) ، فقال: يا رسول الله ، ما لي أراك كئيبا ، حزينا؟ قال: يا جبرئيل ، إني رأيت بني امية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ، ويضلون الناس عن الصراط القهقرى! فقال: والذي بعثك بالحق نبيا ، إن هذا شي‏ء ما اطلعت عليه. فعرج إلى السماء ، فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها ، قال: )أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ( ، وأنزل عليه: )إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ([162] جعل الله عز وجل ليلةالقدر لنبيه (صلى الله عليه وآله) ، خيرا من ألف شهر ، ملك بني امية».[163]

1 - وفي موضع آخر ، ورواه محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن يونس ، عن علي بن عيسى القماط ، عن عمه ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «هبط جبرئيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) كئيب حزين ، فقال: يا رسول الله ، ما لي أراك كئيبا حزينا؟ فقال: إني رأيت الليلة رؤيا قال: وما الذي رأيت؟ قال: رأيت بني امية يصعدون المنابر ، وينزلون منها! قال: والذي بعثك بالحق نبيا ، ما علمت بشي‏ء من هذا. وصعد جبرئيل (عليه السلام) إلى السماء ، ثم أهبطه الله جل ذكره بآي من القرآن ، يعزيه بها ، قوله: )أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ( ، فأنزل الله عز ذكره: )إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ[164]( للقوم ، فجعل الله عز وجل ليلة القدر لرسوله خيرا من ألف شهر».[165]

2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن صفوان ابن يحيى ، عن أبي عثمان ، عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: )أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ( ، قال: «خروج القائم (عليه السلام)» )ما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ( ، قال: «هم بنو امية الذين متعوا في دنياهم».[166]

قوله تعالى:

)إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ 212(

3 - علي بن إبراهيم ، يقول: خرس ، فهم عن السمع لمعزولون.[167]

قوله تعالى:

)وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ 214(

4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب ، وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت ، قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو ، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان ، وذكر الحديث ، إلى أن قال: قالت العلماء: فأخبرنا ، هل فسر الله عز وجل الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرضا (عليه السلام): «فسر الاصطفاء في الظاهر ، سوى الباطن ، في اثني عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك: قوله تعالى: «وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين». هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود ، وهذه منزلة رفيعة ، وفضل عظيم ، وشرف عال ، حين عنى الله عز وجل بذلك الآل ، فذكره لرسول الله (صلى الله عليه وآله)».[168]

2 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبد العزيز ، قال: حدثنا المغيرة بن محمد ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي ، قال: حدثنا قيس بن الربيع ، وشريك بن عبد الله ، عن الأعمش ، عن منهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، قال: «لما نزلت: (و أنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب ، وهم إذ ذاك أربعون رجلا ، يزيدون رجلا ، أو ينقصون رجلا ، فقال: أيكم يكون أخي ، ووارثي ، ووزيري ، ووصيي ، وخليفتي فيكم بعدي؟ فعرض ذلك عليهم رجلا رجلا ، كلهم يأبى ذلك ، حتى أتي علي ، فقلت: أنا ، يا رسول الله. فقال: يا بني عبد المطلب ، هذا أخي ووارثي ، ووزيري ، وخليفتي فيكم بعدي. فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع وتطيع لهذا الغلام!».[169]

3 - الشيخ في (مجالسه) ، قال: حدثنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري سنة ثمان وثلاث مائة ، قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي ، قال: حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش ، قال: حدثني محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، قال أبو المفضل: وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، واللفظ له ، قال: حدثنا محمد بن الصباح الجرجرائي ، قال: حدثني سلمة بن صالح الجعفي ، عن سليمان الأعمش ، وأبي مريم ، جميعا ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) )وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال لي: يا علي إن الله تعالى أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين- قال- فضقت بذلك ذرعا ، وعرفت أني متى أبادرهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره ، فصمت على ذلك ، وجاءني جبرئيل (عليه السلام) ، فقال: يا محمد ، إنك إن لم تفعل ما أمرت به ، عذبك ربك عز وجل ، فاصنع لنا- يا علي- صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسا[170] من لبن ، ثم اجمع بني عبد المطلب ، حتى أكلمهم ، وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم أجمع ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، يزيدون رجلا ، أو ينقصون رجلا ، فيهم أعمامه: أبو طالب ، وحمزة ، والعباس ، وأبو لهب ، فلما اجتمعوا له دعاني بالطعام الذي صنعته لهم ، فجئت به، فلما وضعته ، تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) جذمة[171] من اللحم ، فشقها بأسنانه ، ثم ألقاها في نواحي الصحفة ، ثم قال: خذوا ، بسم الله. فأكل القوم حتى صدروا ، ما لهم بشي‏ء من الطعام حاجة ، وما أرى إلا مواضع أيديهم ، وأيم الله الذي نفس علي بيده ، إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمت لجميعهم ، ثم جئتهم بذلك العس ، فشربوا حتى رووا جميعا ، وايم الله ، إن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله.

فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم ، ابتدره أبو لهب بالكلام ، فقال: لشد ما سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ، ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال لي من الغد: يا علي ، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول ، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم ، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت ، ثم اجمعهم لي- قال- ففعلت ، ثم جمعتهم ، فدعاني بالطعام ، فقربته لهم ، ففعل كما فعل بالأمس ، وأكلوا حتى مالهم به من حاجة ، ثم قال: اسقهم فجئتهم بذلك العس ، فشربوا حتى رووا منه جميعا.

ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا بني عبد المطلب ، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به ، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني ربي عز وجل أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤمن بي ، ويؤازرني على أمري ، فيكون أخي ، ووصيي ، ووزيري ، وخليفتي في أهلي من بعدي؟- قال- فأمسك القوم ، وأحجموا عنها جميعا- قال- فقمت ، وإني لأحدثهم سنا ، وأرمصهم[172] عينا ، وأعظمهم بطنا ، وأحمشهم[173] ساقا ، فقلت: أنا- يا نبي الله- أكون وزيرك على ما بعثك الله به- قال- فأخذ بيدي ، ثم قال: إن هذا أخي ، ووصيي ، ووزيري ، وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك ، وتطيع!».[174]

4 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد[175] ، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي ، وعلي بن محمد بن مخلد الدهان ، عن الحسن بن علي بن عفان ، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن هاشم السمسار ، عن محمد ابن عبد الله بن علي بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، عن أبيه ، عن جده أبي رافع ، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بني عبد المطلب في الشعب ، وهم يومئذ ولد عبد المطلب لصلبه ، وأولادهم ، أربعون رجلا. فصنع لهم رجل شاة ، ثم ثرد لهم ثردة ، وصب عليها ذلك المرق واللحم ، ثم قدمها إليهم ، فأكلوا منها حتى تضلعوا[176] ، ثم سقاهم عسا واحدا [من لبن‏] ، فشربوا كلهم من ذلك العس ، حتى رووا منه. فقال أبو لهب: والله إن‏ منا لنفرا يأكل أحدهم الجفنة[177] وما يصلحها ، ولا تكاد تشبعه ، ويشرب الظرف[178] ، من النبيذ ، فما يرويه ، وإن ابن أبي كبشة دعانا ، فجمعنا على رجل شاة ، وعس من شراب ، فشبعنا وروينا منها ، إن هذا لهو السحر المبين.

قال: ثم دعاهم ، فقال لهم: «إن الله عز وجل قد أمرني أن انذر عشيرتي الأقربين ، ورهطي المخلصين ، وأنتم عشيرتي الأقربون ، ورهطي المخلصون ، وإن الله لم يبعث نبيا إلا جعل له من أهله أخا ، ووارثا ، ووزيرا ، ووصيا ، فأيكم يقوم يبايعني على أنه أخي ، ووزيري ، ووارثي دون أهلي ، ووصيي ، وخليفتي في أهلي ، ويكون مني بمنزلة هارون من موسى ، غير أنه لا نبي بعدي؟» فسكت القوم ، فقال: «والله ليقومن قائمكم ، أو ليكونن في غيركم ، ثم لتندمن» قال: فقام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهم ينظرون إليه كلهم ، فبايعه ، وأجابه إلى ما دعاه إليه ، فقال له: «ادن مني» فدنا منه ، فقال له: «افتح فاك» ففتحه ، فنفث فيه من ريقه ، وتفل بين كتفيه ، وبين ثدييه: فقال أبو لهب: بئس ما حبوت به ابن عمك ، أجابك لما دعوته إليه ، فملأت فاه ووجهه بزاقا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بل ملأته علما ، وحكما ، وفقها».[179]

5 - علي بن إبراهيم ، في معني الآية ، قال: نزلت (و رهطك منهم المخلصين) بمكة ، فجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني هاشم ، وهم أربعون رجلا ، كل واحد منهم يأكل الجذع[180] ، ويشرب القربة ، فاتخذ لهم طعاما يسيرا ، فأكلوا حتى شبعوا ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من يكون وصيي ، ووزيري ، وخليفتي؟». فقال أبو لهب جزما[181]: سحركم محمد ، فتفرقوا ، فلما كان اليوم الثاني ، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ففعل بهم مثل ذلك ، ثم سقاهم اللبن حتى رووا ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أيكم يكون وصيي ، ووزيري وخليفتي؟». ، فقال أبو لهب جزما: سحركم محمد ، فتفرقوا. فلما كان اليوم الثالث ، أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ففعل بهم مثل ذلك ، ثم سقاهم اللبن ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أيكم يكون وصيي ، ووزيري ، ومنجز عداتي ، ويقضي ديني» فقام علي (عليه السلام) ، وكان أصغرهم سنا ، وأحمشهم ساقا ، وأقلهم مالا ، فقال: «أنا ، يا رسول الله» فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنت هو».[182]

6 - محمد بن العباس: عن محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن الحسن بن حماد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: «ورهطك منهم المخلصين» علي ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن ، والحسين ، وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين) خاصة».[183]

7 - أبو علي الطبرسي (رحمه الله) في (تفسيره): واشتهرت القصة بذلك عند الخاص والعام ، وفي الخبر المأثور عن البراء بن عازب ، أنه قال: لما نزلت هذه الآية ، جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة[184] ، ويشرب العس ، فأمر عليا (عليه السلام) برجل شاة فأدمها[185] ، ثم قال لهم: «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة ، عشرة ، فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا بقعب[186] من لبن ، فجرع منه جرعة ، ثم قال لهم: «اشربوا بسم الله» فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب ، فقال: هذا ما سحركم به الرجل. فسكت (صلى الله عليه وآله) يومئذ ، ولم يتكلم.

ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ، ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: «يا بني عبد المطلب ، إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل ، والبشير ، فأسلموا ، وأطيعوني تهتدوا- ثم قال- من يؤاخيني ، ويؤازرني على هذا الأمر ، ويكون وليي ، ووصيي بعدي ، وخليفتي في أهلي ، ويقضي ديني؟ فسكت القوم ، فأعادها ثلاثا ، كل ذلك يسكت القوم ، ويقول علي (عليه السلام): «أنا». فقال له في المرة الثالثة: «أنت هو» فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك ، فقد أمر عليك.[187]

8 - وأورده الثعلبي في (تفسيره) ، وقال (رحمه الله): في قراءة عبد الله بن مسعود: «وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين» وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) بلفظه هذا.[188]

9 - ومن طريق المخالفين: ما روي بالإسناد المتصل ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه في مسنده ، قال: حدثنا أسود بن عامر ، قال: حدثنا شريك ، عن الأعمش عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي (عليه السلام) ، قال: «لما نزلت هذه الآية: )وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( جمع النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته ، فاجتمع ثلاثون ، فأكلوا وشربوا ، ثلاثا. ثم قال لهم: من يضمن عني ديني ، ومواعيدي ، ويكون معي في الجنة ، ويكون خليفتي في أهلي؟» فقال رجل- ولم يسمه شريك-: يا رسول الله ، أنت كنت تجد[189] من يقوم بهذا. قال: ثم قال الآخر ، فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي (عليه السلام): «أنا».[190]

10 - وبالإسناد المتصل ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، قال: حدثنا شريك ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي (عليه السلام) ، قال‏ عبد الله: وحدثنا أبو خيثمة ، قال: حدثنا أسود بن عامر ، قال: أخبرنا شريك ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن علي (عليه السلام) قال: «لما نزلت: )وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ( دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجالا من أهل بيته ، إن كان الرجل منهم ليأكل الجذعة ، وإن كان شاربا فرقا[191] ، فقدم إليهم رجلا ، فأكلوا حتى شبعوا ، فقال لهم: من يضمن عني ديني ، ومواعيدي ، ويكون معي في الجنة ، ويكون خليفتي في أهلي؟» فعرض ذلك على أهل بيته ، فقال علي (عليه السلام): «أنا» فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله): «علي يقضي ديني عني ، وينجز مواعيدي».[192] ولفظ الحديث للحماني ، وبعضه لحديث أبي خيثمة.  ومن ذلك ما رواه الثعلبي بإسناده عن البراء[193] ، وذكر الحديث ، وقد تقدم ، وسيأتي حديث في ذلك في أول سورة حم السجدة[194] ، إن شاء الله تعالى.

11 - علي بن إبراهيم: وقوله: «ورهطك منهم المخلصين»[195] علي بن أبي طالب ، وحمزة ، وجعفر ، والحسن والحسين ، والأئمة من آل محمد (عليهم السلام).[196]

قوله تعالى:

)لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ 215- 216(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: )لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ( يعني من بعدك في ولاية علي والأئمة (عليهم السلام) ، )فَقُلْ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ( ومعصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو ميت ، كمعصيته وهو حي.[197]

قوله تعالى:

)وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ 217- 219(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني محمد بن الوليد ، عن محمد بن الفرات ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: )الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) في النبوة (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(- قال- في أصلاب النبيين».[198]

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسين السكري ، قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي البصري ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن جابر ابن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله): أين كنت وآدم في الجنة؟ قال: «كنت في صلبه ، وهبط إلى الأرض وأنا في صلبه ، وركبت السفينة في صلب أبي نوح (عليه السلام) ، وقذف بي في النار في صلب أبي إبراهيم ، لم يلتق لي أبوان على سفاح قط ، لم يزل الله عز وجل ينقلني من الأصلاب الطيبة ، إلى الأرحام الطاهرة ، هاديا مهديا ، حتى أخذ الله بالنبوة عهدي ، وبالإسلام ميثاقي ، وبين كل شي‏ء من صفتي ، وأثبت في التوراة والإنجيل ذكري ، ورقى بي إلى سمائه ، وشق لي اسما من أسمائه ، امتي الحامدون ، وذو العرش محمود ، وأنا محمد».[199]

قال ابن بابويه: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة.

3 - وعنه ، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني ، وما لقيت أنصب منه ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران السراج ، قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي ، قال: حدثنا وكيع بن الجراح ، عن محمد بن إسرائيل ، عن أبي صالح ، عن أبي ذر (رضي الله عنه) ، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: خلقت أنا وعلي من نور واحد ، نسبح الله تعالى عند العرش قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلما أن خلق الله آدم جعل ذلك النور في صلبه ، ولقد سكن الجنة ونحن في صلبه. ولقد هم بالخطيئة ونحن في صلبه ، ولقد ركب نوح السفينة ونحن في صلبه ، ولقد قذف إبراهيم في النار ونحن في صلبه ، فلم يزل ينقلنا الله عز وجل من أصلاب طاهرة ، إلى أرحام طاهرة ، حتى انتهى بنا إلى عبد المطلب ، فقسمنا نصفين: فجعلني في صلب عبد الله ، وجعل عليا في صلب أبي طالب ، وجعل في النبوة والبركة ، وجعل في علي الفصاحة والفروسية ، وشق لنا اسمين من أسمائه: فذو العرش محمود ، وأنا محمد ، والله الأعلى ، وهذا علي».[200]

4 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن الحسين بن حماد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: )وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ( ، قال: «في علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)».[201]

5 - وعنه: عن الحسين بن هارون ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن علي بن أسباط ، عن عبد الرحمن بن حماد المقرئ ، عن أبي الجارود ، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ( ، قال: «يرى تقلبه في أصلاب النبيين ، من نبي إلى نبي ، حتى أخرجه من صلب أبيه ، من نكاح غير سفاح ، من لدن آدم (عليه السلام)».[202]

6 - قال شرف الدين: [روى الشيخ‏] في (أماليه) [قال‏]: أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، قال: أخبرنا أبو محمد ، قال: حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا علي بن الحسين الهمداني ، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي ، قال: حدثنا محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن علي (عليه السلام) ، قال: «كان ذات يوم جالسا بالرحبة ، والناس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل ، فقال له: يا أمير المؤمنين ، إنك بالمكان الذي أنزلك الله به ، وأبوك يعذب بالنار؟ فقال: «مه ، فض الله فاك ، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق نبيا ، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم ، أبي يعذب بالنار ، وأنا قسيم النار؟!».

ثم قال: «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق ، إن نور أبي طالب (عليه السلام) يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق ، إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، ونوري ، ونور فاطمة ، ونور الحسن ، ونور الحسين ، ومن ولده من الأئمة ، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام».[203]

7 - وعنه: عن الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان ، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الإمام العالم موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) ، قال: «إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمد (صلى الله عليه وآله) من نور اخترعه من نور عظمته وجلاله ، وهو نور لاهوتيته الذي بدأ منه[204] ، وتجلى لموسى بن عمران (عليه السلام) في طور سيناء ، فما استقر[205] له ، ولا أطاق موسى لرؤيته ولا ثبت له ، حتى خر صعقا مغشيا عليه ، وكان ذلك النور نور محمد (صلى الله عليه وآله) ، فلما أراد أن يخلق محمدا (صلى الله عليه وآله) منه ، قسم ذلك النور شطرين: فخلق من الشطر الأول محمدا (صلى الله عليه وآله) ، ومن الشطر الآخر علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ولم يخلق من ذلك النور غيرهما ، خلقهما بيده ، ونفخ فيهما بنفسه لنفسه ، وصورهما على صورتهما ، وجعلهما أمناء له ، وشهداء على خلقه ، وخلفاء على خليقته ، وعينا له عليهم ، ولسانا له إليهم.

قد استودع فيهما علمه ، وعلمهما البيان ، واستطلعهما على غيبه ، وجعل أحدهما نفسه ، والآخر روحه ، لا يقوم واحد بغير صاحبه ، ظاهرهما بشرية ، وباطنهما لاهوتية ، ظهر للخلق على هياكل الناسوتية ، حتى يطيقوا رؤيتهما ، وهو قوله تعالى: )وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ([206] فهما مقاما رب العالمين ، وحجابا خالق الخلائق أجمعين ، بهما فتح الله بدء الخلق ، وبهما يختم الملك والمقادير.

ثم اقتبس من نور محمد (صلى الله عليه وآله) فاطمة ابنته ، كما اقتبس نور علي من نوره ، واقتبس من نور فاطمة وعلي الحسن والحسين (عليهم السلام) ، كاقتباس المصابيح ، هم خلقوا من الأنوار ، وانتقلوا من ظهر إلى ظهر ، ومن صلب إلى صلب ، ومن رحم إلى رحم ، في الطبقة العليا ، من غير نجاسة ، بل نقلا بعد نقل لا من ماء مهين ، ولا نطفة جشرة[207] كسائر خلقه ، بل أنوار ، انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهرات ، لأنهم صفوة الصفوة ، اصطفاهم لنفسه ، وجعلهم خزان علمه ، وبلغاء عنه إلى خلقه ، أقامهم مقام نفسه ، لأنه لا يرى ، ولا يدرك ، ولا تعرف كيفيته ، ولا إنيته ، فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه ، المتصرفون في أمره ونهيه ، فبهم يظهر قدرته ، ومنهم ترى آياته ومعجزاته ، وبهم ومنهم عرف عباده نفسه ، وبهم يطاع أمره ، ولولاهم ما عرف الله ، ولا يدرى كيف يعبد الرحمن ، فالله يجري أمره كيف يشاء ، فيما يشاء )لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ([208]».[209]

8 - الطبرسي: عن ابن عباس ، معناه: وتقلبك في أصلاب الموحدين ، من نبي إلى نبي ، حتى أخرجك نبيا. في رواية عطاء ، وعكرمة.[210]

9 - قال: والمروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام) ، قالا: «في أصلاب النبيين ، نبي بعد نبي ، حتى أخرجه من صلب أبيه ، من نكاح غير سفاح ، من لدن آدم (عليه السلام)».[211]

10 - وعنه ، قال: وروى جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا ترفعوا قبلي ، ولا تضعوا قبلي ، فإني أراكم من خلفي ، كما أراكم من أمامي» ثم تلا هذه الآية.[212]

11 - وعن ابن عباس: المعنى يراك حين تقوم إلى الصلاة منفردا ، (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) إذا صليت في جماعة.[213]

12 - وعنه أيضا: في قوله تعالى: )وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) أي فوض أمرك إلى العزيز المنتقم من أعدائه ، الرحيم بأوليائه [ليكفيك كيد أعدائك الذين عصوك فيما أمرتهم به‏] (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ  ([أي الذي يبصرك حين تقوم من مجلسك أو فراشك إلى الصلاة وحدك وفي الجماعة. وقيل: معناه: يراك حين تقوم‏] في صلاتك ، [عن ابن عباس‏].[214]

 

قوله تعالى:

)هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى‏ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى‏ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ 221- 222(

1 - ابن بابويه ، قال: حدثني أبي ، ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) ، قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن ابن علي بن فضال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى‏ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى‏ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ( ، قال: «هم سبعة: المغيرة ، وبنان ، وصائد ، وحمزة بن عمارة البربري ، والحارث الشامي ، وعبد الله بن الحارث ، وابن الخطاب[215] ».[216]

قوله تعالى:

)وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ- إلى قوله تعالى- وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ 224- 227(

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل:) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ( ، قال: «هل رأيت شاعرا يتبعه أحد؟! إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين ، فضلوا وأضلوا».[217]

3 - شرف الدين النجفي: عن محمد بن جمهور بإسناده ، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ( ، فقال: «من رأيتم من الشعراء يتبع؟ إنما عنى هؤلاء الفقهاء الذين يشعرون قلوب الناس بالباطل ، فهم الشعراء الذين يتبعون».[218]

3 - الطبرسي ، في قول الله تعالى: )وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ(، قال: روى العياشي بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم ، فضلوا ، وأضلوا».[219]

4 - علي بن إبراهيم ، قال: نزلت في الذين غيروا دين الله [بآرائهم‏] ، وخالفوا أمر الله ، هل رأيت شاعرا قط يتبعه أحد ، إنما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم ، فتبعهم على ذلك الناس ، ويؤكد ذلك قوله: )أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) يعني يناظرون بالأباطيل ، ويجادلون بالحجج المضلة ، وفي كل مذهب يذهبون ، (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ( ، قال: يعظون الناس ولا يتعظون ، وينهون عن المنكر ولا ينتهون ، ويأمرون بالمعروف ولا يعملون ، وهم الذين قال الله: )أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) ، أي في كل مذهب يذهبون ، (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ( ، وهم الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم.

ثم ذكر آل محمد (عليه وعليهم السلام) ، وشيعتهم المهتدين ، فقال: )إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا( ، ثم ذكر أعداءهم ومن ظلمهم ، فقال: «و سيعلم الذين ظلموا آل محمد حقهم أي منقلب ينقلبون» هكذا والله نزلت.[220]

5 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أحب أن يتمسك بديني ، ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالب ، وليعاد عدوه ، وليوال وليه ، فإنه وصيي ، وخليفتي على امتي في حياتي ، وبعد وفاتي ، وهو أمير[221] كل مسلم ، وأمير كل مؤمن بعدي ، قوله قولي ، وأمره أمري ، ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي ، وناصره ناصري ، وخاذله خاذلي.

ثم قال (عليه السلام): من فارق عليا بعدي ، لم يرني ولم أره يوم القيامة ، ومن خالف عليا ، حرم الله عليه الجنة ، وجعل مأواه النار ، ومن خذل عليا ، خذله الله يوم يعرض عليه ، ومن نصر عليا ، نصره الله يوم يلقاه ، ولقنه حجته عند المساءلة. ثم قال (عليه السلام): الحسن والحسين إماما امتي بعد أبيهما ، وسيدا شباب أهل الجنة ، وأمهما سيدة نساء العالمين ، وأبوهما سيد الوصيين ، ومن ولد الحسين تسعة أئمة ، تاسعهم القائم من ولدي ، طاعتهم طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم ، والمضيعين لحقهم[222] بعدي ، وكفى بالله وليا ، وكفى بالله نصيرا لعترتي ، وأئمة امتي ، ومنتقما من الجاحدين لحقهم )وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ(».[223]

سورة النمل‏

فضلها

تقدم في أول سورة الشعراء[224].

1 - ومن (خواص القرآن):روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، قال: «من قرأ هذه السورة كان له بعدد من صدق سليمان (عليه السلام) ، ومن كذب هودا ، وصالحا ، وإبراهيم (عليهم السلام) عشر حسنات ، وخرج من قبره وهو ينادي: لا إله إلا الله ، ومن كتبها في رق غزال ، وجعلها في منزله ، لم يقرب ذلك المنزل حية ، ولا عقرب ، ولا دود ، ولا جرذ ، ولا كلب عقور ، ولا ذئب ، ولا شي‏ء يؤذيه أبدا».

وفي رواية اخرى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بزيادة: «ولا جراد ولا بعوض».[225]

2 - وعن الصادق (عليه السلام): «من كتبها ليلة في رق غزال ، وجعلها في رق مدبوغ لم يقطع منه شي‏ء ، وجعلها في صندوق ، لم يقرب ذلك البيت حية ، ولا عقرب ، ولا بعوض ، ولا شي‏ء يؤذيه ، بإذن الله تعالى».[226]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَ كِتابٍ مُبِينٍ- إلى قوله تعالى- فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ 1- 11(

معناها تقدم في أول سورة الشعراء[227].

1 - علي بن إبراهيم: )طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ هُدىً وَبُشْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ) إلى قوله: (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) يعني يتحيرون: (أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَإِنَّكَ) مخاطبة لرسول الله (صلى الله عليه وآله): (لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ أي من عند حَكِيمٍ عَلِيمٍ(.

وقوله: )إِذْ قالَ مُوسى‏ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً( أي رأيت ، ذلك لما خرج من المدائن ، من عند شعيب ، فنكتب خبره- إن شاء الله تعالى- في سورة القصص[228].

وقوله: )يا مُوسى‏ لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ). ومعنى إلا من ظلم ، كقولك: ولا من ظلم فوضع حرف مكان حرف (ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ(. فوضع حرف مكان حرف.[229]

قوله تعالى:

)وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ 12(

1 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن خلف بن حماد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، أنه قال لرجل من أصحابه: «إذا أردت الحجامة ، وخرج الدم من محاجمك ، فقل قبل أن تفرغ والدم يسيل: بسم الله الرحمن الرحيم ، أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه من العين في الدم ، ومن كل سوء».

قال: «وما عملت- يا فلان- أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الأشياء[230] كلها ، إن الله تبارك وتعالى يقول: )وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ)[231] يعني الفقر ، وقال عز وجل: )لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ([232] يعني أن يدخل في الزنا ، وقال لموسى (عليه السلام): )أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ( ، قال: من غير برص».[233]

2 - أبو غياث ، والحسين ابني بسطام في كتاب (طب الأئمة): عن محمد بن القاسم بن منجان[234] ، قال: حدثنا خلف بن حماد ، عن عبد الله بن مسكان ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام) لرجل من أصحابه: إذا أردت الحجامة ، فخرج الدم من محاجمك ، فقل قبل أن تفرغ ، وقله والدم يسيل: بسم الله الرحمن الرحيم ، أعوذ بالله الكريم من العين في الدم ، ومن كل سوء في حجامتي هذه».

ثم قال: «اعلم أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الخير[235] ، إن الله عز وجل يقول: في كتابه: )وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَ ما مَسَّنِيَ السُّوءُ([236] يعني الفقر ، وقال جل جلاله: )وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى‏ بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ([237] والسوء هنا الزنا ، وقال عز وجل في سورة النمل: )أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ( يعني من غير مرض[238] ، واجمع ذلك عند حجامتك ، والدم يسيل». [239]

هذه العوذة المتقدمة ، وتسع آيات ، تقدم تفسيرها في سورة بني إسرائيل[240] .

قوله تعالى:

)فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَ جَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا 13- 14(

1 - الطبرسي: قرأ علي بن الحسين (عليهما السلام): «مبصرة» بفتح الميم والصاد.[241]

2 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن يزيد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل.

قال: «الكفر في كتاب الله عز وجل على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود ، والجحود على وجهين ، والكفر بترك ما أمر الله ، وكفر البراءة ، وكفر النعم ، فأما كفر الجحود: فهو الجحود بالربوبية ، وهو قول من يقول: لا رب ، ولا جنة ، ولا نار ، وهو قول صنفين من الزنادقة ، يقال لهم: الدهرية ، وهم الذين يقولون: )وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ([242] ، وهو دين وضعوه لأنفسهم ، بالاستحسان ، على غير تثبت منهم ولا تحقيق لشي‏ء مما يقولون. قال الله عز وجل: )إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ([243] ، إن ذلك كما يقولون ، وقال: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ([244] ، يعني بتوحيد الله تعالى ، فهذا أحد وجوه الكفر. وأما الوجه الآخر من الجحود على معرفة[245] ، وهو أن يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق قد استقر عنده ، وقد قال الله عز وجل: )وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا( ، وقال الله عز وجل: )وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ([246] ، فهذا تفسير وجهي الجحود»[247].

والحديث بتفسير الأوجه الخمسة تقدم في قوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(من سورة البقرة. [248]

قوله تعالى:

)وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً- إلى قوله تعالى- الْمُبِينُ 15- 16(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: أعطي داود وسليمان ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات ، علمهما منطق الطير ، والان لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجعلت الجبال يسبحن مع داود ، وأنزل الله عليه الزبور ، فيه توحيده ، وتمجيده ، ودعاؤه ، وأخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، والأئمة (عليهم السلام) من ذريتهما ، وأخبار الرجعة والقائم (عليه السلام) ، لقوله: )وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ([249] .[250]

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن سيف ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ، قال: قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك؟

فقال: «إن الله تعالى أوحى إلى داود (عليه السلام) أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم ، فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل ، وعلماؤهم ، فأوحى الله إلى داود (عليه السلام) أن خذ عصي المتكلمين ، وعصا سليمان ، واجعلها في بيت ، واختم عليها بخواتيم القوم ، فإذا كان من الغد ، فمن كانت عصاه قد أورقت ، وأثمرت ، فهو الخليفة ، فأخبرهم داود (عليه السلام) ، فقالوا: قد رضينا وسلمنا».[251]

3 - وعنه: عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن شعيب الحداد ، عن ضريس الكناسي ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده أبو بصير ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن داود ورث علم الأنبياء ، وإن سليمان ورث داود ، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله) ورث سليمان ، وإنا ورثنا محمدا (صلى الله عليه وآله) ، وإن عندنا صحف إبراهيم ، وألواح موسى (عليهما السلام)».

فقال أبو بصير: إن هذا لهو العلم فقال: «يا أبا محمد ، ليس هذا هو العلم ، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار ، يوما بيوم ، وساعة بساعة».[252]

4 - الطبرسي ، قال: روى الواحدي بالإسناد: عن محمد بن جعفر بن محمد ، عن أبيه (عليهم السلام) ، قال: «اعطي سليمان بن داود ملك مشارق الأرض ومغاربها ، فملك سبعمائة سنة وستة أشهر ، ملك أهل الدنيا كلهم ، من الجن ، والإنس ، والشياطين ، والدواب ، والطير ، والسباع ، وأعطي علم كل شي‏ء ، ومنطق كل شي‏ء ، وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة التي سمع بها الناس ، وذلك قوله: )عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ(».[253]

5 - محمد بن الحسن الصفار: عن عبد الله بن محمد ، عمن رواه ، عن محمد بن عبد الكريم ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير ، كما علم سليمان بن داود منطق كل دابة ، في بر أو بحر».[254]

6 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبي ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه محمد بن خالد بإسناده ، رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ملك الأرض كلها أربعة: مؤمنان ، وكافران ، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود (عليهما السلام) ، وذو القرنين ، والكافران: نمرود ، وبخت نصر. واسم ذي القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد».[255]

7 - ومن طريق المخالفين: من (تفسير الثعلبي) ، في قوله: )عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ( ، قال: يقول القنبر في صياحه: اللهم العن مبغض آل محمد (عليهم السلام)[256]. [257]

قوله تعالى:

)وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ 17(

1 - علي بن إبراهيم: قعد على كرسيه ، فحملته الريح ، فمرت به على وادي النمل ، وهو واد ينبت الذهب والفضة ، وقد وكل الله به النمل ، وهو قول الصادق (عليه السلام): «إن لله واديا ينبت الذهب والفضة ، قد حماه‏ بأضعف خلقه ، وهو النمل ، لو رامته البخاتي من الإبل ما قدرت عليه».

فلما انتهى سليمان إلى وادي النمل ، قالت نملة:) يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) إلى قوله تعالى: (فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ(.

وكان سليمان إذا قعد على كرسيه ، جاءت جميع الطير التي سخرها الله لسليمان ، فتظل الكرسي والبساط- بجميع من عليه- من الشمس ، فغاب عنه الهدهد من بين الطير ، فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان (عليه السلام) ، فرفع رأسه ، وقال ، كما حكى الله: )ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) إلى قوله تعالى: (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ( أي بحجة قوية ، فلم يمكث إلا قليلا ، إذ جاء الهدهد ، فقال له سليمان: «أين كنت؟» قال: )أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) ، أي بخبر صحيح (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ( ، وهذا مما لفظه عام ، ومعناه خاص ، لأنها لم تؤت أشياء كثيرة ، منها: الذكر ، واللحية.

ثم قال: )وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) إلى قوله تعالى: (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ( ، ثم قال الهدهد: )أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْ‏ءَ فِي السَّماواتِ) أي المطر ، (وفي الْأَرْضِ( النبات. ثم قال سليمان: )سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) إلى قوله تعالى: (ما ذا يَرْجِعُونَ(. فقال الهدهد: إنها في حصن منيع ، في سبأ )وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ( أي سرير.

قال سليمان: «الق الكتاب على قبتها» فجاء الهدهد ، فألقى الكتاب في حجرها ، فارتاعت من ذلك ، وجمعت جنودها ، وقالت لهم ، كما حكى الله: )يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (أي مختوم ، (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ( أي لا تتكبروا علي.

ثم قالت: )يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ( ، فقالوا لها ، كما حكى الله: )نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي ما ذا تَأْمُرِينَ) فقالت لهم: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً(. فقال الله عز وجل: )وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ([258]. ثم قالت: إن كان هذا نبيا من عند الله- كما يدعي- فلا طاقة لنا به ، فإن الله لا يغلب ، ولكن سأبعث إليه بهدية ، فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها ، وعلمت أنه لا يقدر علينا. فبعثت إليه حقه[259] فيها جوهرة عظيمة ، وقالت للرسول: قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ، ولا نار. فأتاه الرسول بذلك ، فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان ، فأخذ خيطا في فيه ، ثم ثقبها ، وأخرج الخيط من الجانب الآخر ، وقال سليمان لرسولها:) فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) أي لا طاقة لهم بها ، (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ([260].

فرجع إليها الرسول ، فأخبرها بذلك ، وبقوة سليمان ، فعلمت: أنه لا محيص لها. فخرجت وارتحلت نحو سليمان ، فلما علم سليمان بإقبالها نحوه ، قال للجن والشياطين: )أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ([261] ، قال سليمان: «أريد أسرع من ذلك». فقال آصف بن برخيا: )أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) ، فدعا الله باسمه الأعظم ، فخرج السرير من تحت كرسي سليمان ، فقال سليمان: (نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أي غيروه نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ([262].

وكان سليمان قد أمر أن يتخذ لها بيتا من قوارير ، ووضعه على الماء ، ثم قيل لها )ادْخُلِي الصَّرْحَ (فظنت أنه ماء ، فرفعت ثوبها ، وأبدت ساقيها ، فإذا عليها شعر كثير ، فقيل لها  )إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ([263] فتزوجها سليمان ، وهي بلقيس بنت الشرح الحميرية[264]. وقال سليمان للشياطين[265]: «اتخذوا لها شيئا يذهب الشعر عنها». فعملوا الحمامات ، وطبخوا النورة والزرنيخ. فالحمامات والنورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس ، وكذا الأرحية[266] التي تدور على الماء.[267]

2 - وقال الصادق (عليه السلام): «واعطي سليمان بن داود- مع علمه- معرفة النطق بكل لسان ، ومعرفة اللغات ، ومنطق الطير ، والبهائم ، والسباع ، فكان إذا شاهد الحروب تكلم بالفارسية ، وإذا قعد لعماله وجنوده وأهل مملكته تكلم بالرومية ، وإذا خلا بنسائه تكلم بالسريانية والنبطية ، وإذا قام في محرابه لمناجاة ربه تكلم بالعربية ، وإذا جلس للوفود والخصماء تكلم بالعبرانية».[268]

3 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: )فَهُمْ يُوزَعُونَ( قال: «يحبس أولهم على آخرهم ، قوله تعالى: )لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً([269] يقول لأنتفن ريشه. وقوله تعالى: )أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ([270] يقول: لا تعظموا علي وقوله: )لا قِبَلَ لَهُمْ بِها([271] يقول: لا طاقة لهم بها. وقول‏ سليمان: )لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ([272] لما آتاني من الملك (أَمْ أَكْفُرُ([273] إذا رأيت من هو أدون مني أفضل مني علما؟ فعزم الله له على الشكر».[274]

4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي ، قال: حدثنا منصور بن عبد الله الأصفهاني الصوفي ، قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني ، قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي ، قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد (عليهم السلام) ، في قول الله: )فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها([275]. قال: «لما قالت النملة: )يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ([276] ، حملت الريح صوت النملة إلى سليمان (عليه السلام) ، وهو مار في الهواء ، والريح قد حملته ، فوقف ، وقال: علي بالنملة. فلما أتي بها ، قال سليمان: بل أبي داود. قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: يا أيتها النملة ، أما علمت أني نبي ، وأني لا أظلم أحدا؟ قالت النملة: بلى. قال سليمان (عليه السلام): فلم حذرتهم ظلمي ، فقلت: )يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ(؟ قالت النملة: خشيت أن ينظروا إلى زينتك ، فيفتتنوا بها ، فيبعدوا عن ذكر الله تعالى.

ثم قالت: أنت أكبر ، أم أبوك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: بل أبي داود. قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود (عليه السلام)؟ فقال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: لأن أباك داود داوى جرحه بود ، فسمي داود ، وأنت- يا سليمان- أرجو أن تلحق بأبيك[277].

ثم قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح ، من بين سائر المملكة؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم. قالت النملة: يعني عز وجل بذلك ، لو سخرت لك جميع المملكة ، كما سخرت لك هذه الريح ، لكان زوالها من يدك كزوال الريح. فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها».[278]

5 - وفي (تحفة الإخوان): روي أن سليمان بن داود (عليه السلام) لما حشر الطير ، وأحب أن يستنطق الطير ، وكان حاشرها جبرئيل وميكائيل ، فأما جبرئيل ، فكان يحشر طيور المشرق والمغرب من البراري ، وأما ميكائيل ، فكان يحشر طيور الهواء والجبال ، فنظر سليمان إلى عجائب خلقتها ، وحسن صورها[279] ، وجعل يسأل كل صنف منهم ، وهم يجيبونه بمساكنهم ، ومعاشهم ، وأوكارهم ، وأعشاشهم ، وكيف تبيض ، وكيف تحيض.

وكان الديك آخر من تقدم بين يديه ، ونظر سليمان في حسنه ، وجماله ، وبهائه ، ومد عنقه ، وضرب بجناحه ، وصاح صيحة أسمع الملائكة ، والطيور ، وجميع من حضر: يا غافلين ، اذكروا الله. ثم قال: يا نبي الله ، إني كنت مع أبيك آدم (عليه السلام) أتقدمه لوقت الصلاة ، وكنت مع نوح في الفلك ، وكنت مع أبيك إبراهيم الخليل (عليه السلام) حين أظفره الله بعدوه النمرود ، ونصره عليه بالبعوض ، وكنت أكثر ما أسمع أباك إبراهيم (عليه السلام) يقرأ آية الملك: )قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ([280] إلى آخر الآية ، واعلم- يا نبي الله- أني لا أصيح صيحة في ليل أو نهار ، إلا أفزعت بها الجن والشياطين ، وأما إبليس فإنه يذوب كما يذوب الرصاص.[281]

باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعرفون منطق الطير

1 - المفيد في (الإختصاص): عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عمن رواه ، عن علي ابن إسماعيل الميثمي ، عن منصور بن يونس ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في داره ، وفيها شجرة فيها عصافير ، وهن يصحن ، فقال: «أتدري ما يقلن هؤلاء؟» فقلت: لا أدري. فقال: «يسبحن ربهن ، ويطلبن رزقهن».[282]

ورواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن على الوشاء ، عمن رواه ، عن الميثمي ، عن منصور ، عن الثمالي ، قال: كنت مع علي بن الحسين (عليه السلام) في داره ، وفيها شجرة ، وذكر الحديث بعينه[283].

2 - عن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن إسماعيل بن عيسى[284] ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليهما السلام) ، فلما انتشرت العصافير ، وصوتت ، فقال: «يا أبا حمزة ، أتدري ما تقول؟» فقلت: لا. قال: «تقدس ربها ، وتسأله قوت يومها». ثم قال: «يا أبا حمزة ، علمنا منطق الطير ، وأوتينا من كل شي‏ء».[285]

ورواه الصفار في (بصائر الدرجات): عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، عن‏ أبي حمزة الثمالي ، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) ، فانتشرت العصافير ، وصوتت ، وذكر الحديث بعينه[286].

3- عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن بعض رجاله ، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: تلا رجل عنده هذه الآية: )عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ([287] ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس فيها من ، ولكن هو: وأوتينا كل شي‏ء.[288]

ورواه الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خلف ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: تلا رجل عنده هذه الآية ، وذكر الحديث بعينه[289].

4 - عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن يوسف ، عن علي بن داود الحداد ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: كنت عنده ، إذ نظرت إلى زوج حمام عنده ، فهدر[290] الذكر على الأنثى ، فقال: «أتدري ما يقول؟ يقول: يا سكني ، وعرسي ، ما خلق الله خلقا أحب إلي منك ، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد (عليهما السلام)».[291]

5 - ورواه الصفار ، قال: حدثني أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يوسف ، عن علي بن داود الحداد[292] ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: كنت عنده ، إذ نظرت إلى زوج حمام عنده ، فهدر الذكر على الأنثى ، فقال لي: «أتدري ما يقول؟ قلت: لا. قال: «يقول: يا سكني ، وعرسي ، ما خلق الله أحب إلي منك ، إلا أن يكون مولاي جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)».[293]

6 - عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات ، عن أبيه ، عن الفيض بن المختار ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن سليمان بن داود (عليهما السلام) قال: )عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ([294] ، وقد والله علمنا منطق الطير ، وأوتينا من[295] كل شي‏ء».[296]

ورواه الصفار: عن علي بن إسماعيل ، عن محمد بن عمرو الزيات ، عن أبيه ، عن الفيض بن المختار ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) وذكر الحديث[297].

7 - عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن النضر بن شعيب ، عن عمر بن خليفة ، عن شيبة بن الفيض ، عن محمد بن مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «يا أيها الناس ، علمنا منطق الطير ، وأوتينا من كل شي‏ء ، إن هذا لهو الفضل المبين».[298]

ورواه الصفار: عن أحمد بن موسى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن عمر بن خليفة ، عن شيبة بن الفيض ، عن محمد بن مسلم ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «يا أيها الناس» ، وذكر الحديث[299].

8 - عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابه ، قال: اهدي إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فاختة[300] ، وورشان[301] ، وطير راعبي[302] ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما الفاختة ، فتقول: فقدتكم ، فقدتكم ، فافقدوها قبل أن تفقدكم- وأمر بها فذبحت- وأما الورشان ، فيقول: قدستم ، قدستم» فوهبه لبعض أصحابه «والطير الراعبي يكون عندي آنس به».[303]

9 - محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات): عن أحمد بن موسى ، عن محمد بن أحمد المعروف بغزال ، عن محمد بن الحسين ، عن سليمان من ولد جعفر بن أبي طالب ، قال: كنت مع أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حائط له ، إذ جاء عصفور ، فوقع بين يديه ، وأخذ يصيح ، ويكثر الصياح ، ويضطرب ، فقال لي: «يا فلان ، أتدري ما يقول هذا العصفور؟» قلت: الله ، ورسوله ، وابن رسوله أعلم. قال: «إنها تقول: إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت ، فخذ معك عصا ، وادخل البيت ، واقتل الحية». قال: فأخذت السعفة ، وهي العصا ، ودخلت في البيت ، وإذا حية تجول في البيت ، فقتلتها.[304]

10 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة ، عن سالم مولى أبان ، بياع الزطي[305] ، قال: كنا في حائط لأبي عبد الله (عليه السلام) ، ونفر معي- قال- فصاحت العصافير ، فقال: «أتدري ما تقول هذه؟» فقلنا: جعلنا الله فداك ، لا ندري- والله- ما تقول. قال: «تقول: اللهم ، إنا خلق من خلقك ، ولا بد لنا من رزقك ، فأطعمنا ، واسقنا».[306]

11 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، والبرقي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن عبد الله بن فرقد ، قال: خرجنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) متوجهين إلى مكة ، حتى إذا كنا بسرف[307] ، استقبله غراب ينعق في وجهه ، فقال: «مت جوعا ، ما تعلم شيئا إلا ونحن نعلمه ، إلا أنا أعلم بالله منك». فقلنا: هل كان في وجهه شي‏ء؟ قال: «نعم ، سقطت ناقة بعرفات».[308]

12 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن أبي أحمد ، عن شعيب بن الحسن ، قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) جالسا ، فسمعت صوتا من الفاختة ، فقال: «تدرون ما تقول هذه؟» فقلنا: والله ما ندري. قال: «تقول: فقدتكم ، فافقدوها قبل أن تفقدكم».[309]

13 - وعنه: عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي[310]، عن مليح[311] ، عن أبي حمزة ، قال: كنت عند علي بن الحسين (عليه السلام) ، والعصافير على الحائط يصحن ، فقال: «يا أبا حمزة ، أتدري ما يقلن؟- قال- يتحدثن أنهن في وقت يسألن فيه قوتهن. يا أبا حمزة ، لا تنم قبل طلوع الشمس ، فإني أكرهها لك ، إن الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد ، وعلى أيدينا يجريها».[312]

14 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، والبرقي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الله بن مسكان ، عن داود بن فرقد ، عن علي بن سنان ، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمع صوت فاختي في الدار ، فقال: «أين هذه التي أسمع صوتها؟» فقلنا: هي في الدار ، أهديت لبعضهم ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أما لتفقدنك قبل أن تفقدنا» قال: ثم أمر بها ، فأخرجت من الدار.[313]

15 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن عثمان الأصبهاني[314] ، قال: اهدي لإسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام) صلصلا[315] ، فدخل أبو عبد الله (عليه السلام) ، فلما رآه ، قال: «ما هذا الطير المشؤوم ، أخرجوه فإنه يقول: فقدتكم فافقدوه قبل أن يفقدكم».[316]

16 - وعنه: عن الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن محمد بن يوسف التميمي ، عن‏ محمد بن جعفر ، عن أبيه ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): استوصوا بالصنانيات[317] خيرا ، يعني الخطاف[318] فإنه آنس طير الناس بالناس.

ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتدرون ما تقول الصنانية ، إذا ترنمت؟ تقول: )بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، حتى تقرأ أم الكتاب ، إذا كان في آخر ترنمها ، قالت: (وَلَا الضَّالِّينَ(».[319]

17- وعنه: عن عبد الله بن محمد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عمر ، عن بشير[320] ، عن علي بن أبي حمزة ، قال: دخل رجل من موالي أبي الحسن (عليه السلام) ، فقال: جعلت فداك ، أحب أن تتغدى عندي. فقام أبو الحسن (عليه السلام) ، حتى مضى معه ، فدخل البيت ، وإذا في البيت سرير ، فقعد على السرير ، وتحت السرير زوج حمام ، فهدر الذكر على الأنثى ، وذهب الرجل ليحمل الطعام ، فرجع وأبو الحسن (عليه السلام) يضحك ، فقال: أضحك الله سنك ، مم ضحكت؟ فقال: «إن هذا الحمام هدر على هذه الحمامة ، فقال لها: يا سكني ، وعرسي ، والله ما على وجه الأرض أحد أحب إلي منك ، ما خلا هذا القاعد على السرير». قال: قلت: جعلت فداك ، وتفهم كلام الطير ، قال: «نعم ، علمنا منطق الطير ، وأوتينا من كل شي‏ء».[321]

18 - وعنه: عن عبد الله بن محمد ، عمن رواه ، عن عبد الكريم[322] ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عباس: إن الله علمنا منطق الطير ، كما علم سليمان بن داود (عليه السلام) منطق كل دابة ، في بر أو بحر».[323]

قوله تعالى:

)وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ 20(

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، أو غيره ، عن محمد بن حماد ، عن أخيه أحمد بن حماد ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأول (عليه السلام) ، قال: قلت له: جعلت فداك ، أخبرني عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، ورث النبيين كلهم؟ قال: «نعم» قلت: من لدن آدم ، حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: «ما بعث الله نبيا إلا ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعلم منه».

قال: قلت: إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله. قال: «صدقت ، وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقدر على هذه المنازل».

قال: فقال: «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده ، وشك في أمره ، فقال: )ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ( حين فقده. وغضب عليه ، فقال: )لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ([324] وإنما غضب لأنه كان يدله على الماء ، فهذا وهو طائر ، قد اعطي ما لم يعط سليمان ، وكانت الريح ، والنمل ، والجن ، والإنس ، والشياطين ، والمردة له طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه». وإن الله يقول في كتابه: )وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى([325] وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال ، وتقطع به البلدان ، وتحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء. وإن في كتاب الله لآيات ، ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به ، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، وجعله الله لنا في ام الكتاب ، إن الله يقول: )وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ([326]. ثم قال: )ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا([327] فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل ، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شي‏ء».[328]

2 - الطبرسي: روى العياشي بالإسناد ، قال: قال أبو حنيفة لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: «لأن الهدهد يرى الماء في بطن الأرض ، كما يرى أحدكم الدهن في القارورة» فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه ، وضحك. قال أبو عبد الله (عليه السلام): «و ما يضحكك؟» قال: ظفرت بك ، جعلت فداك. قال: «و كيف ذلك؟» قال: الذي يرى الماء في بطن الأرض ، لا يرى الفخ في التراب ، حتى يأخذ بعنقه؟ قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا نعمان ، أما علمت أنه إذا نزل القدر أعشى[329] البصر».[330]

قوله تعالى:

)رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 26(

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن‏ أبي عبد الله الكوفي ، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، قال: حدثنا الحسين بن الحسن ، قال: حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العرش والكرسي ، فقال: «إن للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله: )رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ( يقول: الملك العظيم ، وقوله:) الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى([331] يقول: على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية في الأشياء.

ثم العرش في الوصل منفرد عن[332] الكرسي ، لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأن الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف ، والكون ، والقدر ، والحد والأين ، والمشيئة ، وصفة الإرادة ، وعلم الألفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبداء[333] ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال: )رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ( أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان».

قلت: جعلت فداك ، فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال: «إنه صار جاره ، لأن فيه علم الكيفوفية ، وفيه الظاهر من أبواب البداء ، وأينيتها ، وحد رتقها وفتقها. فهذا جاران ، أحدهما حمل صاحبه في الصرف[334] ، وبمثل صرف العلماء يستدلون[335] على صدق دعواهما ، لأنه يختص برحمته من يشاء ، وهو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش ، أنه قال تبارك وتعالى: )رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ([336] وهو وصف عرش الوحدانية ، لأن قوما أشركوا كما قلت لك: قال تبارك وتعالى: )رَبِّ الْعَرْشِ( رب الوحدانية عما يصفون. وقوما وصفوه بيدين ، فقالوا: )يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ([337] وقوما وصفوه بالرجلين ، فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس ، فمنها ارتقى إلى السماء. وقوما وصفوه بالأنامل ، فقالوا: إن محمدا (صلى الله عليه وآله) قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي ، فلمثل هذه الصفات ، قال: )رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ( يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه ، ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شي‏ء ، ولا يوصف ، ولا يتوهم ، فذلك المثل الأعلى.

ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم ، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال ، وشبهوه لمشابهة[338] منهم فيما جهلوا به ، فلذلك قال: )وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا([339] فليس له شبه ، ولا مثال[340] ، ولا عدل ، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره. وهي التي وصفها في الكتاب ، فقال: )فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ([341] جهلا ، بغير علم ، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم ، يشرك وهو لا يعلم ، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن ، فلذلك قال: )وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ([342] فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم ، فيضعونها غير مواضعها.

يا حنان ، إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم الفضل ، وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا (صلى الله عليه وآله) ، فكان الدليل على الله ، بإذن الله عز وجل حتى مضى دليلا هاديا ، فقام من بعده وصيه (عليه السلام) دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه ، من ظاهر علمه ، ثم الأئمة الراشدون (عليهم السلام)».[343]

قوله تعالى:

)قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ 40(

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، وغيره ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن الفضيل ، قال: حدثني شريس الوابشي ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد ، فتكلم به ، فخسف بالأرض ، ما بينه وبين سرير بلقيس ، حتى تناول السرير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت ، أسرع من طرفة العين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله تبارك وتعالى ، استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوة إلا بالله».[344]

ورواه محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن الفضيل ، قال: أخبرني شريس[345] الوابشي ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا»[346] الحديث بعينه.

2 - وعنه: عن الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن علي بن محمد النوفلي ، عن أبي الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «إن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، كان عند آصف حرف ، فتكلم به ، فانخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ ، فتناول عرش بلقيس ، حتى صيره إلى سليمان. ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفة عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله استأثر به في علم الغيب».[347]

3 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) لم أحفظ اسمه ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن عيسى بن مريم (عليه السلام) اعطي حرفين ، كان يعمل بهما ، واعطي موسى أربعة أحرف ، واعطي إبراهيم (عليه السلام) ثمانية أحرف ، واعطي نوح (عليه السلام) خمسة عشر حرفا ، واعطي آدم خمسة وعشرون ، وإن الله تبارك وتعالى جمع ذلك كله لمحمد (صلى الله عليه وآله) ، وإن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، اعطي محمد (صلى الله عليه وآله) اثنين وسبعين حرفا ، وحجب عنه حرف واحد».[348]

ورواه الصفار عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) لم يحفظ اسمه ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن عيسى بن مريم (عليه السلام) اعطي حرفين» وذكر الحديث بعينه[349].

4 - محمد بن الحسن الصفار: عن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن الفضيل ، عن شريس[350] الوابشي ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: جعلت فداك ، قول العالم: )أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ(؟ فقال: «يا جابر ، إن الله جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، فكان عند العالم منها حرف واحد ، فانخسفت الأرض ما بينه وبين السرير ، والتفت[351] القطعتان ، وجعل من هذه على هذه ، وعندنا من اسم الله الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف في علم الغيب المكنون عنده».[352]

5- وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن الفضيل ، عن سعد بن أبي عمرو الجلاب[353] ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، وإنما كان عند آصف منها حرف واحد ، فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس ، ثم تناول السرير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت ، أسرع من طرفة عين ، وعندنا نحن من الاسم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف [عند الله‏] استأثر به في علم الغيب المكنون عنده».[354]

6 - وعنه: عن أحمد بن موسى ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: )قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ( قال: ففرج أبو عبد الله (عليه السلام) أصابعه ، فوضعها على صدره ، ثم قال: «وعندنا- والله - علم الكتاب كله».[355]

7 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن أبي عبد الله البرقي ، يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الله عز وجل جعل اسمه الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، فأعطى آدم (عليه السلام) منها خمسة وعشرين حرفا ، وأعطى نوحا (عليه السلام) منها خمسة عشر حرفا ، وأعطى إبراهيم (عليه السلام) منها ثمانية أحرف ، وأعطى موسى (عليه السلام) منها أربعة أحرف ، وأعطى عيسى (عليه السلام) منها حرفين ، فكان يحيي بهما الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، وأعطى محمدا (صلى الله عليه وآله) اثنين وسبعين حرفا ، واحتجب بحرف لئلا يعلم أحد ما في نفسه ، وما في نفس العباد».[356]

8 - وعنه ، قال: حدثني يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: كنت عنده ، فذكروا سليمان وما اعطي من العلم ، وما اوتي من الملك ، فقال لي: «وما اعطي سليمان بن داود! إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم ، وصاحبكم الذي قال الله: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ([357] فكان- والله- عند علي (عليه السلام) علم الكتاب» فقلت: صدقت والله ، جعلت فداك.[358]

9 - وعنه: عن إبراهيم بن هاشم ، عن[359] سليمان ، عن سدير ، قال: كنت أنا ، وأبو بصير ، وميسر ، ويحيى البزاز ، وداود الرقي ، في مجلس أبي عبد الله (عليه السلام) ، إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه ، قال:

«عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب! ما يعلم الغيب إلا الله ، لقد هممت بضرب خادمتي فلانة ، فذهبت عني ، فما عرفتها في أي البيوت هي من الدار[360]».

فلما أن قام من مجلسه ، وصار إلى منزله ، دخلت أنا ، وأبو بصير ، وميسر على أبي عبد الله (عليه السلام) ، فقلنا له: جعلنا فداك ، سمعناك تقول كذا ، وكذا في أمر خادمتك ، ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا لا ينسب[361] إلى علم الغيب ، فقال: «يا سدير ، أما تقرأ القرآن؟» قلت: قد قرأناه ، جعلنا الله فداك. فقال: «هل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: )قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ(؟» قلت: جعلت فداك ، قد قرأته.

قال: «فهل عرفت الرجل ، وعرفت ما كان عنده من علم الكتاب؟» قال: قلت: فأخبرني حتى أعلم ، قال: «قدر قطرة من المطر الجود[362]  ، في البحر الأخضر ، ما يكون ذلك من علم الكتاب؟».

قلت: جعلت فداك ، ما أقل هذا؟ قال: «يا سدير ، ما أكثره لمن[363] لم ينسبه إلى العلم الذي أخبرك به! يا سدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله: )قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ([364] كله؟». قال: وأومأ بيده إلى صدره ، فقال: «علم الكتاب كله» والله عندنا- ثلاثا-».[365]

10 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «كان سليمان (عليه السلام) عنده اسم الله الأكبر ، الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب ، ولو كان اليوم لاحتاج إلينا».[366]

11 - وعنه: عن الحسن بن علي بن عبد الله ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن بعض أصحابنا ، عن عمر بن حنظلة ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إني أظن أن لي عندك منزلة ، قال: «أجل» قال: قلت: فإن لي إليك حاجة؟ قال: «وما هي؟» قال: قلت: تعلمني الاسم الأعظم. قال: «و تطيقه؟» قلت: نعم. قال: «فادخل البيت» قال: فدخلت ، فوضع أبو جعفر (عليه السلام) يده على الأرض ، فأظلم البيت ، فأرعدت فرائص عمر ، فقال: «ما تقول ، أعلمك؟» فقلت: لا. قال: فرفع يده ، فرجع البيت كما كان.[367]

12 - السيد الرضي في (الخصائص) قال: روي أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) كان جالسا في المسجد ، إذ دخل عليه رجلان ، فاختصما إليه ، وكان أحدهما من الخوارج ، فتوجه الحكم على الخارجي ، فحكم عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال له الخارجي: والله ، ما حكمت بالسوية ، ولا عدلت في القضية ، وما قضيتك عند الله تعالى بمرضية. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وأومأ بيده إليه: «اخسأ ، عدو الله» فاستحال كلبا أسودا. فقال من حضره: فوالله لقد رأينا ثيابه تطاير عنه في الهواء ، فجعل يبصبص[368] لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، ودمعت عيناه في وجهه ، ورأينا أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد رق له ، فلحظ السماء ، وحرك شفتيه بكلام لم نسمعه ، فوالله لقد رأيناه وقد عاد إلى حال الإنسانية ، وتراجعت ثيابه من الهواء ، حتى سقطت على كتفيه ، فرأيناه وقد خرج من المسجد ، وإن رجليه لتضطربان ، فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال لنا: «ما لكم تنظرون وتعجبون؟».

فقلنا: يا أمير المؤمنين ، كيف لا نتعجب ، وقد صنعت ما صنعت؟

فقال: «أما تعلمون أن آصف بن برخيا وصي سليمان بن داود (عليهما السلام) قد صنع ما هو قريب من هذا الأمر ، فقص الله جل اسمه قصته ، حيث يقول: )أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَ إِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ([369] الآية ، فأيما أكرم على الله ، نبيكم ، أم سليمان (عليهما السلام)؟» فقالوا: بل نبينا (صلى الله عليه وآله) أكرم ، يا أمير المؤمنين. قال: «فوصي نبيكم أكرم من وصي سليمان ، وإنما كان عند وصي سليمان من اسم الله الأعظم حرف واحد ، فسأل الله جل اسمه ، فخسف له الأرض ما بينه وبين سرير بلقيس ، فتناوله في أقل من طرف العين ، وعندنا من اسم الله الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله تعالى ، استأثر به دون خلقه».

فقالوا: يا أمير المؤمنين ، فإذا كان هذا عندك ، فما حاجتك إلى الأنصار في قتال معاوية وغيره ، واستنفارك الناس إلى حربه ثانية؟ فقال: )بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ([370] إنما أدعو هؤلاء القوم إلى قتاله لثبوت الحجة ، وكمال المحنة ، ولو اذن لي في إهلاكه لما تأخر ، لكن الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء». قالوا: فنهضنا من حوله ، ونحن نعظم ما أتى به (عليه السلام).[371]

13 - المفيد في (الاختصاص): عن أحمد بن محمد ، عن فضالة[372] ، عن أبان ، عن أبي بصير ، وزرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «ما زاد العالم على النظر إلى ما خلفه وما بين يديه مد بصره ، ثم نظر إلى سليمان ، ثم مد يده فإذا هو ممثل بين يديه».[373]

14 - عن علي بن مهزيار ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما زاد صاحب سليمان على أن قال بإصبعه هكذا ، فإذا هو قد جاء بعرش صاحبة سبأ». فقال له حمران: كيف هذا ، أصلحك الله؟ فقال: «إن أبي كان يقول: إن الأرض طويت له ، إذا أراد طواها».[374]

15 - الطبرسي: روى العياشي في (تفسيره) بالإسناد ، قال: التقى موسى بن محمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) ، ويحيى بن أكثم ، فسأله عن مسائل ، قال: فدخلت على أخي علي بن محمد (عليهما السلام) ، إذ دار بيني وبينه من المواعظ ، حتى انتهت إلى طاعته ، فقلت له: جعلت فداك ، إن ابن أكثم سألني عن مسائل افتيه فيها؟ فضحك ، ثم قال: «هل أفتيته فيها؟» قلت: لا. قال: «ولم؟» قلت: لم أعرفها ، قال: «وما هي؟» قلت: قال: أخبرني عن سليمان ، أ كان محتاجا إلى علم آصف بن برخيا؟ ثم ذكر المسائل الاخر.

قال: «اكتب- يا أخي- بسم الله الرحمن الرحيم ، - سألت عن قول الله تعالى في كتابه: )قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ( فهو آصف بن برخيا ، ولم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف ، لكنه (صلوات الله عليه) أحب أن يعرف أمته من الجن والإنس أنه الحجة من بعده ، وذلك من علم سليمان بن داود (عليه السلام) ، أودعه آصف بأمر الله تعالى ، ففهمه الله ذلك لئلا يختلف في إمامته ، ودلالته ، كما فهم سليمان في حياة داود لتعرف إمامته ونبوته من بعده ، لتأكيد الحجة على الخلق».[375]

قوله تعالى:

)فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ 40(

1 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل. قال: «الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه» وذكر الأوجه الخمسة من كتاب الله ، وقال (عليه السلام): «الوجه الثالث من الكفر: كفر النعم ، وذلك قوله تعالى يحكي قول سليمان (عليه السلام): هذا )مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ( ، وقال: )لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ( [376] ، وقال: )فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ([377] ».[378]

والحديث- بالخمسة أوجه- تقدم في قوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ( من أول سورة البقرة[379].

قوله تعالى:

)وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً- إلى قوله تعالى- وَإِنَّا لَصادِقُونَ 45- 49(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ(: «يقول: مصدق ، ومكذب. قال الكافرون منهم: أتشهدون أن صالحا مرسل من ربه؟ وقال المؤمنون: إنا بالذي أرسل به مؤمنون. قال الكافرون منهم: إنا بالذي آمنتم به كافرون ، وقالوا: يا صالح ائتنا بما تعدنا[380] إن كنت من الصادقين. فجاءهم بناقة ، فعقروها ، وكان الذي عقرها أزرق ، أحمر ، ولد زنا».

وأما قوله: )لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ( فإنهم سألوه قبل أن تأتيهم الناقة ، أن يأتيهم بعذاب أليم ، وأرادوا بذلك امتحانه ، فقال: )يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ( يقول: بالعذاب قبل الرحمة.

وأما قوله: )قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَ بِمَنْ مَعَكَ( فإنهم أصابهم جوع شديد ، فقالوا: هذا من شؤمك ، وشؤم من معك- أصابنا هذا القحط ، وهي الطيرة )قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ( يقول: خيركم ، وشركم ، وشؤمكم من عند الله )بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ( يقول تبتلون بالاختبار.

وأما قوله: )وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ( كانوا يعملون في الأرض بالمعاصي ، وأما قوله: )تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي تحالفوا لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ أي لنحلفن لِوَلِيِّهِ(منهم[381]» )ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ( يقول: لنفعلن ، فأتوا صالحا ليلا ليقتلوه ، وعند صالح ملائكة يحرسونه ، فلما أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما بالحجارة ، فأصبحوا في داره مقتلين ، وأخذت قومه الرجفة ، وأصبحوا في دارهم جاثمين.

وأما قوله: )بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً([382] يقول: فضاء. وأما قوله: )بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ([383] يقول: علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا ، وأما قوله: )وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ([384] قال: صاغرين ، وأما قوله: )أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ([385] يقول: أحسن كل شي‏ء خلقه.[386]

قوله تعالى:

)قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى‏- إلى قوله تعالى- قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ 59- 62(

1 - ابن شهر آشوب: عن أنس بن مالك ، قال: لما نزلت الآيات الخمس في طس: )أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً([387]  انتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مالك ، يا علي؟» قال: «عجبت- يا رسول الله- من كفرهم ، وحلم الله تعالى عنهم» فمسحه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده ، ثم قال: «أبشر ، فإنه لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك منافق ، ولولا أنت لم يعرف حزب الله».[388]

2 - علي بن إبراهيم ، )قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى(‏ قال: هم آل محمد (عليهم السلام) ، وقوله: )فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا([389] قال: لا تكون الخلافة في آل فلان ، ولا آل فلان ، ولا آل فلان ، ولا طلحة ، ولا الزبير.

وأما قوله: )أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ) أي بساتين ذات حسن (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) وهو على حد الاستفهام ،(أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ) يعني فعل هذا مع الله ، (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ( ، قال: عن الحق.[390]

3 - شرف الدين النجفي ، قال: روى علي بن أسباط ، عن إبراهيم الجعفري ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قوله: )أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ( ، قال: «أي إمام هدى مع إمام ضلال في قرن واحد».[391]

4 - الشيخ المفيد في (أماليه) ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم ، عن المسعودي ، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة ، عن عمران بن الحصين ، قال: كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين ، عند النبي (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام) جالس إلى جنبه ، إذ قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله): )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ( قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاضة العصفور ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): «ما شأنك تجزع؟» فقال: «ما لي لا أجزع ، والله يقول إنه يجعلنا خلفاء الأرض؟». فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): «لا تجزع ، فوالله لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق».[392]

ورواه الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم ، عن المسعودي ، قال: حدثنا الحارث بن حصيرة ، عن عمران بن حصين ، قال: كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وذكر الحديث بعينه[393].

5 - محمد بن العباس: قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن خنيس ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي داود ، عن بريدة ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام) إلى جنبه: )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ (، قال: فانتفض علي (عليه السلام) انتفاض العصفور ، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): «لم تجزع ، يا علي؟» فقال: «كيف لا نجزع ، وأنت تقول: )وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ(؟ قال: «لا تجزع ، فوالله لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك كافر».[394]

6 - وعنه: عن أحمد بن محمد بن العباس ، عن عثمان بن هاشم بن الفضل ، عن محمد بن كثير ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي داود السبيعي ، عن عمران بن حصين ، قال: كنت جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام) إلى جنبه ، إذ قرأ النبي (صلى الله عليه وآله): )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ( قال: فارتعد علي (عليه السلام): فضرب النبي (صلى الله عليه وآله) بيده على كتفه ، فقال: «ما لك ، يا علي؟» فقال: «يا رسول الله ، قرأت هذه الآية ، فخشيت أن نبتلى بها ، فأصابني ما رأيت». فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا علي ، لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا كافر[395] منافق ، إلى يوم القيامة».[396]

 

7 - وعنه: عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي‏ عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن القائم (عليه السلام) إذا خرج ، دخل المسجد الحرام ، فيستقبل القبلة[397] ، ويجعل ظهره إلى المقام ، ثم يصلي ركعتين ، ثم يقوم ، فيقول: يا أيها الناس ، أنا أولى الناس بآدم. يا أيها الناس ، أنا أولى الناس بإبراهيم ، يا أيها الناس ، أنا أولى الناس بإسماعيل ، يا أيها الناس ، أنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله). ثم يرفع يديه إلى السماء ، ويدعو ، ويتضرع ، حتى يقع عليه وجهه ، وهو قوله عز وجل: )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ(».[398]

8 - وعنه: بالإسناد ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ( ، قال: هذه الآية نزلت في القائم (عليه السلام) ، إذا خرج تعمم ، وصلى عند المقام ، وتضرع إلى ربه ، فلا ترد له راية أبدا».[399]

9 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «نزلت في القائم من آل محمد (عليهم السلام) ، هو والله المضطر ، إذا صلى في المقام ركعتين ، ودعا[400] الله فأجابه ، ويكشف السوء ، ويجعله خليفة في الأرض» وهذا مما ذكرنا أن تأويله بعد تنزيله.[401]

10 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثني محمد بن علي التيملي ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، قال: حدثني غير واحد ، عن منصور بن يونس بزرج ، عن إسماعيل ابن جابر ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) ، أنه قال: «يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب- وأومأ بيده إلى ناحية ذي طوى[402]- حتى إذا كان قبل خروجه انتهى[403] المولى الذي معه حتى يلقى بعض أصحابه ، فيقول كم أنتم هاهنا؟ فيقولون: نحوا من أربعين رجلا. فيقول: كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟

فيقولون: والله لو ناوأ [404] الجبال لناوأناها معه. ثم يأتيهم من القابلة ، فيقول: أشيروا إلى رؤسائكم ، أو خياركم عشرة ، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ، ويعدهم الليلة التي تليها».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): والله ، لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، فينشد الله حقه ، ثم يقول: يا أيها الناس ، من يحاجني في الله ، فأنا أولى الناس بالله ، أيها الناس ، من يحاجني في آدم ، فأنا أولى الناس بآدم. أيها الناس ، من يحاجني في نوح ، فأنا أولى الناس بنوح ، أيها الناس ، من يحاجني في إبراهيم. فأنا أولى الناس بإبراهيم. أيها الناس ، من يحاجني في موسى ، فأنا أولى الناس بموسى ، أيها الناس ، من يحاجني بعيسى. فأنا أولى الناس بعيسى ، أيها الناس ، من يحاجني بمحمد (صلى الله عليه وآله) ، فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله). أيها الناس ، من يحاجني بكتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله. ثم ينتهي إلى المقام ، فيصلي عنده ركعتين ، وينشد الله حقه».

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «وهو والله المضطر الذي يقول الله فيه: )أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ( فيه نزلت وله».[405]

قوله تعالى:

)بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ- إلى قوله تعالى- قُلْ عَسى‏ أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ 66- 72(

1 - علي بن إبراهيم: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: )بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ( يقول: «علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا».[406]

2 - وقال علي بن إبراهيم: ثم حكى الله عز وجل قول الدهرية ، فقال: )وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ( أي أكاذيب الأولين ، فحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لذلك ، فأنزل الله تعالى: )وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ(.

ثم حكى أيضا قولهم: )وَيَقُولُونَ) يا محمد (مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لهم عَسى‏ أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) أي قد قرب من خلفكم (بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) ثم قال: إنك يا محمد (لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‏ وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ([407] أي أن هؤلاء الذين تدعوهم لا يسمعون ما تقول ، كما لا يسمع الموتى والصم.[408]

قوله تعالى:

)وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ 75(

 تقدم الحديث في هذه الآية ، في قول الله تعالى: )وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ مالِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ(.[409]

قوله تعالى:

)وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ- إلى قوله تعالى- وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 82- 84(

1 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، وأحمد بن محمد ، جميعا ، عن محمد بن الحسن ، عن علي بن حسان ، قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي ، عن أبي الصامت الحلواني ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا قسيم الله بين الجنة والنار ، لا يدخلهما داخل إلا على حد قسمتي ، وأنا الفاروق الأكبر[410] ، وأنا الإمام لمن بعدي ، والمؤدي عمن كان قبلي ، لا يتقدمني أحد إلا أحمد (صلى الله عليه وآله) ، وإني وإياه لعلى سبيل واحد ، إلا أنه هو المدعو باسمه ، ولقد أعطيت الست ، علم المنايا والبلايا ، والوصايا ، وفصل الخطاب ، وإني لصاحب الكرات ودولة الدول ، وإني لصاحب العصا والميسم ، والدابة التي تكلم الناس».[411]

2 - محمد بن إبراهيم النعماني ، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال: حدثنا علي بن الحسن ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن عمران بن ميثم ، عن عباية بن ربعي الأسدي ، قال: دخلت على أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأنا خامس خمسة ، وأصغر القوم سنا ، فسمعته يقول: «حدثني أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا خاتم ألف نبي ، وأنت خاتم ألف وصي ، وكلفت ما لم يكلفوا».

فقلت: ما أنصفك القوم ، يا أمير المؤمنين. فقال: «ليس حيث تذهب- يا بن الأخ- والله إني لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري ، وغير محمد (صلى الله عليه وآله) ، وإنهم ليقرءون منها آية في كتاب الله عز وجل ، وهي: )وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ( ، وما يتدبرونها حق تدبرها ، ألا أخبركم بآخر ملك بني فلان؟» قلنا: بلى ، يا أمير المؤمنين. قال (عليه السلام): «قتل نفس حرام ، في يوم حرام ، في بلد حرام ، عن قوم من قريش ، والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، ما لهم ملك بعده غير خمس عشرة ليلة».

قلنا: هل قبل هذا من شي‏ء ، أو بعده؟ فقال: «صيحة في شهر رمضان ، تفزع اليقظان ، وتوقظ النائم ، وتخرج الفتاة من خدرها».[412]

 

3 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «انتهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو نائم في المسجد ، وقد جمع رملا ووضع رأسه عليه ، فحركه برجليه ، ثم قال له: قم ، يا دابة الأرض[413] ، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله ، أ يسمي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ، ما هو إلا له خاصة ، وهو الدابة التي ذكرها الله تعالى في كتابه )وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ(.

ثم قال: يا علي ، إذا كان آخر الزمان ، أخرجك الله في أحسن صورة ، ومعك ميسم ، تسم به أعداءك».

فقال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن الناس يقولون: هذه الدابة إنما تكلمهم[414]؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كلمهم الله في نار جهنم ، وإنما هو يكلمهم من الكلام ، والدليل على أن هذا في الرجعة قوله: )وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّاذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( ، قال- الآيات أمير المؤمنين ، والأئمة (عليهم السلام)».

فقال الرجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إن العامة تزعم أن قوله: )وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً( ، عنى في القيامة ، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أفيحشر الله من كل امة فوجا ، ويدع الباقين؟! لا ، ولكنه في الرجعة ، وأما آية القيامة فهي: )وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً([415] ».[416]

4- وعنه ، قال: وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ما يقول الناس في هذه الآية: )وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً(؟» قلت: يقولون: إنها في القيامة ، قال: «ليس كما يقولون ، إن ذلك في الرجعة أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا ، ويدع الباقين؟! إنما آية يوم القيامة قوله: )وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً([417] ».[418]

5 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني ابن أبي عمير ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً( ، قال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا ويرجع حتى يموت ، ولا يرجع إلا من محض الإيمان محضا ، ومن محض الكفر محضا».

قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان ، آية في كتاب الله قد أفسدت قلبي ، وشككتني. قال عمار: أية آية هي؟ قال: قال: )وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ(، فأية دابة هذه؟

قال عمار: والله ما أجلس ، ولا آكل ، ولا أشرب حتى أريكها. فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وهو يأكل تمرا وزبدا ، فقال: يا أبا اليقظان ، هلم ، فجلس عمار ، وأقبل يأكل معه ، فتعجب الرجل منه ، فلما قام ، قال له الرجل: سبحان الله- يا أبا اليقظان- حلفت أنك لا تأكل ، ولا تشرب ، ولا تجلس حتى ترينيها ، قال عمار: قد أريتكها ، إن كنت تعقل.[419]

6 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحلبي ، عن عبد الله بن محمد الزيات ، عن محمد ابن عبد الحميد ، عن مفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال: دخلت على علي (عليه السلام) ، فقال: «أنا دابة الأرض».[420]

7 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن أحمد بن حاتم ، عن إسماعيل بن إسحاق الراشدي ، عن خالد بن مخلد ، عن عبد الكريم بن يعقوب الجعفي ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال: دخلت على علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فقال: ألا أحدثك ثلاثا قبل أن يدخل علي وعليك داخل؟» قلت: بلى. قال: أنا عبد الله ، وأنا دابة الأرض ، صدقها ، وعدلها ، وأخو نبيها ، ألا أخبرك بأنف المهدي وعينيه؟» قال: قلت بلى. فضرب بيده إلى صدره ، وقال: «أنا».[421]

8 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين القمي[422] ، عن أحمد بن عبيد بن ناصح ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل خبزا وخلا وزيتا ، فقلت: يا أمير المؤمنين ، قال الله عز وجل: )وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ( ، فما هذه الدابة؟ قال: «هي دابة تأكل خبزا ، وخلا ، وزيتا».[423]

9 - وعنه ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن سماعة بن مهران ، عن الفضل بن الزبير ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: قال لي معاوية: يا معشر الشيعة ، تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نحن نقوله ، واليهود يقولون. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت ، فقال له: ويحك ، تجدون دابة الأرض عندكم مكتوبة؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل. فقال: أتدري ما اسمه؟ قال: نعم ، اسمه إيليا. قال: فالتفت إلي ، فقال: ويحك- يا أصبغ- ما أقرب إيليا من علي![424]

10 - ومن (رجعة السيد المعاصر): بالإسناد عن إسحاق بن محمد بن مروان ، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير القرشي ، قال: حدثني يعقوب بن شعيب ، قال: حدثني عمران بن ميثم ، أن عباية حدثه أنه كان عند أمير المؤمنين (عليه السلام) ، يقول: «حدثني أخي (صلى الله عليه وآله) أنه ختم ألف نبي ، وأني ختمت ألف وصي ، وأني كلفت ما لم يكلفوا ، وأني لأعلم ألف كلمة لا يعلمها غيري ، وغير محمد (صلى الله عليه وآله) ، ما منها كلمة إلا هي مفتاح ألف باب بعد ، ما يعلمون منها كلمة واحدة ، غير أنكم تقرءون منها آية واحدة في القرآن: )وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ( [ولا تدرونها]».[425]

11 - ومنها: بالإسناد عن الحسين بن إسماعيل القاضي ، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب المخزومي ، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر ، قال: حدثنا أبو جرير ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أوس بن خالد[426] ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى ، وخاتم سليمان بن داود (عليهما السلام) ، تجلو وجه المؤمن بعصا موسى ، وتسم وجه الكافر بخاتم سليمان (عليه السلام)».[427]

12 - ومنها: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الفقيه ، قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح ، قال: حدثني الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يأكل خبزا وخلا وزيتا ، فقلت: يا أمير المؤمنين ، قال الله عز وجل: )وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ( ، فما هذه الدابة؟ قال: «هي دابة تأكل خبزا وخلا وزيتا».[428]

13 - وبالإسناد ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، قال: حدثنا الحسين بن عيسى ، قال: حدثنا يونس بن عبد الرحمن ، عن سماعة بن مهران ، عن الفضل بن الزبير ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: قال معاوية: يا معشر الشيعة ، تزعمون أن عليا دابة الأرض؟ فقلت: نعم ، واليهود تقوله. قال: فأرسل إلى رأس الجالوت ، فقال له: ويحك ، تجدون دابة الأرض عندكم؟ فقال: نعم. فقال: ما هي؟ فقال: رجل ، فقال: أتدري ما اسمه. قال: نعم ، اسمه إليا ، قال: فالتفت إلي ، فقال: ويحك- يا أصبغ- ما أقرب إليا من علي![429]

14 - سعد بن عبد الله: عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن سنان ، وغيره ، عن عبد الله بن سنان ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، في حديث قدسي: يا محمد ، علي أول من آخذ ميثاقه من الأئمة. يا محمد ، علي آخر من أقبض روحه من الأئمة ، وهو الدابة التي تكلم الناس».[430]

15 - وعنه: عن يعقوب بن يزيد ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ومحمد بن عيسى بن عبيد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، قال: حدثنا محمد بن الطيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً( ، فقال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت ، ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل».[431]

16 - وعنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي محمد ، يعني أبا بصير ، قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): «ينكر أهل العراق الرجعة؟» قلت: نعم. قال: «أما يقرءون القرآن: )وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً(؟ الآية».[432]

17 - علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن الطيار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً( ، قال: «ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت ، ولا أحد من المؤمنين مات إلا يرجع حتى يقتل».[433]

وسيأتي- إن شاء الله تعالى- الحديث في هذه الآية ، في قوله تعالى: )إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ( ، رواية صالح بن ميثم ، عن أبي جعفر (عليه السلام)[434].

قوله تعالى:

)وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ 87(

1 - علي بن إبراهيم ، قال: خاشعين.[435]

2 - قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: )وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ( ، قال: «صاغرين».[436]

و حديث المحشر يأتي- إن شاء الله تعالى- في آخر سورة الزمر[437].

قوله تعالى:

)وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً- إلى قوله تعالى- أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ 88(

3 - قال علي بن إبراهيم: قوله: )وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ ( قال: فعل الله الذي أحكم كل شي‏ء.[438]

1 - وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «قوله: )أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ( أحسن كل شي‏ء خلقه».[439]

قوله تعالى:

)مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 89- 90(

2 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن اورمة ، ومحمد بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمان بن كثير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال أبو جعفر (عليه السلام): دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال له: يا أبا عبد الله ، ألا أخبرك بقول الله عز وجل: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(؟ قال: بلى- يا أمير المؤمنين- جعلت فداك. فقال: الحسنة معرفة الولاية ، وحبنا أهل البيت ، والسيئة إنكار الولاية ، وبغضنا أهل البيت».[440]

3 - وعنه: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن علي بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: )مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً([441]. قال: «من توالى الأوصياء من آل محمد ، واتبع آثارهم ، فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين ، حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام) ، وهو قول الله عز وجل: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها( ، يدخل الجنة ، وهو قول الله عز وجل: )ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ([442] يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره ، فهو لكم ، تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة».[443]

4 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن سلمة ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ، عن يحيى بن زكريا اللؤلؤي ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها([444] ، قال: «هي للمسلمين عامة ، والحسنة الولاية ، فمن عمل من حسنة كتبت له عشر ، فإن لم تكن له ولاية ، دفع عنه بما عمل من حسنة في الدنيا ، وما له في الآخرة من خلاق».[445]

4 - الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني إجازة ، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى ابن بنت السدي الفزاري الكوفي ، قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط ، عن فضيل الرسان ، عن نفيع أبي داود السبيعي ، قال: حدثني أبو عبد الله الجدلي ، قال: قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام). «ألا أحدثك- يا أبا عبد الله- بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة ، والسيئة التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار؟» قلت: بلى ، يا أمير المؤمنين ، قال: «الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا».[446]

5 - وعنه ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار بن موسى الساباطي ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا امية يوسف بن ثابت حدث عنك أنك قلت: «لا يضر مع الإيمان عمل ، ولا ينفع مع الكفر عمل».

فقال: «إنه لم يسألني أبو امية عن تفسيرها ، إنما عنيت بهذا أنه من عرف الإمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله) وتولاه ، ثم عمل لنفسه بما شاء من عمل الخير ، قبل منه ذلك ، وضوعف له أضعافا كثيرة ، فانتفع بأعمال الخير مع المعرفة ، فهذا ما عنيت بذلك. وكذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الإمام الجائر ، الذي ليس من الله تعالى».

فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ( فكيف لا ينفع العمل الصالح من تولى أئمة الجور؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «وهل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية؟ هي معرفة الإمام ، وطاعته: وقد قال الله عز وجل: )وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ( ، وإنما أراد بالسيئة إنكار الإمام الذي هو من الله تعالى».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله ، وجاء منكرا لحقنا ، جاحدا لولايتنا ، أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار».[447]

6 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا المنذر بن محمد ، عن أبيه ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن‏ أبان بن تغلب ، عن فضيل بن الزبير ، عن أبي داود السبيعي ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا عبد الله ، هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها فله خير منها ، وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار؟». قلت: لا. قال: «الحسنة مودتنا أهل البيت ، والسيئة عداوتنا أهل البيت».[448]

7 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن عبد الله بن جبلة الكناني ، عن سلام بن أبي عمرة الخراساني ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة ، والسيئة التي من جاء بها كب على وجهه في نار جهنم؟». قلت: بلى ، يا أمير المؤمنين. قال: «الحسنة حبنا أهل البيت ، والسيئة بغضنا أهل البيت».[449]

8 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، وسأله عبد الله بن أبي يعفور عن قول الله عز وجل: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ( ، فقال: «)مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ( ، فقال: «و هل تدري ما الحسنة؟ إنما الحسنة معرفة الإمام وطاعته ، وطاعته من طاعة الله».[450]

9 - وعنه ، بالإسناد المذكور: عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «الحسنة ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)».[451]

10 - وعنه ، قال: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن إسماعيل بن بشار ، عن علي بن جعفر الحضرمي ، عن جابر الجعفي ، أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ( ، قال: «الحسنة ولاية علي (عليه السلام) ، والسيئة عداوته وبغضه».[452]

11 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن ابن فضال ، عن عاصم بن حميد ، عن فضيل الرسان ، عن أبي داود ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أبا عبد الله ، ألا أحدثك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة ، وبالسيئة التي من جاء بها أكبه الله على وجهه في النار؟» قلت: بلى. قال: «الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا».[453]

12 - أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان): قال: حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني ، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن‏ أحمد ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن أحمد ، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، قال: حدثني جعفر بن الحسين ، قال: حدثني محمد بن زيد بن علي ، عن أبيه ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال له: يا أبا عبد الله ، ألا أخبرك بقول الله عز وجل: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ إلى قوله تَعْمَلُونَ( ، قال: بلى ، جعلت فداك. قال: «الحسنة حبنا أهل البيت ، والسيئة بغضنا».[454]

13 - وعنه ، قال: حدثنا السيد أبو الحمد ، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم ، قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد ابن محمد البحيري[455] ، عن جده أحمد بن محمد[456] ، قال: حدثنا جعفر بن سهل ، قال: حدثنا أبو زرعة عثمان بن عبد الله القرشي ، قال: حدثنا ابن لهيعة[457] ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا علي ، لو أن امتي صاموا حتى صاروا كالأوتاد[458] ، وصلوا حتى صاروا كالحنايا ، ثم أبغضوك ، لأكبهم الله على مناخرهم في النار».[459]

14 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن عمر بن أبي شيبة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول ابتداء منه: «إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه ، ويجمعهم لما لا بد منه ، أمر مناديا ينادي ، فتجمع الإنس والجن في أسرع من طرفة عين ، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل ، فكانت من وراء الناس ، وأذن للسماء الثانية فتنزل ، وهي ضعف التي تليها ، فإذا رآها أهل السماء الدنيا ، قالوا: جاء ربنا؟ قالوا: لا ، وهو آت- يعني أمره- حتى تنزل كل سماء ، تكون كل واحدة منها من وراء الاخرى ، وهي ضعف التي تليها ، ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام ، والملائكة ، وقضي الأمر ، وإلى الله ترجع الأمور ، ثم يأمر الله مناديا ينادي: )يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ([460]».

قال: وبكى (عليه السلام) ، حتى إذا سكت ، قال: قلت: جعلني الله فداك- يا أبا جعفر- وأين رسول الله ، وأمير المؤمنين (عليهما السلام) ، وشيعته؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام) ، وشيعته على كثبان من المسك الأذفر ، على منابر من نور ، يحزن الناس ولا يحزنون ، ويفزع الناس ولا يفزعون» ، ثم تلا هذه الآية: )مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ(. «فالحسنة ولاية علي (عليه السلام)». ثم قال‏: )لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ([461]. [462]

15 - علي بن إبراهيم: في معنى الحسنة ، قال: الحسنة- والله- ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام).[463]

16 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن أحمد السناني ، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي ، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الحبال الطبري ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخشاب ، قال: حدثنا محمد بن محصن ، عن يونس بن ظبيان ، قال: قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام): «إن الناس يعبدون الله عز وجل على ثلاثة أوجه: فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه ، فتلك عبادة الحرصاء ، وهو الطمع ، وآخرون يعبدون خوفا من النار ، فتلك عبادة العبيد ، وهي رهبة ، ولكني أعبده حبا له عز وجل ، فتلك عبادة الكرام ، وهو الأمن ، لقوله عز وجل: )وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ( ، ولقوله عز وجل: )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ([464] ، فمن أحب الله عز وجل أحبه الله ، ومن أحبه الله عز وجل كان من الآمنين».[465]

17 - ومن طريق المخالفين: ما رواه الحبري ، يرفعه إلى أبي عبد الله الجدلي ، قال: دخلت على علي (عليه السلام) ، فقال: «يا أبا عبد الله ، ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة ، وفعل به وفعل ، والسيئة التي من جاء بها أكبه الله في النار ، ولم يقبل له معها عمل؟» قال: قلت: بلى ، يا أمير المؤمنين ، فقال: «الحسنة حبنا ، والسيئة بغضنا».[466]

قوله تعالى:

)إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ- إلى قوله تعالى- سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها 91- 93(

1 - علي بن إبراهيم ، قوله: )إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها(. قال: مكة ، وله كل شي‏ء. قال الله عز وجل: )وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) إلى قوله تعالى (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها( قال: الآيات أمير المؤمنين ، والأئمة (عليهم السلام) ، إذا رجعوا ، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم ، والدليل على أن الآيات‏ هم الأئمة ، قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «والله ، ما لله آية أكبر مني» فإذا رجعوا إلى الدنيا ، يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا.[467]

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن أبي عمير ، أو غيره ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: جعلت فداك ، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية: )عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ([468] ، قال: «ذلك إلي ، إن شئت أخبرتهم ، وإن شئت لم أخبرهم- ثم قال- لكني أخبرك بتفسيرها».

قلت: عم يتساءلون؟ قال: فقال: «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول: ما لله عز وجل آية هي أكبر مني ، ولا لله من نبأ أعظم مني».[469]

وتقدم تفسير الآيات بالأئمة (عليهم السلام) ، في قوله تعالى: )قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ( من سورة يونس[470].

المستدرك (سورة النمل)

قوله تعالى:

)قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ 65(

 1- الطبرسي في (الاحتجاج) ، قال: ومما خرج عن صاحب الزمان (صلوات الله عليه) ردا على الغلاة من التوقيع جوابا لكتاب كتب إليه على يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي: «يا محمد بن علي ، تعالى الله عز وجل عما يصفون ، سبحانه وبحمده ، ليس نحن شركاءه في علمه ولا في قدرته ، بل لا يعلم الغيب غيره كما قال في محكم كتابه تبارك وتعالى: )قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ( ، وأنا وجميع آبائي من الأولين آدم ونوح وإبراهيم وموسى وغيرهم من النبيين ، ومن الآخرين محمد رسول الله وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين وغيرهم ممن مضى من الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) إلى مبلغ أيامي ومنتهى عصري عبيد الله عز وجل ، يقول الله عز وجل: )مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى‏ قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى‏ وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى([471]. [472]

سورة القصص‏

فضلها

تقدم في أول سورة الشعراء.

1 - ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة ، كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل من صدق بموسى (عليه السلام) ، وعدد كل من كذب به ، ولم يبق ملك في السماوات والأرض إلا شهد له يوم القيامة بأنه صادق ومن كتبها وشربها ، زال عنه جميع ما يشكو من الألم ، بإذن الله تعالى».[473]

2 - وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ومن كتبها ، ومحاها بالماء وشربها ، زال عنه جميع الآلام والأوجاع».[474]

3 - وعن الصادق (عليه السلام): «من كتبها ، وعلقها على المبطون ، وصاحب الطحال ، ووجع الكبد ، ووجع الجوف ، يكتبها ويعلقها عليه ، وأيضا يكتبها في إناء ويغسلها بماء المطر ، ويشرب ذلك الماء ، زال عنه ذلك الوجع والألم ، ويشفى من مرضه ، ويهون عنه الورم ، بإذن الله تعالى».[475]

قوله تعالى:

)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ 1- 2(

 معنى طسم تقدم في أول سورة الشعراء[476].

1 - علي بن إبراهيم ، قال: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه وآله) ، فقال: )نَتْلُوا عَلَيْكَ يا محمد مِنْ نَبَإِ مُوسى‏ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(.[477]

قوله تعالى:

)إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ 4(

2 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنهما) ، عن سعد بن عبد الله ، وعبد الله بن جعفر الحميري ، ومحمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس ، جميعا ، قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب- وهم ثمانون رجلا- فقال: إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ، ويسومونكم سوء العذاب ، وإنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من‏ ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه موسى بن عمران ، غلام طوال ، جعد ، آدم[478]. فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران ، ويسمي عمران ابنه موسى».

فذكر أبان بن عثمان[479] ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنه قال: «ما خرج موسى بن عمران حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل ، كلهم يدعي أنه موسى بن عمران».

 «فبلغ فرعون أنهم يرجفون[480] به ، ويطلبون هذا الغلام ، وقال له كهنته وسحرته: إن هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام الذي يولد العام في بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء ، وقال: لا يولد العام غلام إلا ذبح. ووضع على ام موسى قابلة ، فلما رأى بنو إسرائيل ذلك ، قالوا: إذا ذبح الغلمان ، واستحيي النساء ، هلكنا ، فلم نبق ، فتعالوا لا نقرب النساء. فقال عمران أبو موسى (عليه السلام): بل باشروهن ، فإن أمر الله واقع ولو كره المشركون ، اللهم ، من حرمه فإني لا احرمه ، ومن تركه فإني لا أتركه وباشر أم موسى ، فحملت به. فوضع على أم موسى قابلة تحرسها ، فإذا قامت قامت ، وإذا قعدت قعدت ، فلما حملته امه وقعت عليها المحبة ، وكذلك حجج الله على خلقه ، فقالت لها القابلة: ما لك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قالت: لا تلوميني ، فإني أخاف إذا ولدت ، أخذ ولدي فذبح. قالت: لا تحزني ، فإني سوف أكتم عليك. فلم تصدقها ، فلما أن ولدت ، التفتت إليها وهي مقبلة ، فقالت: ما شاء الله. فقالت لها: ألم أقل أني سوف أكتم عليك. ثم حملته فأدخلته المخدع ، وأصلحت أمره. ثم خرجت إلى الحرس ، فقالت: انصرفوا- وكانوا على الباب- فإنه خرج دم منقطع. فانصرفوا ، فأرضعته.

فلما خافت عليه الصوت ، أوحى الله إليها أن اعملي التابوت ، ثم اجعليه فيه ، ثم أخرجيه ليلا ، فاطرحيه في نيل مصر. فوضعته في التابوت ، ثم دفعته في اليم ، فجعل يرجع إليها ، وجعلت تدفعه في الغمر[481] ، وإن الريح ضربته فانطلقت به ، فلما رأته قد ذهب به الماء ، همت أن تصيح ، فربط الله على قلبها».

قال: «وكانت المرأة الصالحة ، امرأة فرعون- وهي من بني إسرائيل- قالت لفرعون: إنها أيام الربيع ، فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل ، حتى أتنزه هذه الأيام. فضرب لها قبة على شط النيل ، إذ أقبل التابوت يريدها ، فقالت: أما ترون ما أرى على الماء؟ قالوا: إي والله- يا سيدتنا- إنا لنرى شيئا. فلما دنا منها ، قامت إلى الماء ، فتناولته بيدها ، وكاد الماء يغمرها ، حتى تصايحوا عليها ، فجذبته ، فأخرجته من الماء ، فأخذته فوضعته في حجرها ، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسرهم ، فوقعت عليها منه محبة ، فوضعته في حجرها ، وقالت: هذا ابني.

فقالوا: إي والله- يا سيدتنا- مالك ولد ، ولا للملك ، فاتخذي هذا ولدا. فقامت إلى فرعون ، فقالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا ، نتخذه ولدا ، فيكون قرة عين لي ولك ، فلا تقتله. قال: ومن أين هذا الغلام؟ قالت: لا والله لا أدري ، إلا أن الماء جاء به ، فلم تزل به حتى رضي.

فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا ، لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته ، لتكون له ظئرا[482] ، أو تحضنه ، فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا. قالت: امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا ، ولا تحقروا أحدا. فجعل لا يقبل من امرأة منهن ثديا. فقالت أم موسى لأخته: انظري أ ترين له أثرا؟ فانطلقت حتى أتت باب الملك ، فقالت: قد بلغني أنكم تطلبون ظئرا ، وها هنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم ، وتكفله لكم. فقالت: أدخلوها ، فلما دخلت ، قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟ قالت: من بني إسرائيل. قالت: اذهبي- يا بنية- فليس لنا فيك حاجة. فقالت لها النساء: عافاك الله ، انظري هل يقبل ، أو لا؟ فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل هذا ، هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل ، والمرأة من بني إسرائيل- يعني الظئر-؟ لا يرضى. قلن: فانظري أيقبل ، أو لا يقبل؟ قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها. فجاءت إلى أمها ، فقالت: إن امرأة الملك تدعوك. فدخلت عليها ، فدفع إليها موسى ، فوضعته في حجرها ، ثم ألقمته ثديها ، فازدحم اللبن في حلقه ، فلما رأت امرأة فرعون أن ابنها قد قبل ، قامت إلى فرعون ، فقالت: إني قد أصبت لابني ظئرا ، وقد قبل منها. فقال: وممن هي؟ قالت: من بني إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون أبدا ، الغلام من بني إسرائيل ، والظئر من بني إسرائيل؟ فلم تزل تكلمه فيه ، وتقول: ما تخاف من هذا الغلام ، إنما هو ابنك ، ينشأ في حجرك؟ حتى قلبته عن رأيه ، ورضي.

فنشأ موسى (عليه السلام) في آل فرعون ، وكتمت امه خبره ، وأخته ، والقابلة ، حتى هلكت امه ، والقابلة التي قبلته ، فنشأ (عليه السلام) لا يعلم به بنو إسرائيل- قال- وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه ، فيعمى عليهم خبره- قال- فبلغ فرعون أنهم يطلبونه ، ويسألون عنه ، فأرسل إليهم ، فزاد في العذاب عليهم ، وفرق بينهم ، ونهاهم عن الإخبار به ، والسؤال عنه».

قال: «فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ عنده علم ، فقالوا: لقد كنا نستريح إلى الأحاديث ، فحتى متى ، وإلى متى نحن في هذا البلاء؟! قال: والله إنكم لا تزالون فيه حتى يحيي الله ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه موسى بن عمران ، غلام طوال جعد. فبيناهم كذلك ، إذ أقبل موسى (عليه السلام) يسير على بغلة ، حتى وقف عليهم ، فرفع الشيخ رأسه ، فعرفه بالصفة ، فقال له: ما اسمك ، يرحمك الله؟ قال: موسى. قال: ابن من؟ قال: ابن عمران. فوثب إليه الشيخ ، فأخذ بيده فقبلها ، وثاروا إلى رجليه فقبلوهما ، فعرفهم وعرفوه ، واتخذهم شيعة.

فمكث بعد ذلك ما شاء الله ، ثم خرج ، فدخل مدينة لفرعون ، فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط ، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي ، فوكزه موسى ، فقضى عليه- وكان موسى (عليه السلام) قد اعطي بسطة في الجسم ، وشدة في البطش- فذكره الناس ، وشاع أمره ، وقالوا: إن موسى قتل رجلا من آل فرعون. فأصبح في المدينة خائفا يترقب ، فلما أصبحوا من الغد ، فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر ، فقال له موسى: إنك لغوي مبين ، بالأمس رجل واليوم رجل؟! فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما ، قال: يا موسى ، أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟! إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ، وما تريد أن تكون من المصلحين. وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ، قال: يا موسى ، إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فاخرج إني لك من الناصحين.

فخرج منها خائفا يترقب ، فخرج من مصر بغير ظهر ولا دابة ولا خادم ، تخفضه أرض وترفعه اخرى ، حتى انتهى إلى أرض مدين ، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل ، فإذا تحتها بئر ، وإذا عندها امة من الناس يسقون ، وإذا جاريتان ضعيفتان ، وإذا معهما غنيمة لهما ، قال: ما خطبكما؟ قالتا: أبونا شيخ كبير ، ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال ، فإذا سقى الناس سقينا. فرحمهما موسى (عليه السلام) ، فأخذ دلوهما ، وقال لهما: قدما غنمكما. فسقى لهما ، ثم رجعتا بكرة قبل الناس ، ثم أقبل موسى إلى الشجرة ، فجلس تحتها ، وقال: )رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ([483] فروي أنه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة.

فلما رجعتا إلى أبيهما ، قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟ قالتا: وجدنا رجلا صالحا ، رحيما ، سقى[484] لنا.

فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه إلي. فجاءته تمشي على استحياء ، قالت: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا- فروي أن موسى (عليه السلام) قال لها: وجهيني إلى الطريق ، وامشي خلفي ، فإنا بنو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء- فلما جاءه ، وقص عليه القصص ، قال: لا تخف ، نجوت من القوم الظالمين. قالت: إحداهما: يا أبت ، استأجره ، إن خير من استأجرت القوي الأمين. قال: إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين ، على أن تأجرني ثماني حجج[485] ، فإن أتممت عشرا فمن عندك. فروي أنه قضى أتمهما ، لأن الأنبياء (عليهم السلام) لا يأخذون إلا بالفضل والتمام.

فلما قضى موسى الأجل ، وسار بأهله نحو بيت المقدس ، أخطأ عن الطريق ليلا ، فرأى نارا ، قال لأهله: امكثوا ، إني آنست نارا ، لعلي آتيكم منها بقبس ، أو بخبر عن الطريق. فلما انتهى إلى النار ، إذا شجرة تضطرم من أسفلها إلى أعلاها ، فلما دنا منها تأخرت عنه ، فرجع ، وأوجس في نفسه خيفة ، ثم دنت منه الشجرة ، فنودي من شاطئ الواد الأيمن ، في البقعة المباركة من الشجرة: )أَنْ يا مُوسى‏ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ([486] ، فإذا حية مثل الجذع ، لأنيابها صرير ، يخرج منها مثل لهب النار ، فولى مدبرا ، فقال له ربه عز وجل: ارجع. فرجع وهو يرتعد ، وركبتاه تصطكان ، فقال: إلهي ، هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم ، فلا تخف. فوقع عليه الأمان ، فوضع رجله على ذنبها ، ثم تناول لحييها ، فإذا يده في شعبة العصا ، قد عادت عصا ، وقيل له: )فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً([487]- فروي أنه امر بخلعهما لأنهما كانتا من جلد حمار ميت- وروي في قوله عز وجل: )فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ( أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك ، وخوفك من فرعون- ثم أرسله الله عز وجل إلى فرعون وملئه بآيتين: يده ، والعصا».

روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال لبعض أصحابه: «كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى بن عمران خرج ليقتبس لأهله نارا ، فرجع إليهم وهو رسول نبي ، فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى في ليلة ، وهكذا يفعل الله تعالى بالقائم (عليه السلام) ، الثاني عشر من الأئمة ، يصلح الله أمره في ليلة ، كما أصلح أمر موسى (عليه السلام) ، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور»[488]

قوله تعالى:

)وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ- إلى قوله تعالى- ما كانُوا يَحْذَرُونَ 5- 6(

1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: )إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) إلى قوله تعالى: (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ( ، قال: فأخبر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) بما لقي موسى وأصحابه من فرعون من القتل والظلم ، تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من أمته ، ثم بشره بعد تعزيته أنه يتفضل عليهم بعد ذلك ، ويجعلهم خلفاء في الأرض ، وأئمة على أمته ، ويردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم.[489]

2 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكناني ، قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، فقال: «ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ(»[490].

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال: حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نظر إلى علي والحسن والحسين (عليهم السلام) فبكى ، وقال: أنتم المستضعفون بعدي».

قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك ، يا ابن رسول الله؟ قال: «معناه أنتم الأئمة بعدي ، إن الله عز وجل يقول: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ( ، فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة»[491].

4 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن عمر ، قال: حدثنا محمد بن الحسين ، قال: حدثنا أحمد بن عثمان[492]  ابن حكيم ، قال: حدثنا شريح بن مسلمة ، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن عبد الجبار ، عن الأعشى الثقفي ، عن أبي صادق ، قال: قال علي (عليه السلام): «هي لنا- أو فينا- هذه الآية: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ(»[493].

4 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار ، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله ، قال: حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم الصلاة والسلام) ، قالت: بعث إلي أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) ، فقال: «يا عمة ، اجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنها ليلة النصف من شعبان ، فإن الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة ، وهو حجته في أرضه» قالت: فقلت له: ومن امه؟ قال لي: «نرجس». قلت له: والله- جعلني الله فداك- ما بها أثر. قال: «هو ما أقول لك».

قالت: فجئت ، فلما سلمت وجلست ، جاءت تنزع خفي ، وقالت لي: يا سيدتي ، كيف أمسيت؟ فقلت: بل أنت سيدتي ، وسيدة أهلي. قالت: فأنكرت قولي ، و قالت: ما هذا ، يا عمة؟ قالت: فقلت لها: بنية ، إن الله تبارك وتعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة ، قالت: فخجلت ، واستحيت ، فلما فرغت من صلاة العشاء الآخرة ، أفطرت ، وأخذت مضجعي فرقدت ، فلما كان في جوف الليل ، قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ، ليس بها حادث ، ثم جلست معقبة ، ثم اضطجعت ، ثم انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثم قامت فصلت ونامت. قالت حكيمة: وخرجت أتفقد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان ، و هي نائمة ، فدخلتني الشكوك ، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام) من المجلس ، فقال: «لا تعجلي- يا عمة- فإن الأمر قد قرب». قالت: فجلست وقرأت الم السجدة ، ويس ، فبينما أنا كذلك ، إذ انتبهت فزعة ، فوثبت إليها ، وقلت: اسم الله عليك ، ثم قلت لها: تحسين شيئا؟ قالت: نعم ، يا عمة ، فقلت لها: اجمعي نفسك ، واجمعي قلبك ، فهو ما قلت لك.

قالت حكيمة: ثم أخذتني فترة ، وأخذتها فترة ، فانتبهت بحس سيدي ، فكشفت الثوب عنه ، فإذا به (عليه السلام) ساجدا يتلقى الأرض بمساجده ، فضممته (عليه السلام) إلي ، فإذا أنا به نظيف منظف ، فصاح بي أبو محمد (عليه السلام): «هلم إلي ابني ، يا عمة». فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت أليته و ظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثم أدلى لسانه في فيه ، وأمر يده على عينيه ، وسمعه ، ومفاصله ، ثم قال: «تكلم ، يا بني». فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله». ثم صلى على أمير المؤمنين ، وعلى الأئمة (عليهم السلام) ، إلى أن وقف على أبيه ، ثم أحجم.

ثم قال أبو محمد (عليه السلام): «يا عمة ، اذهبي به إلى امه ليسلم عليها ، و ائتني به» فذهبت به ، فسلم عليها ، ورددته ووضعته في المجلس ، ثم قال: «يا عمة ، إذا كان يوم السابع ، فاتينا». قالت حكيمة: فلما أصبحت ، جئت لأسلم على أبي محمد (عليه السلام) ، فكشفت الستر لأتفقد سيدي (عليه السلام) فلم أره ، فقلت له: جعلت فداك ، ما فعل سيدي؟ فقال: «يا عمة ، إنما استودعناه الذي استودعته ام موسى موسى (عليه السلام)».

قالت حكيمة: فلما كان في اليوم السابع جئت ، فسلمت وجلست ، فقال: «هلمي إلي ابني» فجئت بسيدي في الخرقة ، ففعل به كفعلته الاولى ، ثم أدلى لسانه في فيه ، كأنه يغذيه لبنا ، أو عسلا ، ثم قال: «تكلم ، يا بني» فقال (عليه السلام): «أشهد أن لا إله إلا الله» وثنى بالصلاة على محمد ، وعلى أمير المؤمنين ، و الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين) حتى وقف على أبيه (عليه السلام) ، ثم تلا هذه الآية )بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ(.

قال موسى: فسألت عقبة الخادم عن هذا ، قال: صدقت حكيمة.[494]

5 - المفيد في (إرشاده): عن أبان بن عثمان ، عن أبي الصباح الكناني ، قال: نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى ابنه أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: «ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عز وجل: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ(»[495].

6 - السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سهل بن كهيل ، عن أبيه ، في قول الله عز وجل: )وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً([496] ، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وقال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها[497] عطف الضروس على ولدها» ثم قرأ (عليه السلام): )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ( ، الآية.[498]

7 - الطبرسي ، قال: صحت الرواية عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، أنه قال: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها» وتلا عقيب ذلك: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ( ، الآية.[499]

8 - قال: وروى العياشي ، بالإسناد عن أبي الصباح الكناني ، قال: نظر أبو جعفر إلى أبي‏ عبد الله (عليهما السلام) ، فقال: «هذا- والله- من الذين قال الله تعالى: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ(».[500]

9 - قال الطبرسي: وقال سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام): «و الذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق بشيرا ونذيرا ، إن الأبرار منا أهل البيت ،  شيعتهم بمنزلة موسى وشيعته ، وإن عدونا وأشياعه بمنزلة فرعون وأشياعه»[501].

10 - أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: في (مسند فاطمة (عليها السلام) ، قال: حدثنا أبو المفضل ، قال: حدثني علي بن الحسين[502] المنقري الكوفي ، قال: حدثني أحمد بن زيد الدهان ، عن مخول[503] بن إبراهيم ، عن رستم بن عبد الله بن خالد المخزومي ، عن سليمان الأعمش ، عن محمد بن خلف الطاهري ، عن زاذان ، عن سلمان ، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله تبارك و تعالى لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا».

فقلت: يا رسول الله ، لقد عرفت هذا من أهل الكتابين. فقال: «يا سلمان ، هل علمت من نقبائي ، الاثني عشر الذين اختارهم الله للإمامة[504] من بعدي؟».

فقلت: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «خلقني الله من صفوة نوره ، ودعاني فأطعته ، وخلق من نوري عليا ، ودعاه فأطاعه ، وخلق من نور علي فاطمة ، ودعاها فأطاعته ، وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسن ، ودعاه فأطاعه ، وخلق مني ومن علي وفاطمة الحسين ، ودعاه فأطاعه ، ثم سمانا الله بخمسة أسماء من أسمائه: فالله المحمود وأنا محمد ، والله الأعلى[505] وهذا علي ، والله الفاطر وهذه فاطمة ، والله قديم الإحسان[506] وهذا الحسن ، والله المحسن وهذا الحسين ، ثم خلق منا ومن نور الحسين تسعة أئمة ، فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماء مبنية ، ولا أرضا مدحية ، ولا هواء ، ولا ملكا ، ولا بشرا دوننا ، وكنا نورا نسبح الله ، ونسمع له ونطيع».

قال سلمان: فقلت: يا رسول الله ، بأبي أنت وامي ، فما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: «يا سلمان ، من عرفهم حق معرفتهم ، واقتدى بهم ، ووالى وليهم ، وتبرأ من[507] عدوهم ، فهو والله منا ، يرد حيث نرد ، ويسكن حيث نسكن».

فقلت: يا رسول الله ، فهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم ، وأنسابهم؟ فقال: «لا».

فقلت: يا رسول الله ، فأنى لي بهم ، وقد عرفت إلى الحسين (عليه السلام)؟ قال: «ثم سيد العابدين علي بن الحسين ، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين ، من النبيين والمرسلين ، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله عز وجل ، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله[508] ، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين لسر الله ، ثم محمد بن الحسن الهادي ، المهدي ، الناطق ، القائم بحق الله»[509]«[510]. ثم قال: «يا سلمان ، إنك مدركه ، ومن كان مثلك ، ومن تولاه بحقيقة المعرفة».

قال سلمان: فشكرت الله كثيرا ، ثم قلت: يا رسول الله ، وإني مؤجل إلى عهده؟ قال: فقرأ قوله تعالى: (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)[511].

قال سلمان: فاشتد بكائي وشوقي ، ثم قلت: يا رسول الله ، بعهد منك؟ فقال: «إي والله الذي أرسلني بالحق ، مني ، ومن علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، والتسعة ، وكل من هو منا ، ومعنا ، ومضام فينا. إي والله- يا سلمان- وليحضرن إبليس وجنوده ، وكل من محض الإيمان محضا ، ومحض الكفر محضا ، حتى يؤخذ بالقصاص ، والأوتار ، (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)[512] وذلك تأويل هذه الآية: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ)».[513]

قال سلمان: فقمت من بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وما يبالي سلمان متى لقي الموت ، أو الموت لقيه[514].

11 - محمد بن العباس: عن علي بن عبد الله بن أسد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن يوسف بن كليب المسعودي ، عن عمرو بن عبد الغفار ، بإسناده عن ربيعة بن ناجد ، قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول في هذه الآية ، وقرأها ، قوله عز وجل: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) ، وقال: «لتعطفن هذه الدنيا على أهل البيت ، كما تعطف الضروس على ولدها»[515].

12 - وقال أيضا: حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن يحيى بن صالح الحويزي ، بإسناده عن أبي صالح ، عن علي (عليه السلام) ، كذا قال في قوله عز وجل: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ). «والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، لتعطفن علينا هذه الدنيا ، كما تعطف الضروس على ولدها». والضروس الناقة التي يموت ولدها ، أو يذبح ، ويحشى جلده ، فتدنو منه ، فتعطف عليه.[516]

13 - الشيباني في (كشف البيان)[517]: روي في أخبارنا عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام): «أن هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الذي يظهر في آخر الزمان ، ويبيد الجبابرة والفراعنة ، ويملك الأرض شرقا وغربا ، فيملأها عدلا ، كما ملئت جورا»[518].

14 - الشيباني: روي عن الباقر ، والصادق (عليهما السلام): «أن فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش ، يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمد (عليه السلام) في آخر الزمان ، فينتقم منهما بما أسلفا»[519].

15 - علي بن إبراهيم ، وقوله: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما) ، وهم الذين غصبوا آل محمد (عليهم السلام) حقهم.

وقوله: (مِنْهُمْ) ، أي من آل محمد ما كانُوا (يَحْذَرُونَ) ، أي من القتل والعذاب. و لو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون ، لقال: ونري فرعون وهامان و جنودهما منه ما كانوا يحذرون- أي من موسى- ولم يقل مِنْهُمْ ، فلما تقدم قوله: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ، علمنا أن المخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) ، وما وعد الله به رسوله فإنما يكون بعده ، والأئمة يكونون من ولده ، وإنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى وبني إسرائيل ، وفي أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما ، فقال: إن فرعون قتل بني إسرائيل ، فأظفر الله موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله ، وكذلك أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ، ثم يردهم الله ، ويرد أعدائهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.

وقد ضرب أمير المؤمنين (عليه السلام) في أعدائه مثلا ، مثل ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان ، فقال: «يا أيها الناس ، إن أول من بغى على الله عز وجل على وجه الأرض عناق بنت آدم (عليه السلام) ، خلق لها عشرين إصبعا ، لكل إصبع منها ظفران طويلان كالمخلبين[520] العظيمين ، وكان مجلسها في الأرض موضع جريب[521] ، فلما بغت ، بعث الله لها أسدا كالفيل ، وذئبا كالبعير ، ونسرا كالحمار ، وكان ذلك في الخلق الأول ، فسلطهم الله عليها ، فقتلوها. ألا وقد قتل الله فرعون وهامان ، وخسف الله بقارون ، وإنما هذا مثل لأعدائه الذين غصبوا حقه ، فأهلكهم الله».

ثم قال علي (عليه السلام) على أثر هذا المثل الذي ضربه: «وقد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له ، ولم أكن‏ أشركه فيه ، ولا توبة له إلا بكتاب منزل ، أو برسول مرسل ، وأنى له بالرسالة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله)؟ فأنى يتوب وهو في برزخ القيامة ، غرته الأماني ، وغره بالله الغرور؟ وقد أشفى على جرف هار ، فانهار به في نار جهنم ، والله لا يهدي القوم الظالمين[522]».

وكذلك مثل القائم (عليه السلام) في غيبته وهربه واستتاره ، مثل موسى (عليه السلام) ، خائف مستتر إلى أن يأذن الله في خروجه ، وطلب حقه ، وقتل أعدائه ، في قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ)[523] ، وقد ضرب الله بالحسين بن علي (عليهما السلام) مثلا في بني إسرائيل بذلتهم من أعدائهم.[524]

16 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لقي المنهال بن عمر علي بن الحسين بن علي (عليهما السلام) ، فقال له: كيف أصبحت ، يا ابن رسول الله؟

قال: «ويحك ، أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت؟ أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبحون أبناءنا ، ويستحيون نساءنا ، وأصبح خير البرية بعد محمد (صلى الله عليه وآله) يلعن على المنابر ، وأصبح عدونا يعطى المال والشرف ، وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه ، وكذلك لم يزل المؤمنون ، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بأن محمدا (صلى الله عليه و آله) كان منها ، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) كان منها ، وأصبحت العرب تعرف لقريش حقها بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) كان منها ، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) كان منها ، وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق ، فهكذا أصبحنا يا منهال».[525]

قوله تعالى:

(وَأَوْحَيْنا إِلى‏ أُمِّ مُوسى‏ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لا تَخافِي وَ لا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى قوله تعالى- وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ 7- 13)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن‏ مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن موسى لما حملت به أمه ، لم يظهر حملها إلا عند وضعه ، وكان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظونهن ، وذلك أنه كان لما بلغه عن بني إسرائيل أنهم يقولون: إنه يولد فينا رجل ، يقال له موسى بن عمران ، يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده. فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم ، حتى لا يكون ما يريدون. و فرق بين الرجال والنساء ، وحبس الرجال في المحابس[526]. فلما وضعت أم موسى موسى (عليه السلام) ، نظرت إليه ، وحزنت عليه ، واغتمت وبكت ، وقالت: يذبح الساعة. فعطف الله بقلب الموكلة بها عليها[527] ، فقالت لام موسى: ما لك قد اصفر لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدي. فقالت: لا تخافي. وكان موسى لا يراه أحد إلا أحبه ، وهو قول الله: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)[528] فأحبته القبطية الموكلة به. وأنزل الله على موسى التابوت ، ونوديت امه: ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم ، وهو البحر (وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، فوضعته في التابوت ، وأطبقت عليه ، وألقته في النيل. وكان لفرعون قصر على شط النيل متنزه[529] ، فنزل من قصره ومعه آسية امرأته ، فنظر إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج ، والرياح تضربه ، حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون ، فأمر فرعون بأخذه ، فأخذ التابوت ، ورفع إليه ، فلما فتحه وجد فيه صبيا ، فقال: هذا إسرائيلي. وألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة ، و كذلك في قلب آسية ، وأراد فرعون أن يقتله ، فقالت آسية: (لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أنه موسى (عليه السلام) ، ولم يكن لفرعون ولد ، فقال: ائتوا له بظئر تربيه. فجاءوا بعدة نساء قد قتل أولادهن ، فلم يشرب لبن أحد من النساء ، وهو قول الله: (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ). وبلغ امه أن فرعون قد أخذه ، فحزنت ، وبكت ، كما قال: (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) ، يعني كادت أن تخبر بخبره ، أو تموت ، ثم ضبطت نفسها ، فكان كما قال الله عز وجل: (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى‏ قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقالَتْ لِأُخْتِهِ) ، أي لاخت موسى: (قُصِّيهِ) أي اتبعيه ، فجاءت أخته إليه (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ) أي عن بعد (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) فلما لم يقبل موسى بأخذ ثدي أحد من النساء ، اغتم فرعون غما شديدا ، فقالت أخته: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم ، وهم له ناصحون؟ فقال: نعم فجاءت بامه ، فلما أخذته في حجرها ، وألقمته ثديها ، والتقمه وشرب ، ففرح فرعون وأهله ، وأكرموا امه ، وقالوا لها: ربيه لنا ، ولك منا الكرامة بما تختارين[530]. وذلك قول الله تعالى: (فَرَدَدْناهُ إِلى‏ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). وكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل كلما يلدون ، ويربي موسى ويكرمه ، و لا يعلم أن هلاكه على يده ، فلما درج موسى ، كان يوما عند فرعون ، فعطس موسى ، فقال: الحمد لله رب العالمين. فأنكر فرعون ذلك عليه ، ولطمه ، و قال: ما هذا الذي تقول؟ فوثب موسى على لحيته- وكان طويل اللحية- فهلبها- أي قلعها- فآلمه ألما شديدا ، فهم فرعون بقتله ، فقالت امرأته: هذا غلام حدث ، لا يدري ما يقول ، وقد آلمته بلطمتك إياه. فقال فرعون: بل يدري. فقالت له: ضع بين يديه تمرا وجمرا ، فإن ميز بينهما فهو الذي تقول. فوضع بين يديه تمرا وجمرا ، وقال: كل. فمد يده إلى التمر ، فجاء جبرئيل فصرفها إلى الجمر ، فأخذ الجمر في فيه ، فاحترق لسانه ، وصاح وبكى ، فقالت آسية لفرعون: أ لم أقل لك إنه لا يعقل؟ فعفا عنه».

قال الراوي: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): فكم مكث موسى غائبا عن امه حتى رده الله عليها؟ قال: «ثلاثة أيام».

فقلت: كان هارون أخا موسى لأبيه وامه؟ قال: «نعم ، أما تسمع الله تعالى يقول (ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)[531]. فقلت: أيهما كان أكبر سنا؟ قال: «هارون».

قلت: وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: «الوحي ينزل على موسى ، وموسى يوحيه إلى هارون».

فقلت: أخبرني عن الأحكام ، والقضاء ، والأمر والنهي ، أكان ذلك إليهما؟ قال: «كان موسى الذي يناجي ربه ، ويكتب العلم ، ويقضي بين بني إسرائيل ، وهارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة».

قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: «مات هارون قبل موسى (عليه السلام) ، وماتا جميعا في التيه».

قلت: فكان لموسى (عليه السلام) ولد؟ قال: «لا ، كان الولد لهارون ، والذرية له».

قال: «فلم يزل موسى (عليه السلام) عند فرعون في أكرم كرامة ، حتى بلغ مبلغ الرجال ، وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى من التوحيد ، حتى هم به ، فخرج موسى من عنده ، ودخل المدينة ، فإذا رجلان يقتتلان ، أحدهما يقول بقول موسى ، والآخر يقول بقول فرعون ، فاستغاثه الذي من شيعته ، فجاء موسى ، فوكز صاحب فرعون ، فقضى عليه ، وتوارى في المدينة ، فلما كان من الغد ، جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى ، فاستغاث بموسى ، فلما نظر صاحبه إلى موسى ، قال له: أ تريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟ فخلى عن صاحبه ، وهرب.

وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى ، قد كتم إيمانه ستمائة سنة ، وهو الذي قال الله: (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ)[532] ، وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل ، فطلبه ليقتله ، فبعث المؤمن إلى موسى (عليه السلام): (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْها) ، كما حكى الله: (خائِفاً يَتَرَقَّبُ)- قال- يلتفت يمنة ويسرة ، ويقول: (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[533]. ومر نحو مدين ، وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام ، فلما بلغ باب مدين ، رأى بئرا يستقي الناس منها لأغنامهم ودوابهم ، فقعد ناحية ، ولم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا ، فنظر إلى جاريتين في ناحية ، ومعهما غنيمات ، لا تدنوان من البئر ، فقال لهما: ما لكما لا تستقيان؟ قالتا ، كما حكى الله: (لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِير)[534] ، فرحمهما موسى ،  دنا من البئر ، فقال لمن على البئر: أستقي لي دلوا ، ولكم دلوا ، وكان الدلو يمده[535] عشرة رجال ، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب ، وسقى أغنامهما (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[536] وكان شديد الجوع.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن موسى كليم الله حيث سقى لهما ، ثم تولى إلى الظل ، فقال: رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ، والله ما سأل الله إلا خبزا يأكل ، لأنه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه ، من هزاله. فلما رجعت بنتا شعيب إلى شعيب ، قال لهما: أسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسى (عليه السلام) ، ولم تعرفاه ، فقال شعيب لواحدة منهما: اذهبي إليه ، فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا. فجاءت إليه ، كما حكى الله تعالى: (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا)[537] ، فقام موسى معها ، ومشت أمامه ، فصفقتها[538]الريح ، فبان عجزها ، فقال لها موسى: تأخري ، ودليني على الطريق بحصاة تلقينها أمامي أتبعها ، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء.

فلما دخل على شعيب ، قص عليه قصته ، فقال له شعيب: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[539] ، قالت إحدى بنات شعيب: (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)[540]. فقال لها شعيب: أما قوته ، فقد عرفته بسقي الدلو وحده ، فبم عرفت أمانته؟ فقالت له: إنه لما قال لي: تأخري عني ، ودليني على الطريق ، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء ، عرفت أنه من القوم الذين لا ينظرون أعجاز النساء ، فهذه أمانته.

فقال له شعيب: (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)[541]».

فقال له موسى: (ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ)[542] أي لا سبيل علي إن عملت عشر سنين ، أو ثمان سنين. فقال موسى (وَاللَّهُ عَلى‏ ما نَقُولُ وَكِيلٌ)[543]».

قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أي الأجلين قضى؟ قال: «أتمها عشر سنين».

قلت له: فدخل بها قبل أن يقضي الأجل ، أو بعده؟ قال: «قبل».

قلت: فالرجل يتزوج المرأة ، ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا ، أيجوز ذلك؟ قال: «إن موسى علم أنه يتم له شرطه ، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي».

قلت له: جعلت فداك ، أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال: «التي ذهبت إليه فدعته ، وقالت لأبيها: (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)[544] ».

 «فلما قضى موسى الأجل ، قال لشعيب: لا بد لي أن أرجع إلى وطني ، وأمي ، وأهل بيتي ، فما لي عندك؟ فقال شعيب: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق[545] فهو لك؟ فعمد موسى عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصا ، فشق[546] منها بعضا ، وترك بعضا ، وغرزها في وسط مربض الغنم ، وألقى عليها كساء أبلق ، ثم أرسل الفحل على الغنم ، فلم تضع الغنم في تلك السنة إلا بلقا.

فلما حال عليه الحول ، حمل موسى امرأته ، وزوده شعيب من عنده ، وساق غنمه ، فلما أراد الخروج ، قال لشعيب: أبغي عصا تكون معي ، وكانت عصي الأنبياء عنده ، قد ورثها مجموعة في بيت ، فقال له شعيب: ادخل هذا البيت ، و خذ عصا من بين العصي. فدخل ، فوثبت إليه عصا نوح وإبراهيم (عليهما السلام) ، وصارت في كفه ، فأخرجها ، ونظر إليها شعيب ، فقال: ردها ، وخذ غيرها. فردها ليأخذ غيرها ، فوثبت إليه تلك بعينها ، فردها ، حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما رأى شعيب ذلك ، قال له: اذهب ، فقد خصك الله بها.

فساق غنمه ، فخرج يريد مصر ، فلما صار في مفازة ومعه أهله ، أصابهم برد شديد وريح وظلمة ، وجنهم الليل ، فنظر موسى إلى نار قد ظهرت ، كما قال الله: (فَلَمَّا قَضى‏ مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ)[547] ، فأقبل نحو النار يقتبس ، فإذا شجرة ونار تلتهب عليها ، فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه ، ففزع منها وعدا ، ورجعت النار إلى الشجرة ، فالتفت إليها وقد رجعت إلى مكانها ، فرجع الثانية ليقتبس ، فأهوت إليه ، فعدا و تركها ، ثم التفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة ، فرجع إليها ثالثة ، فأهوت إليه ، فعدا ولم يعقب ، أي لم يرجع ، فناداه الله: (أَنْ يا مُوسى‏ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)[548] ، قال موسى: فما الدليل على ذلك؟ قال الله: ما في يمينك يا موسى؟ قال: هي عصاي. قال: (أَلْقِها يا مُوسى‏)[549] فألقاها ، فصارت حية تسعى ، ففزع منها موسى (عليه السلام) ، وعدا ، فناداه الله: خذها ولا تخف إنك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء. أي من غير علة ، وذلك أن موسى (عليه السلام) كان شديد السمرة ، فأخرج يده من جيبه ، فأضاءت له الدنيا ، فقال الله عز وجل: (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)[550].

فقال موسى ، كما حكى الله عز وجل: (رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ)[551] ».[552]

قوله تعالى:

(فَوَكَزَهُ مُوسى‏ فَقَضى‏ عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ- إلى قوله تعالى- وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ 15- 19) 

1 - ابن بابويه ، قال: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبي ، عن حمدان ابن سليمان النيسابوري ، عن علي بن محمد بن الجهم ، قال: حضرت مجلس المأمون ، وعنده الرضا علي بن موسى (عليهما السلام)- وذكر حديث عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ، وقد ذكرنا منه غير مرة- فكان فيما سأل المأمون الرضا (عليه السلام) أن قال له: أخبرني عن قول الله عز وجل: (فَوَكَزَهُ مُوسى‏ فَقَضى‏ عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ).

قال الرضا (عليه السلام): «إن موسى (عليه السلام) دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها ، وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان: هذا من شيعته ، وهذا من عدوه ، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ، فقضى موسى (عليه السلام) على العدو بحكم الله تعالى ، فوكزه فمات ، قال: (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله ، إنه يعني الشيطان‏ (عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ)».

قال المأمون: فما معنى قول موسى (عليه السلام): (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي

قال: «يقول: إني وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة ، فاغفر لي ، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني (فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، قال موسى (عليه السلام): (رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ) بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى.

فَأَصْبَحَ موسى (عليه السلام) (فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) ، قال له موسى: إنك لغوي مبين ، قاتلت رجلا بالأمس ، و تقاتل هذا اليوم؟ لأؤدبنك[553] ، وأراد أن يبطش به ، فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما ، وهو من شيعته ، قال: يا موسى: (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ)».

قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا ، يا أبا الحسن.[554]

2 - الطبرسي: روى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ليهنئكم الاسم» قال: قلت: وما الاسم؟ قال: «الشيعة ، أما سمعت الله سبحانه يقول: (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)»[555].

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد ابن هلال ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن عبد الله بن رباط ، عن محمد بن النعمان الأحوال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى‏ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً)[556] ، قال: «أشده ثماني عشر سنة ، واستوى: التحى».[557]

قوله تعالى:

(فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ 24)

4 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى حكاية عن قول موسى (عليه السلام): (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ، قال: «سأل الطعام»[558].

2 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى حكاية عن قول موسى (عليه السلام): (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ، قال: «سأل الطعام»[559].

3 - العياشي: عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول موسى لفتاه: (آتِنا غَداءَنا)[560] ، وقوله: (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) فقال: إنما عنى الطعام؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن موسى (عليه السلام) لذو جوعات»[561].

4 - عن ليث بن سليم ، عن أبي عبد الله[562] (عليه السلام): «شكا موسى (عليه السلام) إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع: (آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً)[563] ، (لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)[564] ، (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير) .[565]

5 - الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن علي (عليه السلام): «ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله) كاف لك في الاسوة ، ودليل على ذم الدنيا ، وكثرة مساوئها ، إذ قبضت عنه أطرافها ، ووطأت لغيره أكنافها ، وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله ، إذ يقول: (إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِير)  والله ، ما سأل إلا خبزا يأكله ، لأنه كان يأكل بقلة الأرض ، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله ، وتشذب لحمه».[566]

قوله تعالى:

(قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ 27)

6 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال: قلت لأبي الحسن (صلوات الله عليه) ، قول شعيب (عليه السلام): (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى‏ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ( أي الأجلين قضى؟

قال: «وفى منهما أبعدهما ، عشر سنين».

قلت: فدخل بها قبل أن ينقضي الشرط ، أو بعد انقضائه؟ قال: «قبل أن ينقضي».

قلت له: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين ، يجوز ذلك؟ فقال: «إن موسى (صلى الله عليه) قد علم أنه سيتم له شرطه ، فكيف لهذا بأن يعلم أن سيبقى حتى يفي له؟ وقد كان الرجل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتزوج المرأة على السورة من القرآن ، وعلى الدرهم ، وعلى القبضة من الحنطة»[567].

2 - وعنه: عن علي بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال: سألته عن الإجارة ، فقال: «صالح ، لا بأس به إذا نصح قدر طاقته ، قد آجر موسى (عليه السلام) نفسه ، واشترط ، فقال: إن شئت ثماني حجج ، وإن شئت عشرا ، فأنزل الله عز وجل فيه: (أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ[568].

3 - الطبرسي: روى الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سئل: أيتهما التي قالت إن أبي يدعوك؟ قال: «التي تزوج بها». قيل: فأي الأجلين قضى؟ قال: «أوفاهما و أبعدهما ، عشر سنين». قيل: فدخل بها قبل أن يمضي الشرط ، أو بعد انقضائه؟ قال: «قبل أن يمضي». قيل له: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين ، أيجوز ذلك؟ قال: «إن موسى (عليه السلام) علم أنه سيتم له شرطه»[569].

4 - ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن يوسف بن سليمان بن الريان ، قال: حدثنا القاسم بن إبراهيم الرقي ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن مهدي الرقي ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بكى شعيب (عليه السلام) من حب الله عز وجل حتى عمي ، فرد الله عليه بصره ، ثم بكى حتى عمي ، فرد الله عليه بصره ثم بكى حتى عمي ، فرد الله عليه بصره ، فلما كان في الرابعة ، أوحى الله إليه: يا شعيب ، إلى متى يكون هذا منك؟ إن يكن هذا خوفا من النار فقد أجرتك ، وإن يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك. فقال: إلهي ، وسيدي ، أنت تعلم أني ما بكيت خوفا من نارك ، ولا شوقا إلى جنتك ، ولكن عقد حبك على قلبي ، فلست أصبر إذ ذاك[570] ، فأوحى الله جل جلاله إليه: أما إذا كان هذا هكذا ، فمن أجل هذا سأخدمك كليمي‏ موسى بن عمران».[571]

قوله تعالى:

(فَلَمَّا قَضى‏ مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً- إلى قوله تعالى- وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ 29- 31)

1 - الطبرسي: روي عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «لما قضى موسى الأجل ، وسار بأهله نحو بيت المقدس ، أخطأ الطريق ليلا ، فرأى نارا ، فقال لأهله: امكثوا ، إني آنست نارا»[572].

2 - وعنه ، قال: وروي عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: «فلما رجع موسى (عليه السلام) إلى امرأته ، قالت: من أين جئت؟ قال: من عند رب تلك النار. قال: فغدا إلى فرعون ، فو الله لكأني أنظر إليه الساعة[573] ، ذو شعر أدم[574] ، عليه جبة من صوف ، عصاه في كفه ، مربوط حقوه[575] بشريط ، نعله من جلد حمار ، شراكها من ليف ، فقيل لفرعون: إن على الباب فتى يزعم أنه رسول رب العالمين. فقال فرعون لصاحب الأسد: خل سلاسلها- وكان إذا غضب على رجل ، خلاها ، فقطعته- فخلاها. فقرع موسى الباب الأول ، وكانت تسعة أبواب ، فلما قرع الباب الأول انفتحت له الأبواب التسعة ، فلما دخل ، جعلن يبصبصن تحت رجليه كأنهن جراء ، فقال فرعون لجلسائه: رأيتم مثل هذا قط؟ فلما أقبل إليه أفطنه ، فقال: (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) إلى قوله: (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)[576]. فقال فرعون لرجل من أصحابه: قم فخذ بيده ، وقال لآخر: اضرب عنقه. فضرب جبرئيل بالسيف حتى قتل ستة من أصحابه ، فقال: خلوا عنه- قال- فأخرج يده ، فإذا هي بيضاء ، قد حال شعاعها بينه وبين وجهه ، وألقى عصاه ، فإذا هي حية تسعى ، فالتقمت الإيوان بلحييها[577] ، فدعاه: أن يا موسى ، أقلني إلى غد ، فكان من أمره ما كان»[578].

3 - وعنه ، قال: وروي عن عبد الله بن سنان ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كانت عصا موسى قضيب آس من الجنة ، أتاه به جبرئيل (عليه السلام) لما توجه تلقاء مدين»[579].

4 - أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارات) ، قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار ، عن أبيه ، عن جده علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن الحكم ، عن عرفة ، عن ربعي ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره تعالى في كتابه هو الفرات ، والبقعة المباركة هي كربلاء ، والشجرة هي محمد (صلى الله عليه وآله)». [580]

قوله تعالى:

)سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا 35)

1 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى الحسيني ، عن جده يحيى بن الحسن ، عن أحمد بن يحيى الأودي ، عن عمرو بن حماد بن طلحة ، عن عبد الله بن المهلب البصري ، عن المنذر بن زياد ، الضبي ، عن أبان ، عن أنس بن مالك ، قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) مصدقا إلى قوم ، فعدوا على المصدق فقتلوه ، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه و آله) ، فبعث إليهم عليا (عليه السلام) ، فقتل المقاتلة ، وسبى الذرية ، فلما بلغ علي (عليه السلام) أدنى المدينة ، تلقاه النبي (صلى الله عليه وآله) والتزمه ، وقبل ما بين عينيه ، وقال: «بأبي أنت وامي ، من شد الله به عضدي ، كما شد عضد موسى بهارون»[581].

2 - البرسي ، قال: روي أن فرعون (لعنه الله) لما لحق هارون بأخيه موسى ، دخلا عليه يوما فأوجسا خيفة منه ، فإذا فارس يقدمهما ، ولباسه من ذهب ، و بيده سيف من ذهب ، وكان فرعون يحب الذهب ، فقال لفرعون: أجب هذين الرجلين ، وإلا قتلتك. فانزعج فرعون لذلك ، وقال: عودا إلي غدا. فلما خرجا ، دعا البوابين وعاقبهم ، وقال: كيف دخل علي هذا الفارس بغير إذن؟ فحلفوا بعزة فرعون أنه ما دخل إلا هذان الرجلان. وكان الفارس مثال علي (عليه السلام) ، هذا الذي أيد الله به النبيين سرا ، وأيد به محمدا (صلى الله عليه وآله) جهرا ، لأنه كلمة الله الكبرى التي أظهرها الله لأوليائه فيما شاء من الصور ، فنصرهم بها ، وبتلك الكلمة يدعون الله فيجيبهم وينجيهم ، وإليه الإشارة بقوله: (وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا). قال ابن عباس: كانت الآية الكبرى لهما هذا الفارس[582]. [583]

3 - وروى البرسي أيضا ، قال: روى أصحاب التواريخ: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان جالسا وعنده جني يسأله عن قضايا مشكلة ، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) فتصاغر الجني حتى صار كالعصفور ، ثم قال: أجرني ، يا رسول الله. فقال: «ممن؟» فقال: من هذا الشاب المقبل. فقال: «وما ذاك؟» فقال الجني: أتيت سفينة نوح لاغرقها يوم الطوفان ، فلما تناولتها ضربني هذا فقطع يدي ، ثم أخرج يده مقطوعة ، فقال النبي (صلى الله عليه و آله): «هو ذاك».[584]

4 - ثم‏ قال البرسي: وبهذا الإسناد: أن جنيا كان جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فاستغاث الجني ، وقال: أجرني- يا رسول الله- من هذا الشاب المقبل. قال: «وما فعل بك؟» قال: تمردت على سليمان ، فأرسل إلي نفرا من الجن ، فطلت[585] عليهم ، فجاءني هذا الفارس فأسرني وجرحني ، وهذا مكان الضربة إلى الآن لم يندمل. [586]

قوله تعالى:

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي- إلى قوله تعالى- وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ 38- 41)

1- علي بن إبراهيم: قال: فبنى هامان له في الهواء صرحا ، حتى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكن الإنسان أن يقوم[587] عليه من الرياح القائمة في الهواء ، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا. فبعث الله رياحا ، فرمت به ، فاتخذ فرعون وهامان عند ذلك التابوت ، وعمدا إلى أربعة أنسر ، فأخذا أفراخها وربياها ، حتى إذا بلغت القوة ، وكبرت ، عمدا إلى جوانب التابوت الأربعة ، فغرسا في كل جانب منه خشبة ، وجعلا على رأس كل خشبة لحما ، وجوعا الأنسر ، وشدا أرجلها بأصل الخشبة ، فنظرت الأنسر إلى اللحم ، فأهوت إليه ، وصفقت بأجنحتها ، وارتفعت بهما في الهواء ، و أقبلت تطير يومها ، فقال فرعون لهامان: انظر إلى السماء ، هل بلغناها؟ فنظر هامان ، فقال: أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد. فقال: انظر إلى الأرض. فقال: لا أرى الأرض ، ولكني أرى البحار والماء.

قال: فلم تزل الأنسر ترتفع ، حتى غابت الشمس ، وغابت عنهم البحار والماء ، فقال فرعون: يا هامان ، انظر إلى السماء. فنظر ، فقال: أراها كما كنت أراها من الأرض. فلما جنهم الليل ، نظر هامان إلى السماء ، فقال فرعون: هل بلغناها؟ قال: أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ، ولست أرى من الأرض إلا الظلمة.

قال: ثم حالت الرياح القائمة في الهواء بينهما ، فانقلب التابوت بهما ، فلم يزل يهوي بهما حتى وقع على الأرض ، وكان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت. ثم قال الله: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ) .[588]

2 - وقال علي بن إبراهيم في قوله: )فَحَشَرَ فَنادى([589] يعني فرعون (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى)‏[590] ، والنكال: العقوبة. والآخرة: هو قوله: أنا ربكم الأعلى. والاولى: قوله: ما علمت لكم من إله غيري. فأهلكه الله بهذين القولين.[591]

3 - الطبرسي ، قال: جاء في التفسير عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة.[592]

4 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، ومحمد بن الحسين ، عن محمد ابن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الأئمة في كتاب الله عز وجل إمامان: قال الله تبارك و تعالى: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا)[593] لا بأمر الناس ، يقدمون أمر الله قبل أمرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، وقال: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) يقدمون أمرهم قبل أمر الله ، وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز وجل».[594]

قوله تعالى:

(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ 44)

1- محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن حاتم ، عن حسن بن عبد الواحد ، عن سليمان بن محمد ابن أبي فاطمة ، عن جابر بن إسحاق البصري ، عن النضر بن إسماعيل الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك[595] ، عن ابن عباس ، في قول الله عز وجل: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ‏) قال: بالخلافة ليوشع بن نون من بعده. ثم قال الله تعالى: لن أدع نبيا من غير وصي ، وأنا باعث نبيا عربيا ، وجاعل وصيه عليا. فذلك قوله تعالى:(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ) في الوصاية ، وحدثه بما هو كائن بعده.

قال ابن عباس: وحدث الله نبيه (صلى الله عليه وآله) بما هو كائن ، وحدثه باختلاف هذه الامة من بعده ، فمن زعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مات بغير وصية[596] فقد كذب على الله عز وجل ، وعلى نبيه (صلى الله عليه وآله).[597]

1 – وجاء في تفسير أهل البيت (صلوات الله عليهم) ، قال: روى بعض أصحابنا عن سعيد بن الخطاب حديثا يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ). (قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إنما هي: أوما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين»[598].

2 - وقال أبو عبد الله (عليه السلام) في بعض رسائله: «ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيه فيه ليشهده و يستشهده ، إلا ومعه أخوه وقرينه وابن عمه ووصيه ، ويؤخذ ميثاقهما معا (صلوات الله عليهما وعلى ذريتهما الطاهرين صلاة دائمة إلى يوم الدين)». [599]

قوله تعالى:

(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ 46)

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، عن الحسن بن علي بن مروان ، عن طاهر بن مدرار[600] ، عن أخيه ، عن أبي سعيد المدائني ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) ، قال: «كتاب كتبه الله عز وجل في ورقة ، أثبته فيها[601] قبل أن يخلق الله الخلق بألفي عام ، فيها مكتوب: يا شيعة آل محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، من أتى منكم بولاية محمد وآل محمد أسكنته جنتي برحمتي»[602].

4 - وعن الشيخ أبي جعفر الطوسي (رحمه الله): بإسناده عن الفضل بن شاذان ، يرفعه إلى سليمان‏ الديلمي ، عن مولانا جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ، قال: قلت لسيدي أبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله عز وجل: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا)؟ قال: «كتاب كتبه الله عز وجل قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورقة آس ، فوضعها على العرش».

قلت: يا سيدي ، وما في ذلك الكتاب؟ قال: «في الكتاب مكتوب: يا شيعة آل محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تعصوني ، وعفوت عنكم قبل أن تذنبوا ، من جاءني بالولاية أسكنته جنتي برحمتي»[603].

3 - المفيد في (الاختصاص): عن سهل بن زياد الآدمي ، قال: حدثني عروة بن يحيى ، عن أبي سعيد المدائني ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما معنى قول الله عز و جل في محكم كتابه: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا)؟ فقال (عليه السلام): «كتاب لنا كتبه الله- يا أبا سعيد- في ورق قبل أن يخلق الخلائق بألفي عام ، صيره معه في عرشه ، أو تحت عرشه ، فيه: يا شيعة آل محمد ، أعطيتكم قبل أن تسألوني ، وغفرت لكم قبل أن تستغفروني ، من أتاني منكم بولاية محمد وآل محمد أسكنته جنتي برحمتي»[604].

4 - الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) ، قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران ، واصطفاه نجيا ، وفلق له البحر فنجى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح ، رأى مكانه من ربه عز وجل ، فقال: رب لقد كرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي. قال الله عز وجل: يا موسى ، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من[605] جميع خلقي؟

قال موسى: يا رب ، فإن كان محمد أفضل عندك من جميع خلقك ، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله عز وجل: يا موسى ، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟

قال موسى: يا رب ، فإن كان آل محمد عندك كذلك ، فهل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من أصحابي؟ قال الله عز وجل: يا موسى ، أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين ، وفضل محمد على جميع المرسلين؟

قال موسى: يا رب ، فإن كان محمد وآله (عليهم السلام) ، وأصحابه كما وصفت ، فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ، ظللت عليهم الغمام ، و أنزلت عليهم المن والسلوى ، وفلقت لهم البحر؟ فقال الله تعالى: يا موسى ، أما علمت أن فضل امة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟ قال موسى: يا رب ، ليتني كنت أراهم. فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى ، إنك لن تراهم ، فليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنة ، جنات عدن والفردوس ، بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون ، وفي خيراتها يتبحبحون[606] ، أفتحب أن تسمع كلامهم؟ قال: نعم ، يا رب. قال: قم بين يدي ، واشدد مئزرك ، قيام العبد الذليل بين يدي السيد الجليل. ففعل ذلك ، فنادى ربنا عز وجل: يا امة محمد. فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة والملك لك ، لا شريك لك لبيك- قال- فجعل تلك الإجابة منهم شعار الحج.

ثم نادى ربنا عز وجل: يا امة محمد ، إن قضائي عليكم: أن رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي قبل عقابي ، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، صادق في أقواله ، محق في أفعاله ، وأن علي بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ، ووليه ، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد ، وأن أولياءه[607] المصطفين ، الأخيار ، المطهرين ، الميامين ، المبلغين بعجائب آيات الله ، ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه ، أدخلته جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر».

قال: «فلما بعث الله عز وجل نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) ، قال: يا محمد ، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة. ثم قال عز وجل نبينا لمحمد (صلى الله عليه وآله): قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الكرامة والفضيلة. وقال لامته: وقولوا أنتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذا الفضل»[608].

5 - وقال علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه وآله) ، فقال: (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ)[609] يا محمد (إِذْ قَضَيْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْر) [610] أي أعلمناه (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) يعني موسى (عليه السلام).

قوله: (وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ)[611] » ، أي طالت أعمارهم فعصوا. وقوله: (وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ)[612] ، أي باقيا. وقوله: (سِحْرانِ تَظاهَرا)[613] ، قال: موسى وهارون. [614]

قوله تعالى:

(وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ 50)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ) ، قال: «يعني من اتخذ دينه رأيه ، بغير إمام من أئمة الهدى»[615].

ورواه محمد بن إبراهيم النعماني في (الغيبة): عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، مثله».[616]

1 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ): «يعني من يتخذ دينه رأيه ، بغير إمام من أئمة الهدى»[617].

2 - وعنه: عن عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ): «يعني اتخذ دينه هواه ، بغير هدى من أئمة الهدى»[618].

3 - علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن القاسم بن سليمان ، عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ) ، قال: «هو من يتخذ دينه برأيه ، بغير إمام من الله من أئمة الهدى (صلوات الله عليهم)». [619]

قوله تعالى:

(وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 51)

4 - محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد الله بن جندب ، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ، قال: «إمام بعد إمام»[620].

5 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم ، عن أحمد بن محمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله: (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ، قال: «إمام بعد إمام»[621].

6 - سعد بن عبد الله: عن علي بن إسماعيل بن عيسى ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن‏ سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) ، قال: «في إمام بعد إمام».[622]

4 - الشيخ في (أماليه): بإسناده ، قال: قال الصادق (عليه السلام): (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) ، قال: «إمام بعد إمام»[623].

5 - ابن شهر آشوب: عن عبد الله بن جندب ، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) ، قال: «إمام بعد[624] إمام»[625].

6 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسين بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن حمران ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ، قال: «إمام بعد إمام».[626]

قوله تعالى:

(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ- إلى قوله تعالى- وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ 52- 55)

1 - محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي الجارود ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا. قال: «وما ذاك؟» قلت: قول الله عز وجل: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) إلى قوله: (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا). قال: فقال: «قد آتاكم الله كما آتاهم- ثم تلا-: )يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ([627] يعني إماما تأتمون به»[628].

2 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وغيره ، عن أبي‏ عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) ، قال: «بما صبروا على التقية». (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ، قال: «الحسنة: التقية ، والسيئة: الإذاعة»[629].

3 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن كولوم ، عن أبي سعيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبر مطل عليه ، ويتنحى الصبر ناحية ، فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته ، قال الصبر للصلاة والزكاة: دونكما صاحبكما ، فإن عجزتما عنه فأنا دونه»[630].

أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، مثل رواية هشام بن سالم المتقدمة[631].

4 - الطبرسي- في معنى الآية- قال: معناه: يدفعون بالمداراة مع الناس أذاهم عن أنفسهم ، قال: وروي مثل ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).[632]

5 - علي بن إبراهيم ، في قوله: (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) ، قال: الأئمة (عليهم السلام).[633]

6 – وقال الصادق (عليه السلام): «نحن صبر[634] ، وشيعتنا أصبر منا ، وذلك أنا صبرنا على ما نعلم ، وهم صبروا على ما لا يعلمون»[635].

7 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «نحن صبر ، وشيعتنا أصبر منا ، لأن صبرنا بعلم ، وصبروا بما لا يعلمون»[636].

8 - قال: قوله: (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ) ، قال: اللغو: الكذب ، واللهو: الغناء. وهم الأئمة (عليهم السلام) ، يعرضون عن ذلك كله. [637]

قوله تعالى:

(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ 56)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: نزلت في أبي طالب (عليه السلام) ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: «يا عم ، قل: لا إله إلا الله ، أنفعك بها يوم القيامة». فيقول: يا ابن أخي ، أنا أعلم بنفسي. فلما مات ، شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه تكلم بها عند الموت ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، «أما أنا فلم أسمعها منه ، وأرجو أن تنفعه يوم القيامة».

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لو قمت المقام المحمود ، لشفعت في أبي ، وامي ، وعمي ، وأخ كان لي مؤاخيا في الجاهلية»[638] . [639]

2 - العياشي: عن الزهري ، قال: أتى رجل أبا عبد الله (عليه السلام) فسأله عن شي‏ء ، فلم يجبه ، فقال له الرجل: فإن كنت ابن أبيك ، فإنك من أبناء عبدة الأصنام. فقال له: «كذبت ، إن الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكة ، ففعل ، فقال إبراهيم: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ)[640] ، فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما قط ، ولكن العرب عبدت الأصنام ، وقالت بنو إسماعيل: هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فكفرت ولم تعبد الأصنام»[641].

3 - الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة ، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري ، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين (عليهم السلام) ، في حديث عن الحسن بن علي (عليهما السلام) ، في حديث طلحة ومعاوية ، قال الحسن (عليه السلام): «أما القرابة فقد نفعت المشرك ، وهي والله للمؤمن أنفع ، قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمه أبي طالب وهو في الموت: قل لا إله إلا الله ، أشفع لك بها يوم القيامة. ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له ويعد إلا ما يكون منه على يقين ، وليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا ، أعني أبا طالب ، يقول الله عز وجل: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)[642] . [643]

4 – وعنه ، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله ، قال: أخبرنا أبو محمد[644] ، عن محمد بن همام ، قال: حدثنا علي[645] بن الحسين الهمداني ، قال: حدثني محمد بن خالد البرقي ، قال: حدثنا محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، عن آبائه ، عن علي (صلوات الله عليهم) ، أنه كان ذات يوم جالسا بالرحبة ، والناس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل ، فقال له: يا أمير المؤمنين ، إنك بالمكان الذي أنزلك الله عز وجل به ، وأبوك يعذب بالنار! فقال له (عليه السلام): «مه ، فض الله فاك ، والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق نبيا ، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله تعالى فيهم ، أبي يعذب بالنار ، وأنا قسيم النار؟».

ثم قال: «والذي بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بالحق إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه و آله) ، ونوري ، ونور فاطمة ، ونوري الحسن والحسين ، ومن ولده[646]من الأئمة ، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله عز وجل من قبل خلق آدم بألفي عام».[647]

5 - وعن ابن عباس ، عن أبيه ، قال: قال أبو طالب للنبي (عليه السلام): يا ابن أخي ، أرسلك الله؟ قال: «نعم» قال: فأرني آية. قال: «ادع لي تلك الشجرة» فدعاها ، فأتت حتى سجدت بين يديه ، ثم انصرفت ، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق. يا علي ، صل جناح ابن عمك.[648]

6 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف ، أسروا الإيمان ، وأظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرتين».[649]

7 - وعنه: عن الحسين بن محمد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه (عليه السلام) ، قال: قيل له: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافرا؟ فقال: «كذبوا ، كيف يكون كافرا وهو يقول:

ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا            نبيا كموسى خط في أول الكتب»؟

وفي حديث آخر: «كيف يكون أبو طالب كافرا وهو يقول:

لقد علموا أن ابننا لا مكذب             لدينا ، ولا يعنى بقيل الأباطيل‏

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه             ثمال[650] اليتامى عصمة للأرامل»؟[651]

8 - وعنه: عن علي بن محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن عبد الله ، رفعه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن أبا طالب أسلم بحساب الجمل[652]- قال- بكل لسان».[653]

9 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، عن أبيهما ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «أسلم أبو طالب بحساب الجمل ، وعقد بيده ثلاثة و ستين».[654]

10 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «بينا النبي (صلى الله عليه وآله) في المسجد الحرام ، وعليه ثياب له جدد ، فألقى المشركون عليه سلى[655] ناقة ، فملؤوا ثيابه بها ، فدخله من ذلك ما شاء الله ، فذهب إلى أبي طالب ، فقال له: يا عم ، كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: وما ذلك ، يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر ، فدعا أبو طالب حمزة ، وأخذ السيف ، وقال لحمزة: خذ السلى ، ثم توجه إلى القوم والنبي (صلى الله عليه وآله) معه ، فأتى قريشا وهم حول الكعبة ، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه ، ثم قال لحمزة: أمر السلى على سبالهم[656]. ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم. ثم التفت أبو طالب (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا ابن أخي ، هذا حسبك فينا».[657]

11 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن إبراهيم بن محمد الأشعري ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما توفي أبو طالب (عليه السلام) نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا محمد ، اخرج من مكة ، فليس لك بها ناصر. وثارت قريش بالنبي (صلى الله عليه وآله) ، فخرج هاربا ، حتى أتى إلى جبل بمكة يقال له الحجون ، فصار إليه».[658]

12 - ابن بابويه ، قال: حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب و علي بن عبد الله الوراق ، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنهم) ، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن‏ محمد بن أبي عمير ، عن المفضل بن عمر ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أسلم أبو طالب (عليه السلام) بحساب الجمل ، وعقد بيده ثلاثة وستين».

ثم قال (عليه السلام): «إن مثل أبي طالب (عليه السلام) مثل أصحاب الكهف ، أسروا الإيمان ، وأظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرتين».[659]

13 - وعنه: قال: حدثنا أبو الفرج محمد بن المظفر بن نفيس المصري الفقيه ، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد الداودي ، عن أبيه ، قال: كنت عند أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) إذ سأله رجل: ما معنى قول العباس للنبي (صلى الله عليه وآله): إن عمك أبو طالب قد أسلم بحساب الجمل ، وعقد بيده ثلاثة وستين؟ فقال: عنى بذلك: إله أحد جواد. وتفسير ذلك: إن الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والهاء خمسة ، والألف واحد ، والحاء ثمانية ، والدال أربعة ، والجيم ثلاثة ، والواو ستة ، والألف واحد ، والدال أربعة. فذلك ثلاثة وستون.[660]

14 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أيوب ابن نوح ، عن العباس بن عامر ، عن علي بن أبي سارة ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن أبا طالب أظهر الكفر و أسر الإيمان ، فلما حضرته الوفاة أوحى الله عز وجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): اخرج منها فليس لك بها ناصر ، فهاجر إلى المدينة»[661]. [662]

15 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد الصائغ ، قال: حدثنا محمد بن أيوب ، عن صالح بن أسباط ، عن إسماعيل بن محمد ، وعلي بن عبد الله ، عن الربيع بن محمد المسلي ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: «والله ما عبد أبي ، ولا جدي عبد المطلب ، و لا هاشم ، ولا عبد مناف ، صنما قط». قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: «كانوا يصلون إلى البيت ، على دين إبراهيم (عليه السلام) ، متمسكين به».[663]

16 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن سعد بن عبد الله ، عن جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن هلال ، عن امية بن علي القيسي ، قال: حدثني درست بن أبي منصور: أنه سأل أبا الحسن الأول (عليه السلام): أكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) محجوجا بأبي طالب؟ فقال: «لا ، ولكنه كان مستودعا للوصايا ، فدفعها إليه (صلى الله عليه وآله)».

قال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه كان محجوجا به؟ فقال: «لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية».

قال: فقلت: فما كان حال أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: «أقر بالنبي وبما جاء به ، ودفع إليه الوصايا ، ومات من‏ يومه».[664]

17 - وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن محمد بن يحيى الفارسي ، عن أبي حنيفة محمد بن يحيى ، عن الوليد بن أبان ، عن محمد بن عبد الله بن مسكان ، عن أبيه ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال أبو طالب: اصبري سبتا أبشرك بمثله إلا النبوة». وقال: «السبت ثلاثون سنة ، وكان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة».[665]

18 - وذكر ابن بابويه في كتاب (التوحيد) من شعر أبي طالب قوله:

أنت الأمين محمد                          قرم أغر مسود

 لمسودين أطائب                      كرموا و طاب المولد

أنت السعيد من السعو                      د تكنفتك الأسعد

من بعد[666] آدم لم يزل                       فينا وصي مرشد

 فلقد عرفتك صادقا                            بالقول لا تتفند

  ما زلت تنطق بالصواب                     وأنت طفل أمرد

 قال ابن بابويه: ولأبي طالب في رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل ذلك في قصيدته اللامية ، حيث يقول:

وما مثله في الناس سيد معشر              إذا قايسوه عند وقت التحاصل[667]

فأيده رب العباد بنوره                          وأظهر دينا حقه غير زائل‏

 ومنها:    

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه               ربيع اليتامى عصمة للأرامل‏

يطيف به الهلاك من آل هاشم                  فهم عنده في نعمة وفواضل‏

وميزان صدق لا يخيس[668] شعيرة         وميزان عدل وزنه غير عائل  [669] . [670]

 19 - الطبرسي في (مجمع البيان) قال: ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على إيمان أبي طالب (عليه السلام) ، وإجماعهم حجة ، لأنهم أحد الثقلين اللذين أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالتمسك بهما ، بقوله (صلى الله عليه وآله): «ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا».[671]

ذكره الطبرسي في قوله تعالى: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)[672] ، وذكر من أشعار أبي طالب ما يدل على إيمانه ، لم نذكر منها هنا شيئا مخافة الإطالة.

20 - ابن طاوس ، في (طرائفه): قال: ومن عجيب ما بلغت إليه العصبية على أبي طالب من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) أنهم زعموا أن المراد من قوله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله): (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) أبو طالب (عليه السلام) وقد ذكر أبو المجد بن رشادة الواعظ الواسطي في مصنفه (كتاب أسباب نزول القرآن) ما هذا لفظه ، قال: قال الحسن بن مفضل ، في قوله تعالى: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) كيف يقال أنها نزلت في أبي طالب ، وهذه السورة من آخر ما نزل من القرآن في المدينة ، ومات أبو طالب في عنفوان الإسلام والنبي (صلى الله عليه وآله) بمكة؟ وإنما نزلت هذه الآية في الحارث بن النعمان بن عبد مناف[673] ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) ، يحبه ، ويحب إسلامه ، فقال يوما للنبي (صلى الله عليه وآله): إنا لنعلم أنك على الحق ، وأن الذي جئت به حق ، ولكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تتخطفنا من أرضنا ، لكثرتهم وقلتنا ، ولا طاقة لنا بهم ، فنزلت الآية ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يؤثر إسلامه لميله إليه.[674]

21 - وقال ابن طاوس أيضا: وكيف استجاز أحد من المسلمين العارفين مع هذه الروايات ، ومضمون الأبيات[675] أن ينكروا إيمان أبي طالب (عليه السلام)؟ وقد تقدمت رواياتهم بوصية أبي طالب (عليه السلام) أيضا لولده علي (عليه السلام) بملازمة محمد (صلى الله عليه وآله) ، وقوله: إنه لا يدعو إلا إلى خير. وقول نبيهم: «جزاك الله خيرا ، يا عم».وقوله (صلى الله عليه وآله): «لو كان حيا قرت عيناه». ولو لم يعلم نبيهم أن أبا طالب مات مؤمنا ما دعا له ، ولا كانت تقر عينه بنبيهم (صلى الله عليه وآله)[676] ، ولو لم يكن إلا شهادة عترة نبيهم له بالإيمان لوجب تصديقهم ، لما شهد نبيهم أنهم لا يفارقون كتاب الله ، ولا ريب أن العترة أعرف بباطن أبي طالب من الأجانب ، وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) مجمعون على ذلك ، ولهم فيه مصنفات.[677]

22 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «اجعلوا أمركم لله ، ولا تجعلوه للناس ، فإنه ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله ، ولا تخاصموا الناس لدينكم ، فإن المخاصمة ممرضة للقلب ، إن الله عز و جل قال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ، وقال: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)[678]. ذروا الناس ، فإن الناس أخذوا عن الناس ، وأنتم أخذتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إني سمعت أبي (عليه السلام) يقول: إن الله عز وجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره».[679]

قوله تعالى:

(وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى‏ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا- إلى قوله تعالى- أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ 57- 61)

1 - علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى‏ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) قال: نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الإسلام والهجرة ، وقالوا: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا. فقال الله عز وجل: (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى‏ إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). وقوله: (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) أي كفرت (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا).[680]

2 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن هشام بن علي ، عن إسماعيل بن علي المعلم ، عن بدل بن المحبر ، عن شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن مجاهد ، قال: قوله عز وجل: (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) ، نزلت في علي وحمزة (عليهما السلام).[681]

3 - الحسن بن أبي الحسن الديلمي: بإسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ) ، قال: «الموعود: علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وعده الله أن ينتقم له من أعدائه في الدنيا ، ووعده الجنة له ولأوليائه في الآخرة».[682]

قوله تعالى:

(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ- إلى قوله تعالى- لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ 62- 64)

1 - علي بن إبراهيم: قوله: )وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ( يعني الذين قلتم هم شركاء لله ، (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) يعني ما عبدوا ، وهي عبادة الطاعة ، (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) الذين كنتم تدعونهم شركاء ، (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ). [683]

قوله تعالى:

(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ 65)

2 - علي بن إبراهيم: إن العامة رووا أن ذلك في القيامة. وأما الخاصة ، فإنه حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر ، وفزع منه ، يسأل عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، فيقول له: ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟ فإن كان مؤمنا ، قال: أشهد أنه رسول الله ، جاء بالحق. فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها ، ويتنحى عنه الشيطان ، ويفسح له في قبره سبعة أذرع ، ويرى مكانه في الجنة».

قال: «وإذا كان كافرا قال ما أدري ، فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله إلا الإنسان ، ويسلط عليه الشيطان ، وله عينان من نحاس ، أو نار ، يلمعان كالبرق الخاطف ، فيقول له: أنا أخوك ، وتسلط عليه الحيات والعقارب ، و يظلم عليه قبره ، ثم يضغطه ضغطة تختلف أضلاعه عليه» ثم قال بأصابعه[684] ، فشرجها[685]». [686]

قوله تعالى:

)وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ- إلى قوله تعالى- وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ 68- 69)

1 - علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) ، قال: يختار الله الإمام ، وليس لهم أن يختاروا. ثم قال: (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ) ، قال: ما عزموا عليه من الاختيار ، وأخبر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) قبل ذلك.[687]

2 - محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم بن العلاء (رحمه الله) ، رفعه ، عن عبد العزيز بن مسلم ، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو ، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا ، فأداروا أمر الإمامة ، وكثرة اختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيدي (عليه السلام) ، فأعلمته في خوض الناس فيه ، فتبسم (عليه السلام) ، ثم قال: «يا عبد العزيز ، جهل القوم ، وخدعوا عن أديانهم[688] ، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل له الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شي‏ء ، بين فيه الحلال والحرام ، والحدود و الأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا ، وقال عز وجل: (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ‏ءٍ)[689] وأنزل فيه ما أنزل في حجة الوداع- وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله)-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)[690] ، وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بين لامته معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيلهم ، وتركهم على قصد سبيل الحق ، وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما ، وما ترك شيئا تحتاج إليه الامة إلا بينه ، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله ، ومن رد كتاب الله فهو كافر به.

هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة ، فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الإمامة أجل قدرا ، وأعظم شأنا ، وأعلى مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم.

إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرفه بها ، وأشاد بها ذكره ، فقال: )إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماما(ً[691] ، فقال الخليل (عليه السلام) ، سرورا بها: (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)[692] قال الله تبارك وتعالى: (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[693] ، فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة ، وصارت في الصفوة ، ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة ، فقال: (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ)[694] ، فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض ، قرنا فقرنا ، حتى ورثها الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال جل و تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)[695] ، فكانت له خاصة ، فقلدها رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز وجل ، على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأوصياء[696] الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله جل وعلا: (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ)[697] ، فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) ، فمن أين يختار هؤلاء الجهال؟

إن الإمامة هي منزلة الأنبياء ، وإرث الأوصياء ، إن الإمامة خلافة الله ، وخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام) ، إن الإمامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعز المؤمنين ، إن الإمامة أس الإسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وتوفير الفي‏ء والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف.

الإمام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذب عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم ، وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار الإمام البدر المنير ، والسراج الزاهر ، والنور الساطع ، والنجم الهادي في غياهب الدجى ، وأجواز[698] البلدان والقفار ، ولجج البحار الإمام الماء العذب على الظمأ ، والدال على الهدى ، المنجي من الردى.

الإمام النار على اليفاع[699] ، الحار لمن اصطلى به ، والدليل في المهالك ، من فارقه فهالك الإمام السحاب الماطر ، والغيث الهاطل ، والشمس المضيئة ، والسماء الظليلة ، والأرض البسيطة ، والعين الغزيرة ، والغدير والروضة الإمام الأنيس الرفيق ، والوالد الشفيق ، والأخ الشقيق ، والام البرة بالولد الصغير ، ومفزع العباد في الداهية النآد[700].

الإمام أمين الله في خلقه ، وحجته على عباده ، وخليفته في بلاده ، والداعي إلى الله ، والذاب عن حرم الله الإمام المطهر من الذنوب ، المبرأ من العيوب ، المخصوص بالعلم ، الموسوم بالحلم نظام الدين ، وعز المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين الإمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ، ولا نظير ، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب.

فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ، أويمكنه اختياره؟ هيهات هيهات ضلت العقول ، وتاهت الحلوم ، وحارت الألباب ، وحسرت[701] العيون ، وتصاغرت العظماء ، وتحيرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وحصرت الخطباء ، وجهلت الألباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت الأدباء ، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه ، أو فضيلة من فضائله ، وأقرت بالعجز والتقصير.

وكيف يوصف بكله ، أو ينعت بكنهه أو يفهم شي‏ء من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه ، لا ، كيف ، وأنى؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين ، ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا ، وأين العقول عن هذا ، وأين يوجد مثل هذا؟

أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل محمد (صلى الله عليه وآله)؟ كذبتهم والله أنفسهم ، ومنتهم الأباطيل ، فارتقوا مرتقى صعبا دحضا[702]، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم ، راموا إقامة الإمام بعقول حائرة بائرة ناقصة ، وآراء مضلة ، فلم يزدادوا منه إلا بعدا ، قاتلهم الله أنى يؤفكون ولقد راموا صعبا ، و قالوا إفكا ، وضلوا ضلالا بعيدا ، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة ، وزين لهم الشيطان أعمالهم ، فصدهم عن السبيل ، وكانوا مستبصرين ، و رغبوا عن اختيار الله ، واختيار رسوله[703] إلى اختيارهم ، والقرآن يناديهم: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، وقال عز وجل: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)[704] ، وقال: (ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ)[705] ، وقال عز وجل: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها)[706] ، أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون؟ أم قالوا: (سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)[707] أم قالوا: (سَمِعْنا وَعَصَيْنَا)[708] بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

فكيف لهم باختيار الإمام ، والإمام عالم لا يجهل ، وراع لا ينكل ، معدن القدس والطهارة ، والنسك والزهادة ، والعلم والعبادة ، مخصوص بدعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ونسل الطاهرة[709] البتول ، لا يغمز[710] فيه في نسب ، ولا يدانيه ذو حسب ، في النسب[711] من قريش ، والذروة من هاشم ، والعترة من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، والرضا من الله عز وجل ، أشرف الأشراف ، والفرع من بني عبد مناف ، نامي العلم ، كامل الحلم ، مضطلع بالإمامة ، عالم بالسياسة ، مفروض الطاعة ، قائم بأمر الله عز وجل ، ناصح لعباد الله ، حافظ لدين الله؟

إن الأنبياء والأئمة (صلوات الله عليهم) يوفقهم الله و يؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم ، ليكون[712] علمهم فوق علم أهل زمانهم ، في قوله تعالى: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى‏ فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)[713] ، وقوله تبارك وتعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)[714] ، وقوله في طالوت: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)[715] ، وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله): (أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيما)[716] ، وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته (صلوات الله عليهم): (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى‏ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى‏ بِجَهَنَّمَ سَعِيرا)[717].

وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاما ، فلم يعي بعده بجواب ، ولا يحيد فيه عن صواب ، فهو معصوم مؤيد ، موفق مسدد ، قد أمن الخطأ[718] والزلل والعثار ، ويخصمه الله بذلك ليكون حجته على عباده ، وشاهده على خلقه ، وذلك: (فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ([719].

فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه ، أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه؟ تعدوا- وبيت الله- الحق ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، و في كتاب الله الهدى والشفاء ، فنبذوه واتبعوا أهواءهم ، فذمهم الله ، ومقتهم ، و أتعسهم ، فقال جل وتعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[720] ، وقال: (فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)[721] ، وقال: (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار)[722] ، وصلى الله على محمد النبي واله وسلم تسليما كثيرا».[723]

وروى هذا الحديث محمد بن علي بن بابويه ، في كتاب (معاني الأخبار) ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني ، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم ، عن الحسن بن القاسم الرقام ، قال: حدثني القاسم بن مسلم ، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم ، قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا ، فأداروا أمر الإمامة وساق الحديث بعينه[724].

3 - ابن شهر آشوب: عن علي بن الجعد ، عن شعبة ، عن حماد بن سلمة ، عن أنس ، قال النبي (صلى الله عليه وآله): «إن الله خلق آدم من طين كيف شاء ، ثم قال: (وَيَخْتارُُ). إن الله تعالى اختارني  وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا[725] ، فجعلني الرسول ، وجعل علي بن أبي طالب الوصي ، ثم قال: (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ، يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ، ولكني أختار من أشاء. فأنا و أهل بيتي صفوة الله ، وخيرته من خلقه ، ثم قال: (سُبْحانَ اللَّهِ) ، يعني تنزيها لله (عَمَّا يُشْرِكُونَ) به كفار مكة».[726]

4 - ومن طريق المخالفين: ما رواه الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من التفاسير الاثني عشر- وهو من مشايخ أهل السنة- في تفسير قوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ، يرفعه إلى أنس بن مالك ، قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن هذه الآية ، فقال: «إن الله خلق آدم من الطين كيف يشاء ويختار ، وإن الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق ، فانتجبنا ، فجعلني الرسول ، وجعل علي بن أبي طالب الوصي ، ثم قال: (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ، يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ، و لكني أختار من أشاء فأنا وأهل بيتي صفوته ، وخيرته من خلقه ، ثم قال: (سُبْحانَ اللَّهِ) يعني تنزها لله عما يشركون به كفار مكة ، ثم قال: (وَرَبُّكَ) يعني يا محمد (يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) من بغض المنافقين لك ، ولأهل بيتك (وَما يُعْلِنُونَ) بألسنتهم من الحب لك ، ولأهل بيتك».[727]

قوله تعالى:

(وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً- إلى قوله تعالى- وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ 75- 78)

1 - علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) يقول: «من كل فرقة من هذه الامة إمامها (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ[728].

2 - وقال علي بن إبراهيم ، في قوله: (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى‏ فَبَغى‏ عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ والعصبة): ما بين العشرة إلى تسعة عشر. قال: كان يحمل مفاتح خزائنه العصبة اولوا القوة ، فقال قارون كما حكى الله: (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى‏ عِلْمٍ عِنْدِي) يعني ماله ، وكان يعمل الكيمياء ، فقال الله: (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ). أي لا يسأل من كان قبلهم عن ذنوب هؤلاء.[729]

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، قال: حدثنا محمد بن أحمد القشيري ، قال: حدثنا أبو الحريش أحمد بن عيسى الكوفي ، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، قال: حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) ، في قول الله عز وجل: (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) ، قال: «لا تنس صحتك و قوتك وفراغك وشبابك و نشاطك أن تطلب بها الآخرة».[730]

قوله تعالى:

(فَخَرَجَ عَلى‏ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ- إلى قوله تعالى- وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ 79- 82)

4 - علي بن إبراهيم: (فَخَرَجَ عَلى‏ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) ، قال: في الثياب المصبغات يجرها في الأرض ، (قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ). فقال لهم الخلص من أصحاب موسى: (وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ). قال: هي لفظة سريانية. (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ).

وكان سبب هلاك قارون: أنه لما أخرج موسى بني إسرائيل من مصر ، وأنزلهم البادية ، وأنزل الله عليهم المن والسلوى ، وانفجر لهم من الحجر اثنتا عشرة عينا ، بطروا ، وقالوا: (لَنْ نَصْبِرَ عَلى‏ طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها)[731]. قال لهم موسى: (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى‏ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ)[732]. فقالوا كما حكى الله: (إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها)[733]. ثم قالوا لموسى: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)[734]. ففرض الله عليهم دخولها ، وحرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فكانوا يقومون من أول الليل ، ويأخذون في قراءة التوراة والدعاء والبكاء ، وكان قارون منهم ، وكان يقرأ التوراة ، ولم يكن فيهم أحسن صوتا منه ، وكان يسمى (المنون) لحسن قراءته ، وقد كان يعمل الكيمياء.

فلما طال الأمر على بني إسرائيل في التيه والتوبة ، وكان قارون قد امتنع من الدخول معهم في التوبة ، وكان موسى يحبه ، فدخل عليه موسى ، فقال له: «يا قارون ، قومك في التوبة وأنت قاعد عنها؟ ادخل معهم ، وإلا أنزل الله بك العذاب» فاستهان به ، واستهزأ بقوله ، فخرج موسى من عنده مغتما ، فجلس في فناء قصره ، وعليه جبة من شعر ، ونعلان من جلد حمار ، شراكهما من خيوط شعر ، بيده العصا ، فأمر قارون أن يصب عليه رماد قد خلط بالماء ، فصب عليه ، فغضب موسى غضبا شديدا. وكان في كتفه شعرات كان إذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدم ، فقال موسى: «يا رب ، إن لم تغضب لي فلست لك بنبي» فأوحى الله إليه: «قد أمرت الأرض أن تطيعك ، فمرها بما شئت».

وقد كان قارون قد أمر أن يغلق باب القصر ، فأقبل موسى ، فأومأ إلى الأبواب فانفرجت ، فدخل عليه ، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد اوتي بالعذاب ، فقال: يا موسى ، أسألك بالرحم الذي بيني وبينك. فقال له موسى: «يا ابن لاوي ، لا تزدني من كلامك ، يا أرض خذيه». فدخل القصر بما فيه في الأرض ، ودخل قارون في الأرض إلى ركبتيه فبكى ، وحلفه بالرحم ، فقال له موسى: «يا ابن لاوي ، لا تزدني من كلامك ، يا أرض خذيه». فابتلعته بقصره وخزائنه.

وهذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله ، فعيره الله بما قال لقارون ، فعلم موسى أن الله قد عيره بذلك ، فقال: «يا رب ، إن قارون قد دعاني بغيرك ، و لو دعاني بك لأجبته». فقال الله: «ما قلت: يا بن لاوي ، لا تزدني من كلامك؟». فقال موسى: «يا رب ، لو علمت أن ذلك لك رضا لأجبته».

فقال الله: «يا موسى ، وعزتي وجلالي ، وجودي ومجدي ، وعلو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لأجبته ، ولكنه لما دعاك وكلته إليك. يا بن عمران ، لا تجزع من الموت ، فإني كتبت الموت على كل نفس ، وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت عيناك».

فخرج موسى إلى جبل طور سيناء مع وصيه ، وصعد موسى (عليه السلام) الجبل ، فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل[735] ومسحاة ، فقال له موسى: «ما تريد؟». قال: إن رجلا من أولياء الله قد توفي ، فأنا أحفر له قبرا. فقال له موسى: «ألا أعينك عليه؟» فقال: بلى. قال: فحفر القبر ، فلما فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر ، فقال له موسى: «ما تريد؟» قال: أدخل القبر فأنظر كيف مضجعه؟ فقال له موسى: «أنا أكفيك» فدخل موسى (عليه السلام) ، فاضطجع فيه ، فقبض ملك الموت روحه ، وانضم عليه الجبل.[736]

2 - الطبرسي ، قال: قارون كان من بني إسرائيل ، ثم من سبط موسى ، وهو ابن خالته ، عن عطاء ، عن ابن عباس. قال: وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام).[737]

قوله تعالى:

(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ 83)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «يا حفص ، ما منزلة الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة ، إذا اضطررت إليها أكلت منها. يا حفص ، إن الله تبارك وتعالى علم ما العباد عاملون ، وإلى ما هم صائرون ، فحلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم ، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت» ثم تلا قوله: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ الآية) ، وجعل يبكي ويقول: «ذهبت والله الأماني عند هذه الآية». ثم قال: «فاز والله الأبرار ، أ تدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر[738] ، كفى بخشية الله علما ، وكفى بالاغترار جهلا. يا حفص ، إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد ، من تعلم وعلم ، وعمل بما علم ، دعي في ملكوت السماوات عظيما ، فقيل: تعلم لله ، وعمل لله ، وعلم لله».

قلت: جعلت فداك ، ما حد الزهد في الدنيا؟ قال: «قد حد الله في كتابه ، فقال عز وجل: (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)[739] ، إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله ، وأخوفهم له أعلمهم به ، وأعلمهم به‏ أزهدهم فيها».

فقال له رجل: يا ابن رسول الله ، أوصني. فقال: «اتق الله حيث كنت ، فإنك لا تستوحش».[740]

2 - وقال أبو عبد الله (عليه السلام) أيضا ، في قوله: (عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) ، قال: «العلو: الشرف ، والفساد: البناء»[741]». [742]

3 - سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن هشام بن سالم ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: كنا عنده ثمانية رجال ، فذكرنا رمضان ، فقال: «لا تقولوا هذا رمضان ، ولا جاء رمضان ، وذهب رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ، لا يجي‏ء ولا يذهب ، وإنما يجي‏ء ويذهب الزائل ، ولكن قولوا: شهر رمضان فالشهر المضاف إلى الاسم ، والاسم اسم الله ، وهو الشهر الذي انزل فيه القرآن ، جعله الله مثلا وعيدا[743]». ألا ومن خرج في شهر رمضان من بيته في سبيل الله- ونحن سبيل الله الذي من دخل فيه يطاف بالحصن ، والحصن هو الإمام- فيكبر عند رؤيته ، كانت له يوم القيامة صخرة في ميزانه أثقل من السماوات السبع ، والأرضين السبع ، وما فيهن ، وما بينهن وما تحتهن».

قلت: يا أبا جعفر ، وما الميزان؟ فقال: «إنك قد ازددت قوة ونظرا. يا سعد ، رسول الله (صلى الله عليه وآله) الصخرة ، ونحن الميزان ، وذلك قول الله عز وجل في الإمام: (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)[744] ».

قال: «ومن كبر بين يدي الإمام ، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كتب الله له رضوانه الأكبر ، ومن كتب له رضوانه الأكبر يجمع بينه وبين إبراهيم ومحمد (عليهما السلام) والمرسلين في دار الجلال». قلت: وما دار الجلال؟ فقال: «نحن الدار ، وذلك قول الله عز وجل: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) ، (فنحن العاقبة ، يا سعد. وأما مودتنا للمتقين‏ فيقول الله عز وجل: (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)[745] ، جلال الله وكرامته التي أكرم الله تبارك وتعالى العباد بطاعتنا».[746]

قوله تعالى:

(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ 85)

1 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن حماد ، عن حريز ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سئل عن جابر ، فقال: «رحم الله جابرا ، بلغ من فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعاد) يعني الرجعة».[747]

2 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عبد الحميد الطائي ، عن أبي خالد الكابلي ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ، في قوله: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ) ، قال: «يرجع إليكم نبيكم (صلى الله عليه وآله) ، وأمير المؤمنين ، والأئمة (عليهم السلام)».[748]

3 - وعنه ، قال: حدثني أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، قال: ذكر عند أبي جعفر (عليه السلام) جابر ، فقال: «رحم الله جابرا ، لقد بلغ من علمه أنه كان يعرف تأويل هذه الآية: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ)  يعني الرجعة».[749]

4 - سعد بن عبد الله: عن حميد بن زياد ، قال: حدثني عبيد الله بن أحمد بن نهيك ، قال: حدثنا عبيس ابن هشام ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن صالح بن ميثم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: حدثني. قال: «أليس قد سمعت الحديث من أبيك؟». قلت: هلك أبي وأنا صبي. قال: قلت: فأقول ، فإن أصبت قلت: نعم ، وإن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال: «هذا أهون». قال: قلت: فإني أزعم أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض. قال: فسكت. قال: فقال أبو جعفر (عليه السلام): «وأراك والله ستقول: إن عليا (عليه السلام) راجع إلينا وقرأ: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعاد) ». قال: قلت: والله لقد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنها فنسيتها. فقال أبو جعفر (عليه السلام): « أفلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟ (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيرا)[750] ، لا تبقى أرض إلا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)» وأشار بيده إلى آفاق الأرض.[751]

5 - وعنه: عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد البرقي ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن المعلى أبي عثمان ، عن المعلى بن خنيس ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «أول من يرجع إلى الدنيا الحسين بن علي (عليهما السلام) ، فيملك حتى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر».[752]

6 - قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ) ، قال: «نبيكم (صلى الله عليه و آله) راجع إليكم».[753]

7 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا حميد بن زياد ، عن عبد الله بن أحمد بن نهيك ، عن عبيس بن هشام عن أبان ، عن عبد الرحمن بن سيابة ، عن صالح بن ميثم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: حدثني. قال: «أوليس قد سمعته من أبيك؟» قلت: هلك أبي وأنا صبي. قال: قلت: فأقول: فإن أصبت قلت: نعم ، وإن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال: «ما أشد شرطك» قلت: فأقول ، فإن أصبت سكت ، وإن أخطأت رددتني عن الخطأ. قال:«هذا أهون». قال: قلت: فإني أزعم أن عليا (عليه السلام) دابة الأرض فسكت. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أراك- والله - تقول: إن عليا (عليه السلام) راجع إلينا وقرأ: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ)». قال: قلت: قد جعلتها فيما أريد أن أسألك عنه فنسيتها. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أ فلا أخبرك بما هو أعظم من هذا؟ قوله عز و جل: (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيرا)[754] ،  ذلك أنه لا تبقى أرض إلا ويؤذن فيها بشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله» وأشار بيده إلى آفاق الأرض.[755]

8 - وعنه ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، عن الحسن بن علي بن مروان ، عن سعيد بن عمر ، عن أبي مروان ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ) ، قال: فقال لي: «لا والله ، لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) بالثوية ، فيلتقيان ويبنيان بالثوية مسجدا له اثنا عشر ألف باب». يعني موضعا بالكوفة.[756]

9 - وعن علي بن إبراهيم في (تفسيره) ، قال: وأما قوله: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعاد) ، فإن العامة رووا أنه إلى معاد القيامة. وأما الخاصة فإنهم رووا أنه في الرجعة.[757]

10 - قال: روي عن أبي جعفر[758] (عليه السلام) أنه سئل عن جابر بن عبد الله ، فقال: «رحم الله جابرا ، إنه من فقهائنا ، إنه كان يعرف تأويل هذه الآية: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى‏ مَعادٍ) أنه في الرجعة».[759]

قوله تعالى:

(فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ- إلى قوله تعالى- وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ 86- 88)

1 - علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (فَلا تَكُونَنَّ) يا محمد (ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) قال: المخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) ، والمعنى للناس. وقوله: (وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَر)  المخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) ، والمعنى للناس ، وهو قول الصادق (عليه السلام): «إن الله بعث نبيه بإياك أعني واسمعي يا جارة».[760]

قوله تعالى:

(كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 88)

2 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن سيف بن عميرة ، عمن ذكره ، عن الحارث بن المغيرة النصري ، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، فقال: «ما يقولون فيه؟» قلت: يقولون يهلك كل شي‏ء إلا وجه الله. فقال: «سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما ، إنما عنى بذلك وجه الله الذي يؤتى منه».[761]

3 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد (صلى الله عليه وآله) فهو الوجه الذي لا يهلك ، وكذلك قال: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ)[762].  [763]

وروى هذا الحديث أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، في (المحاسن) ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، وساق الحديث إلى آخره سندا ومتنا».[764]

3 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن أبي سلام النحاس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) ، ونحن وجه الله ، نتقلب في الأرض بين أظهركم ، ونحن عين الله في خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة على عباده ، عرفنا من عرفنا ، وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين»[765]». [766]

4 - وعنه: عن محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن إسماعيل ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسين[767] بن سعيد ، عن الهيثم بن عبد الله ، عن مروان بن الصباح ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة ، ووجهه الذي يؤتى منه ، وبابه الذي يدل عليه ، وخزانه في سمائه وأرضه ، بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار وجرت الأنهار ، وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب الأرض ، وبعبادتنا عبد الله ، ولولا نحن ما عبد الله».[768]

5 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن محمد بن حمران ، عن أسود بن سعيد ، قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله: «نحن حجة الله ، ونحن باب الله ، ونحن لسان الله ، ونحن وجه الله ، ونحن عين الله في خلقه ، ونحن ولاة أمر الله في عباده».[769]

6 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، عن صفوان ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة النصري ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، فقال: «كل شي‏ء هالك إلا من أخذ الطريق الذي أنتم عليه».[770]

7 - وعنه: عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سعيد ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة النصري ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «إلا من أخذ طريق الحق».[771]

8 - محمد بن الحسن الصفار: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن الحارث بن المغيرة ، قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ، فسأله رجل عن قول الله تبارك وتعالى: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، فقال: «ما يقولون فيه؟» قلت: يقولون يهلك كل شي‏ء إلا وجهه. فقال: «سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما ، إنما عنى كل شي‏ء هالك إلا وجهه الذي يؤتى منه ، ونحن وجهه الذي يؤتى منه».[772]

9 - ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن يونس ، عن جليس لأبي حمزة ، عن أبي حمزة ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «فيهلك كل شي‏ء ويبقى الوجه؟ إن الله عز وجل أعظم من أن يوصف بالوجه ، ولكن معناه: كل شي‏ء هالك إلا دينه ، والوجه الذي يؤتى منه».[773]

ورواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب (المحاسن) ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور ابن يونس ، الحديث[774].

10 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحد بن الوليد ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن عمر بن أبان ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «نحن الوجه الذي يؤتى الله عز وجل منه».[775]

ورواه الصفار في (بصائر الدرجات) عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور ، الحديث. إلا أن في هذين الكتابين: «الله أعظم من أن يوصف» بدون ذكر الوجه[776]».

11 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن الحارث‏ ابن المغيرة النصري ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «كل شي‏ء هالك إلا من أخذ طريق الحق».[777]

12 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد والأئمة من بعده (صلوات الله عليهم أجمعين) فهو الوجه الذي لا يهلك» ثم قرأ: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ)[778]». [779]

13 - وعنه بهذا الإسناد ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن وجه الله الذي لا يهلك».[780]

14 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن ربيع الوراق ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «نحن هو».[781]

15 - علي بن إبراهيم: عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «فيفنى كل شي‏ء ويبقى الوجه؟ الله أعظم من أن يوصف ، لا ولكن معناها ، كل شي‏ء هالك إلا دينه ، ونحن الوجه الذي يؤتى الله منه ، لم نزل في عباده ما دام الله له فيهم روية ، فإذا لم يكن له فيهم روية ، رفعنا إليه ، ففعل بنا ما أحب». قلت: جعلت فداك ، وما الروية؟ قال: «الحاجة».[782]

ورواه ابن بابويه في (الغيبة) ، بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، بتغيير يسير لا يغير المعنى[783].

16 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا عبد الله بن همام ، عن عبد الله بن جعفر ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن خالد ، عن الحسن بن محبوب ، عن الأحول ، عن سلام بن المستنير ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «نحن- والله- وجهه الذي قال ، ولن نهلك[784] إلى يوم القيامة بما أمر الله به من طاعتنا وموالاتنا ، فذلك والله الوجه الذي قال: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، وليس منا ميت يموت إلا وخلف[785] عاقبة منه إلى يوم القيامة».[786]

17 - وعنه ، قال: أخبرنا عبد الله بن العلاء المذاري[787]، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله ابن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن القاسم ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، قال: «نحن وجه الله عز وجل»[788].

18 - وعنه ، قال: حدثنا الحسن[789] بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ): «إلا ما أريد به وجه الله ، ووجهه علي (عليه السلام)».[790]

19 - الطبرسي في (الإحتجاج): عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقد سأله سائل عن تفسير آيات من القرآن ، فسأله فأجابه (عليه السلام) ، فقال: «وأما قوله: (كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ، فإنما أنزلت: كل شي‏ء هالك إلا دينه لأنه من المحال أن يهلك منه كل شي‏ء ويبقى الوجه ، هو أجل وأعظم وأكرم من ذلك ، إنما يهلك من ليس منه ، ألا ترى أنه قال: (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)[791] ؟ ففصل بين خلقه ووجهه».[792]

سورة العنكبوت‏

فضلها

1 - ابن بابويه: بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو- و الله يا أبا محمد- من أهل الجنة ، لا أستثني فيه أبدا ، ولا أخاف أن يكتب علي في يميني إثم ، وإن لهاتين السورتين عند الله مكانا».[793]

2 - ومن (خواص القرآن) روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المؤمنين والمؤمنات ، والمنافقين والمنافقات ومن كتبها وشرب ماءها زالت عنه جميع الأسقام و الأمراض بإذن الله تعالى».[794]

3 - وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها وشربها زال عنه كل ألم ومرض بقدرة الله تعالى».[795]

4 - وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها وشربها زال عنه حمى الربع[796] و البرد ، والألم ، ولم يغتم من وجع أبدا إلا وجع الموت الذي لا بد منه ، ويكثر سروره ما عاش و شرب مائها يفرح القلب[797] ، ويشرح الصدر ، وماؤها يغسل به الوجه للحمرة والحرارة ، ويزيل ذلك ومن قرأها على فراشه وإصبعه في سرته ، يديره حولها ، فإنه ينام من أول الليل إلى آخره ، ولم ينتبه إلا الصبح بإذن الله تعالى».[798]

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ 1- 6)

1 - محمد بن يعقوب ، قال: روي أن أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) ، قال في خطبة- وذكر الخطبة إلى أن قال (عليه السلام)-: «ولكن الله عز و جل يختبر عبيده بأنواع الشدائد ، ويتعبدهم بأنواع المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، إخراجا للتكبر من قلوبهم ، وإسكانا للتذلل في أنفسهم ، وليجعل ذلك أبوابا إلى فضله ، وأسبابا ودليلا[799] لعفوه وفتنته ، كما قال: (الم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ)».[800]

2 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد ، قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: (الم  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ، ثم قال لي: «ما الفتنة؟» قلت: جعلت فداك ، الذي عندنا: الفتنة في الدين. قال: «يفتنون كما يفتن الذهب[801] ، ثم يخلصون كما يخلص الذهب».[802]

3 - علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال: «جاء العباس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقال: انطلق بنا يبايع لك الناس. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أتراهم‏ فاعلين؟ قال: نعم. قال: فأين قوله: (الم  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي اختبرناهم فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا) أي يفوتونا (ساءَ ما يَحْكُمُونَ مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ)- قال- من أحب لقاء الله جاءه الأجل وَمَنْ جاهَدَ[803] نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي (فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)؟».[804]

4 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن عبيد الله بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي ، عن أبيه (صلوات الله عليهم أجمعين) ، قال: «لما نزلت: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ، قال: قلت: يا رسول الله ، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي ، إنك مبتلى بك ، وإنك مخاصم ، فأعد للخصومة».[805]

5 – وعنه ، قال: حدثنا جعفر بن محمد الحسني ، عن إدريس بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: فسر لي قوله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه وآله): (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ)[806] ، فقال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حريصا على أن يكون علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده على الناس ، وكان عند الله خلاف ذلك» فقال: و عنى بذلك قوله عز وجل: (الم  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) ، قال: «فرضي رسول الله (صلى الله عليه و آله) بأمر الله عز وجل».[807]

6 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن هوذة ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن سماعة ابن مهران ، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) ذات ليلة في المسجد ، فلما كان قرب الصبح ، دخل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فناداه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: «يا علي» قال: «لبيك» قال: «هلم إلي» فلما دنا منه ، قال: «يا علي ، بت الليلة حيث تراني ، وقد سألت ربي ألف حاجة فقضاها لي ، و سألت لك مثلها فقضاها لي ، وسألت ربي أن يجمع لك امتي من بعدي ، فأبى علي ربي ، فقال: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)».[808]

7 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسين القبيطي[809] ، عن عيسى بن مهران ، عن الحسن بن الحسين‏ العرني ، عن علي بن أحمد بن حاتم ، عن حسن بن عبد الواحد ، عن حسن بن حسين بن يحيى ، عن علي[810] بن أسباط ، عن السدي ، في قوله عز وجل: (الم  أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا) قال: علي (عليه السلام) وأصحابه (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) أعداؤه.[811]

8 - ابن شهر آشوب: عن أبي طالب الهروي ، بإسناده عن علقمة ، وأبي أيوب: أنه لما نزل: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ) الآيات ، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعمار: «إنه سيكون من بعدي هنات[812] ، حتى يختلف السيف فيما بينهم ، و حتى يقتل بعضهم بعضا ، وحتى يتبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني: علي بن أبي طالب ، فإن سلك الناس كلهم واديا فاسلك وادي علي وخل عن الناس.

يا عمار ، إن عليا لا يردك عن هدى ، ولا يردك في ردى[813]. يا عمار ، طاعة علي طاعتي ، وطاعتي طاعة الله».[814]

9 - الحسين بن علي (عليه السلام): عن أبيه (عليه السلام) ، قال: «لما نزلت: الم (أَحَسِبَ النَّاسُ) الآيات قلت: يا رسول الله ، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي ، إنك مبتلى ، ومبتلى بك ، وإنك مخاصم ، فأعد للخصومة».[815]

10 - الطبرسي: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يفتنون: يبتلون في أنفسهم وأموالهم».[816]

11 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن محمد بن زكريا ، عن أيوب بن سليمان ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال: قوله عز وجل: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) نزلت في عتبة وشيبة والوليد بن عتبة ، وهم الذين بارزوا عليا وحمزة وعبيدة ، ونزلت فيهم: (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ) ، قال: في علي (عليه السلام) وصاحبيه.[817]

12 - ومن طريق المخالفين: في قوله تعالى: (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ، قال علي (عليه السلام): «قلت: يا رسول الله ، ما هذه الفتنة؟ قال: يا علي بك ، وإنك لمخاصم ، فأعد للخصومة». وقال علي: «(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)[818] نحن أولئك».[819]

قوله تعالى:

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً- إلى قوله تعالى- لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ 8- 9)

1- علي بن إبراهيم: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) قال: هما اللذان ولداه.

ثم قال: (وَإِنْ جاهَداكَ يعني الوالدين لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وََعمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ).[820]

2 - ثم‏ قال علي بن إبراهيم: أخبرنا الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بسطام بن مرة ، عن إسحاق بن حسان ، عن الهيثم بن واقد ، عن علي بن الحسين العبدي ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، أنه سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[821].

قال: «الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم ، وورثا الحكم[822] ، وأمر الناس بطاعتهما ، ثم قال: (إِلَيَّ الْمَصِيرُ)[823] ، فمصير العباد إلى الله ، والدليل على ذلك الوالدان ، ثم عطف الله القول على ابن حنتمة[824] وصاحبه ، فقال في الخاص: (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي)[825] يقول: في الوصية ، وتعدل عمن أمرت بطاعته ، فلا تطعهما ، ولا تسمع قولهما ، ثم عطف القول على الوالدين فقال: (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً)[826] ، يقول: عرف الناس فضلهما ، وادع إلى سبيلهما ، وذلك قوله: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ)[827] ، قال: إلى الله ثم إلينا ، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين ، فإن رضاهما رضا الله ، وسخطهما سخط الله».[828]

3 - السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سلمة[829] بن كهيل ، عن أبيه ، في قول الله عز وجل: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً) ، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).[830]

4 - الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) ، في قول الله تعالى: (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)[831] ، قال: «قال‏ رسول الله (صلى الله عليه و آله): أفضل والديكم وأحقهما بشكركم محمد وعلي».[832]

5 - وقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): «سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنا وعلي أبوا هذه الامة ، ولحقنا عليهم أعظم من حق أبوي ولادتهم ، فإنا ننقذهم- إن أطاعونا- من النار إلى دار القرار ، ونلحقهم من العبودية بخيار الأحرار».[833]

6 - وقالت فاطمة (صلوات الله عليها): «أبوا هذه الامة: محمد وعلي ، يقيمان أودهم[834] ، وينقذانهم من العذاب الدائم ، إن أطاعوهما ، ويبيحانهم النعيم الدائم ، إن وافقوهما».[835]

7 - وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «محمد وعلي أبوا هذه الأمة ، فطوبى لمن كان بحقهما عارفا ، ولهما في كل أحواله مطيعا ، يجعله الله من أفضل سكان جنانه ، ويسعده بكراماته ورضوانه».[836]

8 - وقال الحسين بن علي (عليهما السلام): «من عرف حق أبويه الأفضلين: محمد وعلي (عليهما السلام) ، وأطاعهما حق الطاعة قيل له: تبحبح [837] في أي الجنان شئت».[838]

9 - وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): «إن كان الأبوان إنما عظم حقهما على الأولاد لإحسانهما إليهم ، فإحسان محمد وعلي (عليهما السلام) إلى هذه الامة أجل وأعظم ، فهما بأن يكونا أبويهم أحق».[839]

10 - وقال محمد بن علي (عليهما السلام): «من أراد أن يعلم كيف قدره عند الله ، فلينظر كيف قدر أبويه الأفضلين عنده: محمد وعلي (عليهما السلام)».[840]

11 - وقال جعفر بن محمد (عليهما السلام): «من رعى حق أبويه الأفضلين محمد وعلي (عليهما السلام) ، لم يضره ما أضاع من حق أبوي نفسه وسائر عباد الله ، فإنهما (صلوات الله عليهما): يرضيانهم بشفاعتهما».[841]

12 - وقال موسى بن جعفر (عليه السلام): «يعظم ثواب الصلاة على قدر تعظيم المصلي أبويه الأفضلين: محمد وعلي (صلى الله عليهما وعلى آلهما)».[842]

13 - وقال علي بن موسى (عليهما السلام): «أما يكره أحدكم أن ينفى عن أبيه وامه اللذين ولداه؟» قالوا: بلى والله. قال: «فليجتهد أن لا ينفى عن أبيه وامه اللذين هما أبواه أفضل من أبوي نفسه».[843]

14 - وقال محمد بن علي (عليهما السلام) ، قال رجل بحضرته: إني لأحب محمدا وعليا (عليهما السلام) حتى لو قطعت إربا إربا ، أو قرضت لم أزل عنه. قال محمد بن علي (عليهما السلام): «لا جرم أن محمدا وعليا يعطيانك من أنفسهما ما تعطيهما أنت من نفسك ، إنهما ليستدعيان لك في يوم فصل القضاء ما لا يفي ما بذلته لهما بجزء من مائة ألف ألف جزء من ذلك».[844]

15 - قال علي بن محمد (عليهما السلام): «من لم يكن والدا دينه محمد و علي (عليهما السلام) أكرم عليه من والدي نسبه ، فليس من الله في حل ولا حرام ، و لا قليل ولا كثير».[845]

16 - وقال الحسن بن علي (عليهما السلام): «من آثر طاعة أبوي دينه: محمد و علي (عليهما السلام) على طاعة أبوي نسبه ، قال الله عز وجل له: لأوثرنك كما آثرتني ، ولأشرفنك بحضرة أبوي دينك كما شرفت نفسك بإيثار حبهما على حب أبوي نسبك».[846]

قوله تعالى:

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ- إلى قوله تعالى- وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ 10- 13)

1 - علي بن إبراهيم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ) ، قال: إذا آذاه إنسان ، أو أصابه ضر ، أو فاقة ، أو خوف من الظالمين ، دخل معهم في دينهم[847] ، فرأى أن ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع ، (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) يعني القائم (عليه السلام) (لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ).[848]

2 - قال: قوله: (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) ، قال: كان الكفار يقولون للمؤمنين: كونوا معنا ، فإن الذي تخافون أنتم ليس بشي‏ء ، فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم. فيعذبهم الله مرتين: مرة بذنوبهم ، ومرة بذنوب غيرهم.[849]

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن محمد السياري ، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي ، قال: حدثني حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الليثي ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قال: قلت: يا ابن رسول الله ، ما أعجب هذا ، تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم ، وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم: قال: «إي والله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة ، وبارئ النسمة ، وفاطر الأرض والسماء ، ما أخبرتك إلا بالحق ، وما أنبأتك إلا بالصدق ، وما ظلمهم الله ، وما الله بظلام للعبيد ، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله».

قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟ قال: «نعم ، يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن ، أ تحب أن أقرأ ذلك عليك»؟ قلت: بلى ، يا ابن رسول الله.

فقال: «قال الله عز وجل: (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ)». [850]

والحديث بطوله تقدم في قوله تعالى: (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) من سورة النحل[851].

قوله تعالى:

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ 14)

1 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة وثلاث مائة سنة ، فمنها: ثمان مائة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم ، وخمس مائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء ، فمصر الأمصار ، وأسكن ولده البلدان. ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس ، فقال له: السلام عليك. فرد عليه نوح (عليه السلام) ، وقال: ما جاء بك ، يا ملك الموت؟ قال: جئتك لأقبض روحك. قال: دعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال: نعم. فتحول ، ثم قال: يا ملك الموت ، كل ما مر بي من الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل ، فامض لما أمرت به. فقبض روحه (عليه السلام)».[852]

2 - وعنه: عن محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، وعبد الكريم بن عمرو ، وعبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «عاش نوح (عليه السلام) بعد الطوفان خمسمائة سنة ، ثم أتاه جبرئيل (عليه السلام) ، فقال: يا نوح[853] ، قد انقضت نبوتك ، واستكملت أيامك ، فانظر إلى الاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار علم النبوة التي معك ، فادفعها إلى ابنك سام ، فإني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم تعرف طاعتي به ، ويعرف به هداي ، ويكون نجاة فيما بين مقبض النبي و مبعث النبي الآخر ، ولم أكن أترك الناس بغير حجة لي ، وداع إلي ، وهاد إلى سبيلي ، وعارف بأمري ، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء ، ويكون الحجة[854] على الأشقياء».

قال: «فدفع نوح (صلى الله عليه) الاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار علم النبوة إلى سام ، وأما حام و يافث فلم يكن عندهما علم ينتفعان به- قال- و بشرهم نوح (عليه السلام) بهود (صلى الله عليه) ، وأمرهم باتباعه ، و أمرهم أن يفتحوا الوصية في كل عام ، وينظروا فيها ، ويكون عهدا[855] لهم».[856]

3 - ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) ، قال: «عاش نوح (عليه السلام) ألفي سنة وخمسمائة سنة ، منها: ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم ، ومائتا سنة في عمل السفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء ، فمصر الأمصار ، وأسكن ولده البلدان.

ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس ، فقال: السلام عليك فرد عليه نوح ، و قال له: ما جاء بك ، يا ملك الموت. فقال: جئت لأقبض روحك. فقال له: تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ فقال له: نعم. فتحول نوح (عليه السلام) ، ثم قال: يا ملك الموت ، فكأن ما مر بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل ، فامض لما أمرت به. فقبض روحه (صلى الله عليه)».[857]

قوله تعالى:

(وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ - إلى قوله تعالى- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 16- 24)

1 - علي بن إبراهيم: (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً أي تقدرون كذبا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). وانقطع خبر إبراهيم ، وخاطب الله امة محمد (صلى الله عليه وآله) ، فقال: (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) الى قوله: (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ثم عطف على خبر إبراهيم ، فقال: (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فهذا من المنقطع المعطوف. [858]

قوله تعالى:

(وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ- إلى قوله تعالى- إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى‏ رَبِّي 25- 26)

2 - محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد ، عن أبي عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال في قول الله تعالى: (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) ، قال: «يعني يتبرأ بعضكم من بعض».[859]

3 - علي بن إبراهيم: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) أي لإبراهيم (عليه السلام) (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى‏ رَبِّي) ، قال: المهاجر من هجر السيئات ، وتاب إلى الله.[860]

4 - محمد بن يعقوب: بإسناده عن أبان ، عن محمد بن مروان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «فآمن له لوط ، وخرج مهاجرا إلى الشام هو وسارة ولوط».[861]

5 - وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن ابن محبوب ، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) ، وذكر حديث مهاجرة إبراهيم (عليه السلام) ، وذكر في آخره: «وسار إبراهيم (عليه السلام) حتى نزل بأعلى الشامات ، وخلف لوطا (عليه السلام) في أدنى الشامات»[862]

 والحديث طويل ، يأتي بطوله- إن شاء الله تعالى- في سورة الصافات في قوله تعالى: (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ)[863].

                                      قوله تعالى:

(وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 27- 35)

1 - علي بن إبراهيم ، (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَر)  قال: هم قوم لوط ، كان يضرط بعضهم على بعض.[864]

2 - الشيخ في (التهذيب): بإسناده إلى الصادق (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه وآله) أبصر رجلا يحذف[865] بحصاة في المسجد ، فقال: ما زالت تلعن حتى وقعت. ثم قال: الخذف[866] في النادي من أخلاق قوم لوط ، ثم تلا (عليه السلام): (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَر)   قال: هو الخذف».[867]

3 - وعنه: بإسناده عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن مالك بن عطية ، قال: أخبرني زياد ابن المنذر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سأله رجل وأنا حاضر عن الرجل يخرج من الحمام ، أو يغتسل فيتوشح ويلبس قميصه فوق الإزار فيصلي وهو كذلك؟ قال: «هذا عمل قوم لوط». قال: قلت: فإنه يتوشح فوق القميص؟ فقال: «هذا من التجبر». قال: قلت: إن القميص رقيق ، يلتحف به؟ قال: «نعم- ثم قال- إن حل الإزرار[868] في الصلاة ، والخذف[869] بالحصى ، ومضغ الكندر في المجالس و على ظهر الطريق ، من عمل قوم لوط».[870]

4 - الطبرسي: في معنى (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ، عن الرضا (عليه السلام): «أنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء».[871]

وخبر لوط وشعيب تقدما في سورة هود وغيرها[872] ، ويأتي من ذلك في سورة الذاريات[873] ، إن شاء الله تعالى.

5 - الشيخ في (أماليه) ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رحمه الله) قال: أخبرني أبو الحسين علي بن محمد بن حبيش الكاتب ، قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني ، قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد ، عن فضيل بن الجعد ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في حديث عهده (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر ، يعمل به ويقرأه على أهل مصر حين ولاه مصر ، وقال فيه (عليه السلام): «اعلموا- يا عباد الله- أن المؤمن من يعمل الثلاث من الثواب: أما الخير فإن الله يثيبه بعمله في دنياه ، قال الله سبحانه لإبراهيم: (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) فمن عمل لله تعالى ، أعطاه أجره في الدنيا والآخرة ، و كفاه المهم فيهما».[874]

6 - (تحفة الإخوان): قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): «وكان أهل المؤتفكات من أجل الناس ، وكانوا في حسن وجمال ، فأصابهم الغلاء والقحط ، فجاءهم إبليس اللعين ، وقال لهم: إنما جاءكم القحط لأنكم منعتم الناس من دوركم ولم تمنعوهم من بساتينكم الخارجة. فقالوا: وكيف السبيل إلى المنع؟ فقال لهم: اجعلوا السنة بينكم إذا وجدتم غريبا في بلدكم سلبتموه ونكحتموه في دبره ، حتى أنكم إذا فعلتم ذلك لم يتطرقوا عليكم». قال: «فعزموا على ذلك ، فخرجوا إلى ظاهر البلد يطلبون من يجوز بهم[875] ، فتصور لهم إبليس اللعين غلاما أمرد ، فتزين ، فحملوا عليه ، فلما رأوه سلبوه ونكحوه في دبره ، فطاب لهم ذلك ، حتى صار هذا عادة لهم في كل غريب وجدوه ، حتى تعدوا من الغرباء إلى أهل البلد ، وفشا ذلك فيهم ، وظهر ذلك من غير انتقام بينهم ، فمنهم من يؤتى ، ومنهم من يأتي.

وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم (عليه السلام): أني اخترت لوطا نبيا ، فابعثه إلى هؤلاء القوم. فأقبل إبراهيم إلى لوط فأخبره بذلك ، ثم قال له: انطلق إلى مدائن سدوم[876] ، وادعهم إلى عبادة الله ، وحذرهم أمر الله وعذابه ، وذكرهم بما نزل بقوم نمرود بن كنعان. فسار لوط حتى صار إلى المدائن ، فوقف وهو لا يدري بأيها يبدأ ، فأقبل حتى دخل مدينة سدوم ، وهي أكبرها ، وفيها ملكهم ، فلما بلغ وسط السوق ، قال: يا قوم اتقوا الله وأطيعوني ، وازجروا أنفسكم عن هذه الفواحش التي لم تسبقوا إلى مثلها ، وانتهوا عن عبادة الأصنام ، فإني رسول الله إليكم. فذلك معنى قوله تعالى: (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)(إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)[877] ، يعني عن إتيان الرجال ، وقال في مكان آخر: (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ، يعني الحذف بالحصى ، والتصفيق واللعب بالحمام ، وتصفيق[878] الطيور ، ومناقرة الديوك ، ومهارشة الكلاب[879] ، والحبق[880] في المجالس ، ولبس المعصفرات[881] ، (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). وبلغ ذلك ملكهم في سدوم ، فقال: ائتوني به. فلما وقف بين يديه ، قال له: من أنت ، ومن أرسلك ، وبماذا جئت ، وإلى من بعثت؟ فقال له: أما اسمي فلوط ابن أخ إبراهيم (عليه السلام) ، وأما الذي أرسلني فهو الله ربي وربكم ، وأما ما جئت به ، فأدعوكم إلى طاعة الله(وأمره) ، وأنهاكم عن هذه الفواحش. فلما سمع ذلك من لوط وقع في قلبه الرعب والخوف ، فقال له: إنما أنا رجل من قومي ، فسر إليهم ، فإن أجابوك فأنا معهم».

قال: «فخرج لوط من عنده ووقف على قومه ، وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله ، وينهاهم عن المعاصي ، ويحذرهم عذاب الله ، حتى وثبوا عليه من كل جانب ، وقالوا: (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ )[882] من هذه الدعوة (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)[883] أي من بلدنا ، (قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ)[884] الخبيث(مِنَ الْقالِينَ)[885] أي من المبغضين (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ)[886] يعني من الفواحش.

فأقام فيهم لوط عشرين سنة ، وهو يدعوهم ، وتوفيت امرأته وكانت مؤمنة ، فتزوج بأخرى من قومه ، وكانت قد آمنت به ، يقال لها (قواب) ، فقام معها يدعوهم إلى طاعة الله ، فجعلوا يشتمونه ويضربونه ، حتى بقي فيهم من أول ما بعث إلى أربعين سنة ، فلم يبالوا به ، ولم يطيعوه ، فضجت الأرض إلى ربها ، واستغاثت الأشجار ، والأطيار ، والجنة والنار من فعلهم إلى الله تعالى ، فأوحى الله تعالى إليهم[887]: إني حليم لا أعجل على من عصاني حتى يأتي الأجل المحدود».

قال: «فلما استخفوا بنبي الله ولم يذعنوا إلى طاعته ، وداموا على ما كانوا فيه من المعاصي ، أمر الله تعالى أربعة من الملائكة ، وهم: جبرئيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، ودردائيل أن يمروا بإبراهيم (عليه السلام) ، ويبشرونه بولد من‏ سارة بنت هاراز بن ناخور[888] ، وكانت قد آمنت به حين جعل الله عليه النار بردا وسلاما ، فأوحى الله إليه: أن تزوج بها يا إبراهيم- قال- فتزوج بها ، فجاءوا على صورة البشر ، المعتجرين[889] بالعمائم ، وكان إبراهيم (عليه السلام) لا يأكل إلا مع الضيف- قال- فانقطعت الأضياف عنه ثلاثة أيام ، فلما كان بعد ذلك ، قال: يا سارة ، قومي واعملي شيئا من الطعام ، فلعلي أخرج عسى أن ألقى ضيفا. فقامت لذلك ، وخرج إبراهيم (عليه السلام) في طلب الضيف ، فلم يجد ضيفا ، فقعد في داره يقرأ الصحف المنزلة عليه ، فلم يشعر إلا والملائكة قد دخلوا عليه مفاجأة على خيلهم في زينتهم ، فوقفوا بين يديه ، ففزع من مفاجأتهم ، حتى قالوا: سلاما ، فسكن خوفه ، فذلك معنى قوله تعالى: (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى‏ قالُوا سَلاماً)[890] ، وقال تعالى في آية اخرى: (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)[891] ، لأنه لا يعرف صورهم ، فرحب بهم ، وأمرهم بالجلوس ، ودخل على سارة ، وقال لها: قد نزل عندنا أربعة أضياف حسان الوجوه واللباس ، وقد دخلوا وسلموا علي بسلام الأبرار ، فقال لها: وحاجتي إليك أن تقومي وتخدميهم. فقالت: عهدي بك يا إبراهيم وأنت أغير الناس. فقال: هو كما تقولين ، غير أن هؤلاء أعزاء خيار.

ثم عمد إبراهيم إلى عجل سمين فذبحه ، ونظفه ، وعمد إلى التنور فسجره ، فوضع العجل في التنور حتى اشتوى ، وذلك معنى قوله تعالى: (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ)[892] ، والحنيذ الذي يشوى في الحفرة ، وقد انتهى خبزه و نضاجته ، فوضع إبراهيم العجل على الخوان ، ووضع الخبز من حوله ، و قدمه إليهم ، ووقفت سارة عليهم تخدمهم ، وإبراهيم يأكل ولا ينظر إليهم ، فلما رأت سارة ذلك منهم ، قالت: يا إبراهيم ، إن أضيافك هؤلاء لا يأكلون شيئا. فقال لهم إبراهيم (عليه السلام): ألا تأكلون؟ وداخله الخوف من ذلك ، وذلك معنى قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأى‏ أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً)[893] ، أي أضمر منهم خوفا.

ثم قال إبراهيم (عليه السلام): لو علمت أنكم ما تأكلون ما قطعنا العجل عن البقرة. فمد جبرئيل يده نحو العجل ، وقال: قم بإذن الله تعالى. فقام وأقبل نحو البقرة حتى التقم ضرعها ، فعند ذلك اشتد خوف إبراهيم (عليه السلام) ، وقال: (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى‏ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)[894] - قال- وكانت سارة قائمة فلما سمعت ، قالت: أوه[895]. وهي الصرة التي قال الله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها)[896] يعني ضربت وجهها (وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيم)[897] أي كبيرة لم تلد( قالَتْ يا وَيْلَتى‏ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيد)[898] الموجود ذو الشرف  المجد والكرم ، وفي آية اخرى: (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمِ لُوطٍ وَامْرَأَتُهُ قائِمَة)[899] تخدمهم (فَضَحِكَتْ)[900] أي حاضت (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ)[901].

فإسحاق قد مضى عليه ثمانون سنة فكف بصره ، وكان ملازما لمسجده ، فبينما هو ذات يوم جالس إلى جانب امرأته إذ راودها ، فضحكت حتى بدت نواجذها ، فقالت زوجته ، واسمها رباب بنت لوط (عليه السلام) ، وقيل قدرة: يا إسحاق. فقال: نعم ، إن شاء الله ، فواقعها ، فحملت بولدين ذكرين ، وأخبرته بحملها ، فقال لها إسحاق: لا تعجبي من ذلك ، لأني رأيت في أول عمري في المنام ذات ليلة كأنه خرجت من ظهري شجرة عظيمة خضراء لها أغصان وفروع ، كل واحد منها على لون ، فقيل لي في المنام: هذه الأغصان أولادك الأنبياء على قدر أنوارهم ، فانتبهت فزعا مرعوبا ، فهذا تأويل رؤياي. فقالت زوجته: يا نبي الله ورسوله ، إنهما اثنان ، لأنهما يتضاربان في بطني كالمتخاصمين. فقال إسحاق: يكون خيرا إن شاء الله تعالى. فلما تمت مدة الحمل وضعتهما وأحدهما بعقب صاحبه ، متعلق[902] بعقبه ، فسمي: يعقوب ، لأنه بعقب أخيه ، والآخر اسمه عيص ، لأنه أخر أخاه ، وتقدم عليه».

وقيل: إن سارة قد مضى من عمرها تسع وتسعون سنة ، وإبراهيم ثماني وتسعون ، وحملت سارة بإسحاق في الليلة التي خسف الله فيها قوم لوط ، فلما تمت أشهرها وضعته في ليلة الجمعة يوم عاشوراء ، وله نور شعشعاني ، فلما سقط من بطن امه خر لله ساجدا ، ثم استوى قاعدا ، ورفع يديه إلى السماء بالثناء لله تعالى والتوحيد.

قال: «فأخذت تردد قولها: عجوز عقيم وهي لا تدري أن هؤلاء ملائكة ، فرفع جبرئيل (عليه السلام) طرفه إليها ، وقال لها: يا سارة ، كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم. فلما فرغوا من ذلك ، قال لهم إبراهيم: (فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ)[903] ، يعني ما بالكم بعد هذه البشارة؟ (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) يعنون قوم لوط (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ)[904] ». قال قتادة: كانت حجارة مخلوطة بالطين ، مطبوخة في نار جهنم )مُسَوَّمَةً ([905]» يعني معلمة ، وقيل: إنه كان مكتوبا على كل حجر اسم صاحبه من المسرفين من قوم لوط في معاصيهم.

قال: «فعاد جبرئيل إلى صورته حتى عرفه إبراهيم (عليه السلام) ، فأخبره: أن هذا أخي ميكائيل ، وهذان إسرافيل ودردائيل. فاغتم إبراهيم (عليه السلام) شفقة على ابن أخيه لوط وأهله ، وذلك معنى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ، يعني من الباقين في العذاب. ثم سألهم عن عدد المؤمنين في هذه المدائن ، قال له جبرئيل: ما فيها إلا لوط ، وابنتاه. فذلك معنى قوله تعالى: (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[906]. قال الله تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ)[907] ، أي الخوف (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى)‏[908] يعني بإسحاق (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)[909] يعني ما جرى بينه وبين جبرئيل ، يقول الله تعالى: (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)[910] يعني هو مؤمن في الدعاء ، مقبل على عبادة ربه- قال- فعند ذلك قال لإبراهيم: (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ)[911] يعني عذابه (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)[912] أي غير مصروف- قال- فعند ذلك قال إبراهيم (عليه السلام): يا ملائكة ربي ورسله ، امضوا حيث تؤمرون».

قال: «فاستوت الملائكة على خيلهم ، وقاربت مدائن لوط وقت المساء ، فرأتهم رباب بنت لوط زوجة إسحاق (عليه السلام) ، وهي الكبرى ، وكانت تستقي الماء ، فنظرت إليهم و إذا هم قوم عليهم جمال وهيئة حسنة ، فتقدمت إليهم ، و قالت لهم: ما لكم تدخلون على قوم فاسقين! ليس فيهم من يضيفكم إلا ذلك الشيخ ، وإنه ليقاسي من القوم أمرا عظيما- قال- وعدلت الملائكة إلى لوط ، وقد فرغ من حرثه ، فلما رآهم لوط اغتم لهم ، وفزع عليهم من قومه ، وذلك معنى قوله تعالى: (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي‏ءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ)[913] ، يعني شديد شره. وقال في آية اخرى: (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)[914] ، أنكرهم لوط كما أنكرهم إبراهيم (عليه السلام) ، فقال لهم لوط (عليه السلام): من أين أقبلتم؟ قال له جبرئيل (عليه السلام) ، ولم يعرفه: من موضع بعيد ، وقد حللنا بساحتك ، فهل لك أن تضيفنا في هذه الليلة ، وعند ربك الأجر والثواب؟ قال: نعم ، ولكن أخاف عليكم من هؤلاء القوم الفاسقين عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل (عليهما السلام): هذه واحدة. وقد كان الله تعالى أمرهم أن لا يدمروهم إلا بعد أربع‏ شهادات تحصل من لوط بفسقهم ، ولعنته عليهم ، ثم أقبلوا عليه ، وقالوا: يا لوط ، قد أقبل علينا الليل ، ونحن أضيافك ، فاعمل على حسب ذلك. فقال لهم لوط: قد أخبرتكم أن قومي يفسقون ، ويأتون الذكور شهوة ويتركون النساء ، عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه ثانية. ثم قال لهم لوط: انزلوا عن دوابكم ، واجلسوا هاهنا حتى يشتد الظلام ، ثم تدخلون و لا يشعر بكم منهم أحد ، فإنهم قوم سوء فاسقين ، عليهم لعنة الله. فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه الثالثة.

ثم مضى لوط - بعد أن أسدل الظلام - بين أيديهم إلى منزله ، والملائكة خلفه ، حتى دخلوا منزله ، فأغلق عليهم الباب ، ثم دعا بامرأته ، يقال لها (قواب) و قال لها: يا هذه ، إنك عصيت مدة أربعين سنة ، وهؤلاء أضيافي قد ملؤوا قلبي خوفا ، اكفيني أمرهم هذه الليلة حتى أغفر لك ما مضى. قالت: نعم. قال الله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما)[915] ، ولم تكن خيانتهما في الفراش ، لأن الله تعالى لا يبتلي أنبياءه بذلك ولكن خيانة امرأة نوح (عليه السلام) أنها كانت تقول لقومه: لا تضربوه لأنه مجنون وكان ملك قومه رجلا جبارا قويا عاتيا ، يقال له: دوقيل[916] بن عويل بن لامك بن جنح بن قابيل ، وهو أول من شرب الخمر ، وقعد على الأسرة ، وأول من أمر بصنعة الحديد والرصاص والنحاس ، وأول من أتخذ الثياب المنسوجة بالذهب ، وكان يعبد هو وقومه الأصنام الخمس: ودا ، وسواعا ، ويغوث ، ويعوق ، ونسرا ، وهي أصنام قوم إدريس (عليه السلام) ، ثم اتخذوا في كثرة الأصنام حتى صار لهم ألف وتسع مائة صنم على كراسي الذهب ، وأسرة من الفضة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة ، متوجين الأصنام بتيجان مرصعة بالجواهر واللآلئ واليواقيت ، ولهذه الأصنام خدم يخدمونها تعظيما لها.

وخيانة امرأة لوط أنها كانت إذا رأت ضيفا نهارا أدخنت ، وإذا انزل ليلا أوقدت ، فعلم القوم أن هناك ضيوفا ، فلما كان في تلك الليلة ، خرجت وبيدها سراج كأنها تريد أن تشعله ، وطافت على جماعة من قومها وأهلها وأخبرتهم بجمال القوم وبحسنهم- قال- فعلم لوط بذلك ، فأغلق الباب وأوثقه ، وأقبل الفساق يهرعون من كل جانب ومكان ، وينادون ، حتى وقفوا على باب لوط ، ففزعوه ، وذلك معنى قوله تعالى: (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ)[917] ، أي يسرعون إليه (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ)[918] - قال- فناداهم لوط (عليه السلام) ، و قال: (يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)[919] ، يعني بالزواج والنكاح (إن آمنتم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي)[920] ، يعني لا تفضحوني في ضيافتي (أَ لَيْسَ مِنْكُمْ)[921] يا قوم (رَجُلٌ رَشِيد)[922] أي حليم ، يأمركم بالمعروف ، وينهاكم عن المنكر؟ فقالوا له:  ( َقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ)[923] ، أي من حاجة ، ولا شهوة لنا فيهن (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)[924] ، يعني عملهم الخبيث ، وهو إتيان الذكور. ثم كسروا الباب ودخلوا ، فقالوا: (يا لوط أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ)[925] ؟ ، يعني عن الناس أجمعين- قال- فوقف لوط على الباب دون أضيافه ، وقال: و الله لا اسلم أضيافي إليكم وفي عرق يضرب دون أن تذهب نفسي ، أو لا أقدر على شي‏ء ، وذلك معنى قوله تعالى: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ)[926] ، فتقدم بعضهم إليه ، فلطم وجهه ، وأخذ بلحيته ، ودفعه عن الباب ، فعند ذلك قال لوط: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ)- قال- فرفع لوط (عليه السلام) رأسه إلى السماء ، وقال: إلهي خذ لي من قومي حقي ، والعنهم لعنا كثيرا ، فقال جبرئيل لإسرافيل: هذه الرابعة.

ثم قال جبرئيل: (يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ)[927] فأبشر ، ولا تحزن علينا. فهجم القوم عليه ، وهم يقولون: (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) ، أي لا تؤوي ضيفا ، فرأوا جمال القوم وحسن وجوههم ، فبادروا نحوهم ، فطمس الله على أعينهم ، وإذا هم عمي لا يبصرون ، وصارت وجوههم كالقار ، وهم يدورون ووجوههم تضرب الحيطان ، فذلك قوله تعالى: (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ)[928] - قال- وإذا نفر آخرون قد لحقوا بهم ، ونادوهم: إن كنتم قضيتم شهوتكم منهم ، فاخرجوا حتى ندخل ونقضي شهوتنا منهم. فصاحوا: يا قوم ، إن لوطا أتى بقوم سحرة ، لقد سحروا أعيننا ، فادخلوا إلينا و خذوا بأيدينا. فدخلوا وأخرجوهم ، وقالوا: يا لوط ، إذا أصبح الصبح نأتيك ونريك ما تحب فسكت عنهم لوط حتى خرجوا. ثم قال لوط (عليه السلام) للملائكة: بماذا أرسلتم؟ فأخبروه بهلاك قومه ، فقال: متى ذلك؟ فقال جبرئيل (عليه السلام): (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)[929]. فقال جبرئيل (عليه السلام): اخرج الآن- يا لوط- (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ)[930] ، يعني في آخر الليل (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)[931] قواب (إِنَّهُ مُصِيبُهَا ما أَصابَهُمْ) من العذاب».

قال: «فجمع لوط (عليه السلام) بناته وأهله ومواشيه وأمتعته ، فأخرجهم جبرئيل (عليه السلام) من المدينة ، ثم قال جبرئيل (عليه السلام): يا لوط قد قضى ربك أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فقالت له امرأته: إلى أين تخرج- يا لوط- من دورك؟ فأخبرها أن هؤلاء رسل ربي ، جاءوا لهلاك المدن. فقالت: يا لوط ، وما لربك من القدرة حتى يقدر على هلاك هؤلاء المدائن السبع؟ فما استتمت كلامها حتى أتاها حجر من حجارة السجيل ، فوقع على رأسها فأهلكها ، وقيل: إنها بقيت ممسوخة حجرا أسود عشرين سنة ، ثم خسف بها في بطن الأرض».

قال: «وخرج لوط (عليه السلام) من تلك المدائن وإذا بجبرئيل الأمين قد بسط جناح الغضب ، وإسرافيل قد جمع أطراف المدائن ، ودردائيل قد جعل جناحه تحت تخوم الأرض السابعة ، وعزرائيل قد تهيأ لقبض أرواحهم‏ في حراب النيران ، حتى إذا برز عمود الصبح ، صاح جبرئيل الأمين بأعلى صوته: يا بئس صباح قوم كافرين. وصاح ميكائيل من الجانب الثاني: يا بئس صباح قوم فاسقين. وصاح إسرافيل من الجانب الثالث: يا بئس صباح قوم مجرمين. وصاح دردائيل: يا بئس صباح قوم ضالين. وصاح عزرائيل بأعلى صوته: يا بئس صباح قوم غافلين».

قال: «فقلع جبرئيل الأمين- طاوس الملائكة المطوق بالنور ، ذو القوة- تلك المدائن السبع عن آخرها ، من تحت تخوم الأرض السابعة السفلى بجناح الغضب ، حتى بلغ الماء الأسود ، ثم رفعها بجبالها ، ووديانها[932] ، وأشجارها ، ودورها ، وغرفها ، وأنهارها ، ومزارعها ، ومراعيها ، حتى انتهى بها إلى البحر الأخضر الذي في الهواء ، حتى سمع أهل السماء صياح صبيانهم ، ونبيح كلابهم ، وصقيع[933] الديكة ، فقالوا: من هؤلاء المغضوب عليهم؟ فقيل: هؤلاء قوم لوط (عليه السلام). ولم تزل كذلك على جناح جبرئيل ، وهي ترتعد كأنها سعفة في ريح عاصف ، تنتظر متى يؤمر بهم ، فنودي: در القرى بعضها على بعض. فقلبها جبرئيل الأمين ، وجعل عاليها سافلها ، فذلك معنى قوله تعالى: (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى‏ فَغَشَّاها ما غَشَّى)[934] ، يعني من رمي الملائكة لهم بالحجارة من فوقهم.

قال الله تعالى: (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا)[935] يعني عذابنا (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)[936] يعني متتابع بعضه على بعض ، وكل حجر عليه اسم صاحبه- قال- فاستيقظ القوم وإذا هم بالأرض تهوي بهم من الهواء ، والنيران من تحتهم ، والملائكة تقذفهم بالحجارة وهي مطبوخة بنار جهنم ، وهي عليهم كالمطر ، فساء صباح المنذرين».

وروي عن كل واحد كان غائبا عن هذه المدائن ، ممن كان على مثل حالهم في دينهم وفعلهم أتاه الحجر ، فانقض على رأسه حتى قتله.

وكان النبي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «إني لأسمع صوت القواصف من الريح ، والرعود ، وأحسب أنها الحجارة التي وعد الله بها الظلمة ، كما قال الله تعالى: (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)[937] ، وقوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى‏ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ)[938] ، يعني بالحجارة (أَوْمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)[939] يعني الخسف».

قال كعب: وجعل يخرج من تلك المدائن دخان أسود نتن لا يقدر أحد أن يشمه لنتن رائحته ، وبقيت آثار المدائن والقوم يعتبر بها كل من يراها ، فذلك معنى قوله تعالى: (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

قال: «ومضى لوط (عليه السلام) إلى عمه إبراهيم (عليه السلام) ، فأخبره بما نزل بقومه ، فذلك معنى قوله تعالى: (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ)[940] ».[941]

قوله تعالى:

(وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى‏ بِالْبَيِّناتِ- إلى قوله تعالى- وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ 39- 43)

 1 - وقال علي بن إبراهيم ، في قوله: (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى‏ بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ): فهذا رد على المجبرة الذين زعموا أن الأفعال لله عز وجل ولا صنع لهم فيها ولا اكتساب ، فرد الله عليهم ، فقال: (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) ، ولم يقل بفعلنا به ، لأن الله عز وجل أعدل من أن يعذب العبد على فعله الذي يجبره عليه. فقال الله: (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) ، وهم قوم لوط (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) ، وهم قوم شعيب وصالح (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) ، وهم قوم هود (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) ، وهم فرعون وأصحابه.

ثم قال: قال الله عز وجل تأكيدا وردا على المجبرة: (وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ، ثم ضرب الله مثلا فيمن اتخذ من دون الله أولياء ، فقال: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) ، وهو الذي نسجته العنكبوت على باب الغار الذي دخله رسول الله (صلى الله عليه و آله) ، وهو أوهن البيوت- قال- فكذلك من اتخذ من دون الله أولياء. ثم قال: (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) ، يعني آل محمد (عليهم السلام).[942]

2 - شرف الدين النجفي ، قال: روى أحمد بن محمد بن خالد[943] البرقي ، عن الحسين بن سيف عن أخيه ، عن أبيه ، عن سالم بن مكرم ، عن أبيه ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في قوله تعالى: (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) ، قال: «هي الحميراء».[944]

3 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا الحسين بن عامر ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن مالك بن عطية ، عن محمد بن مروان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز و جل: (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) ، قال: «نحن هم».[945]

وسيأتي حديث في ذلك- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) [946] ».

قوله تعالى:

(اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَر - إلى قوله تعالى- ولا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ 45-46)

1 - علي بن إبراهيم: ثم خاطب الله نبيه (صلى الله عليه وآله) ، فقال: (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) قال: من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا.[947]

2 - الطبرسي ، قال: روى أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من أحب أن يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل ، فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر؟ فبقدر ما منعته قبلت منه».[948]

3 - محمد بن يعقوب: عن علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن الحسين بن عبد الرحمن ، عن سفيان الحريري ، عن أبيه ، عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل- قلت: يا أبا جعفر ، هل يتكلم القرآن؟ فتبسم ، ثم قال: «رحم الله الضعفاء من شيعتنا ، إنهم أهل تسليم». ثم قال: «نعم يا سعد ، والصلاة تتكلم ، ولها صورة وخلق ، تأمر وتنهى».

قال سعد: فتغير لذلك لوني ، وقلت: هذا شي‏ء لا أستطيع أن أتكلم به في الناس. فقال أبو جعفر (عليه السلام): «وهل الناس إلا شيعتنا ، فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقنا». ثم قال: «يا سعد ، أسمعك كلام القرآن؟». قلت: بلى ، (صلى الله عليك). قال: «(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر)  ، فالنهي كلام ، والفحشاء والمنكر رجال ، ونحن ذكر الله ، ونحن أكبر».[949]

4 - العياشي ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ولذكر الله أكبر عند ما أحل وحرم».[950]

5 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) ، يقول: «ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه ، ألا ترى أنه يقول: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)[951] ؟».

قوله: (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، قال: اليهود والنصارى (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، قال: بالقرآن.[952]

6 - الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام) ، قال: «قال الصادق (عليه السلام) ، وقد ذكر عنده الجدال في الدين ، وأن رسول الله (صلى الله عليه و آله) والأئمة (عليهم السلام) قد نهوا عنه ، فقال الصادق (عليه السلام): لم ينه عنه مطلقا ، لكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن ، أما تسمعون الله عز وجل يقول: (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، وقوله تعالى: (ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[953] ؟ فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين ، والجدال بغير التي هي أحسن محرم ، حرمه الله تعالى على شيعتنا وكيف يحرم الله الجدال جملة ، وهو يقول: (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى)‏[954] وقال تعالى: (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)[955] ؟ فجعل الله علم الصدق والإيمان بالبرهان ، وهل يكون البرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن؟

فقيل: يا بن رسول الله ، فما الجدال بالتي هي أحسن ، والتي ليست بأحسن؟ قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن ، بأن تجادل مبطلا ، فيورد عليك باطلا ، فلا ترده بحجة قد نصبها الله ، ولكن تجحد قوله ، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله ، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة ، لأنك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم ، وعلى المبطلين: أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته ، وضعف ما في يده ، حجة له على باطله ، وأما الضعفاء منكم فتغم[956] قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل. وأما الجدال بالتي هي أحسن ، فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت ، وإحياءه له ، فقال الله تعالى حاكيا عنه: (وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)[957] ؟ فقال الله في الرد عليه: (قُلْ)[958] يا محمد (يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ)[959] إلى آخر السورة. فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث الله هذه العظام وهي رميم؟ فقال الله تعالى: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) ، أفيعجز من ابتدأه لا من شي‏ء أن يعيده بعد أن يبلى؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته. ثم قال: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) ، أي إذا كان قد أكمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ، يستخرجها ، فعرفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر ، ثم قال: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى‏ وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)[960] ، أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي ، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ، ولم تجوزوا ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟

فقال الصادق (عليه السلام): فهذا الجدال بالتي هي أحسن ، لأن فيه انقطاع عرى الكافرين ، وإزالة شبههم ، وأما الجدال بغير التي هي أحسن ، فأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله ، وإنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق ، فهذا هو المحرم ، لأنك مثله ، جحد هو حقا ، وجحدت أنت حقا آخر».[961]

قوله تعالى:

(وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ 47)

1 - محمد بن العباس ، فقال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن الحسين ابن حماد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) ، قال: «هم آل محمد (عليهم السلام) (وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ به) ، يعني أهل الإيمان من أهل القبلة».[962]

2 - وعنه ، قال: حدثنا أبو سعيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن الحصين بن المخارق ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) ، قال: «هم آل محمد (عليهم السلام)».[963]

1 - علي بن إبراهيم ، قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ): «فهم آل محمد (عليهم السلام) (وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) ، يعني أهل الإيمان من أهل القبلة».[964]

قوله تعالى:

(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ 48)

2- علي بن إبراهيم: (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُون) ، وهو معطوف على قوله في سورة الفرقان: (اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى‏ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[965] ، فرد الله عليهم ، فقال: كيف يدعون أن الذي تقرأه وتخبر به تكتبه عن غيرك ، وأنت (ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ)؟ أي شكوا. [966]

قوله تعالى:

(بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ 49)

3 - محمد بن يعقوب: عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين ابن المختار ، عن أبي بصير ، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في هذه الآية: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، فأومأ بيده إلى صدره.[967]

4 - وعنه: عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «هم‏ الأئمة (عليهم السلام)».[968]

3 - وعنه: عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) ، في هذه الآية: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «أما والله- يا أبا محمد- ما قال بين دفتي المصحف». قلت: من هم ، جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا؟».[969]

4 - وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)- قال- هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة».[970]

5 - وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة».[971]

6 - محمد بن الحسن الصفار: عن يعقوب بن يزيد ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)؟ فقلت له: أنتم؟ فقال: «من عسى أن يكونوا؟».[972]

7 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، أنه قرأ هذه الآية: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم) ، ثم قال: «يا أبا محمد ، والله ما قال بين دفتي المصحف».قلت: من هم ، جعلت فداك؟ قال: «من عسى أن يكونوا غيرنا؟».[973]

8 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن حجر ، عن حمران ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وأبي عبد الله البرقي ، عن أبي الجهم ، عن أسباط ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله تبارك وتعالى: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «نحن».[974]

9 - وعنه: عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، والحسن بن علي بن فضال ، عن مثنى‏ الحناط ، عن الحسن الصيقل ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)؟ قال: «نحن ، وإيانا عنى».[975]

10 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد. عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أيوب بن حر ، عن حمران ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، فقلت: أنتم هم؟ قال: «من عسى أن يكون؟».[976]

11 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل ، قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام)».[977]

12 - وعنه: عن محمد بن الحسين ، عن يزيد شعر ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «هم الأئمة (عليهم السلام) خاصة ، وما يعقلها إلا العالمون ، فزعم أن من عرف الإمام والآيات[978] يعقل ذلك».[979]

13 - وعنه: عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «الرجس هو الشك ، ولا نشك في ديننا أبدا». ثم قال: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قلت: أنتم هم؟ قال: «من عسى أن يكونوا؟».[980]

14 - وعنه: عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن محمد بن يحيى ، عن عبد الرحيم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «إن هذا العلم انتهى إلي[981] في القرآن- ثم جمع أصابعه ، ثم قال- (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)».[982]

15 - محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن سليمان الزراري ، عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، فقلت له: أنتم هم؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام): «من عسى أن يكونوا ، ونحن الراسخون في العلم؟».[983]

16 - وعنه ، قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن أبي عمير ، عن‏ عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قوله عز وجل: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ)؟ قال: «إيانا عنى».[984]

17 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن القاسم الهمداني ، عن أحمد بن محمد السياري ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن علي بن أسباط ، قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله عز وجل: (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «نحن هم». فقال الرجل: جعلت فداك ، حتى[985] يقوم القائم (عليه السلام)؟ قال: «كلنا قائم بأمر الله عز وجل واحد بعد واحد حتى يجي‏ء صاحب السيف ، فإذا جاء صاحب السيف جاء أمر غير هذا».[986]

18 - وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن هوذة الباهلي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن عبد العزيز العبدي ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، قال: «هم الأئمة من آل محمد (عليهم السلام)».[987]

قوله تعالى:

(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ- إلى قوله تعالى- وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ 49-69 )

1- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) ، يعني ما يجحد بأمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام) (إِلَّا الظَّالِمُونَ). وقال عز وجل: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) يا محمد (بِالْعَذابِ) يعني قريشا ، فقال الله تعالى: (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).[988]

2- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) يقول: «لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك ، فإن خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم ، فإن أرضي واسعة ، وهو يقول: (فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ)[989]. فقال: (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها)[990] ، ثم قال: (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) ، أي فاصبروا على طاعة الله فإنكم إليه ترجعون».[991]

3- قال علي بن إبراهيم ، في قوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) ، قال: كان العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع ، فقال الله تعالى: (نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ)[992]. قال: قوله: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) ، أي لا يموتون فيها ، قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا) ، أي صبروا وجاهدوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) أي لنثبتنهم[993] (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).[994]

4- ثم‏ قال علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «هذه الآية[995] لآل محمد (صلى الله عليه وآله) ، ولأشياعهم».[996]

5- ابن بابويه ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي بالبصرة ، قال: حدثني المغيرة بن محمد ، قال: حدثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) ، قال: «خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة منصرفه من النهروان ، وبلغه أن معاوية يسبه ، ويعيبه ، ويقتل أصحابه ، فقام خطيبا- وذكر الخطبة إلى أن قال فيها-: ألا وإني مخصوص في القرآن بأسماء ، احذروا أن تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم ، قال الله عز وجل: (إن الله مع الصادقين)[997] أنا ذلك الصادق ، وأنا المؤذن في الدنيا والآخرة ، قال الله عز وجل: (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)[998] ، أنا ذلك المؤذن ، وقال: (وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)[999] ، فأنا ذلك الأذان من الله ورسوله ، وأنا المحسن ، يقول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) وأنا ذو القلب ، يقول الله عز وجل: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ)[1000] ، وأنا الذاكر ، يقول الله تبارك وتعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى‏ جُنُوبِهِمْ)[1001].

ونحن أصحاب الأعراف: أنا وعمي وأخي وابن عمي ، والله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا محب ، ولا يدخل الجنة لنا مبغض ، يقول الله عز وجل: (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ)[1002] ، وأنا الصهر ، يقول الله عز وجل: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً)[1003]. وأنا الأذن الواعية ، يقول الله عز وجل: (وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ)[1004] ، وأنا السلم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، يقول الله عز وجل: (وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ)[1005]. ومن ولدي مهدي هذه الأمة».[1006]

6- محمد بن العباس ، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى ، عن عمر[1007] بن محمد بن زكي ، عن محمد بن الفضيل ، عن محمد بن شعيب ، عن قيس بن الربيع ، عن منذر الثوري ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي (عليه السلام) ، قال: «يقول الله عز وجل: (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ، فأنا ذلك المحسن».[1008]

7- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الخثعمي ، عن عباد بن يعقوب ، عن الحسن بن حماد ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ، قال: «نزلت فينا».[1009]

8- وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن مسلم الحذاء ، عن زيد بن علي ، في قول الله عز وجل: (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ، قال: «نحن هم». قلت: وإن لم تكونوا ، وإلا فمن![1010]

9- المفيد ، في (الاختصاص) ، قال: روي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهم السلام) ، في قوله: (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) ، قال: «نزلت فينا أهل البيت».[1011]

سورة الروم‏

فضلها

تقدم في سورة العنكبوت[1012].

1- ومن (خواص القرآن): روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك يسبح الله تعالى في السماء والأرض ، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته ، ومن كتبها وجعلها في منزل من أراد ، اعتل جميع من في الدار ، ولو دخل في الدار غريب اعتل أيضا مع أهل الدار».[1013]

2- وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها وجعلها في منزل من أراد من الناس ، اعتل جميع من في ذلك المنزل ، ومن كتبها في قرطاس ، ومحاها بماء المطر ، وجعلها في ظرف مطين ، كل من شرب من ذلك الماء يصير مريضا ، وكل من غسل وجهه من ذلك الماء يظهر في عينه رمد ، كاد أن يصير أعمى[1014]».[1015]

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ 1- 5)

1- محمد بن العباس: عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن الحسن بن القاسم ، قراءة ، عن علي بن إبراهيم بن المعلى ، عن الفضيل بن إسحاق ، عن يعقوب بن شعيب ، عن عمران بن ميثم ، عن عباية ، عن علي (عليه السلام) ، قال: «قوله عز وجل: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ) هي فينا ، وفي بني أمية».[1016]

2- وعنه ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور القمي ، عن أبيه ، عن جعفر بن بشير الوشاء ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن تفسير: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ) ، قال: «هم بنو امية ، وإنما أنزلها الله عز وجل: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ بنو امية فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) عند قيام القائم (عليه السلام)».[1017]

3- أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (مسند فاطمة) (عليها السلام) ، قال: حدثني أبو المفضل محمد ابن عبد الله ، قال: حدثنا محمد بن همام ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، قال: حدثنا إسحاق بن محمد بن‏ سميع ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) ، قال: «في قبورهم بقيام القائم (عليه السلام)».[1018]

4- صاحب (ثاقب المناقب): أسنده إلى أبي هاشم الجعفري ، عن محمد بن صالح الأرمني ، قال: قلت لأبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام): عرفني عن قول الله تعالى: (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ). فقال (عليه السلام): «لله الأمر من قبل أن يأمر ، ومن بعد أن يأمر بما يشاء». فقلت في نفسي: هذا تأويل قول الله: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)[1019].

فأقبل (عليه السلام) علي ، وقال: «هو كما أسررت في نفسك (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ)». فقلت: أشهد أنك حجة الله ، وابن حجته على عباده.[1020]

5- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ). فقال: «يا أبا عبيدة ، إن لهذا تأويلا لا يعلمه إلا الله ، والراسخون في العلم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) ، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام ، كتب إلى ملك الروم كتابا ، وبعث به مع رسول يدعوه إلى الإسلام ، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام ، وبعثه إليه مع رسوله ، فأما ملك الروم فعظم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأكرم رسوله ، وأما ملك فارس فإنه استخف بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومزقه ، واستخف برسوله. وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم ، وكان المسلمون يهوون أن يغلب ملك الروم ملك فارس ، وكانوا لناحية ملك الروم أرجى منهم لملك فارس ، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به ، فأنزل الله عز وجل بذلك كتابا قرآنا: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض ، وهي الشامات وما حولها (وَهُمْ) يعني فارس (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) الروم (سيغلبون) يعني يغلبهم المسلمون (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) ، فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر الله عز وجل».

قال: قلت: أليس الله عز وجل يقول: (فِي بِضْعِ سِنِينَ) ، وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي إمارة أبي بكر ، وإنما غلب المؤمنون فارس في إمارة عمر؟ فقال: «ألم أقل لكم أن لهذا تأويلا وتفسيرا ، والقرآن- يا أبا عبيدة- ناسخ ومنسوخ ، أما تسمع لقول‏ الله عز وجل: (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)؟ يعني إليه المشيئة في القول أن يؤخر ما قدم ، ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين ، فذلك قوله عز وجل: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) ، يوم يحتم القضاء بنصر الله».[1021]

6- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري ، عن يعقوب بن يزيد ، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن سدير الصيرفي ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلق نور فاطمة قبل أن تخلق الأرض والسماء. فقال بعض الناس: يا نبي الله ، فليست هي إنسية؟ فقال (عليه السلام): فاطمة حوراء إنسية. قالوا: يا رسول الله ، وكيف هي حوراء إنسية؟ قال: خلقها الله عز وجل من نور[1022] قبل أن يخلق آدم ، إذ كانت الأرواح ، فلما خلق الله عز وجل آدم عرضت على آدم.

قيل: يا نبي الله ، وأين كانت فاطمة؟ قال: كانت في حقة تحت ساق العرش. قالوا: يا نبي الله ، فما كان طعامها؟ قال: التسبيح ، والتهليل ، والتحميد ، فلما خلق الله عز وجل آدم ، وأخرجني من صلبه أحب الله عز وجل أن يخرجها من صلبي ، جعلها تفاحة في الجنة ، وآتاني بها جبرئيل (عليه السلام) ، فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته ، يا محمد. قلت: وعليك السلام ورحمة الله ، حبيبي جبرئيل. فقال: يا محمد ، إن ربك يقرئك السلام. قلت: منه السلام ، وإليه يعود السلام. قال: يا محمد ، إن هذه التفاحة ، أهداها الله عز وجل إليك من الجنة. فأخذتها ، وضممتها إلى صدري. قال: يا محمد ، يقول الله جل جلاله: كلها. ففلقتها ، فرأيت نورا ساطعا ، ففزعت منه ، فقال: ما لك- يا محمد- لا تأكل؟ كلها ولا تخف ، فإن ذلك النور للمنصورة في السماء ، وهي في الأرض فاطمة. قلت: حبيبي جبرئيل ، ولم سميت في السماء المنصورة ، وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت في الأرض فاطمة لأنها فطمت شيعتها من النار ، وفطم أعداؤها من حبها ، وهي في السماء المنصورة ، وذلك قوله عز وجل: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) يعني نصر الله لمحبيها».[1023]

علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر (عليه السلام)[1024] ، وذكر الحديث الأول مثل ما تقدم من رواية الكليني.

قوله تعالى:

(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا- إلى قوله تعالى- وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ 7-  18)

 1- علي بن إبراهيم: (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) يعني ما يرونه حاضرا (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) ، قال: يرون حاضر الدنيا ، ويتغافلون عن الآخرة. قال: قوله: (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّوأى‏ أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) أي ظلموا واستهزءوا. قال: قوله: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) أي يئسوا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ) يعني شركاء يعبدونهم ، ويطيعونهم ، لا يشفعون لهم. وقوله: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) ، قال: إلى الجنة والنار (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) أي يكرمون. قال: قوله: (فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) يقول: سبحان ]سبحان الله[ بالغداة ، والعشي ، ونصف النهار.[1025]

2- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي ، عن عبد الله بن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبد الله ، عن آبائه ، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ، قال: «جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله ، [أن‏] قال: أخبرني عن الله عز وجل ، لأي شي‏ء فرض هذه الخمس صلوات ، في خمس مواقيت على أمتك ، في ساعات الليل والنهار؟

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ، فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شي‏ء دون العرش بحمد ربي جل جلاله ، وهي الساعة التي يصلي علي فيها ربي ، ففرض الله عز وجل علي وعلى أمتي فيها الصلاة ، وقال: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى‏ غَسَقِ اللَّيْلِ)[1026] ، وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة ، فما من مؤمن يوافق[1027] تلك الساعة أن يكون ساجدا ، أو راكعا ، أو قائما ، إلا حرم الله جسده على النار.

وأما صلاة العصر ، فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله من الجنة ، فأمر الله عز وجل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة ، واختارها لامتي ، فهي من أحب الصلوات إلى الله عز وجل ، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات.

وأما صلاة المغرب ، فهي الساعة التي تاب الله عز وجل فيها على آدم ، وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه ثلاث مائة سنة من أيام الدنيا ، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة ما بين العصر والعشاء ، فصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته ، وركعة لخطيئة حواء ، وركعة لتوبته ، فافترض الله عز وجل هذه الركعات الثلاث على امتي ، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء ، فوعدني ربي عز وجل أن يستجيب لمن دعاه فيها ، وهي الصلاة التي أمرني بها ربي في قوله عز وجل: (فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ).

وأما صلاة العشاء الآخرة ، فإن للقبر ظلمة ، وليوم القيامة ظلمة ، فأمرني الله عز وجل وامتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنور القبور ، وليعطيني وامتي النور على الصراط ، وما من قدم مشت إلى صلاة العتمة[1028] إلا حرم الله جسدها على النار ، وهي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي.

وأما صلاة الفجر ، فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني شيطان ، فأمرني الله عز وجل أن اصلي صلاة الغداة قبل طلوع الشمس ، وقبل أن يسجد لها الكافر ، فتسجد امتي لله عز وجل ، وسرعتها أحب إلى الله عز وجل ، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل ، وملائكة النهار. قال اليهودي: صدقت ، يا محمد».[1029]

ورواه في (من لا يحضره الفقيه) مرسلا ، عن الحسن (عليه السلام)[1030].

قوله تعالى:

(يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ 19- 20)

 1- علي بن إبراهيم ، قوله: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) قال: يخرج المؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من المؤمن.

وقد تقدم بهذا المعنى حديث مسند في سورة الأنعام[1031].

قوله: (وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) رد على الدهرية. ثم قال: (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) أي تسيرون[1032] في الأرض. [1033]

قوله تعالى:

(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ- إلى قوله تعالى- إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ 22- 25)

1- محمد بن يعقوب: عن أحمد بن إدريس ، ومحمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن الإمام: فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: «نعم ، وذلك أن رجلا سأله عن مسألة ، فأجابه عنها ، وسأله آخر عن تلك المسألة ، فأجابه بغير جواب الأول ، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ، ثم قال: هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب[1034] وهكذا هي في قراءة علي (عليه السلام)».

قال: قلت: أصلحك الله ، فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام؟ قال: «سبحان الله! أما تسمع الله يقول:

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)[1035] ، وهم الأئمة (عليهم السلام) (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ)[1036] لا يخرج منها أبدا».

ثم قال لي: «نعم ، إن الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه ، وعرف لونه ، وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه ، وعرف ما هو ، إن الله يقول: (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) ، وهم العلماء ، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلا عرفه ناج أو هالك ، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم».[1037]

ورواه الصفار في (بصائر الدرجات)[1038].

2- علي بن إبراهيم ، قوله: (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) ، قال: يعني السماء والأرض هاهنا (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) وهو رد على أصناف الزنادقة.[1039]

قوله تعالى:

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ 28)

1- علي بن إبراهيم ، قال: إنه كان سبب نزولها أن قريشا والعرب كانوا إذا حجوا يلبون ، وكانت تلبيتهم: لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، وهي تلبية إبراهيم (عليه السلام) والأنبياء ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ ، فقال: ليست هذه تلبية أسلافكم. قالوا: وما كانت تلبيتهم؟ قال: كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك ، فنفرت قريش من هذا القول ، فقال لهم إبليس: على رسلكم حتى آتي على آخر كلامي. فقالوا: ما هو؟ فقال: إلا شريك هو لك ، تملكه وما يملك ، ألا ترون أنه يملك الشريك وما ملكه؟ فرضوا بذلك ، وكانوا يلبون بهذا قريش خاصة. فلما بعث الله رسوله أنكر ذلك عليهم ، وقال: «هذا شرك» فأنزل الله: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) ، أي ترضون أنتم فيما تملكون أن يكون لكم فيه شريك؟ فإذا لم ترضوا أنتم أن يكون لكم فيما تملكون شريك ، فكيف ترضون أن تجعلوا لي شريكا فيما أملك؟[1040]

قوله تعالى:

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ 30)

2- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ، قال: «هي الولاية».[1041]

3- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)؟ قال: «التوحيد».[1042]

4- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي‏ عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، ما تلك الفطرة؟ قال: «هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال: (أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ)[1043]؟ قالوا: بلى[1044] ، وفيه المؤمن والكافر».[1045]

4- وعنه: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطرهم جميعا على التوحيد».[1046]

5- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)[1047] ، قال: «الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله- قال- فطرهم على المعرفة به».[1048]

قال زرارة: وسألته عن قول الله عز وجل: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى)[1049] الآية ، قال: «أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذر ، فعرفهم ، وأراهم نفسه ، ولولا ذلك لم يعرف أحد ربه- قال- وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل مولود يولد على الفطرة ، يعني على المعرفة بأن الله عز وجل خالقه ، كذلك قوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)[1050]». [1051]

ورواه ابن بابويه في كتاب (التوحيد) ، عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن إبراهيم بن هاشم ، ومحمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ، ويعقوب بن يزيد ، جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) ، وذكر الحديث إلى آخره[1052].

6- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطرهم على التوحيد».[1053]

7- ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن‏ سنان ، عن العلاء بن فضيل ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «التوحيد».[1054]

8- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)؟ قال: «التوحيد».[1055]

9- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ما تلك الفطرة؟ قال: «هي الإسلام ، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد ، قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)[1056] وفيهم المؤمن والكافر».[1057]

10- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطرهم على التوحيد».[1058]

11- وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطرهم على التوحيد».[1059]

12- وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد ، وعبد الله ابني محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطرهم جميعا على التوحيد».[1060]

13- وعنه ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن الحسن بن يونس ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «التوحيد ، ومحمد رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين (صلى الله عليهما وآلهما)».[1061]

14- وعنه: عن أبيه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أصلحك الله ، قول الله عز وجل في كتابه: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)؟ قال: «فطرهم على التوحيد عند الميثاق ، وعلى معرفته أنه ربهم». قلت: وخاطبوه؟ قال: فطأطأ رأسه ، ثم قال: «لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ، ولا من رازقهم».[1062]

15- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطروا على التوحيد».[1063]

16- وعنه: عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)[1064] ، ما الحنيفية؟ قال: «هي الفطرة التي فطر الناس عليها ، فطر الخلق على معرفته».[1065]

17- وعنه: عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «فطرهم على معرفة أنه ربهم ، ولولا ذلك لم يعلموا إذا سئلوا من ربهم ، ولا من رازقهم».[1066]

18- علي بن إبراهيم ، قال: أخبرنا الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن جعفر بن بشير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ، قال: «هي الولاية».[1067]

19- قال: حدثنا الحسين بن علي بن زكريا ، قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني ، قال: حدثنا علي ابن موسى الرضا (عليه السلام) ، عن أبيه ، عن جده عن محمد بن علي (عليهم السلام) ، في قوله: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، علي أمير المؤمنين ولي الله ، إلى هاهنا التوحيد».[1068]

20- وعنه ، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن عثمان الناب ، وخلف بن حماد ، عن الفضيل بن يسار ، وربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله‏ تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ، قال: «قم في الصلاة ، ولا تلتفت يمينا ولا شمالا».[1069]

21- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) ، قال: «أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شي‏ء من عبادة الأوثان ، خالصا مخلصا».[1070]

22- محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن المالكي[1071] ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن جعفر بن بشير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سألته عن قول الله عز وجل: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «هي الولاية».[1072]

23- محمد بن الحسن الصفار: بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله عز وجل: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «على التوحيد ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأن عليا أمير المؤمنين (عليه السلام)».[1073]

24- الشيخ في (مجالسه) بإسناده المتصل عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت له: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «التوحيد».[1074]

25- العياشي: عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «كانت شريعة نوح (عليه السلام) أن يعبد الله بالتوحيد ، والإخلاص ، وخلع الأنداد ، وهي الفطرة التي فطر الناس عليها».[1075]

وللحديث تتمة ، تقدم بتمامه في سورة هود[1076].

26- ابن شهر آشوب: عن الرضا ، عن أبيه ، عن جده (عليهم السلام) ، في قوله تعالى: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) ، قال: «هو التوحيد ، ومحمد رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين (عليهما السلام) إلى هاهنا التوحيد».[1077]

27- ابن بابويه: عن أبيه ، قال: حدثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن الحسين بن نعيم الصحاف ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيكون الرجل مؤمنا ، قد ثبت له الإيمان ، ثم ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر؟ قال: «إن الله هو العدل ، وإنما بعث الرسل ليدعوا الناس إلى الإيمان بالله ، ولا يدعوا أحدا إلى الكفر».

قلت: فيكون الرجل كافرا ، قد ثبت له الكفر عند الله ، فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان؟ قال: «إن الله عز وجل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها ، لا يعرفون إيمانا بشريعة ، ولا كفرا بجحود ، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الإيمان بالله حجة لله عليهم ، فمنهم من هداه الله ، ومنهم من لم يهده».[1078]

28- الطبرسي في (جوامع الجامع) في معنى الآية: قوله (عليه السلام): «كل مولود يولد على الفطرة ، حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه».[1079]

قوله تعالى:

(فَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 38)

1- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن عثمان بن عيسى ، وحماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «لما بويع لأبي بكر ، واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار ، بعث إلى فدك ، فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها ، فجاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر ، فقالت: يا أبا بكر ، منعتني ميراثي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وأخرجت وكيلي من فدك وقد جعلها لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر الله؟! فقال لها: هاتي على ذلك شهودا. فجاءت بأم أيمن ، فقالت: لا أشهد حتى أحتج- يا أبا بكر- عليك بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقالت: أنشدك الله- يا أبا بكر- أ لست تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن أم أيمن امرأة من أهل الجنة؟ قال: بلى. قالت: فأشهد أن الله أوحى إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): (فَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ) فجعل فدكا لفاطمة (عليها السلام) بأمر الله. وجاء علي (عليه السلام) فشهد بمثل ذلك ، فكتب لها كتابا برد فدك ، ودفعه إليها ، فدخل عمر ، فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال أبو بكر: إن فاطمة ادعت في فدك ، وشهدت لها ام أيمن وعلي ، فكتبت لها بفدك. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة (عليها السلام) فمزقه ، وقال: هذا في‏ء للمسلمين ، وقال: أوس بن الحدثان ، وعائشة ، وحفصة يشهدون على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة ، وإن عليا زوجها يجر إلى نفسه ، وام أيمن فهي امرأة صالحة ، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه.

فخرجت فاطمة (عليها السلام) من عندهما باكية حزينة ، فلما كان بعد هذا جاء علي (عليه السلام) إلى أبي بكر وهو في المسجد ، وحوله المهاجرون والأنصار ، فقال: يا أبا بكر ، لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال أبو بكر: هذا في‏ء للمسلمين ، فإن أقامت شهودا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعله لها ، وإلا فلا حق لها فيه. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر ، تحكم فينا بخلاف حكم‏ الله في المسلمين! قال: لا. قال: فإن كان في يد المسلمين شي‏ء يملكونه ، ادعيت أنا فيه ، من تسأل البينة؟ قال: إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين. قال: فإذا كان في يدي شي‏ء وادعى فيه المسلمون ، تسألني البينة على ما في يدي ، وقد ملكته في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وبعده[1080] ، ولم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا علي شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم؟ فسكت أبو بكر ، ثم قال عمر: يا علي ، دعنا من كلامك ، فإنا لا نقوى على حججك ، فإن أتيت بشهود عدول وإلا فهو في‏ء للمسلمين لا حق لك ولا لفاطمة فيه.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أبا بكر ، تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى: (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)[1081] ، فيمن نزلت ، أ فينا أم في غيرنا؟ قال: بل فيكم.

قال: فلو أن شاهدين شهدا على فاطمة (عليهم السلام) بفاحشة ، ما كنت صانعا؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر المسلمين. قال: كنت إذن عند الله من الكافرين. قال: ولم؟ قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة ، وقبلت شهادة الناس عليها ، كما رددت حكم الله وحكم رسوله أن جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لها فدك وقبضته في حياته ، ثم قبلت شهادة أعرابي بوال على عقبيه ، مثل أوس بن الحدثان ، وأخذت منها فدك ، وزعمت أنه في‏ء للمسلمين ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): البينة على المدعي ، واليمين على من ادعي عليه- قال- فدمدم الناس ، وبكى بعضهم ، فقالوا: صدق- والله- علي. ورجع علي إلى منزله».

قال: «ودخلت فاطمة المسجد ، وطافت بقبر أبيها (عليه وآله السلام) وهي تبكي ، وتقول:

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها             واختل قومك فاشهدهم ولا تغب[1082]

قد كان بعدك أنباء وهنبثة[1083]             لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب‏

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا             فغاب عنا وكل الخير محتجب‏

وكنت بدرا ونورا يستضاء به             عليك تنزل من ذي العزة الكتب‏

تقمصتها رجال واستخف بنا             إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب‏

فكل أهل له قربى ومنزلة             عند الإله على الأدنين مقترب‏

أبدت رجال لنا فحوى صدورهم             لما مضيت وحالت دونك الكثب[1084]

فقد رزينا[1085] بما لم يرزه أحد             من البرية لا عجم ولا عرب‏

فقد رزينا به محضا خليقته             صافي الضرائب والأعراق والنسب‏

فأنت خير عباد الله كلهم             وأصدق الناس حين الصدق والكذب[1086]

فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت             منا العيون بتهمال لها سكب[1087]

سيعلم المتولي ظلم حامتنا[1088]             يوم القيامة أنى سوف ينقلب».

قال: «فرجع أبو بكر إلى منزله ، وبعث إلى عمر ، فدعاه ، فقال: ما رأيت مجلس علي منا اليوم؟ والله لئن قعد مقعدا مثله ليفسدن أمرنا ، فما الرأي؟ قال عمر: الرأي أن تأمر بقتله. قال: فمن يقتله؟ قال: خالد بن الوليد. فبعثا إلى خالد ، فأتاهما ، فقالا: نريد أن نحملك على أمر عظيم. قال: احملاني على ما شئتما ، ولو قتل علي بن أبي طالب. قالا: فهو ذاك. قال خالد: متى أقتله؟ قال أبو بكر: إذا حضر المسجد ، فقم بجنبه في الصلاة ، فإذا أنا سلمت فقم إليه فاضرب عنقه. قال: نعم.

فسمعت أسماء بنت عميس ذلك ، وكانت تحت أبي بكر ، فقالت لجاريتها: اذهبي إلى منزل علي وفاطمة فأقرئيهما السلام ، وقولي لعلي: (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)[1089] ، فجاءت إليهما ، فقالت لعلي (عليه السلام): إن أسماء بنت عميس تقرأ عليكما السلام ، وتقول: (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ). فقال علي (عليه السلام): قولي لها: إن الله يحيل بينهم وبين ما يريدون.

ثم قام وتهيأ للصلاة ، وحضر المسجد ، وصلى خلف أبي بكر[1090] ، وخالد بن الوليد إلى جنبه معه السيف ، فلما جلس أبو بكر للتشهد ندم على ما قال ، وخاف الفتنة ، وشدة علي (عليه السلام) وبأسه ، ولم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه قد سها ، ثم التفت إلى خالد ، فقال: يا خالد ، لا تفعل ما أمرتك به ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا خالد ، ما الذي أمرك به؟ قال: أمرني بضرب عنقك. قال: وكنت فاعلا؟ قال: إي والله ، فلولا أنه قال: لا تفعل ، لقتلتك بعد التسليم- قال- فأخذه علي (عليه السلام) ، فضرب به الأرض ، واجتمع الناس عليه ، فقال عمر: يقتله ، ورب الكعبة. وقال الناس: يا أبا الحسن ، الله الله ، بحق صاحب هذا القبر. فخلى عنه ، فالتفت إلى عمر ، وأخذ بتلابيبه ، وقال: يا بن صهاك ، لولا عهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكتاب من الله سبق ، لعلمت أينا أضعف ناصرا ، وأقل عددا ثم دخل منزله».[1091]

2- الطبرسي: عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليه السلام): أنه لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة (عليها السلام) فدك وسلمه إليها.[1092]

 ورواه أبو سعيد الخدري ، وغيره.

3- محمد بن العباس ، قال: حدثنا علي بن العباس المقانعي ، عن أبي كريب ، عن معاوية بن هشام ، عن فضل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، قال: لما نزلت: (فَآتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ) ، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) ، وأعطاها فدك.[1093]

والقصة مشهورة ، وقد تقدمت الروايات في ذلك في سورة بني إسرائيل[1094].

قوله تعالى:

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ 39)

-1 محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «الربا رباءان: ربا يؤكل ، وربا لا يؤكل ، فأما الذي يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك الربا الذي يؤكل ، وهو قول الله عز وجل: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ) ، وأما الذي لا يؤكل فهو الربا الذي نهى الله عز وجل عنه ، وأوعد عليه النار».[1095]

-2 الشيخ: بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ) ، قال: «هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك ربا يؤكل».[1096]

-3 علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «الربا رباءان: أحدهما حلال ، والآخر حرام ، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل أخاه قرضا طمعا أن يزيده ويعوضه بأكثر مما يأخذه ، بلا شرط بينهما ، فإن أعطاه أكثر مما أخذه على غير شرط بينهما فهو مباح له ، وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه ، وهو قوله: فَلا (يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ) ، وأما الربا الحرام ، فالرجل يقرض قرضا ويشترط أن يرد أكثر مما أخذه ، فهذا هو الحرام».[1097]

-4 الطبرسي: في معني الآية ، عن أبي جعفر (عليه السلام): «هو أن يعطي الرجل العطية ، أو يهدي الهدية ليثاب أكثر منها ، فليس فيه أجر ولا وزر».[1098]

قوله تعالى:

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ 39)

 1- علي بن إبراهيم: أي ما بررتم به إخوانكم وأقرضتموهم لا طمعا في زيادة.

قال: وقال الصادق (عليه السلام): «على باب الجنة مكتوب: القرض بثماني عشرة ، والصدقة بعشر».

ثم ذكر عز وجل عظيم قدرته ، وتفضله على خلقه ، فقال: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) أي ترفعه (فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً) قال: بعضه على بعض ، (فَتَرَى الْوَدْقَ)[1099] أي المطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)[1100] أي آيسين (فَانْظُرْ إِلى‏ آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى)[1101] وهو رد على الدهرية. [1102]

قوله تعالى:

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ 40)

 -1ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ياسر الخادم ، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما تقول في التفويض؟ فقال: «إن الله تعالى فوض إلى نبيه (صلى الله عليه وآله) أمر دينه ، فقال: (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[1103] ، فأما الخلق والرزق فلا». ثم قال (عليه السلام): «إن الله عز وجل يقول: (اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ)[1104] ، وهو يقول: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ)».[1105]

قوله تعالى:

(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ 41)

1- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) ، قال: «ذاك والله حين قالت الأنصار: منا أمير ، ومنكم أمير».[1106]

2- علي بن إبراهيم ، قال: أخبرنا أحمد بن إدريس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن ميسر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قلت: (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)؟ قال: «ذاك والله يوم قالت الأنصار: منا رجل ، ومنكم رجل». وفي نسخة: «منا أمير ، ومنكم أمير».[1107]

3- علي بن إبراهيم ، قال: في البر: فساد الحيوان إذا لم تمطر ، وكذلك هلاك دواب البحر بذلك.

قال: وقال الصادق (عليه السلام): «حياة دواب البحر بالمطر ، فإذا كف المطر ظهر الفساد في البر والبحر ، وذلك[1108] إذا كثرت الذنوب والمعاصي».[1109]

باب تفسير الذنوب‏

-1 محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن العلاء ، عن مجاهد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «الذنوب التي تغير النعم: البغي ، والذنوب التي تورث الندم: القتل ، والتي تنزل النقم: الظلم ، والتي تهتك الستر: شرب الخمر ، والتي تحبس الرزق: الربا[1110] ، والتي تعجل الفناء: قطيعة الرحم ، والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء: عقوق الوالدين».[1111]

ورواه ابن بابويه في (معاني الأخبار) ، قال: حدثنا أبي ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن معلى بن محمد ، قال: حدثنا العباس بن العلاء ، عن مجاهد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله ، إلا أن فيه: «والذنوب التي تهتك العصم ، وهي الستور: شرب الخمر». [1112]

2- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «كان أبي (عليه السلام) يقول: نعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء ، وتقرب الآجال ، وتخلي الديار ، وهي: قطيعة الرحم والعقوق ، وترك البر».[1113]

3- وعنه: عن علي بن إبراهيم عن أيوب بن نوح ، أو بعض أصحابه ، عن أيوب ، عن صفوان بن يحيى ، قال: حدثني بعض أصحابنا ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا فشت أربعة ، ظهرت أربعة: إذا فشا الزنا ظهرت الزلزلة ، وإذا فشا الجور في الحكم احتبس القطر ، وإذا خفرت الذمة[1114] أديل[1115] لأهل الشرك من أهل الإسلام ، وإذا منعت الزكاة ظهرت الحاجة».[1116]

4- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب ، قال: حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل[1117] ، عن أبيه ، قال: سمعت أبا خالد الكابلي يقول: سمعت زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: «الذنوب التي تغير النعم: البغي على الناس ، والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف ، وكفران النعم ، وترك الشكر ، قال الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)[1118].

والذنوب التي تورث الندم: قتل النفس التي حرم الله ، قال الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ)[1119] ، وقال عز وجل في قصة قابيل حين قتل هابيل فعجز عن دفنه: (فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)[1120] ، وترك صلة القرابة حتى يستغنوا ، وترك الصلاة حتى يخرج وقتها ، وترك الوصية ، ورد المظالم ، ومنع الزكاة حتى يحضر الموت وينغلق اللسان.

والذنوب التي تنزل النقم: عصيان العارف بالبغي ، والتطاول على الناس ، والاستهزاء بهم ، والسخرية منهم.

والذنوب التي تدفع القسم[1121]: إظهار الافتقار ، والنوم عن العتمة ، وعن صلاة الغداة ، واستحقار النعم ، وشكوى المعبود عز وجل.

والذنوب التي تهتك العصم: شرب الخمر ، واللعب بالقمار ، وتعاطي ما يضحك الناس من اللغو والمزاح ، وذكر عيوب الناس ، ومجالسة أهل الريب.

والذنوب التي تنزل البلاء: ترك إغاثة الملهوف ومعاونة المظلوم ، وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والذنوب التي تديل الأعداء: المجاهرة بالظلم ، وإعلان الفجور ، وإباحة المحظور ، وعصيان الأخيار ، والاتباع للأشرار.

والذنوب التي تعجل الفناء: قطيعة الرحم ، واليمين الفاجرة ، والأقوال الكاذبة ، والزنى ، وسد طرق المسلمين ، وادعاء الإمامة بغير حق.

والذنوب التي تقطع الرجاء: اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والثقة بغير الله ، والتكذيب بوعد  الله عز وجل.

والذنوب التي تظلم الهواء: السحر ، والكهانة ، والإيمان بالنجوم ، والتكذيب بالقدر ، وعقوق الوالدين.

والذنوب التي تكشف الغطاء: الاستدانة بغير نية الأداء ، والإسراف في النفقة على الباطل ، والبخل على الأهل والولد وذوي الأرحام ، وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، واستعمال الضجر والكسل ، والاستهانة بأهل الدين.

والذنوب التي ترد الدعاء: سوء الامنية[1122] ، وخبث السريرة ، والنفاق مع الإخوان ، وترك التصديق بالإجابة ، وتأخير الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها ، وترك التقرب إلى الله عز وجل بالبر والصدقة ، واستعمال البذاء والفحش في القول.

والذنوب التي تحبس غيث السماء: جور الحكام في القضاء ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، ومنع الزكاة والقرض والماعون ، وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة ، وظلم اليتيم والأرملة ، وانتهار السائل ورده بالليل».[1123]

قوله تعالى:

(وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ 44)

1- الحسين بن سعيد في (كتاب الزهد): عن ابن النعمان ، عن داود بن فرقد ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة ، فيمهد لصاحبه ، كما يبعث الرجل غلاما فيفرش له ، ثم قرأ: (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)».[1124]

2- أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي المفيد في (أماليه) ، قال: حدثني أحمد بن محمد ، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن فرقد ، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد (صلوات الله عليهما) يقول: «إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة ، فيمهد لصاحبه ، كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له ، ثم قرأ: (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)».[1125]

3- الطبرسي: روى منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن العمل الصالح ليسبق صاحبه إلى الجنة ، فيمهد له ، كما يمهد لأحدكم خادمه فراشه».[1126]

قوله تعالى:

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً 54)

-1 وقال علي بن إبراهيم: قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) يعني من نطفة منتنة ضعيفة (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً) وهو الكبر.[1127]

-2 محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم ، عن أحمد بن محسن الميثمي ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) ، في حديث يتضمن الاستدلال على الصانع سبحانه وتعالى ، قال ابن أبي العوجاء- في الحديث بعد ما ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الدليل على الصانع تعالى- فقلت له: ما منعه إن كان الأمر كما تقولون أن يظهر لخلقه ، ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ، ولم احتجب عنهم ، وأرسل إليهم الرسل ، ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الإيمان به؟

فقال لي: «ويلك ، وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نشوءك ولم تكن ، وكبرك بعد صغرك ، وقوتك بعد ضعفك ، وضعفك بعد قوتك ، وسقمك بعد صحتك ، وصحتك بعد سقمك ، ورضاك بعد غضبك ، وغضبك بعد رضاك ، وحزنك بعد فرحك ، وفرحك بعد حزنك ، وبغضك بعد حبك ، وحبك بعد بغضك ، وعزمك بعد أناتك ، وأناتك بعد عزمك ، وشهوتك بعد كراهيتك[1128] ، وكراهيتك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتك بعد رغبتك ، ورجاءك بعد يأسك ، ويأسك بعد رجائك ، وخاطرك بما لم يكن في وهمك ، وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك». وما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه.[1129]

قوله تعالى:

(وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ 56)

1- محمد بن يعقوب: عن أبي محمد القاسم بن العلاء ، رفعه ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن الرضا (عليه السلام): في حديث وصف الإمام ، ومن له الإمامة ، ويستحقها دون سائر الخلق- إلى أن قال الرضا (عليه السلام): «فلم تزل في ذريته- يعني الإمامة في ذرية إبراهيم (عليه السلام)- يرثها بعض عن بعض ، قرنا فقرنا ، حتى ورثها الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وآله) ، فقال جل وتعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)[1130] ، فكانت له خاصة ، فقلدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز وجل على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله جل وعلا: (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ) ، فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله)».[1131]

ورواه ابن بابويه في كتاب (معاني الأخبار) ، قال: حدثنا أبو العباس ، محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا أبو القاسم أحمد[1132] بن محمد بن علي الهاروني ، قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم ، عن الحسن بن القاسم الرقام ، قال: حدثني القاسم بن مسلم ، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم ، عن الرضا (عليه السلام) ، وذكر الحديث[1133] ، وهو طويل ذكرناه بتمامه في قوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) من سورة القصص[1134].

2- علي بن إبراهيم ، قال: قوله: (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى‏ يَوْمِ الْبَعْثِ) ، فإن هذه الآية مقدمة ومؤخرة ، وإنما هي: «وقال الذين أوتوا العلم والإيمان في[1135] كتاب الله لقد لبثتم إلى يوم البعث».[1136]

قوله تعالى:

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ 60)

1- علي بن إبراهيم: أي لا يغضبنك ، قال: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يصلي وابن الكواء خلفه ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يقرأ ، فقال ابن الكواء: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)[1137] فسكت أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى سكت ابن الكواء ، ثم عاد في قراءته ، حتى فعل ابن الكواء ثلاث مرات ، فلما كان في الثالثة ، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ)».[1138]

2- الشيخ في (التهذيب): بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال سألته عن الرجل يؤم القوم ، وأنت لا ترضى به في صلاة ، يجهر فيها بالقراءة. فقال: «إذا سمعت كتاب الله يتلى فأنصت له». قلت: فإنه يشهد علي بالشرك؟ قال: «إن عصى الله فأطع الله». فرددت عليه فأبى أن يرخص لي. قال: فقلت له: اصلي اذن في بيتي ثم أخرج إليه؟ فقال: «أنت وذاك».

وقال: «إن عليا (عليه السلام) كان في صلاة الصبح ، فقرأ ابن الكواء وهو خلفه: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)[1139] فأنصت علي (عليه السلام) تعظيما للقرآن حتى فرغ من الآية ، ثم عاد في قراءته ، ثم أعاد ابن الكواء الآية ، فأنصت علي (عليه السلام) أيضا ، ثم قرأ ، فأعاد ابن الكواء ، فأنصت علي (عليه السلام) ، ثم قرأ: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ)».[1140]

سورة لقمان‏

فضلها

1- ابن بابويه: بإسناده عن عمر بن جبير العرزمي ، عن أبيه ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «من قرأ سورة لقمان في كل ليلة وكل الله به في ليلته ملائكة يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح ، فإذا قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يمسي».[1141]

2- ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة كان لقمان رفيقه يوم القيامة ، وأعطي من الحسنات عشرا بعدد من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ومن كتبها وسقاها من في جوفه علة زالت عنه ، ومن كان ينزف دما ، رجل أو امرأة ، وعلقها على موضع الدم ، انقطع عنه بإذن الله تعالى».[1142]

3- وفي رواية اخرى: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها وسقاها من في جوفه غاشية زالت عنه ، ومن كان ينزف دما ، امرأة كانت أو رجلا ، وعلقها على موضع الدم ، انقطع عنه بإذن الله تعالى».[1143]

4- وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها وسقى بها رجلا أو امرأة في جوفها غاشية ، أو علة من العلل ، عوفي وأمن من الحمى ، وزال عنه كل أذى بإذن الله تعالى».[1144]

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ- إلى قوله تعالى- أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ 1- 5)

1- علي بن إبراهيم ، قوله تعالى: (الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) أي على بيان من ربهم.[1145]

قوله تعالى:

)وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ- إلى قوله تعالى- فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ 6- 7)

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، قال سألت أبا جعفر (عليه السلام): عن كسب المغنيات. فقال: «التي يدخل عليها الرجل حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس ، وهو قول الله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)».[1146]

2- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن إسماعيل ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «الغناء مما وعد الله عز وجل عليه النار». وتلا هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ).[1147]

3- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مهران بن محمد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «الغناء مما قال الله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)».[1148]

4- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الوشاء ، قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) ، سئل[1149] عن الغناء؟ فقال: «هو قول الله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)».[1150]

5- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مهران بن محمد ، عن الحسن بن هارون ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الغناء مجلس لا ينظر الله إلى أهله ، وهو مما قال الله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)».[1151]

6- ابن بابويه ، قال: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رحمه الله) ، عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه ، قال: حدثنا الحسين بن إشكيب ، قال: حدثنا محمد بن السري ، عن الحسين بن سعيد ، عن أبي أحمد محمد بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن عبد الأعلى ، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، قلت: قول الله عز وجل: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) ، قال: [1152] «الغناء».[1153]

7- الزمخشري في (ربيع الأبرار): عن أبي أمامة ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا يحل تعليم المغنيات ، ولا بيعهن ، ولا شراؤهن ، ولا التجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، وما أنزلت علي هذه الآية إلا في مثل هذا الحديث: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)».

ثم قال: «والذي بعثني بالحق ، ما رفع رجل عقيرة[1154] صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه عند ذلك‏ شيطانين: على هذا العاتق واحد ، وعلى هذا العاتق واحد ، يضربان بأرجلهما في صدره ، حتى يكون هو الذي يسكت».[1155]

8- علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، قال: الغناء ، وشرب الخمر ، وجميع الملاهي. (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال: يحيد بهم عن طريق الله.[1156]

9- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ): «فهو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة من بني عبد الدار بن قصي ، وكان النضر راويا لأحاديث الناس وأشعارهم ، يقول الله عز وجل: (وَإِذا تُتْلى‏ عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)».[1157]

قوله تعالى:

(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها 10)

 تقدم الحديث فيها في أول سورة الرعد[1158] ، ويأتي- إن شاء الله تعالى- في قوله تعالى: (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ). [1159]

قوله تعالى:

(وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ- إلى قوله تعالى- هذا خَلْقُ اللَّهِ 10- 11)

 1- علي بن إبراهيم: قوله: (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) ، يقول: جعل فيها من كل دابة. قال: قوله: (فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) يقول: من كل لون حسن ، والزوج: اللون الأصفر والأخضر والأحمر ، والكريم: الحسن. قال: قوله: (هذا خَلْقُ اللَّهِ) أي مخلوق الله ، لأن الخلق هو الفعل ، والفعل لا يرى ، وإنما أشار إلى المخلوق ، وإلى السماء والأرض والجبال وجميع الحيوان ، فأقام الفعل مقام المفعول.[1160]

قوله تعالى:

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ- إلى قوله تعالى- يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ 12- 13)

1- محمد بن يعقوب: عن أبي عبد الله الأشعري ، عن بعض أصحابنا ، رفعه ، عن هشام بن الحكم ، قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): «(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) ، قال: الفهم والعقل».[1161]

2- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حماد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن لقمان وحكمته التي ذكرها الله عز وجل.

فقال: «أما والله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب ، ولا مال ، ولا أهل ، ولا بسط في جسم ، ولا جمال ، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله ، متورعا في الله ، ساكتا سكيتا[1162] ، عميق النظر ، طويل الفكر ، حديد النظر ، مستغن عن الغير[1163] ، لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال ، لشدة تستره ، وعمق نظره ، وتحفظه في أمره ، ولم يضحك من شي‏ء قط مخافة الإثم ، ولم يغضب قط ، ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح بشي‏ء أتاه من أمر الدنيا ، ولا حزن منها على شي‏ء قط ، وقد نكح من النساء وولد له من الأولاد الكثير ، وقدم أكثرهم إفراطا[1164] ، فما بكى على موت أحد منهم.

ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا[1165] ، ولم يسمع قولا قط من أحد استحسنه إلا سأل عن تفسيره وعمن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء. وكان يغشى القضاة والملوك ، والحكام ، والسلاطين ، فيرثي القضاة بما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم[1166] بالله ، وطمأنينتهم في ذلك ، ويعتبر ، ويتعلم ما يغلب به نفسه ، ويجاهد به هواه ، ويحترز به من الشيطان ، وكان يداوي قلبه بالفكر ، ويداوي نفسه بالعبر ، وكان لا يظعن إلا فيما يعنيه[1167] ، فبذلك أوتي الحكمة ، ومنح العصمة ، فإن الله تبارك وتعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدأت العيون بالقائلة ، فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم ، فقالوا: يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني الله بذلك فالسمع والطاعة ، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمني ، وإن هو خيرني قبلت العافية.

فقالت الملائكة: يا لقمان ، لم قلت ذلك؟ قال: لأن الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين ، وأكثرها فتنا وبلاء ، ويخذل ولا يعان ، ويغشاه الظلم من كل مكان ، وصاحبه فيه بين أمرين: إن أصاب فيه الحق فبالحري[1168] أن يسلم ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا ، وكان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكيما[1169] سريا شريفا ، ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما ، تزول هذه ولا يدرك تلك- قال- فتعجبت الملائكة من حكمته ، واستحسن الرحمن منطقه.

فلما أمسى وأخذ مضجعه من الليل ، أنزل الله عليه الحكمة ، فغشاه بها من قرنه إلى قدمه وهو نائم ، وغطاه بالحكمة غطاء ، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة ويبثها[1170] فيها] فيهم[- قال- فلما اوتي الحكم ، ولم يقبله ، أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة ، فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه الله الخلافة في الأرض وابتلي فيها غير مرة ، كل ذلك يهوي في الخطأ ويقيله الله ويغفره له.

وكان لقمان يكثر زيارة داود (عليه السلام) ، ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه ، وكان داود يقول له: طوبى لك- يا لقمان- أوتيت الحكمة ، وصرفت عنك البلية ، واعطي داود الخلافة ، وابتلي بالحكم والفتنة».

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). قال: «فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطر وانشق[1171] ، فكان فيما وعظه به- يا حماد- أن قال له: يا بني ، إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.

يا بني ، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، ولا تجادلهم فيمنعوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صوما يمنعك عن الصلاة ، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام.

يا بني ، إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن هلكت فبذنوبك.

يا بني ، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عني بالأدب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتد طلبه ، ومن اشتد طلبه أدرك منفعته ، فاتخذه عادة ، فإنك تخلف في سلفك ، وينتفع به من خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة ، وإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة ، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا في طلب العلم ، فإن فاتك لم تجد له تضييعا أشد من تركه ، ولا تمارين فيه لجوجا ، ولا تجادلن فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظلوما ولا تصادقنه ، ولا تصاحبن فاسقا نطفا[1172] ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تخزن ورقك[1173].

يا بني ، خف الله خوفا لو أتيت القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله رجاء لو وافيت القيامة بإثم الثقلين رجوت أن يغفر لك.

فقال له ابنه: يا أبت ، فكيف أطيق هذا ، وإنما لي قلب واحد؟

فقال له لقمان: يا بني ، لو استخرج قلب المؤمن فشق ، لوجد فيه نوران: نور للخوف ، ونور للرجاء ، لو وزنا لما رجح أحدهما على الآخر بمثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله يصدق ما قال الله ، ومن يصدق ما قال الله يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ناصحا ، ومن عمل لله خالصا ناصحا ، فقد آمن بالله صادقا ، ومن أطاع الله خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد حان[1174] عليه سخطه ، نعوذ بالله من سخط الله.

يا بني ، لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا هو أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟».[1175]

3- وعنه: عن الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، عن علي بن محمد ، عن بكر بن صالح ، عن جعفر بن يحيى ، عن علي القصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت: جعلت فداك ، قوله: (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ)؟ قال: «اوتي معرفة إمام زمانه».[1176]

4- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن منصور ابن يونس ، عن الحارث بن المغيرة ، أو عن أبيه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قلت له: ما كان في وصية لقمان؟

قال: «كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك ، وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك».

ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان أبي (عليه السلام) يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران: نور خيفة ، ونور رجاء ، لو وزن هذا لم يزد على هذا».[1177]

5- الطبرسي: روى سليمان بن داود المنقري ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «في وصية لقمان لابنه: يا بني ، سافر بسيفك ، وخفك ، وعمامتك ، وخبائك ، وسقائك ، وخيوطك ، ومخرزك ، وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن موافقا لأصحابك إلا في معصية الله عز وجل.

يا بني ، إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم ، وإذا استعانوا بك فأعنهم ، وعليك بطول الصمت ، وكثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معك من دابة أو زاد أو ماء. وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، وأجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تتثبت وتنظر ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك ، فإن من لم يمحض النصيحة[1178] من استشاره ، سلبه الله رأيه. وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعملون فاعمل معهم ، واسمع لمن هو أكبر منك سنا ، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل: نعم ، ولا تقل: لا ، فإن لا عي ولؤم. وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتآمروا ، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ، ولا تسترشدوه ، فإن الشخص الواحد في الفلاة مريب ، لعله يكون عين اللصوص ، أو يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا ما لا أرى ، فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب.

يا بني ، إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشي‏ء ، صلها واسترح منها فإنها دين ، وصل في جماعة ولو على رأس زج ، ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها ، وليس ذلك من فعل الحكماء ، إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك ، وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك. وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا ، وألينها تربة ، وأكثرها عشبا ، وإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتك فأبعد المذهب في الأرض ، فإذا ارتحلت فصل ركعتين ، ثم ودع الأرض التي حللت بها ، وسلم على أهلها ، فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتتصدق منه فافعل وعليك بقراءة كتاب الله ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا عملا ، وعليك بالدعاء ما دمت خاليا ، وإياك والسير في أول الليل إلى آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك».

 وقال أبو عبد الله (عليه السلام): والله ما اوتي لقمان الحكمة بحسب ، ولا مال ، ولا بسط في جسم ، ولا جمال ، ولكنه كان رجلا قويا في أمر الله ، متورعا في الله ، ساكتا سكيتا[1179] ، عميق النظر ، طويل التفكر ، حديد البصر ، لم ينم نهارا قط ، ولم يتكئ في مجلس قوم قط ، ولم يتفل في مجلس قوم قط ، ولم يعبث بشي‏ء قط ، ولم يره أحد من‏ الناس على بول ولا غائط قط ولا اغتسال ، لشدة تستره وتحفظه في أمره ، ولم يضحك من شي‏ء قط ، ولم يغضب قط مخافة الإثم في دينه ، ولم يمازح إنسانا قط ، ولم يفرح بما أوتيه من الدنيا ، ولا حزن منها على شي‏ء قط ، وقد نكح من النساء ، وولد له الأولاد الكثيرة ، وقدم أكثرهم إفراطا فما بكى على موت أحد منهم.

ولم يمر بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا[1180] ، ولم يسمع قولا استحسنه من أحد قط إلا سأله عن تفسيره ، وعمن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والعلماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين ، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لغرتهم[1181] بالله ، وطمأنينتهم في ذلك ، ويتعلم ما يغلب به نفسه ، ويجاهد به هواه ، ويحترز به من الشيطان[1182] ، وكان يداوي نفسه بالتفكر والعبر ، وكان لا يظعن إلا فيما ينفعه ، ولا ينظر إلا فيما يعنيه ، فبذلك اوتي الحكمة ، ومنح العصمة[1183] ».[1184]

6- الطبرسي: بحذف الإسناد ، عن حماد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «كان لقمان الحكيم معمرا قبل داود (عليه السلام) في أعوام كثيرة ، وإنه أدرك أيامه ، وكان معه يوم قتل جالوت ، وكان طول جالوت ثمان مائة ذراع ، وطول داود عشرة أذرع ، فلما قتل داود جالوت رزقه الله النبوة بعد ذلك ، وكان لقمان معه إلى أن ابتلي بالخطيئة ، وإلى أن تاب الله عليه ، وبعده.  وكان لقمان يعظ ابنه بآثار حتى تفطر وانشق ، وكان فيما وعظه أنه قال: يا بني ، مذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد.

يا بني ، لا خير في الكلام إلا بذكر الله تعالى ، وإن صاحب السكوت تعلوه السكينة والوقار.

يا بني ، جالس العلماء ، فلو وضع الله العلم في قلب كلب لأعزه الله وأحبه. يا بني ، جالس العلماء ، وزاحمهم بركبتك ، ولا تجادلهم فيمقتوك ، وخذ من الدنيا بلاغا ، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس ، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك ، وصم صوما يقطع شهوتك ، ولا تصم صوما يمنعك ويضعفك عن الصلاة ، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام ، والصلاة أفضل الأعمال.

يا بني ، إن الدنيا بحر عميق قد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الإيمان ، واجعل شراعها التوكل ، واجعل زادك فيها تقوى الله ، فإن نجوت فبرحمة الله ،  وإن هلكت فبذنوبك.

يا بني ، إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا ، ومن عني بالأدب اهتم به ، ومن اهتم به تكلف عمله ، ومن تكلف عمله اشتد طلبه ، ومن اشتد طلبه أدرك منفعته ، فاتخذه عادة ، فإنك تخلف به في سلفك ، وتنفع به خلفك ، ويرتجيك فيه راغب ، ويخشى صولتك راهب ، وإياك والكسل عن العلم والطلب لغيره ، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلب على الآخرة.

يا بني ، من أدرك العلم ، فأي شي‏ء فاته؟ ومن فاته العلم فأي شي‏ء أدرك؟ يا بني ، إذا فاتك طلب العلم فإنك لم تجد له تضييعا أشد من تركه ، ولا تمارين فيه لجوجا ، ولا تجادلن فقيها ، ولا تعادين سلطانا ، ولا تماشين ظالما ، ولا تصادقن عدوا ، ولا تؤاخين فاسقا نطفا ، ولا تصاحبن متهما ، واخزن علمك كما تخزن ورقك[1185].

يا بني ، لا تصعر خدك للناس ، ولا تمش في الأرض مرحا ، واغضض من صوتك ، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ، واقصد في مشيك.

يا بني ، خف الله تعالى خوفا لو أتيت يوم القيامة ببر الثقلين خفت أن يعذبك ، وارج الله تعالى رجاء لو وافيت يوم القيامة بإثم الثقلين أن يغفر الله لك.

فقال له ابنه: يا أبت ، وكيف أطيق هذا وإنما لي قلب واحد؟

فقال لقمان: يا بني ، لو استخرج قلب المؤمن وشق لوجد فيه نوران: نور للخوف ، ونور للرجاء ، ولو وزنا ما رجح أحدهما على الآخر شيئا ولا مثقال ذرة ، فمن يؤمن بالله ويصدق ما قال الله تعالى يفعل ما أمر الله ، ومن لم يفعل ما أمر الله لم يصدق ما قال الله ، فإن هذه الأخلاق يشهد بعضها لبعض ، فمن يؤمن بالله إيمانا صادقا يعمل لله خالصا ، ومن عمل لله عملا خالصا ناصحا آمن بالله صادقا ، ومن يطع الله تعالى خافه ، ومن خافه فقد أحبه ، ومن أحبه اتبع أمره ، ومن اتبع أمره استوجب جنته ومرضاته ، ومن لم يتبع رضوان الله فقد خان الله ، ومن خان الله استوجب سخطه وعذابه ، نعوذ بالله من سخط الله وعذابه وخزيه ونكاله.

يا بني ، لا تركن إلى الدنيا ، ولا تشغل قلبك بها ، فما خلق الله خلقا أهون عليه منها ، ألا ترى أنه لم يجعل نعيمها ثوابا للمطيعين ، ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين؟

يا بني ، من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ، أي من استنقذها من قتل ، أو غرق ، أو حرق ، أو هدم ، أو سبع ، أو كفله حتى يستغني ، أو أخرجه من فقر إلى غنى ، وأفضل من ذلك كله من أخرجه من ضلال إلى هدى.

يا بني ، أقم الصلاة وأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور».[1186]

قوله تعالى:

)وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى‏ وَهْنٍ- إلى قوله تعالى- بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ 14- 15)

 1- علي بن إبراهيم: )وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى‏ وَهْنٍ) يعني ضعفا على‏ ضعف.[1187]

 

2- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بسطام بن مرة ، عن إسحاق ابن حسان ، عن الهيثم بن واقد ، عن علي بن الحسين العبدي ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال: سئل[1188] أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قوله تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).

فقال: «الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر هما اللذان ولدا العلم ، وورثا الحكم ، وأمر الناس بطاعتهما ، ثم قال الله: (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فمصير العباد إلى الله ، والدليل على ذلك الوالدان ، ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه ، فقال في الخاص والعام: (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي) يقول: في الوصية ، وتعدل عمن أمرت بطاعته فلا تطعهما ، ولا تسمع قولهما ، ثم عطف القول على الوالدين ، فقال: (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) ، يقول: عرف الناس فضلهما ، وادع إلى سبيلهما ، وذلك قوله: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) ، فقال: إلى الله ثم إلينا ، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين ، فإن رضاهما رضا الله ، وسخطهما سخط الله».[1189]

3- وعنه: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن بحر ، عن عبد الله بن مسكان ، عمن رواه ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: قال- وأنا عنده- لعبد الواحد الأنصاري في بر الوالدين ، في قول الله تعالى: (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)[1190] ، فظننا أنها الآية التي في بني إسرائيل: (وَقَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)[1191] ، فلما كان بعد ، سألته ، فقال: «هي التي في لقمان: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حسنا وَإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما) ، فقال: إن ذلك أعظم من أن يأمر بصلتهما وحقهما على كل حال (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ، فقال: لا بل يأمر بصلتهما وإن جاهداه على الشرك ، وما زاد حقهما إلا عظما».[1192]

4- محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين ابن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن سليمان ، قال: شهدت جابر الجعفي ، عند أبي جعفر (عليه السلام) ، وهو يحدث أن رسول الله وعليا (عليهما السلام) الوالدان.

قال عبد الله بن سليمان: وسمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «منا الذي أحل الخمس ، ومنا الذي جاء بالصدق ، ومنا الذي صدق به ، ولنا المودة في كتاب الله عز وجل ، وعلي ورسول الله (صلى الله عليهما) الوالدان ، وأمر الله ذريتهما بالشكر لهما».[1193]

5- وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، عن عبد الواحد بن مختار ، قال: دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ، فقال: «أما علمت أن عليا (عليه السلام) أحد الوالدين اللذين قال الله عز وجل: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ)؟».

قال زرارة: فكنت لا أدري أي آية هي ، التي في بني إسرائيل ، أو التي في لقمان- قال- فقضي لي أن حججت ، فدخلت على أبي جعفر (عليه السلام) ، فخلوت به ، فقلت: جعلت فداك ، حديثا جاء به عبد الواحد. قال: «نعم». قلت: أي آية هي ، التي في لقمان ، أو التي في بني إسرائيل. فقال: «التي في لقمان».[1194]

6- وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عمرو بن شمر ، عن المفضل ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) رسول الله ، وعلي (صلوات الله عليهما)».[1195]

7- وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن بشير الدهان أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد الوالدين». قال: قلت: والآخر؟ قال: «هو علي بن أبي طالب (عليه السلام)».[1196]

-8 السيد الرضي في (الخصائص): بإسناده عن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، في قول الله عز وجل: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً)[1197] ، قال: أحد الوالدين علي بن أبي طالب (عليه السلام).[1198]

وقد تقدم في هذا المعنى عن الأئمة (عليهم السلام) في أول سورة العنكبوت[1199].

9- ابن شهر آشوب: عن أبان بن تغلب ، عن الصادق (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)[1200] ، قال: «الوالدان: رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعلي (عليه السلام)».[1201]

10- عن سلام[1202] الجعفي ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، وأبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «نزلت في رسول الله وفي علي (عليهما السلام)».[1203]

وروي مثل ذلك في حديث ابن جبلة.

11- وروي عن بعض الأئمة (عليهم السلام) ، في قوله تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) أنه نزل فيهما (عليهما السلام).[1204]

12- وعن النبي (صلى الله عليه وآله): «أنا وعلي أبوا هذه الأمة».[1205]

13- وروي عنه (صلى الله عليه وآله): «أنا وعلي أبوا هذه الأمة ، أنا وعلي موليا هذه الامة».[1206]

14- وروي عنه (صلى الله عليه وآله): «أنا وعلي أبوا هذه الأمة ، فعلى عاق والديه لعنة الله».[1207]

15- الشيخ في (أماليه) ، قال: أخبرنا محمد بن محمد ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي ، قال: حدثنا محمد بن سليمان المقرئ الكندي ، عن عبد الصمد بن علي النوفلي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن الأصبغ بن نباتة العبدي ، قال: لما ضرب ابن ملجم (لعنه الله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، غدونا عليه في نفر من أصحابنا: أنا ، والحارث ، وسويد بن غفلة ، وجماعة معنا ، فقعدنا على الباب ، فسمعنا البكاء فبكينا ، فخرج إلينا الحسن بن علي (عليهما السلام) فقال: «يقول لكم أمير المؤمنين (عليه السلام) انصرفوا إلى منازلكم».

فانصرف القوم غيري ، فاشتد البكاء من منزله فبكيت ، وخرج الحسن (عليه السلام) ، وقال: «ألم أقل لكم انصرفوا» فقلت: لا والله- يا بن رسول الله- ما تتابعني نفسي ، ولا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). قال: وبكيت ، فدخل ، فلم يلبث أن خرج ، فقال لي: «ادخل». فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء ، قد نزف واصفر وجهه ، ما أدري وجهه أصفر أم العمامة؟ فأكببت عليه ، فقبلته وبكيت ، فقال لي: «لا تبك يا أصبغ ، فإنها والله الجنة».

فقلت له: جعلت فداك ، إني والله أعلم أنك تصير إلى الجنة ، وإنما أبكي لفقداني إياك. يا أمير المؤمنين ، جعلت فداك ، حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا.

قال: «نعم- يا أصبغ- دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما ، فقال لي: يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي ، ثم تصعد منبري ، ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله تعالى وتثني عليه ، وتصلي علي صلاة كثيرة ، ثم تقول: أيها الناس ، إني رسول رسول الله إليكم ، وهو يقول لكم: إن لعنة الله ، ولعنة ملائكته المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه ، أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيرا أجره. فأتيت مسجده ، وصعدت منبره ، فلما رأتني‏ قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي ، فحمدت الله وأثنيت عليه ، وصليت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاة كثيرة ، ثم قلت: «أيها الناس ، إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، إليكم ، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ، ولعنة ملائكته المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه ، أو ادعى إلى غير مواليه ، أو ظلم أجيرا أجره».

قال: «فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب ، فإنه قال: قد أبلغت- يا أبا الحسن- ولكنك جئت بكلام غير مفسر. فقلت: ابلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته الخبر ، فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري ، فاحمد الله واثن عليه ، وصل علي ، ثم قال ]قل[: يا أيها الناس ، ما كنا لنجيئكم بشي‏ء إلا وعندنا تأويله وتفسيره ، ألا وإني أنا أبوكم ، ألا وإني أنا مولاكم ، ألا وإني أنا أجيركم».[1208]

16- علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ) يقول: «اتبع سبيل محمد (صلى الله عليه وآله)».[1209]

قوله تعالى:

(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ 16)

 1- قال علي بن إبراهيم: ثم عطف على خبر لقمان وقصته ، فقال: (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) قال: من الرزق يأتيك به الله.[1210]

2- محمد بن يعقوب: عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: سمعته يقول: «اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا ، لا يقول أحدكم: أذنب وأستغفر ، إن الله عز وجل يقول: (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْ‏ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ)[1211] ، وقال عز وجل: (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)».[1212]

3- الطبرسي: روى العياشي بالإسناد عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا ، لا يقولن أحدكم: أذنب واستغفر الله ، إن الله تعالى يقول: (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)».[1213]

قوله تعالى:

(وَاصْبِرْ عَلى‏ ما أَصابَكَ 17)

1- الطبرسي: عن علي (عليه السلام): «اصبر على ما أصابك من المشقة والأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».[1214]

قوله تعالى:

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ 18)

1- محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، ومحمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في هذه الآية: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) ، قال: «ليكن الناس في العلم سواء عندك».[1215]

-2 علي بن إبراهيم: في معنى الآية ، أي لا تذل للناس طمعا فيما عندهم.[1216]

-3 الطبرسي: أي لا تمل وجهك عن الناس تكبرا ، ولا تعرض عمن يكلمك استخفافا به. قال: وهو معنى قول ابن عباس ، وأبي عبد الله (عليه السلام).[1217]

قوله تعالى:

(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً 18)

-1 علي بن إبراهيم: (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) أي فرحا.[1218]

-2 ثم‏ قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً): «أي بالعظمة».[1219]

قوله تعالى:

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ 19)

 -1 علي بن إبراهيم ، في قوله: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) أي لا تعجل (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أي لا ترفعه (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).

قال علي بن إبراهيم: وروي فيه غير هذا أيضا.[1220]

-2 الشيخ البرسي ، قال في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) ، قال: سأل رجل أمير المؤمنين (عليه السلام): ما معنى هذه الحمير؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الله أكرم من أن يخلق شيئا ثم ينكره ، إنما هو زريق وصاحبه ، في تابوت من نار ، في صورة حمارين ، إذا شهقا في النار انزعج أهل النار من شدة صراخهما».[1221]

-3 محمد بن يعقوب: عن أحمد بن محمد الكوفي ، عن علي بن الحسن ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن أبي بكر الحضرمي ، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) ، قال: «العطسة القبيحة».[1222]

-4 الطبرسي: هي العطسة المرتفعة القبيحة ، عن أبي عبد الله (عليه السلام).[1223]

قوله تعالى:

(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً 20 )

-1 علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن‏ شريك ، عن جابر ، قال: قرأ رجل عند أبي جعفر (عليه السلام): (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) ، قال: «أما النعمة الظاهرة فالنبي (صلى الله عليه وآله) ، وما جاء به من معرفة الله عز وجل وتوحيده ، وأما النعمة الباطنة فولايتنا أهل البيت ، وعقد مودتنا ، فاعتقد والله قوم هذه النعمة الظاهرة والباطنة ، واعتقدها قوم ظاهرة ، ولم يعتقدوها باطنة ، فأنزل الله: (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ)[1224] ، ففرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند نزولها ، إذ لم يتقبل الله تعالى إيمانهم إلا بعقد ولايتنا ومحبتنا».[1225]

2- ابن بابويه ، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي ، قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن قول الله عز وجل: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) فقال (عليه السلام): «النعمة الظاهرة: الإمام الظاهر ،  والباطنة: الإمام الغائب».

فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب؟ فقال: «نعم ، يغيب عن أبصار الناس شخصه ، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره ، وهو الثاني عشر منا ، ويسهل الله له كل عسير ، ويذلل الله له كل صعب ، ويظهر له كل كنوز الأرض ، ويقرب له كل بعيد ، ويبير[1226] به كل جبار عنيد ، ويهلك على يده كل شيطان مريد ، ذلك ابن سيدة الإماء ، الذي تخفى على الناس ولادته ، ولا يحل لهم تسميته ، حتى يظهره الله عز وجل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما».[1227]

ثم قال ابن بابويه (قدس الله سره): لم أسمع هذا الحديث إلا من أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه) بهمدان ، عند منصرفي من حج بيت الله الحرام ، وكان رجلا ثقة دينا فاضلا (رحمة الله  ورضوانه عليه).

3- الشيخ في (أماليه). قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا الحسن بن آدم بن أبي اسامة اللخمي قاضي فيوم مصر ، قال: حدثنا الفضل بن يوسف القصباني الجعفي ، قال: حدثنا محمد بن عكاشة الغنوي ، قال: حدثني عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي[1228] ، عن جويبر[1229] بن سعيد ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة ، عن علي (عليه السلام) ، والضحاك عن عبد الله بن العباس ، قالا في قول الله تعالى: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) ، قال: «أما الظاهرة فالإسلام ، وما أفضل عليكم في الرزق ، وأما الباطنة فما ستر عليك من مساوئ عملك».[1230]

4- وعنه ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله[1231] بن الحسين بن إبراهيم العلوي النصيبي (رحمه الله) ببغداد ، قال: سمعت جدي إبراهيم بن علي يحدث عن أبيه علي بن عبيد الله ، قال: حدثني شيخان بران من أهلنا ، سيدان ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه (عليهم السلام). وحدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة ، قال: حدثني عمي عمر بن علي ، قال: حدثني أخي محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده الحسين بن علي (عليهم السلام). قال أبو جعفر (عليه السلام): «حدثني عبد الله بن العباس ، وجابر بن عبد الله الأنصاري- وكان بدريا أحديا شجريا وممن محض من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، في مودة أمير المؤمنين (عليه السلام)- قالا: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده في رهط من أصحابه ، فيهم أبو بكر ، وأبو عبيدة ، وعمر ، وعثمان ، وعبد الرحمن ، ورجلان من قراء الصحابة: من المهاجرين عبد الله بن ام عبد ، ومن الأنصار أبي بن كعب ، وكانا بدريين ، فقرأ عبد الله من السورة التي يذكر فيها لقمان ، حتى أتى على هذه الآية: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) الآية ، وقرأ أبي من السورة التي يذكر فيها إبراهيم (عليه السلام): (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)[1232].

قالوا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيام الله: نعماؤه ، وبلاؤه ، ومثلاته سبحانه[1233] ، ثم أقبل (صلى الله عليه وآله) على من شهده من أصحابه ، فقال: إني لأتخولكم[1234] بالموعظة تخولا مخافة السآمة[1235] عليكم ، وقد أوحى إلي ربي جل جلاله أن أذكركم بأنعمه ، وأنذركم بما اقتص عليكم من كتابه ، وتلا: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) الآية.

ثم قال لهم: قولوا الآن قولكم: ما أول نعمة رغبكم الله فيها ، وبلاكم بها؟ فخاض القوم جميعا ، فذكروا نعم الله التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش ، والرياش ، والذرية ، والأزواج إلى سائر ما بلاهم الله عز وجل به من أنعمه الظاهرة ، فلما أمسك القوم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) ، فقال: يا أبا الحسن ، قل ، فقد قال أصحابك. فقال: وكيف لي بالقول- فداك أبي وامي- وإنما هدانا الله بك! قال: ومع ذلك فهات ، قل ، ما أول نعمة بلاك الله عز وجل ، وأنعم عليك بها؟ قال: أن خلقني- جل ثناؤه- ولم أك شيئا مذكورا. قال: صدقت ، فما الثانية؟ قال: أن أحسن بي إذ خلقني فجعلني حيا لا مواتا. قال: صدقت ، فما الثالثة؟ قال: أن أنشأني- فله الحمد- في أحسن صورة ، وأعدل تركيب. قال: صدقت ، فما الرابعة؟ قال: أن جعلني متفكرا راغبا ، لا بلهة ساهيا.

قال: صدقت ، فما الخامسة؟ قال: أن جعل لي شواعرأدرك ما ابتغيت بها ، وجعل لي سراجا منيرا. قال: صدقت ، فما السادسة؟ قال: أن هداني لدينه ، ولم يضلني عن سبيله. قال: صدقت ، فما السابعة؟ قال: أن جعل لي مردا في حياة لا انقطاع لها. قال: صدقت ، فما الثامنة؟ قال: أن جعلني ملكا مالكا لا مملوكا. قال: صدقت ، فما التاسعة؟ قال: أن‏ سخر لي سماؤه ]سماءه[ وأرضه ، وما فيهما ، وما بينهما من خلقه. قال: صدقت ، فما العاشرة؟ قال: أن جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلائلنا ، لا إناثا.

قال: صدقت ، فما بعد هذا؟ قال: كثرت نعم الله- يا نبي الله- فطابت ، وتلا: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها)[1236] ، فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال: ليهنئك الحكمة ، ليهنئك العلم- يا أبا الحسن- وأنت وارث علمي ، والمبين لامتي ما اختلفت فيه من بعدي ، من أحبك لدينك ، وأخذ بسبيلك فهو ممن هدي إلى صراط مستقيم ، ومن رغب عن هداك ، وأبغضك ، لقي الله يوم القيامة لا خلاق له».[1237]

5- وعنه ، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد ، قال: حدثنا الرزار ، قال: حدثنا محمد بن يونس بن موسى ، قال: حدثنا عون بن عمارة ، قال: حدثنا سليمان بن عمران الكوفي ، عن أبي حازم المدني ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) ، قال: الظاهرة: الإسلام ، والباطنة: ستر الذنوب.[1238]

6- وعنه ، قال: أخبرنا جماعة ، عن أبي المفضل ، قال: حدثنا علي بن إسماعيل بن يونس بن السكن بن صغير القنطري الصفار ، قال: حدثنا إبراهيم بن جابر الكاتب المروزي ببغداد ، قال: حدثنا عبد الرحيم ابن هارون الغساني ، قال: أخبرنا هشام بن حسان ، عن همام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من لم يعلم فضل الله عز وجل عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قصر علمه ، ودنا عذابه».[1239]

7- الطبرسي: قال الباقر (عليه السلام): «النعمة الظاهرة النبي (صلى الله عليه وآله) ، وما جاء به النبي من معرفة الله عز وجل وتوحيده ، وأما النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت ، وعقد مودتنا».[1240]

قوله تعالى:

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى‏ عَذابِ السَّعِيرِ 20- 21 )

 

1- علي بن إبراهيم ، قال: في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَ وَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى‏ عَذابِ السَّعِيرِ): «فهو النضر بن الحارث ، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): اتبع ما انزل إليك من ربك. قال: بل أتبع ما وجدت عليه آبائي».[1241]

قوله تعالى:

(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ 22)

 1- علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)‏ قال: الولاية.[1242]

2- محمد بن العباس ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن الحصين بن مخارق ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) في قوله عز وجل: (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)‏ ، قال: «مودتنا أهل البيت».[1243]

3- وعنه ، قال: حدثنا أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن حصين بن مخارق ، عن هارون بن سعيد ، عن زيد بن علي (عليه السلام) ، قال: العروة الوثقى المودة لآل محمد (صلى الله عليه وآله).[1244]

4- ابن بابويه ، قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي الله عنه) ، قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد الأسدي ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن عبد الله بن عباس ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أحب أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها فليستمسك بولاية أخي ووصيي علي بن أبي طالب ، فإنه لا يهلك من أحبه وتولاه ، ولا ينجو من أبغضه وعاداه».[1245]

5- وعنه ، بإسناده ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجل ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى».[1246]

6- الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان: رواه من طريق العامة ، عن الرضا (عليه السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ستكون بعدي فتنة مظلمة ، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى.

فقيل: يا رسول الله ، وما العروة الوثقى؟ قال: ولاية سيد الوصيين.

قيل: يا رسول الله ، ومن سيد الوصيين. قال: أمير المؤمنين.

قيل: يا رسول الله ، ومن أمير المؤمنين؟ قال: مولى المسلمين وإمامهم بعدي.

قيل: يا رسول الله ، ومن مولى المسلمين وإمامهم بعدك؟ قال: أخي علي بن أبي طالب».[1247]

7- ابن شهر آشوب: عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك ، في قوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ) ، قال: نزلت في علي (عليه السلام) ، قال: كان أول من أخلص وجهه لله (وَهُوَ مُحْسِنٌ) ، أي مؤمن مطيع ، (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)‏ ، قول: لا إله إلا الله ، (وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) والله ما قتل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) إلا عليها.[1248]

والروايات في معنى العروة الوثقى زيادة على ما هاهنا تقدمت في تفسير آية الكرسي[1249].

قوله تعالى:

(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 27)

1- الطبرسي: قرأ جعفر بن محمد (عليهما السلام): «والبحر مداده».[1250]

2- علي بن إبراهيم: وذلك أن اليهود سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الروح ، فقال: «الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا». قالوا: نحن خاصة ،  قال: «بل الناس عامة».

قالوا: فكيف يجتمع هذان- يا محمد- تزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتيت القرآن ، وأوتينا التوراة ، وقد قرأت (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ)[1251] وهي التوراة (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)[1252]؟ فأنزل الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ) ، يقول: علم الله أكثر من ذلك ، وما أوتيتم كثير فيكم ، قليل عند الله.[1253]

3- وقال أيضا علي بن إبراهيم ، في قوله: (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) الآية: معنى ذلك أن علم الله أكثر من ذلك ، وأما ما آتاكم فهو كثير فيكم ، قليل فيما عند الله.[1254]

4- الطبرسي في (الإحتجاج): سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالم العسكري (عليه السلام) عن قوله تعالى: (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ) ما هي؟ فقال: «هي عين الكبريت ، وعين اليمن ، وعين البرهوت[1255] ، وعين الطبرية ، وجمة[1256] ما سيدان ، وجمة إفريقية ، وعين باهوران[1257] ، ونحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى».[1258]

ورواه الشيخ المفيد في (الإختصاص) ببعض التغيير[1259].

قوله تعالى:

(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ- إلى قوله تعالى- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 28- 34)

 1- علي بن إبراهيم: قوله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ) قال: السفن تجري في البحر بقدرة الله.[1260]

2- قال: وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قوله تعالى: (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ): «بلغنا- والله أعلم- أنهم قالوا: يا محمد ، خلقنا أطوارا نطفا ، ثم علقا ، ثم أنشأنا خلقا آخر كما تزعم ، وتزعم أنا نبعث في ساعة واحدة؟ فقال الله: (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) ، إنما يقول له: كن‏ فيكون».

وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يقول: ما ينقص في الليل يدخل في النهار ، وما ينقص من النهار يدخل في الليل.

قوله: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى) يقول: كل واحد منهما يجري إلى منتهاه ، فلا يقصر عنه ولا يجاوزه.[1261]

3- علي بن إبراهيم ، في قوله: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) ، قال: هو الذي يصبر على الفقر والفاقة ، ويشكر الله على جميع أحواله.

وقوله: (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) يعني في البحر (دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) ، إلى قوله: (فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) أي صالح (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) ، قال: الختار: الخداع ، وقوله: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) إلى قوله: (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) ، قال: ذلك يوم القيامة.[1262]

4- وقوله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، قال: قال الصادق (عليه السلام): «هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، وهي من صفات الله عز وجل».[1263]

5- ابن بابويه في (الفقيه): مرسلا ، عن الصادق (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ، قال: «من قدم إلى قدم».[1264]

6- ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) ، قال: روى ابن ديزيل ، قال: لما خرج علي (عليه السلام) من الكوفة إلى الحرورية ، قال له رجل: يا أمير المؤمنين ، سر على ثلاث ساعات مضين من النهار ، فإنك إن سرت الساعة أصابك وأصحابك أذى. فقال (عليه السلام): «أفي بطن فرسي ذكر أم انثي؟». قال: إن حسبت علمت. فقال (عليه السلام): «من صدقك كذب القرآن ، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) الآية». ثم قال: «إن محمدا (صلى الله عليه وآله) لم يدع علم ما ادعيت ، أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي يصيب النفع [من سار فيها] ، وتنهى عن الساعة التي يحيق السوء [بمن سار فيها]؟ فمن صدقك فقد استغنى عن الاستعانة بالله عز وجل- ثم قال- اللهم لا طير إلا طيرك ، ولا ضير إلا ضيرك ، ولا إله غيرك».

قال: وروى مسلم الضبي ، عن حبة العرني ، قال: سار في الساعة التي نهاه عنها المنجم ، فلما انتهينا إليهم رمونا ، فقلنا لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين ، قد رمونا. فقال: «كفوا». ثم رمونا ، فقال: «كفوا». ثم الثالثة ، فقال: «الآن طاب لكم القتال ، احملوا عليهم».[1265]

سورة السجدة

فضلها

1- ابن بابويه: بإسناده عن الحسن ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «من قرأ سورة السجدة في كل ليلة جمعة أعطاه الله تعالى كتابه بيمينه ، ولم يحاسبه بما كان منه ، وكان من رفقاء محمد وأهل بيته (عليهم الصلاة والسلام)».[1266]

2- ومن (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، أنه قال: «من قرأ هذه السورة فكأنما أحيا ليلة القدر ، ومن كتبها وجعلها عليه أمن الحمى ، ووجع الرأس ، ووجع المفاصل».[1267]

3- وفي رواية اخرى ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كتبها وعلقها عليه أمن من وجع الرأس ، والحمى ، والمفاصل».[1268]

4- وقال الصادق (عليه السلام): «من كتبها وعلقها عليه أمن من الحمى ، وإن شرب ماءها زال عنه الزيغ والمثلثة[1269] بإذن الله تعالى».[1270]

قوله تعالى:

(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ- إلى قوله تعالى- لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ 1- 3)

 1- علي بن إبراهيم: (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ) أي لا شك فيه (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) ، يعني قريشا ، يقولون: هذا كذب محمد ، فرد الله عليهم ، فقال: (بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ).[1271]

قوله تعالى:

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ 4)

2- محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله خلق الخير يوم الأحد ، وما كان ليخلق الشر قبل الخير ، وفي يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين ، وخلق أقواتها في يوم الثلاثاء ، وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس ، وخلق أقواتها يوم الجمعة ، وذلك قول الله: (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)».[1272]

و معنى (ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ) قد مضى في سورة طه[1273].

قوله تعالى:

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ 5)

1- علي بن إبراهيم: يعني الأمور التي يدبرها ، والأمر والنهي الذي أمر به ، وأعمال العباد ، كل هذا يظهر يوم القيامة ، فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سني الدنيا.[1274]

قوله تعالى:

(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ 6)

1-  ابن بابويه ، قال: حدثنا أبي (رحمه الله) ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ، فقال: «الغيب ما لم يكن ، والشهادة ما قد كان».[1275]

قوله تعالى:

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ- إلى قوله تعالى- ثُمَّ سَوَّاهُ 7- 9)

 1- علي بن إبراهيم: قوله: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) ، قال: هو آدم (عليه السلام) (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) أي ولده (مِنْ سُلالَةٍ) ، وهي الصفوة من الطعام والشراب (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) قال: النطفة المني (ثُمَّ سَوَّاهُ) أي استحاله من نطفة إلى علقة ، ومن علقة إلى مضغة ، حتى نفخ فيه الروح.[1276]

قوله تعالى:

(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ 11)

1- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكا من الملائكة بيده لوح من نور ، لا يلتفت يمينا ولا شمالا ، مقبلا عليه ، كهيئة الحزين ، فقلت: من هذا ، يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت ، مشغول في قبض الأرواح. فقلت: أدنني منه- يا جبرئيل- لأكلمه. فأدناني منه ، فقلت له: يا ملك الموت ، أكل من مات ، أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال: نعم. قلت: وتحضرهم بنفسك؟

قال: نعم ، فما الدنيا كلها عندي ، فيما سخرها الله لي ومكنني منها ، إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء ، وما من دار في الدنيا إلا وأدخلها في كل يوم خمس مرات ، وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم: لا تبكوا عليه ، فإن لي إليكم عودة وعودة ، حتى لا يبقى منكم أحد.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى بالموت طامة ، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: ما بعد الموت أطم وأعظم من الموت».[1277]

2- وعنه ، قال: حكى أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، وذكر حديث الإسراء: «وقال (صلى الله عليه وآله): ثم مررت بملك من الملائكة وهو جالس على مجلس وإذا جميع الدنيا بين ركبتيه ، وإذا بيده لوح من نور ، فيه كتاب ينظر فيه ، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا ، مقبلا عليه كهيئة الحزين ، فقلت: من هذا ، يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت ، دائب في قبض الأرواح. فقلت: يا جبرئيل ، أدنني منه حتى أكلمه. فأدناني منه ، فسلمت عليه ، وقال له جبرئيل: هذا محمد (صلى الله عليه وآله) نبي الرحمة الذي أرسله الله إلى العباد ، فرحب بي ، وحياني بالسلام ، وقال: أبشر- يا محمد- فإني أرى الخير كله في أمتك. فقلت: الحمد لله المنان ، ذي النعم والإحسان على عباده ، ذلك من فضل ربي ورحمته علي.

فقال: جبرئيل: هذا أشد الملائكة عملا. فقلت: أكل من مات ، أو هو ميت فيما بعد هذا تقبض روحه؟ قال: نعم. قلت: وتراهم حيث كانوا ، وتشهدهم بنفسك؟ فقال: نعم. وقال ملك الموت: ما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني منها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه حيث شاء ، وما من دار إلا وأنا أتصفحها في كل يوم خمس مرات ، وأقول إذا بكى أهل الميت على ميتهم: لا تبكوا عليه ، فإن لي فيكم عودة وعودة ، حتى لا يبقى منكم أحد.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى بالموت طامة ، يا جبرئيل. فقال جبرئيل: إنما بعد الموت أطم وأطم من الموت».[1278]

3- محمد بن يعقوب: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من أهل بيت شعر ولا وبر إلا وملك الموت يتصفحهم في كل يوم خمس مرات».[1279]

4- وعنه: عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أسباط بن سالم مولى أبان ، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك ، يعلم ملك الموت بقبض من يقبض؟ قال: «لا ، إنما هي صكاك تنزل من السماء: اقبض نفس فلان بن فلان».[1280]

5- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضل بن صالح ، عن زيد الشحام ، قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن ملك الموت ، يقال: الأرض بين يديه كالقصعة ، يمد يده منها حيث يشاء؟ قال: «نعم».[1281]

6- وعنه: عن علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الميت إذا حضره الموت ، أوثقه ملك الموت ، ولولا ذلك ما استقر».[1282]

7- وعنه: عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: «حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا من الأنصار ، وكانت له حالة حسنة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فحضره عند موته ، فنظر إلى ملك الموت عند رأسه ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ارفق بصاحبي فإنه مؤمن. فقال له ملك الموت: يا محمد ، طب نفسا ، وقر عينا ، فإني بكل مؤمن رفيق شفيق.

واعلم- يا محمد- أني لأحضر ابن آدم عند قبض روحه ، فإذا قبضته صرخ صارخ من أهله عند ذلك ، فاتنحى في جانب الدار ومعي روحه ، فأقول لهم: والله ما ظلمناه ، ولا سبقنا به أجله ، ولا استعجلنا به قدره ، وما كان لنا في قبض روحه من ذنب ، فإن ترضوا بما صنع الله وتصبروا تؤجروا وتحمدوا ، وإن تجزعوا وتسخطوا تأثموا وتوزروا ، وما لكم عندنا من عتبى ، وإن لنا عندكم أيضا لبقية وعودة ، فالحذر الحذر ، فما من أهل بيت مدر ولا شعر ، في بر ولا بحر ، إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات عند مواقيت الصلاة ، حتى لأنا أعلم منهم بأنفسهم ، ولو أني- يا محمد- أردت قبض نفس بعوضة ما قدرت على قبضها حتى يكون الله عز وجل هو الآمر بقبضها ، وإني لملقن المؤمن عند موته شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)».[1283]

8- ابن بابويه في (الفقيه) ، قال: قال الصادق (عليه السلام): «قيل لملك الموت (عليه السلام): كيف تقبض الأرواح وبعضها في المغرب ، وبعضها في المشرق في ساعة واحدة؟ قال: أدعوها فتجيبني». قال: «و قال ملك الموت: إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما يشاء ، والدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم‏ يقلبه كيف يشاء».[1284]

9- وعنه: بإسناده ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لما أسري بي إلى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا ، رجل له في المشرق ، ورجل له في المغرب ، وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه ، قلت: يا جبرئيل ، من هذا؟ قال: هذا ملك الموت».[1285]

10- ابن شهر آشوب: في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال: «يا أبا ذر ، لما أسري بي إلى السماء مررت بملك جالس على سرير من نور ، على رأسه تاج من نور ، إحدى رجليه في المشرق والاخرى في المغرب ، وبين يديه لوح ينظر فيه ، والدنيا كلها بين عينيه ، والخلق بين ركبتيه ، ويده تبلغ المشرق والمغرب ، فقلت: يا جبرئيل ، من هذا؟ فما رأيت من ملائكة ربي جل جلاله أعظم خلقا منه. قال: هذا عزرائيل ملك الموت ادن فسلم عليه ، فدنوت منه ، فقلت: سلام عليك ، حبيبي ملك الموت. فقال: وعليك السلام يا أحمد. وما فعل ابن عمك علي بن أبي طالب؟ فقلت: وهل تعرف ابن عمي؟ قال: وكيف لا أعرفه؟ فإن الله جل جلاله وكلني بقبض الأرواح ما خلا روحك وروح علي بن أبي طالب ، فإن الله يتوفاكما بمشيئته».[1286]

11- عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم على منبره ، وأقام عليا (عليه السلام) إلى جانبه ، وحط يده اليمنى في يده [فرفعها] حتى بان بياض إبطيهما ، وقال: «يا معاشر الناس ، ألا إن الله ربكم ، ومحمد نبيكم ، والإسلام دينكم ، وعلي هاديكم ، وهو وصيي وخليفتي من بعدي».

ثم قال: «يا أبا ذر ، علي عضدي ، وهو أميني على وحي ربي ، وما أعطاني ربي فضيلة إلا وقد خص عليا بمثلها. يا أبا ذر ، لن يقبل الله لأحد فرضا إلا بحب علي بن أبي طالب. يا أبا ذر ، لما أسري بي إلى السماء انتهيت إلى العرش ، فإذا أنا بحجاب من الزبرجد الأخضر ، فإذا مناد ينادي: يا محمد ، ارفع الحجاب فرفعته فإذا أنا بملك ، والدنيا بين عينيه ، وبيده لوح ينظر فيه ، فقلت: حبيبي جبرئيل ، من هذا الملك الذي لم أر في ملائكة ربي أعظم منه خلقة؟ فقال: يا محمد ، سلم عليه ، فإنه عزرائيل ملك الموت. فقلت: السلام عليك- يا حبيبي- ملك الموت.

فقال: وعليك السلام- يا خاتم النبيين- كيف ابن عمك علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقلت: حبيبي- ملك الموت- أ تعرفه؟ فقال: وكيف لا أعرفه؟ يا محمد ، والذي بعثك بالحق نبيا ، واصطفاك رسولا ، إني أعرف ابن عمك وصيا كما أعرفك نبيا ، وكيف لا يكون ذلك وقد وكلني الله بقبض أرواح الخلائق ما خلا روحك وروح علي ، فإن الله تعالى يتولاهما بمشيئته كيف يشاء ويختار».[1287]

12- بستان الواعظين: ذكر في بعض الأخبار أن الله تعالى خلق شجرة فرعها تحت العرش ، مكتوب على كل ورقة من ورقها اسم عبد من عبيده ، فإذا جاء أجل عبد سقطت تلك الورقة التي فيها اسمه في حجر ملك الموت ، فأخذ روحه في الوقت.[1288]

13- وفيه: وفي بعض الأخبار: أن للموت ثلاثة آلاف سكرة ، كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف.[1289]

14- وفيه: وفي بعض الأخبار: أن الدنيا كلها بين يدي ملك الموت كالمائدة بين يدي الرجل ، يمد يده إلى ما شاء منها فيتناوله ويأكل ، والدنيا ، مشرقها ومغربها ، برها وبحرها ، وكل ناحية منها ، أقرب إلى ملك الموت من الرجل على المائدة ، وأن معه أعوانا ، والله أعلم بعدتهم ، ليس منهم ملك إلا لو اذن له أن يلتقم السبع سماوات ، والأرضين السبع في لقمة واحدة لفعل ، وأن غصة من غصص الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ، وكل ما خلق الله عز وجل يتركه إلى الأجل ، فإنه موقت لوفاء العدة وانقضاء المدة.[1290]

قوله تعالى:

(وَلَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ- إلى قوله تعالى- إِنَّا نَسِيناكُمْ 12- 14)

1- علي بن إبراهيم ، قال: قوله: (وَلَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) في الدنيا ولم نعمل به (فَارْجِعْنا) إلى الدنيا (نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) ، قال: لو شئنا أن نجعلهم كلهم معصومين لقدرنا. قال: قوله: (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ) أي تركناكم.[1291]

قوله تعالى:

(تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ 16- 17)

1- الشيخ بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، قال: حدثني ابن رباط ، عن ابن مسكان ، عن‏ سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فقال: يا رسول الله ، أخبرني عن الإسلام: أصله ، وفرعه ، وذروته ، وسنامه. فقال: أصله الصلاة ، وفرعه الزكاة ، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله تعالى. قال: يا رسول الله ، أخبرني عن أبواب الخير. قال: الصيام جنة[1292] ، والصدقة تذهب الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه». ثم قال: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).[1293]

2- ابن بابويه في (الفقيه) بإسناده: عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، في قول الله عز وجل: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) ، فقال: «لعلك ترى أن القوم لم يكونوا ينامون؟» فقلت: الله ورسوله أعلم.

فقال: «لا بد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه ، فإذا خرج نفسه استراح البدن ، ورجعت الروح فيه ، وفيه قوة على العمل ، فإنما ذكرهم الله تعالى ، فقال: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأتباعه من شيعتنا ، ينامون أول الليل ، فإذا ذهب ثلث[1294] الليل ، أو ما شاء الله ، فزعوا إلى ربهم راهبين راغبين طامعين فيما عنده ، فذكرهم الله عز وجل في كتابه لنبيه (صلى الله عليه وآله) ، وأخبره بما أعطاهم ، وأنه أسكنهم في جواره ، وأدخلهم جنته ، وآمن خوفهم ، وسكن روعتهم».

قلت: جعلت فداك ، إذا أنا قمت آخر الليل ، أي شي‏ء أقول إذا قمت؟ قال: «قل: الحمد لله رب العالمين ، وإله المرسلين ، الحمد لله الذي يحيي الموتى ، ويبعث من في القبور. فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجس الشيطان ووساوسه إن شاء الله تعالى».[1295]

3- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال: قال: «ألا أخبرك بأصل الإسلام ، وفرعه ، وذروته ، وسنامه؟». قال: قلت: بلى ، جعلت فداك. قال: «أما أصله فالصلاة ، وفرعه الزكاة ، وذروته وسنامه الجهاد».

فقال: «إن شئت أخبرتك بأبواب الخير». قلت: نعم ، جعلت فداك. قال: «الصوم جنة ، والصدقة تذهب بالخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل يذكر الله». ثم قرأ: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ).[1296]

4- وعنه: عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن علي بن عبد العزيز ، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «ألا أخبرك بأصل الإسلام ، وفرعه ، وذروته ، وسنامه؟». قال: قلت: بلى ، جعلت فداك. قال: «أصله الصلاة ، وفرعه الزكاة ، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل الله ، ألا أخبرك بأبواب الخير؟» قلت: نعم ، جعلت فداك. قال: «الصوم جنة ، والصدقة تحط الخطيئة ، وقيام الرجل في جوف الليل يناجي ربه». ثم تلا: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).[1297]

5- علي بن إبراهيم ، قال: حدثني أبي ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «ما من عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن ، إلا صلاة الليل ، فإن الله لم يبين ثوابها لعظم خطرها عنده ، فقال: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) إلى قوله (يَعْمَلُونَ)».

ثم قال: «إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة ، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمنين ملكا معه حلتان ، فينتهي إلى باب الجنة ، فيقول: استأذنوا لي على فلان. فيقال له: هذا رسول ربك على الباب. فيقول لأزواجه: أي شي‏ء ترين علي أحسن؟ فيقلن: يا سيدنا ، والذي أباحك الجنة ، ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا ، قد بعث إليك ربك ، فيتزر بواحدة ، ويتعطف[1298] بالأخرى ، فلا يمر بشي‏ء إلا أضاء له ، حتى ينتهي إلى الموعد ، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى ، فإذا نظروا إليه ، أي إلى رحمته ، خروا سجدا ، فيقول: عبادي ، ارفعوا رؤوسكم ، ليس هذا يوم سجود ولا عبادة ، قد رفعت عنكم المؤونة[1299]. فيقولون: يا رب ، وأي شي‏ء أفضل مما أعطيتنا! أعطيتنا الجنة فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا. فيرى المؤمن في كل جمعة سبعين ضعفا مثل ما في يديه ، وهو قوله: (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ)[1300] وهو يوم الجمعة ، إنها ليلة غراء ويوم أزهر ، فأكثروا فيها من التسبيح ، والتهليل ، والتكبير ، والثناء على الله ، والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله)».

قال: «فيمر المؤمن فلا يمر بشي‏ء إلا أضاء له ، حتى ينتهي إلى أزواجه ، فيقلن: والذي أباحك الجنة- يا سيدنا- ما رأيناك أحسن منك الساعة. فيقول: إني قد نظرت إلى نور ربي». ثم قال: «إن أزواجه لا يغرن ، ولا يحضن ، ولا يصلفن[1301]».

قال: قلت: جعلت فداك ، إني أردت أن أسألك عن شي‏ء أستحي منه ، قال: «سل». قلت: جعلت فداك ، هل في الجنة غناء؟ قال: «إن في الجنة شجرة ، يأمر الله رياحها فتهب ، فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها حسنا». ثم قال: «هذا عوض لمن ترك السماء ]السماع[ للغناء في الدنيا من مخافة الله».

 

قال: قلت: جعلت فداك ، زدني. فقال: «إن الله خلق الجنة بيده ، ولم ترها عين ، ولم يطلع عليها مخلوق ، يفتحها الرب كل صباح ، فيقول لها: ازدادي ريحا ، ازدادي طيبا ، وهو قول الله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)».[1302]

6- أحمد بن محمد بن خالد البرقي: عن أبيه ، والحسن بن علي بن فضال ، جميعا ، عن علي بن النعمان ، عن الحارث بن محمد الأحول ، عمن حدثه ، عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام) ، قالا: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لعلي: يا علي ، إني لما أسري بي ، رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأشد استقامة من السهم ، فيه أباريق عدد النجوم ، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدر الأبيض ، فضرب جبرئيل (عليه السلام) بجناحيه إلى جانبه فإذا هو مسكة ذفرة.

ثم قال: والذي نفس محمد بيده ، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح ، بصوت لم يسمع الأولون والآخرون مثله يثمر ثمرا كالرمان ، تلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة ، والمؤمنون على كراسي من نور ، وهم الغر المحجلون ، أنت إمامهم يوم القيامة ، على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور ، يضي‏ء أمامهم حيث شاءوا من الجنة ، فبيناهم كذلك إذا أشرفت عليه امرأة من فوقه ، تقول: سبحان الله- يا عبد الله- أما لنا منك دولة؟ فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). ثم قال: والذي نفس محمد بيده ، إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك يسمونه باسمه واسم أبيه».[1303]

7- ورواه ابن بابويه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن الحارث بن محمد الأحول ، عن أبي عبد الله ، عن أبي جعفر (عليهما السلام) ، قال: سمعته يقول: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء قال لعلي (عليه السلام): يا علي ، إني رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأشد استقامة من السهم ، فيه أباريق عدد نجوم السماء ، على شاطئه قباب الياقوت الأحمر والدر الأبيض ، فضرب جبرئيل (عليه السلام) بجناحه إلى جانبه فإذا هو مسك أذفر».

ثم قال: «والذي نفس محمد بيده ، إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الأولون والآخرون بمثله ، يثمر ثمرا كالرمان ، وتلقى الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة ، والمؤمنون على كراسي من نور ، وهم الغر المحجلون ، أنت إمامهم يوم القيامة ، على الرجل منهم نعلان ، شراكهما من نور يضي‏ء أمامه حيث شاء من الجنة ، فبينما هو كذلك إذ أشرفت امرأة من فوقه ، فتقول: سبحان الله ، أما لك فينا دولة؟ فيقول لها: من أنت؟

فتقول: أنا من اللواتي قال الله عز وجل: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ، ثم قال: والذي نفس محمد بيده إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف[1304] ملك يسمونه باسمه واسم أبيه».[1305]

ورواه ابن بابويه في كتاب (بشارات الشيعة)[1306].

8- الحسين بن سعيد في كتاب (الزهد): عن محمد بن الحصين ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: «إن الله خلق بيده جنة لم يرها غيره ، ولم يطلع عليها مخلوق ، تفتح للرب[1307] تبارك وتعالى كل صباح ، فيقول: ازدادي طيبا ، ازدادي ريحا. وتقول: قد أفلح المؤمنون ، وهو قول الله تبارك وتعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)».[1308]

9- كتاب (الجنة والنار): بالإسناد عن الصادق (عليه السلام)- في حديث يذكر فيه أهل الجنة- قال (عليه السلام): «وإنه لتشرف على ولي الله المرأة ، ليست من نسائه ، من السجف[1309] ، فتملأ قصوره ومنازله ضوءا ونورا ، فيظن ولي الله أن ربه أشرف عليه ، أو ملك من الملائكة ، فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينيه- قال- فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة- قال- فيقول لها: ومن أنت؟- قال- فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ)[1310] ، فيجامعها في قوة مائة شاب ، ويعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين ، وما يدري أ ينظر إلى وجهها ، أم إلى خلفها ، أم إلى ساقها ، فما من شي‏ء ينظر إليه منها إلا ويرى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها وصفائها ، ثم تشرف عليه اخرى أحسن وجها ، وأطيب ريحا من الاولى ، فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة- قال- فيقول لها: ومن أنت؟ فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)».[1311]

10- ابن بابويه: بإسناده [عن مقاتل بن سليمان‏] يقول: سمعت الضحاك ، قال: سأل رجل ابن عباس: ما الذي أخفى الله تبارك وتعالى من الجنة ، وقد أخبر عن أزواجها ، وعن خدمها ، وعن طيبها ، وشرابها ، وثمرها ، وما ذكر الله تبارك وتعالى من أمرها وأنزله في كتابه؟

فقال ابن عباس: هي جنة عدن ، خلقها الله تعالى يوم الجمعة ، ثم أطبق عليها فلم يرها مخلوق من أهل السماوات والأرض حتى يدخلها أهلها ، قال لها عز وجل ثلاث مرات: تكلمي. فقالت: طوبى للمؤمنين. قال جل جلاله: طوبى للمؤمنين ، وطوبى لك.

قال مقاتل: قال الضحاك: [قال ابن عباس‏]: قال النبي (صلى الله عليه وآله): «من كان فيه ست خصال فإنه منهم: من صدق حديثه ، وأنجز موعوده ، وأدى أمانته ، وبر والديه ، ووصل رحمه ، واستغفر من ذنبه».[1312]

11- الشيخ في (أماليه): بإسناده ، قال: قال الصادق (عليه السلام) ، في قوله: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) ، قال: «كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة».[1313]

12- الطبرسي: في معنى الآية ، قال: (تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً) ، أي ترتفع جنوبهم عن مواضع اضطجاعهم لصلاة الليل ، وهم المتهجدون بالليل ، الذين يقومون عن فرشهم للصلاة.[1314]

عن الحسن ، ومجاهد ، وعطاء ، قال: وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله (عليهما السلام).


 



[1]الكافي 6: 431/ 6.

[2]الكافي 6: 433/ 13.

[3]الكافي 6: 432/ 9.

[4]مجمع البيان 7: 283.

[5]نهج البيان 3: 210 «مخطوط».

[6] في المصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

[7] في «ج»: كفّوا.

[8] مجمع البيان 7: 283.

[9] الفرقان 25: 67.

[10] الفرقان 25: 67.

[11] تفسير القمّي 2: 117.

[12] الكافي 8: 178/ 199.

[13] في «ي»: حاولوا.

[14] تفسير القمي 2: 117.

[15] تفسير القمي 2: 117 ، شواهد التنزيل 1: 416/ 575.

[16] تفسير القمي 2: 117.

[17] في المصدر: حريث.

[18] تأويل الآيات 1: 384/ 24.

[19] تأويل الآيات 1: 384/ 25.

[20] تأويل الآيات 1: 384/ 26.

[21] تأويل الآيات 1: 385/ 27 ، شواهد التنزيل 1: 416/ 576.

[22] تحفة الإخوان: 117.

[23] في المصدر: الفقر في دار.

[24] كشف الغمة 2: 132.

[25] الغير: من تغيّر الحال. «لسان العرب- غير- 5: 40».

[26] أفقت السهم: وضعته في الوتر لأرمي به. «لسان العرب- فوق- 10: 320».

[27] النساء 4: 147.

[28] الأنفال 8: 33.

[29] الأمالي 2: 107.

[30] تفسير القمّي 2: 117.

[31] مجمع البيان 7: 285.

[32] مجمع البيان 7: 257.

[33] مشكاة الأنوار: 287.

[34] نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 74/ 21.

[35] الأنبياء 21: 30.

[36] مصباح الشريعة: 128.

[37] مجمع البيان 7: 270.

[38] ثواب الأعمال: 109.

[39] كذا.

[40] خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

[41] خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

[42] خواص القرآن: 45 «مخطوط».

[43] (على يدي) ليس في «ي».

[44] النمل 27: 1.

[45] معاني الأخبار: 22.

[46] البخع: القتل ، والمعنى: لعلّك قاتل نفسك. «تفسير التبيان 8: 4 ، مجمع البيان 7: 184».

[47] تفسير القمّي 2: 118.

[48] الشّنّ: القربة الخلق. «لسان العرب- شنن- 13: 241».

[49] المناقب 2: 342 ، أمالي الطوسي 1: 106.

[50] الكافي 8: 310/ 483 ، ينابيع المودة: 426.

[51] تفسير القمّي 2: 118.

[52] مريم 19: 37.

[53] الغيبة: 251/ 8.

[54] في «ج» والمصدر: التيملي ، راجع معجم رجال الحديث 11: 331.

[55] القمر 54: 2.

[56] الغيبة: 260/ 19.

[57] الغيبة: 261/ 19.

 [58] القمر 54: 2.

 [59] الغيبة: 261/ 20.

[60]  في «ج ، ي»: الحلبي.

 [61] الشعراء 26: 1 ، 2.

[62]  الغيبة: 263/ 23.

 [63] تأويل الآيات 1: 386/ 1 ، شواهد التنزيل 1: 417/ 577 ، الجامع لأحكام القرآن 13: 90.

 [64] تأويل الآيات 1: 386/ 2 ، ينابيع المودة: 426.

 [65] في المصدر: عن أبي بصير.

 [66] في المصدر: وتركت ، ولعله تصحيف: وتركد.

 [67] تأويل الآيات 1: 386/ 3.

 [68] تأويل الآيات 1: 387/ 4.

[69] الرجعة: 52 «مخطوط» ، للسيّد محمّد مؤمن الحسيني الأسترآبادي.

[70] الرجعة: 52 «مخطوط».

[71] (قال فرعون ... الأولين) ليس في المصدر.

 [72] الأعراف 7: 115.

 [73] صال عليه: إذا استصال ووثب. «الصحاحة صول- 5: 1746». وفي المصدر: صارت.

 [74] طه 20: 68 و69.

 [75] طه 20: 21.

 [76] في «ط»: أنفرق انفرق. وفي «ي» افترق افترق.

 [77] طه 20: 77.

 [78] الماديانة: المراد بها الرمكة ، كما في ظاهر الحديث.

 [79] الرّمكة: الفرس التي تتّخذ للنسل. «لسان العرب- رمك- 10: 434».

 [80] يونس 10: 90.

 [81] يونس 10: 91.

 [82] تفسير القمّي 2: 118.

 [83] ساقة الجيش: مؤخّره. «لسان العرب- سوق- 10: 167».

 [84] الاختصاص: 266.

 [85] الأمالي 112/ 3.

 [86] الزهد: 65/ 172.

 [87] تفسير القمّي 2: 122.

 [88] الضحى 93: 6- 8.

 [89] الضحى 93: 6- 8.

 [90] الضحى 93: 6- 8.

 [91] الضحى 93: 6- 8.

 [92] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 199/ 1.

 [93] في المصدر: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر «عليهما السّلام).

 [94] الغيبة للنعماني: 174/ 12.

[95] مريم 19: 50.

[96] معاني الأخبار: 126/ 1.

[97] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (124) من سورة البقرة.

[98] في المصدر: عن حصر.

[99] مريم 19: 48.

[100] مريم 19: 49 و50.

[101] كمال الدين وتمام النعمة: 139/ 7.

[102] كشف الغمة 1: 320.

[103] تفسير القمي 2: 123.

[104] الكافي 2: 13/ 5.

[105] مجمع البيان 7: 305.

[106] تفسير القمي 2: 122.

[107] في «ج» والمصدر: أبي جعفر (عليه السّلام).

[108] الكافي 1: 38/ 4.

[109] الشعراء 26: 91- 95.

[110] الكافي 2: 26.

[111] الزهد: 68/ 181.

[112] الزهد: 68.

[113] تفسير القمّي 2: 123.

[114] الشعراء 26: 105.

[115] الشعراء 26: 176.

[116] القمر 54: 33.

[117] الأعراف 7: 38.

[118] الأعراف 7: 38.

[119] الفلج: الظّفر والفوز ، وقد فلج الرجل على خصمه ، أي غلبه. «لسان العرب- فلج- 2: 347».

[120] الكافي 2: 26.

[121] الكافي 8: 101/ 72.

[122] الأمالي 2: 222.

[123] دينور: مدينة من أعمال الجبل ، بينها وبين همذان نيّف وعشرون فرسخا. «معجم البلدان 2: 545».

[124] الأمالي 2: 131.

[125] الأمالي 1: 45.

[126] في المصدر: زيدان.

[127] في المصدر: بن.

[128] تأويل الآيات 1: 389/ 9 ، شواهد التنزيل 1: 418/ 578.

[129] تأويل الآيات 1: 389/ 10.

[130] تأويل الآيات 1: 1: 390/ 11.

[131] المحاسن: 184/ 187.

[132] تفسير القمّي 2: 123.

[133] مجمع البيان 7: 305.

[134] مجمع البيان 7: 305.

[135] مجمع البيان 7: 305.

[136] ربيع الأبرار 1: 428.

[137] ربيع الأبرار 1: 430.

[138] مجمع البيان 7: 307.

[139] تفسير القمي 2: 123.

[140] تفسير القمّي 2: 123.

[141] تفسير القمّي 2: 125.

[142] تفسير القمّي 2: 123.

[143] تفسير القمّي 2: 125.

[144] الكافي 8: 187/ 214.

[145] تقدّم في الحديث (4) من تفسير الآية (61) من سورة هود.

[146] تفسير القمّي 2: 123.

[147] الغيضة: هي الشجر الملتف. «لسان العرب- غيض- 7: 202».

[148] تفسير القمّي 2: 125.

[149] تفسير القمّي 2: 123.

[150] تفسير القمّي 2: 124.

[151] تفسير القمّي 2: 124.

[152] بصائر الدرجات: 93/ 5.

[153] بصائر الدرجات: 93/ 6.

[154] الكافي 1: 341/ 1.       

[155] قال المجلسي (رحمه اللّه): المراد أنّ القرآن لا يحتاج إلى الاستشهاد بأشعار العرب وكلامهم ، بل الأمر بالعكس لأنّ القرآن أفصح الكلام ، مرآة العقول 12: 522.

[156] الكافي 2: 462/ 20.

[157] تأويل الآيات 1: 391/ 16.

[158] الكافي 1: 363/ 6.

[159] تفسير القمّي 2: 125.

[160] تفسير القمّي 2: 124.

[161] القهقرى: الرجوع إلى خلف. «الصحاح- قهر- 3: 801».

[162] القدر 97: 1- 3.

[163] الكافي 4: 159/ 10.

[164] القدر 97: 1- 3.

 [165]الكافي 8: 222/ 280.

[166] تأويل الآيات 1: 392/ 18.

 [167]تفسير القمّي 2: 125.

[168] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 231/ 1.

[169] علل الشرائع: 170/ 2.

[170] العسّ: القدح العظيم. «الصحاح- عسس- 3: 949».

[171] الجذمة: القطعة من الشي‏ء. «لسان العرب- جذم- 12: 87».

[172] الرّمص: وسخ يتجمّع في موق العين. «مجمع البحرين- رمص- 4: 172».

[173] حمش الساقين ، وأحمشهما: دقيقهما. «لسان العرب- حمش- 6: 288».

[174] الأمالي 2: 194.

[175] في المصدر: زيدان بن يزيد.

[176] تضلّع الرجل: امتلأ ما بين أضلاعه شبعا وريّا. «لسان العرب- ضلع- 8: 225».

[177] الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع. «لسان العرب- جفن- 13: 89». وفي المصدر: الجفرة وما يسلخها. الجفرة: الأنثى من أولاد الشاء إذا عظمت واستكرشت. «لسان العرب- جفر- 4: 142».

[178] في المصدر: الفرق.

[179] تأويل الآيات 1: 393/ 19.

[180] الجذع من الدواب: ما كان منها شابّا فتيّا ، ومن الضأن ما تمّت له سنة. «النهاية 1: 250».

[181] الجزم: القطع ، وكل أمر قطعته قطعا لا عودة فيه ، فقد جزمته. «لسان العرب- جزم- 12: 97».

[182] تفسير القمّي 2: 124.

[183] تأويل الآيات 1: 395/ 21.

[184] المسنّ من الدوابّ: ما دخل في السنة الثامنة. «أقرب الموارد- سنن- 1: 550».

[185] الإدام ، والادم: ما يؤكل مع الخبز ، أيّ شي‏ء كان ، وأدمته: أي خلطته وجعلت فيه إداما يؤكل. «النهاية 1: 31».

[186] القعب: القدح الضخم الغليظ. «أقرب الموارد- قعب- 2: 1017».

[187] مجمع البيان 7: 322 ، شواهد التنزيل 1: 420/ 580 ، العمدة: 76/ 93 ، كفاية الطالب: 204.

[188] تفسير الثعلبي: 25 «مخطوط» ، مجمع البيان 7: 323.

 [189] في المسند: بحرا.

 [190] مسند أحمد بن حنبل 1: 111 ، العمدة: 86/ 103.

 [191] الفرق: مكيال معروف بالمدينة ، وهو ستّة عشر رطلا. «الصحاح- فرق- 4: 1540».

 [192] فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 2: 650/ 1108 ، العمدة: 87/ 104.

 [193] تفسير الثعلبي: 265 «مخطوط». وقد تقدّمت روآية البراء في الحديث (7) من تفسير هذه الآية ، عن مجمع البيان ، وفي الحديث (8) عن تفسير الثعلبي.

 [194] يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (3- 6) من سورة فصلت.

[195] تقدّمت في الحديث (5) عن تفسير القمّي أنّ هذا اللفظ هو قراءة للآية.

[196] تفسير القمّي 2: 126.

[197] تفسير القمّي 2: 126.

[198] تفسير القمّي 2: 125.

 

[199] معاني الأخبار: 55/ 2.

[200] معاني الأخبار: 56/ 4.

[201] تأويل الآيات 1: 396/ 23.

[202] تأويل الآيات 1: 396/ 25.

[203] تأويل الآيات 1: 396/ 26 ، أمالي الطوسي 1: 311.

 

[204] في «ط» نسخة بدل والمصدر: من لاه ، أي من الاهيّته ، من إنّيّته الذي تبدى منه.

[205] في المصدر زيادة: وعلى نفسه.

[206] الأنعام 6: 9.

[207] الجشر: وسخ الوطب- ظرف- من اللبن ، يقال: وطب جشر ، أي وسخ. «الصحاح- جشر- 2: 614». وفي المصدر: خشرة ، والخشارة: الردي‏ء من كلّ شي‏ء. «الصحاح- خشر- 2: 645».

[208] الأنبياء 21: 23.

[209] تأويل الآيات 1: 397/ 27.

[210] مجمع البيان 7: 323.

[211] مجمع البيان 7: 324.

[212] مجمع البيان 7: 324.

[213] مجمع البيان 7: 7: 323.

[214] مجمع البيان 7: 323.

[215] في المصدر: وأبو الخطّاب.

[216] الخصال: 402/ 111.

[217] معاني الأخبار: 385/ 19.

[218] تأويل الآيات 1: 399/ 28.

[219] مجمع البيان 7: 325.

[220] تفسير القمّي 2: 125.

[221] في المصدر: إمام.

[222]  في المصدر: لحرمتهم.

 [223] كمال الدين وتمام النعمة: 260/ 6 ، فرائد السمطين 1: 54/ 19.

 [224] تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة الشعراء.

 [225] خواص القرآن: 46 «مخطوط» ، مجمع البيان 7: 327 ، مصباح الكفعمي: 442 ، جوامع الجامع: 334.

[226] خواص القرآن: 46 «مخطوط».

[227] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة الشعراء.

[228] يأتي في تفسير الآيات (29- 31) من سورة القصص.

[229] تفسير القمّي 2: 126.

[230] في «ي ، ج»: الأسواء.

[231] الأعراف 7: 188.

[232] يوسف 12: 24.

[233] معاني الأخبار: 172/ 1.

[234] في المصدر: منجاب.

[235] (الخير) لم ترد في «ي» والمصدر.

[236] الأعراف 7: 188.

[237] يوسف 12: 24.

[238] في «ج ، ي ، ط»: برص.

[239] طب الأئمة: 55.

[240] سورة الإسراء 17: 101.

[241] مجمع البيان 7: 331.

[242] الجاثية 45: 24.

[243] الجاثية 45: 24.

[244] البقرة 2: 6.

[245] هكذا في جميع النسخ والمصدر ، والظاهر أن الصواب: أما الوجه الآخر من الجحود ، فهو الجحود على معرفة. [.....]

[246] البقرة 2: 89.

[247] الكافي 2: 287/ 1.

[248] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

[249] الأنبياء 21: 105.

[250] تفسير القمّي 2: 126.

[251] الكافي 1: 314/ 3.

[252] الكافي 1: 175/ 4.

[253] مجمع البيان 7: 335.

[254] بصائر الدرجات: 363/ 12.

[255] الخصال: 255/ 130.

[256] الأحاديث الثلاثة الأخيرة (4 ، 5 ، 6) استدركها المؤلّف بعد تفسير الآية (26) من هذه السورة ، حيث قال: تقدّمت الرواية في ذلك ، ويؤيّده هنا. وذكر أيضا الحديث (7) في آخر تفسير الآية التالية.

[257] تفسير الثعلبي: 274 «مخطوط».

[258] النمل 27: 18- 34.

[259] الحقّة: وعاء من خشب ، وقد تسوّى من العاج. «أقرب الموارد- حقق- 1: 215».

[260] النمل 27: 36 ، 37.

[261] النمل 27: 38 ، 39.

[262] النمل 27: 41 ، 42.

[263] النمل 27: 44.

[264] في «ج»: الخيبرية ، وفي «ط»: الجبيرية.

 

[265] في المصدر: وقالت الشياطين.

[266] الأرحية: واحدتها الرّحى ، وهي الأداة التي يطحن بها. «المعجم الوسيط 1: 335».

[267] تفسير القمّي 2: 126.

[268] تفسير القمّي 2: 129.

[269] النمل 27: 21.

[270] النمل 27: 31.

[271] النمل 27: 37.

[272] النمل 27: 40.

[273] النمل 27: 40.

[274] تفسير القمّي 2: 129

[275] النمل 27: 19.

[276] النمل 27: 18.

[277] ذكر المجلسي (رحمه اللّه) وجوها أربعة في تفسير هذه العبارة ، ارتضى التالي منها: أنّ المعنى أنّ أباك لمّا ارتكب ترك الأولى ، وصار قلبه مجروحا بذلك ، فداواه بودّ اللّه تعالى ومحبته ، فلذا سمّي داود اشتقاقا من الدواء بالودّ ، وأنت لمّا لم ترتكب بعد ، وأنت سليم منه سمّيت سليمان ، فخصوص العلّتين للتسميتين ، صارتا علّة لزيادة اسمك على اسم أبيك.

ثمّ لمّا كان كلامها موهما لكونه من جهة السلامة أفضل من أبيه ، استدركت ذلك بأنّ ما صدر عنه لم يصر سببا لنقصه ، بل صار سببا لكمال محبّته وتمام مودّته ، وأرجو أن تلحق أنت أيضا بأبيك في ذلك ليكمل محبّتك ، البحار 14: 93.

[278] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 87/ 8.

[279] في المصدر: واختلاف صورها.

[280] آل عمران 3: 26.

[281] تحفة الاخوان: 71.

[282] الاختصاص: 292.

[283] بصائر الدرجات: 361/ 1.

[284] كذا في النسخ والمصدر ، ولعلّه محمّد بن عيسى ، لروايته من عليّ بن الحكم ، راجع معجم رجال الحدييث 11: 3884.

[285] الاختصاص: 293.

[286] بصائر الدرجات: 361/ 2.

[287] النمل 27: 16.

[288] الاختصاص: 293.

[289] بصائر الدرجات: 362/ 3.

[290] هدر الطائر: صوت. «لسان العرب- هدر- 5: 258». في المصدر: هدل.

[291] الاختصاص: 293.

[292] في جميع النسخ والمصدر: داود الحداد ، انظر سند الحديث السابق ، ومعجم رجال الحديث 2: 365 و12: 12.

[293] بصائر الدرجات: 362/ 4.

[294] النمل 27: 16.

[295] (من) ليس في المصدر.

[296] الاختصاص: 203.

[297] بصائر الدرجات: 364/ 17.

[298] الاختصاص: 293.

[299] بصائر الدرجات: 364/ 18.

[300] الفاختة: ضرب من الحمام المطوّق. «لسان العرب- فخت- 2: 65».

[301] الورشان: طائر شبه الحمامة. «لسان العرب- ورش- 6: 372».

[302] الرّاعبيّ: جنس من الحمام. «لسان العرب- رعب- 1: 421».

[303] الاختصاص: 294.

[304] بصائر الدرجات: 365/ 19.

[305] الزطّ: جنس من السودان أو الهنود ، الواحد زطّي. «مجمع البحرين- زطط- 4: 250».

[306] بصائر الدرجات: 365/ 20.

[307] سرف: موضع على ستّة أميال من مكّة. «معجم البلدان 3: 212».

 

[308] بصائر الدرجات: 365/ 21.

[309] بصائر الدرجات: 363/ 8.

[310] في نسخة «ج ، ي ، ط» زيادة: عن محمّد بن الحسن بن زياد ، انظر معجم رجال الحديث 2: 87.

[311] في المصدر: عن صالح.

[312] بصائر الدرجات: 363/ 9.

[313] بصائر الدرجات: 366/ 23.

[314] في «ط ، ج ، ي»: عمر بن أصبهان ، وفي المصدر: عمر بن محمد الأصبهاني ، انظر الكافي 6: 551/ 2 ، معجم رجال الحديث 11: 104.

[315] الصّلص: طائر صغير تسمّيه العجم الفاختة. «لسان العرب- صلل- 11: 384».

[316] بصائر الدرجات: 365/ 22.

[317] في المصدر: الصائنات ، وفي «مجمع البحرين- صون- 6: 274»: استوصوا بالصينيّات خيرا ، وكأنّ المراد بها الطيور التي تأوي البيوت ، المكنّاة ببنات السند والهند.

[318] الخطّاف: العصفور الأسود ، وهو الذي تدعوه العامّة: عصفور الجنّة. «لسان العرب- خطف- 9: 77».

[319] بصائر الدرجات: 366/ 24.

[320] في «ج ، ي ، ط»: محمّد بن إبراهيم بن شمر ، عن بشر.

 

[321] بصائر الدرجات: 366/ 25.

[322] في «ج» والمصدر: محمّد بن عبد الكريم.

[323] بصائر الدرجات: 363/ 12.

[324] النمل 27: 21.

[325] الرعد 13: 31.

[326] النمل 27: 75.

[327] فاطر 35: 32.

[328] الكافي 1: 176/ 7.

[329] في «ج» والمصدر: اغشي.

[330] مجمع البيان 7: 340.

[331] طه 20: 5.

[332] في المصدر: متّفرد عن.

[333] في المصدر: والبدء.

[334] في «ي ، ط»: الطرف ، وفي «ج» ، و«ط» نسخة بدل: الظرف.

[335] في المصدر: ويستدلوا.

[336] الزخرف 43: 82.

[337] المائدة 5: 64.

[338] في المصدر: بالمتشابه.

[339] الإسراء 17: 85.

[340] في «ج» والمصدر: ولا مثل.

[341] الأعراف 7: 180.

[342] يوسف 12: 106.

[343] التوحيد: 321.

[344] الكافي 1: 179/ 1.

[345] في المصدر و«ط»: ضريس.

[346] بصائر الدرجات: 228/ 1.

[347] الكافي 1: 180/ 3.

[348] الكافي 1: 179/ 2.

[349] بصائر الدرجات: 228/ 2.

[350] في المصدر: ضريس.

[351] في المصدر: حتّى التقت.

[352] بصائر الدرجات: 229/ 6.

[353] في «ج»: سعدان ، عن عمر الجلاب ، وفي «ط ، ي»: سعدان ، عن عمر الجلاب ، وفي المصدر: سعد أبي عمرو الجلاب ، راجع تنقيح المقال 2: 11.

[354] بصائر الدرجات: 230/ 8.

[355]بصائر الدرجات: 232/ 2.

[356]بصائر الدرجات: 228/ 3.

[357]الرعد 13: 43.

[358]بصائر الدرجات: 232/ 1.

[359]في المصدر: محمّد بن سليمان بن سدير.

[360]في المصدر: أي بيوت الدار هي.

[361]في المصدر: ولا تنسبك.

[362] المطر الجود: المطر الواسع الغزير. «لسان العرب- جود- 3: 137».

[363]في المصدر: إن.

[364]الرعد 13: 43.

[365]بصائر الدرجات: 233/ 3.

[366]بصائر الدرجات: 231/ 2.

[367] بصائر الدرجات: 230/ 1.

[368] البصبصة: تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا. «لسان العرب- بصص- 7: 6».

[369] النمل 27: 38- 40.

[370] الأنبياء 21: 26 و27.

[371] خصائص الأئمة: 46.

[372] في «ج»: وفضال ، وفي «ي ، ط» والمصدر: وفضالة ، راجع فهرست الطوسي: 126/ 560 ، معجم رجال الحديث 13: 271.

[373] الاختصاص: 270.

[374] الاختصاص: 270.

[375] مجمع البيان 7: 351.

[376] إبراهيم 14: 7.

[377] البقرة 2: 152.

[378] الكافي 2: 287/ 1.

[379] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (6) من سورة البقرة.

[380] في المصدر: بآية.

 [381] (منهم): ليس في المصدر: وفي «ي»: عنهم.

 [382] النمل 27: 61.

 [383] النمل 27: 66.

[384]  النمل 27: 87.

 [385] النمل 27: 88.

 [386] تفسير القمّي 2: 132.

 [387] الآيات الخمس أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ - إلى قوله تعالى- إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (60- 64).

 [388] المناقب 2: 125.

[389] النمل 27: 52.

[390] تفسير القمّي 2: 129.

[391] تأويل الآيات 1: 401/ 2.

[392] الأمالي: 307/ 5.

[393] الأمالي 1: 75.

[394] تأويل الآيات 1: 401/ 3.

[395] (كافر) ليس في المصدر.

[396] تأويل الآيات 1: 402/ 4.

[397] في المصدر: الكعبة.

[398] تأويل الآيات 1: 402/ 5.

[399] تأويل الآيات 1: 403/ 6.

[400] في «ي ، ط» زيادة: إلى.

[401] تفسير القمّي 2: 129.

[402] ذو طوى: موضع عند مكّة. «معجم البلدان 4: 45».

[403] في المصدر: أتى.

[404] المناوأة: إظهار المعاداة والمفاخرة. «مجمع البحرين- نوأ- 1: 424» ، وفي المصدر زيادة: بنا.

[405] لغيبة: 181/ 30.

[406] تفسير القمّي 2: 132.

[407] النمل 27: 80.

[408] تفسير القمّي 2: 129.

[409] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآية (20) من هذه السورة.

[410] (و أنا الفاروق الأكبر) ليس في المصدر.

[411] الكافي 1: 153/ 3.

[412] الغيبة: 258/ 17.

[413] في المصدر: يا دابة الله.

[414] الكلم: الجرح. «لسان العرب- كلم- 12: 525».

[415] الكهف 18: 47.

[416] تفسير القمي 2: 130.

[417] الكهف 18: 47.

[418] تفسير القمي 1: 24.

[419] تفسير القمي 2: 131.

[420] تأويل الآيات 1: 403/ 7.

[421] تأويل الآيات 1: 404/ 8.

[422] في «ج» والمصدر: الحسن الفقيه ، وفي «ط»: الحسن الفقيمي (الفقى) ، راجع رجال النجاشي: 89/ 223.

[423] تأويل الآيات 1: 404/ 9.

[424] تأويل الآيات 1: 404/ 10.

[425] الرجعة: للميرزا محمد مؤمن الأسترآبادي: 52 «مخطوط».

[426] في جميع النسخ والمصدر: خالد بن أوس ، راجع ميزان الاعتدال 1: 277 ، تهذيب التهذيب 7: 322.

[427] الرجعة: 53 «مخطوط».

[428] الرجعة: 53 «مخطوط».

[429] الرجعة: 53 «مخطوط».

 [430]مختصر بصائر الدرجات: 36 و64.

[431] مختصر بصائر الدرجات: 25.

 [432]مختصر بصائر الدرجات: 25.

[433] تأويل الآيات 1: 409/ 15.

 [434]يأتي في الحديث (4) من تفسير الآية (85) من سورة القصص.

[435] تفسير القمي 2: 131.

[436] تفسير القمي 2: 133.

[437] يأتي في الحديث (2) من تفسير الآية (69) من سورة الزمر.

[438] تفسير القمي 2: 131.

[439] تفسير القمّي 2: 133.

 [440] الكافي 1: 142/ 14.

 [441] الشورى 42: 23.

 [442] سبأ 34: 47.

 [443] الكافي 8: 379/ 573.

[444]  الأنعام 6: 160.

 [445] تفسير القمّي 2: 131.

[446] الأمالي 2: 107 ونحوه في شواهد التنزيل 1: 426/ 582 و587 ، خصائص الوحي المبين: 217/ 164 و165 ، فرائد السمطين 2:

297/ 554 و555.

 

[447] الأمالي 2: 31.

[448] تأويل الآيات 1: 410/ 16.

[449] تأويل الآيات 1: 410/ 17.

[450] تأويل الآيات 1: 411/ 18.

[451] تأويل الآيات 1: 411/ 19.

[452] تأويل الآيات 1: 411/ 20.

[453] المحاسن: 150/ 69.

[454] مجمع البيان 7: 371 ، شواهد النزيل 1: 425/ 581 ، ينابيع المودة: 98.

[455] في النسخ والمصدر: الحميري ، انظر: سير أعلام النبلاء 18: 103 ، أنساب السمعاني 1: 291.

[456] في المصدر: أحمد بن إسحاق ، انظر: سير أعلام النبلاء 16: 366.

[457] في جميع النسخ: أبو لعيعة ، انظر: ميزان الاعتدال 2: 479.

[458] في «ج»: كالأوتار.

[459] مجمع البيان 7: 371.

[460] الرحمن 55: 33.

[461] الأنبياء 21: 103.

[462] تفسير القمي 2: 77.

[463] تفسير القمّي 2: 131.

[464] آل عمران 3: 31.

[465] الأمالي: 41/ 4.

[466] تفسير الحبري: 293/ 47.

[467] تفسير القمّي 2: 131.

[468] النبأ 78: 1 و2

[469] الكافي 1: 161/ 3.

[470] تقدّم في تفسير الآية (101) من سورة يونس.

[471] طه 20: 124- 126.

[472] الاحتجاج: 473.

[473] مجمع البيان 7: 373.

[474] ...

[475] خواص القرآن: 46 «مخطوط».

[476] تقدّم في الحديث (1) من تفسير الآيات (1- 3) من سورة الشعراء.

 

[477] تفسير القمّي 2: 133.

[478] الآدم من الناس: الأسمر. «الصحاح- أدم- 5: 1859».

[479] في المصدر زيادة: عن أبي الحسين.

[480] أرجفوا في الشي‏ء: أي خاضوا فيه. «لسان العرب- رجف- 9: 113».

[481] الغمر: الماء الكثير. «لسان العرب- غمر- 5: 29 «.

[482] الظّئر: المرضعة غير ولدها. «النهاية 3: 154».

[483] القصص 28: 24.

[484] في المصدر: رحمنا فسقى.

[485] الحجّة: السّنة. «لسان العرب- حجج- 2: 227».

[486] القصص 28: 30 و31.

[487] طه 20: 12.

[488] كمال الدين وتمام النعمة: 147/ 13.

[489] - تفسير القمّي 2: 133.

[490] - الكافي 1: 243/ 1.

[491] - معاني الأخبار: 79 ، شواهد التنزيل 1: 430/ 589.

[492] - في «ج ، ي ، ط»: أحمد بن تميم ، و في المصدر: أحمد بن غنم ، راجع تهذيب التهذيب 1: 61.

[493] - الأمالي: 387/ 26.

[494] - كمال الدين و تمام النعمة: 424/ 1.

[495] - الإرشاد: 271.

[496] - العنكبوت 29: 8.

[497] - شمس الفرس: كأن لا يمكّن أحدا من ظهره ، ولا من الإسراج والإلجام ، ولا يكاد يستقرّ. «أقرب الموارد- شمس- 1: 611».

[498] - خصائص الأئمة: 70.

[499] - مجمع البيان 7: 375.

[500] - مجمع البيان 7: 375.

[501] - مجمع البيان 7: 375.

[502] - في المصدر: الحسن.

[503] - في «ج ، ي ، ط»: المحول ، و في المصدر: مكحول ، راجع ميزان الاعتدال 4: 85.

[504] - في «ج ، ي»: للأمة.

[505] - في «ج» و المصدر: العليّ.

[506] - في المصدر: ذو الإحسان.

[507] - في المصدر: وعادى.

[508] - في المصدر: لأمر الله.

[509] - في المصدر: بأمر الله.

[510] - الإسراء 17: 5 و 6.

[511] - الإسراء 17: 5 و 6.

[512] - الكهف 18: 49.

[513] - دلائل الإمامة: 237.

[514] - في المصدر: و ما ابالي لقيت الموت أو لقيني.

[515] - تأويل الآيات 1: 413/ 1 ، شواهد التنزيل 1: 431/ 590.

[516] - تأويل الآيات 1: 414/ 2.

[517] - وهو نفس كتاب (نهج البيان) انظر الذريعة 18: 23 ، 24: 414.

[518] - نهج البيان 3: 221 «مخطوط».

[519] - نهج البيان 3: 221 «مخطوط».

[520] - في «ج ، ي، ط »: كالمنجلين.

[521] - الجريب من الأرض: مقدار معلوم. «الصحاح- جرب- 1: 98».

[522] -(فأنّى يتوب ... الظالمين) ليس في المصدر.

[523] - الحج 22: 39 و 40.

[524] - تفسير القمى 2: 133.

[525] - تفسير القمّي 2: 134.

[526] - في «ج ، ي»: المجالس.

[527] - في المصدر: عليه.

[528] - طه 20: 39.

[529] - المتنزّه: مكان التّنزّه. «المعجم الوسيط 2: 915».

[530] - في المصدر: ربّيه لنا ، فإنا نفعل بك ما نفعل.

[531] - طه 20: 94.

[532] - غافر 40: 28.

[533] - القصص 28: 20 و 21.

[534] - القصص 28: 23.

[535] - في «ج ، ي ، ط»: بيد.

[536] - القصص 28: 24.

[537] - القصص 28: 25.

[538] - الصّفق: الضرب الذي يسمع له صوت. «لسان العرب- صفق- 10: 200».

[539] - القصص 28: 25.

[540] - القصص 28: 26.

[541] - القصص 28: 27.

[542] القصص 28: 28.

[543] القصص 28: 28.

[544] القصص 28: 26.

[545] البلق: سواد و بياض ، و بلق الدابة: ارتفاع التحجيل إلى الفخذين. «لسان العرب- بلق- 10: 25».

[546] في المصدر: فقشر.

[547]  القصص 28: 29.

[548]  القصص 28: 30.

[549]  طه 20: 19.

[550]  القصص 28: 32.

[551]  القصص 28: 33- 35.

[552]  تفسير القمّي 2: 135.

[553] - في «ط»: لأؤدّبنّك.

[554] - عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 1: 195.

[555] - مجمع البيان 7: 381.

[556] - القصص 28: 14.

[557] - معاني الأخبار: 226/ 1.

[558] - الكافي 6: 287/ 5.

[559] - المحاسن: 585/ 78.

[560] - الكهف 18: 62.

[561] - تفسير العيّاشي 2: 330/ 44.

[562] - في «ط» و المصدر: عن أبي جعفر.

[563] - الكهف 18: 62.

[564] - الكهف 18: 77.

[565] - تفسير العيّاشي 2: 335/ 50.

[566] - ربيع الأبرار 4: 383.

[567] - الكافي 5: 414/ 1.

[568] - الكافي 5: 90/ 2.

[569] - مجمع البيان 7: 390.

[570] - في المصدر: أو أراك.

[571] - علل الشرائع: 1: 57/ 1.

[572] - مجمع البيان 7: 391.

[573] - مجمع البيان 7: 391.

[574] - مجمع البيان 7: 395.

[575] - مجمع البيان 7: 391.

[576] - الشعراء 26: 18- 20.

[577] - اللّحيان: هما العظمان اللذان فيهما الأسنان. «لسان العرب- لحا- 15: 243».

[578] - مجمع البيان 7: 395.

[579] - مجمع البيان 7: 391.

[580] - كامل الزيارات: 48/ 11.

[581] - تأويل الآيات 1: 415/ 6 ، شواهد التنزيل 1: 435/ 598.

[582] - في المصدر زيادة: و السلطان.

[583] - مشارق أنوار اليقين: 81.

[584] - مشارق أنوار اليقين: 85.

[585] - طال عليه: علاه و ترفّع عليه. «لسان العرب- طول- 11: 412».

[586] - مشارق أنوار اليقين: 85.

[587] - في «ي ، ط»: يقيم.

[588] - تفسير القمّي 2: 140.

[589] - النازعات 79: 23.

[590] - النازعات 79: 24 و 25.

[591] - تفسير القمي 2: 403.

[592] - مجمع البيان 9: 656.

[593] - الأنبياء 21: 73.

[594] - الكافي 1: 168/ 2.

[595] - في «ج ، ي ، ط»: جوهر الضحاك ، و في المصدر: جوهر: جوهر عن الضحاك ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه ، انظر ميزان الاعتدال 1: 427.

[596] - في المصدر: ما تعيّن وصيّه.

[597] - تأويل الآيات 1: 416/ 7.

[598] - تأويل الآيات 1: 417/ 8.

[599] - تأويل الآيات 1: 417/ 9.

[600] - في «ط ، ي»: ظاهر بن مدار ، و في المصدر: ظاهر بن مدرار.

[601] - في المصدر: ورقة آس.

[602] - تأويل الآيات 1: 417/ 10.

[603] - تأويل الآيات 1: 417/ 11.

[604] - الاختصاص: 111.

[605] - في المصدر زيادة: جميع ملائكتي و.

[606] - التّبحبح: التمكّن في الحلول والمقام. «الصحاح- بحح- 1: 354».

[607] - في نسخة من «ط»: ذرّيّته.

[608] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السّلام): 31.

[609] - القصص 28: 44.

[610] - القصص 28: 44.

[611] - القصص 28: 35.

[612] - القصص 28: 35.

[613] - القصص 28: 48 ، قال الطبرسي: قرأ أهل الكوفة: سحران ، بغير ألف ، والباقون: ساحران ، بالألف. مجمع البيان 7: 399.

[614] - تفسير القمّي 2: 141.

[615] - الكافي 1: 306/ 1.

[616] - الغيبة: 130/ 7.

[617] - بصائر الدرجات: 33/ 7.

[618] - بصائر الدرجات: 33/ 5.

[619] -... تأويل الآيات 1: 420/ 13.

[620] - الكافي 1: 343/ 18.

[621] - تفسير القمّي 2: 141.

[622] - مختصر بصائر الدرجات: 64.

[623] - الأمالي 1: 300.

[624] - في «ج» و المصدر: إلى.

[625] - المناقب 3: 96.

[626] - تأويل الآيات 1: 420/ 14.

[627] - الحديد 57: 28.

[628] - الكافي 1: 150/ 3.

[629] - الكافي 2: 172/ 1.

[630] - الكافي 3: 240/ 13.

[631] - المحاسن: 257/ 296.

[632] - مجمع البيان 7: 404.

[633] - تفسير القمّي 2: 141.

[634] - في المصدر: صبرنا.

[635] - تفسير القمّي 2: 141.

[636] - تفسير القمّي 1: 365.

[637] - تفسير القمّي 2: 142.

[638] - تفسير القمّي 2: 142.

[639] - لقد ثبت إجماع أهل البيت (عليهم السّلام) على إيمان أبي طالب وأنّه مات مسلما ، وتظاهرت الروايات بذلك عنهم (عليهم السّلام) ، وقد نقل في كتب السير والمغازي كثير من أشعاره الدالّة على توحيده ، وإيمانه برسالة الإسلام ، وتصديقه لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) ، ولأبي طالب مواقف مشهودة سجّلها التاريخ ، تنبئ عن ملازمته لرسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) خلال صدر الدعوة ، ومنابذة أعدائه ومجاهرتهم ، فضلا عن أنّ هذه الآية نزلت في الحارث بن نوفل بن عبد مناف. انظر: مجمع البيان 4: 444 ، 7: 406 ، بحار الأنوار 35: 152.

[640] - إبراهيم 14: 35.

[641] - تفسير العيّاشي 2: 230/ 31.

[642] - النساء 4: 18.

[643] - الأمالي 2: 174.

[644] - هو هارون بن موسى التلّعكبري ، راجع رجال النجاشي: 380/ 1032 ، وفهرست الطوسي 7: 9.

[645] - في المصدر: محمّد بن علي.

[646] - في المصدر: ولدته.

[647] - الأمالي 2: 312.

[648]  أمالي الصدوق: 491/ 10.

[649] - الكافي 1: 373/ 28 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14: 70.

[650] - الثمال: الغياث ، و الذي يقوم بأمر قومه. «مجمع البحرين- ثمل- 5: 332».

[651]  الكافي 2: 373/ 29.

[652]  سيأتي تفسيرها في الحديث (13) من تفسير هذه الآية.

[653]  الكافي 1: 374/ 32.

[654]  الكافي 1: 374/ 33.

[655]  السّلى: الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد ، يكون ذلك للناس و الخيل و الإبل. «لسان العرب- سلا - 14: 396».

[656]  السّبلة: الشارب. «الصحاح- سبل- 5: 1724».

[657] - الكافي 2: 373/ 30.

[658] - الكافي 1: 373/ 31.

[659] - معاني الأخبار: 285/ 1.

[660] - معاني الأخبار: 286/ 2.

[661] - كمال الدين و تمام النعمة: 174/ 31 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد

[662] -70 نحوه.

[663] - كمال الدين وتمام النعمة: 174/ 32.

[664] - الكافي 1: 370/ 18.

[665] - الكافي 1: 376/ 1.

[666] - في «ج» والمصدر: من لدن.

[667] - في «ج ، ي ، ط»: التهاصل.

[668] - خاس به: غدر به. «الصحاح- خيس- 3: 926».

[669] - عال الميزان: جاز. «لسان العرب- عيل- 11: 489».

[670] - التوحيد: 158/ 4.

[671] - مجمع البيان 4: 444.

[672] - الأنعام 6: 26.

[673] - في مجمع البيان 7: 406: الحارث بن نوفل بن عبد مناف.

[674] - الطرائف: 306.

[675] - في «ط ، ي»: الآيات.

[676] - في المصدر: ولا كان يقرّ نبيّهم عينه.

[677] - الطرائف: 306.

[678] - يونس 10: 99.

[679] - التوحيد: 414/ 13.

[680] - تفسير القمّي 2: 142.

[681] - تأويل الآيات 1: 422/ 17 ، تفسير الطبري 20: 62 ، شواهد التنزيل 1: 436/ 599 و 437/ 600 ، فرائد السمطين 1: 364/ 291 ، ذخائر العقبى:

88 ، الرياض النضرة 3: 179.

[682] -.... تأويل الآيات 1: 422/ 18.

[683] - تفسير القمّي 2: 143.

[684] - أي أشار بها.

[685] - شرّجها: داخل بينها.

[686] - تفسير القمّي 2: 143.

[687] - تفسير القمي 2: 143.

[688] - في «ي» و نسخة من «ط»: رأيهم.

[689] - الأنعام 6: 38.

[690] - المائدة 5: 3.

[691] - البقرة 2: 124.

[692] - البقرة 2: 124.

[693] - البقرة 2: 124.

[694] - الأنبياء 21: 72 و 73.

[695] - آل عمران 3: 68.

[696] - في المصدر: الأصفياء.

[697] - الروم 30: 56.

[698] - أجواز: جمع جوز ، و هو من كلّ شي‏ء وسطه. «الصحاح- جوز- 3: 871».

[699] - اليفاع: ما ارتفع من الأرض. «مجمع البحرين- يفع- 4: 412».

[700] - النّآد: الدّاهية. «لسان العرب- نأد- 3: 413».

[701] - في المصدر: خسئت.

[702] - الدّحض: الزّلق. «لسان العرب- دحض- 7: 148».

[703] - في المصدر: رسول اللّه وأهل بيته.

[704] - الأحزاب 33: 36.

[705] - القلم 68: 36- 41.

[706] - محمّد 47: 24.

[707] - الأنفال 8: 21- 23.

[708] - البقرة 2: 93.

[709] - في المصدر: المطهّرة.

[710] - في المصدر: مغمز.

[711] - في المصدر: في البيت.

[712] - في المصدر: فيكون.

[713] - يونس 10: 35.

[714] - البقرة 2: 269.

[715] - البقرة 2: 247.

[716] - النساء 4: 113.

[717] - النساء 4: 54 و 55.

[718] - في المصدر: الخطايا.

[719] - الحديد 57: 21.

[720] - القصص 28: 50.

[721] - محمد (صلى الله عليه وآله) 47: 8.

[722] - غافر 40: 35.

[723] - الكافي 1: 154/ 1.

[724] - معاني الآخبار: 96/ 2.

[725] - المنتجب: المختار من كلّ شي‏ء. «لسان العرب- نجب- 1: 748».

[726] - المناقب 1: 256.

[727] -... الطرائف: 97/ 136.

[728] - تفسير القمي 2: 143.

[729] - تفسير القمي 2: 143.

[730] - أمالي الصدوق: 189/ 10.

[731] - البقرة 2: 61.

[732] - البقرة 2: 61.

[733] - المائدة 5: 22.

[734] - المائدة 5: 24.

[735] - المتكل: الزّبيل الكبير. «النهاية 4: 150».

[736] - تفسير القمي 2: 144.

[737] مجمع البيان 7: 415.

[738] الذّرّ: جمع ذرّة ، و هي أصغر النمل. «الصحاح- ذرر- 2: 663».

[739] الحديد 57: 23.

[740] -- تفسير القمّي 2: 146.

[741] - في المصدر: النساء.

[742] - تفسير القمّي 2: 147.

[743] - في «ط»: مثلا  ووعدا  ووعيدا.

[744] - الحديد 57: 25.

[745] - الرحمن 55: 78.

[746] - مختصر بصائر الدرجات: 56.

[747] - تفسير القمّي 2: 147.

[748] - تفسير القمّي 2: 147.

[749] - تفسير القمّي 1: 25.

[750] = سبأ 34: 28.

[751] - مختصر بصائر الدرجات: 209.

[752] - مختصر بصائر الدرجات: 29.

[753] - مختصر بصائر الدرجات: 29.

[754] - سبأ 34: 28.

[755] - تأويل الآيات 1: 423/ 20.

[756] - تأويل الآيات 1: 424/ 21.

[757] - تأويل الآيات 1: 424/ 22.

[758] - في «ط ، ج ، ي»: عن جعفر.

[759] - تأويل الآيات 1: 424/ 23.

[760] - تفسير القمي 2: 147.

[761] - الكافي 1: 111/ 1.

[762] - النساء 4: 80.

[763] - الكافي 1: 111/ 2.

[764] - المحاسن: 219/ 118.

[765] - قوله: «وإمامة المتّقين» بالنصب عطفا على ضمير المتكلّم في جهلنا ثانيا ، أي جهلنا من جهل إمامة المتّقين ، أو عرفنا و جهلنا أولا ، أي عرف إمامة المتّقين من عرفنا ، و جهلها من جهلنا. أو بالجرّ عطفا على الرحمة ، أي يده المبسوطة بإمامة المتّقين ، ولعلّه من تصحيف النسّاخ ، والأظهر ما في نسخ التوحيد: و من جهلنا فأمامه اليقين ، أي الموت ، على التهديد ، أو المراد أنّه يتيقّن بعد الموت ورفع الشبهات «مرآة العقول 2: 115».

[766] - الكافي 1: 111/ 3.

[767] - في المصدر: الحسن.

[768] - الكافي 1: 111/ 5.

[769] - الكافي 1: 112/ 7.

[770] - المحاسن: 199/ 30.

[771] - المحاسن: 219/ 117.

[772] - بصائر الدرجات: 84/ 1.

[773] - التوحيد: 149/ 1.

[774] - المحاسن: 218/ 116.

[775] - كمال الدين و تمام النعمة: 231/ 34.

[776] - بصائر الدرجات: 85/ 3.

[777] - التوحيد: 149/ 2.

[778] - النساء 4: 80.

[779] - التوحيد: 149/ 3.

[780] - التوحيد: 150/ 4.

[781] - التوحيد: 150/ 5.

[782] - تفسير القمّي 2: 147.

[783] - كمال الدين و تمام النعمة: 231/ 33.

[784] - في «ط ، ي»: يهلك.

[785] - في المصدر: و خلفه.

[786] - تأويل الآيات 1: 425/ 25.

[787] - في «ج ، ي ، ط»: عن المداري ، راجع رجال النجاشي: 219/ 571.

[788] - تأويل الآيات 1: 426/ 26.

[789] - في المصدر: الحسين.

[790] - تأويل الآيات: 1: 426/ 27.

[791] - الرحمن 55: 26 و 27.

[792] - الاحتجاج 1: 253.

[793] - ثواب الأعمال: 109 ، مجمع البيان 8: 425.

[794] -... صدر الحديث في مجمع البيان 8: 425.

[795] -....

[796] - حمىّ الرّبع: هي التي تعرض للمريض يوما و تدعه يومين ، ثمّ تعود إليه في اليوم الرابع. «المعجم الوسيط- ربع- 1: 324».

[797] - في المصدر زيادة: و ينشط الكسل.

[798] - خواص القرآن: 5 «قطعة منه».

[799] - في المصدر: و أسبابا ذللا.

[800] - الكافي 4: 200/ 2.

[801] - تقول: فتنت الذهب: إذا أدخلته النار لتنظرّ ما جودته. «الصحاح- فتن- 6: 2175».

[802] - الكافي 1: 302/ 4.

[803] - في المصدر زيادة: آمال.

[804] - تفسير القمّي 2: 148.

[805] - تأويل الآيات 1: 427/ 2 ، و صدره في شواهد التنزيل 1: 438/ 602.

[806] - في المصدر: الخثعمي.

[807] - تأويل الآيات 1: 428/ 3.

[808] - تأويل الآيات 1: 428/ 4.

[809] - في المصدر: الخثعمي

[810] - في «ج ، ي ، ط»: حسن بن حسين ، عن يحيى بن علي.

[811] - تأويل الآيات 1: 429/ 5.

[812] - أي شرور و فساد «النهاية 5: 279».

[813] - في «ي» و المصدر: إلى ردى.

[814] - المناقب 3: 203.

[815] - المناقب 3: 203.

[816] - مجمع البيان 8: 427.

[817] - تأويل الآيات 1: 429/ 6 ، شواهد التنزيل 1: 440/ 604.

[818] - فاطر 35: 32.

[819] -... كشف الغمّة 1: 316.

[820] - تفسير القمّي 2: 148.

[821] - لقمان 31: 14.

[822] - في المصدر: الحلم.

[823] - لقمان 31: 14.

[824] - في المصدر: ابن فلانة.

[825] - لقمان 31: 15.

[826] - لقمان 31: 15.

[827] - لقمان 31: 15.

[828] - تفسير القمّي 2: 148.

[829] - في جميع النسخ: سهل. راجع: تهذيب التهذيب 4: 155 ، مجمع رجال الحديث 8: 208.

[830] - خصائص الأئمة: 70.

[831] - البقرة 2: 83.

[832] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 329/ 189.

[833] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 190.

[834] - الأود: العوج. «لسان العرب- أود- 3: 75».

[835] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 191.

[836] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 192.

[837] - التبحبح: التمكّن في الحلول و المقام. «الصحاح- بحح- 1: 354».

[838] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 193.

[839] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 194.

[840] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 330/ 195.

[841] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 196.

[842] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 197.

[843] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 331/ 198.

[844] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 199.

[845] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 200.

[846] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 332/ 201.

[847] - في «ج ، ي»: دنياهم.

[848] - تفسير القمّي 2: 149.

[849] - تفسير القمّي 2: 149.

[850] - علل الشرائع: 606/

[851] - تقدّم في الحديث (10) من تفسير الآيات (20- 25) من سورة النحل.

[852] - الكافي 8: 284/ 429.

[853] - و الظاهر أنّ الصحيح: إن اللّه يقول: يا نوح ، إلخ. «من هامش نسخة ط ، ج».

[854] - في المصدر: حجة لي.

[855] - في المصدر: عيدا.

[856] - الكافي 8: 285/ 430.

[857] - أمالي الصدوق: 413/ 7.

[858] - تفسير القمّي 2: 149.

[859] - الكافي 2: 287/ 1.

[860] - تفسير القمّي 2: 149.

[861] - الكافي 8: 368/ 559.

[862] - الكافي 8: 370/ 560.

[863] يأتي في الحديث (1) من تفسير الآية (99) من سورة الصافّات.

[864] تفسير القمّي (حجري): 393.

[865]  في «ط ، ي»: يحذف ، و الحذف: الرمي و الضرب ، و الخذف: الرّمي بالحصى الصغار وبأطراف الأصابع.

[866] في «ط ، ي»: الحذف.

[867] التهذيب 3: 262/ 741.

[868] في «ي ، ط»: الإزار.

[869] - في «ي ، ط»: الحذف.

[870] - التهذيب 2: 371/ 1542.

[871] مجمع البيان 8: 440.

[872] تقدم في تفسير الآيات (69- 83 و 84- 101) من سورة هود ، و الآيات (48- 72) من سورة الحجر.

[873] يأتي في تفسير الآيات (24- 47) من سورة الذاريات.

[874] الأمالي: 1: 24.

[875] - في المصدر: يفجرون به.

[876] - سدوم: قرى بين الحجاز و الشام. «آثار البلاد و أخبار العباد: 202».

[877] - الأعراف 7: 80- 82.

[878] - في «ط»: وتصفق.

[879] - المهارشة بالكلاب ، تحريش بعضها على بعض. «الصحاح- هرش- 3: 1027».

[880] - الحبق: الضّراط. «لسان العرب- حبق- 10: 37».

[881] - العصفر: الذي يصبغ به. «لسان العرب- عصفر- 4: 581».

[882] - الشعراء 26: 167.

[883] - الشعراء 26: 167.

[884] - الشعراء 26: 168.

[885] - الشعراء 26: 168.

[886] - الشعراء 26: 169.

[887] - في المصدر: إليه.

[888] - في «ج»: فاخور.

[889] - الاعتجار: لف العمامة على الرأس. «الصحاح- عجر- 2: 737».

[890] - هود 11: 69.

[891] - الذاريات 51: 24

[892] - هود 11: 69.

[893] - هود 11: 70.

[894] - الحجر 15: 52- 56.

[895] - أود: كلمة معناها التحزن. «لسان العرب- أوه- 13: 472».

[896] - الذاريات 51: 29.

[897] - الذاريات 51: 29.

[898] - هود 11: 72 و 73.

[899] - هود 11: 70 و 71.

[900] - هود 11: 71.

[901] - هود 11: 71.

[902] - في المصدر: يعقب الآخر ، والآخر متعلّق.

[903] - الذاريات 51: 31.

[904] - الذاريات 51 : 32 و 33.

[905] - الذاريات 51: 34.

[906] - الذاريات 51: 35 و 36.

[907] - هود 11: 74.

[908] - هود 11: 74.

[909] - هود 11: 74.

[910] - هود 11: 75.

[911] - هود 11: 76.

[912] - هود 11: 76.

[913] - هود 11: 77.

[914] - الحجر 15: 61 ، 62.

 

[915] - التحريم 66: 10.

[916] - في «ج» و المصدر: درقيل.

[917] - هود 11: 78.

[918] - هود 11: 78.

[919] - هود 11: 78.

[920] - هود 11: 78.

[921] - هود 11: 78.

[922] - هود 11: 78.

[923] - هود 11: 79.

[924] - هود 11: 79.

[925] - الحجر 15: 70.

[926] - هود 11: 80.

[927] - هود 11: 81.

[928] - القمر 54: 37.

[929] - هود 11: 81.

[930] - هود 11: 81.

[931] - هود 11: 81.

[932] - في «ط ، ي»: ودوابّها.

[933] - صقيع الدّيك: صوته. «لسان العرب- صقع- 8: 203».

[934] - النجم 53: 53 و 54.

[935] - هود 11: 82.

[936] - هود 11: 82.

[937] - هود 11: 83.

[938] - الأنعام 6: 65.

[939] - الأنعام 6: 65.

[940] - الأنبياء 21: 74

[941] - تحفة الاخوان: 48.

[942] - تفسير القمي 2: 150.

[943] - في جميع النسخ: محمد بن خالد ، راجع معجم رجال الحديث 5: 267 و 12: 57.

[944] - تأويل الآيات 1: 430/ 7.

[945] - تأويل الآيات 1: 430/ 8.

[946] - العنكبوت 29: 49.

[947] - تفسير القمّي 2 150.

[948] - مجمع البيان 8: 447.

[949] - الكافي 2: 437/ 1.

[950] -... البحار 82: 200 ، و أخرجه في نور الثقلين 4: 162/ 61 عن مجمع البيان.

[951] - البقرة 2: 152.

[952] - تفسير القمي 2: 150.

[953] - النحل 16: 125.

[954] - البقرة 2: 111.

[955] - البقرة 2: 111.

[956] - في «ط ، ي»: فعمي.

[957] - يس 36: 78.

[958] - يس 36: 79.

[959] - يس 36: 79 و 80.

[960] - يس 36: 81.

[961] - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عليه السلام): 527.

[962] - تأويل الآيات 1: 431/ 9.

[963] - تأويل الآيات 1: 431/ 10.

[964] - تفسير القمّي 2: 150.

[965] - الفرقان 25: 5.

[966] - تفسير القمّي 2: 150.

[967] - الكافي 1: 166/ 1.

[968] - الكافي 1: 167/ 2.

[969] - الكافي 1: 167/ 3.

[970] - الكافي 1: 167/ 4.

[971] - الكافي 1: 167/ 5.

[972] -....

[973] - بصائر الدرجات: 225/ 3.

[974] - بصائر الدرجات: 225/ 4.

[975] - بصائر الدرجات: 227/ 16.

[976] - بصائر الدرجات: 225/ 6.

[977] - بصائر الدرجات: 226/ 8.

[978] - في المصدر زيادة: ممّن.

[979] - بصائر الدرجات: 227/ 17.

[980] - بصائر الدرجات: 226/ 13.

[981] - في المصدر زيادة: آي.

[982] - بصائر الدرجات: 226/ 14.

[983] - تأويل الآيات 1: 432/ 11.

[984] - تأويل الآيات 1: 432/ 12.

[985] في المصدر: متى.

[986] تأويل الآيات 1: 432/ 13.

[987] تأويل الآيات 1: 432/ 14.

[988] تفسير القمّي 2: 151.

[989] النساء 4: 97.

[990] النساء 4: 97.

[991] تفسير القمّي 2: 151.

[992] الأنعام 6: 151.

[993] في «ج ، ي»: لنثيبهم.

[994] تفسير القمّي 2: 151.

[995] أي الآية (69) من هذه السورة.

[996] تفسير القمّي 2: 151.

[997] لم ترد الآية بهذا الشكل في القرآن الكريم ، و الذي في سورة التوبة: 119 وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ.

[998] الأعراف 7: 44.

[999] التوبة 9: 3.

[1000] سورة ق 50: 37.

[1001] آل عمران 3: 191.

[1002] الأعراف 7: 46.

[1003] الفرقان 25: 54.

[1004] الحاقّة 69: 12.

[1005] الزمر 39: 29.

[1006] معاني الأخبار: 58/ 9.

[1007] في المصدر: عمرو.

[1008] تأويل الآيات 1: 1: 433/ 15.

[1009] تأويل الآيات 1: 433/ 16.

[1010] تأويل الآيات 1: 433/ 17.

[1011] الاختصاص: 127 ، شواهد التنزيل 1: 442/ 606 و 607.

[1012] تقدّم في الحديث (1) من فضل سورة العنكبوت.

[1013] ...

[1014] (ومن كتبها في قرطاس ... أعمى) ليس في «ج».

[1015] ...

[1016] تأويل الآيات 1: 434/ 1.

[1017] تأويل الآيات 1: 434/ 2.

[1018] دلائل الإمامة: 248 ، ينابيع المودّة: 426.

[1019] الأعراف 7: 54.

[1020] الثاقب في المناقب: 564/ 502.

[1021] الكافي 8: 269/ 3997.

[1022] في المصدر: نوره.

[1023] معاني الآخبار: 396/ 53.

[1024] تفسير القمّي 2: 152.

[1025] تفسير القمّي 2: 153.

[1026] الاسراء 17: 78.

[1027] في «ج ، ي ، ط»: يوفّق.

[1028] العتمة: صلاة العشاء ، أو وقت صلاة العشاء. «مجمع البحرين- عتم- 6: 110».

[1029] علل الشرائع: 337/ 1.

[1030] من لا يحضره الفقيه 1: 137/ 643.

[1031] تقدّم في تفسير الآيتين (95 ، 96) من سورة الأنعام.

[1032] في المصدر: تنثرون.

[1033] تفسير القمّي 2: 154.

[1034] سورة ص 38: 39.

[1035] الحجر 15: 75.

[1036] الحجر 15: 76.

[1037] الكافي 1: 364/ 3.

[1038] بصائر الدرجات: 2: 154. [.....]

[1039] تفسير القمّي 2: 154.

[1040] تفسير القمّي 2: 154.

[1041] الكافي 1: 346/ 35.

[1042] الكافي 2: 10/ 1.

[1043] الأعراف 7: 172.

[1044] (قالوا بلى) ليس في المصدر.

[1045] الكافي 2: 10/ 2.

[1046] الكافي 2: 10/ 3.

[1047] الحج 22: 31.

[1048] الكافي 2: 10/ 4.

[1049] الأعراف 7: 172.

[1050] لقمان 31: 25 ، الزمر 39: 38.

[1051] الكافي 2: 10/ 4.

[1052] التوحيد: 330/ 9.

[1053] الكافي 2: 11/ 5 ، التوحيد: 329/ 5.

[1054] التوحيد: 328/ 1.

[1055] التوحيد: 328/ 2.

[1056] الأعراف 7: 172.

[1057] التوحيد: 329/ 3.

[1058] التوحيد: 329/ 4.

[1059] التوحيد: 329/ 5.

[1060] التوحيد: 329/ 6.

[1061] التوحيد 329/ 7.

[1062] التوحيد: 330/ 8.

[1063] المحاسن: 241/ 222.

[1064] الحج 22: 31.

[1065] المحاسن: 241/ 223.

[1066] المحاسن: 241/ 224.

[1067] تفسير القمّي 2: 154.

[1068] تفسير القمّي 2: 154.

[1069] تفسير القمّي 2: 155.

[1070] التهذيب 2: 42/ 123.

[1071] كذا ، و لعلّه الحسين بن أحمد المالكي ، لروايته عن محمّد بن عيسى ، انظر لسان الميزان 2: 266.

[1072] تأويل الآيات 1: 435/ 3.

[1073] بصائر الدرجات: 98/ 7.

[1074] الأمالي 2: 274.

[1075] تفسير العيّاشي 2: 144/ 18.

[1076] تقدّم في الحديث 23) من تفسير الآيات (36- 49) من سورة هود.

[1077] المناقب 3: 101.

[1078] علل الشرائع: 121/ 5.

[1079] جوامع الجامع: 359.

[1080] في «ج ، ط»: قال: فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يديها و قد ملكته في حياة رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله) و بعده.

[1081] الأحزاب 33: 33.

[1082] في البيت إقواء بيّن ، إذ أنّ حرف الروي في القصيدة مرفوع و هنا مجرور ، و روي في مصادر اخرى: «فاشهدهم قد انقلبوا» ، و روي أيضا: «فأشهدهم فقد نكبوا».

[1083] الهنبثة: واحدة الهنابث ، و هي الأمور الشداد المختلفة. «لسان العرب- هنبث- 2: 199».

[1084] الكثيب من الرمل: هو ما اجتمع و احدودب ، و الجمع: كثب. «لسان العرب- كثب- 1: 702».

[1085] الرّزء: المصيبة. «لسان العرب- رزأ- 1: 86».

[1086] في هذا البيت إقواء وكذا الذي قبله.

[1087] في «ط»: همال وهي تنسكب ، و في «ي»: بتهمال و تنسكب.

[1088] الحامّة: خاصّة الرجل من أهله و ولده و ذي قرابته. «لسان العرب- حمم- 12: 153» ، و هي بتشديد الميم ، و خفّفت هنا للضرورة.

[1089] القصص 28: 20.

[1090] في المصدر: المسجد و وقف خلف أبي بكر و صلّى لنفسه.

[1091] تفسير القمّي 2: 155.

[1092] مجمع البيان 8: 478.

[1093] تأويل الآيات 1: 435/ 5.

[1094] تقدّمت في تفسير الآيات (26- 28) من سورة الإسراء.

[1095] الكافي 5: 145/ 6.

[1096] التهذيب 7: 15/ 67.

[1097] تفسير القمّي 2: 159.

[1098] مجمع البيان 8: 479.

[1099] الروم 30: 48.

[1100] الروم 30: 48 ، 49.

[1101] الروم 30: 50.

[1102] تفسير القمّي 2: 159.

[1103] الحشر 59: 7.

[1104] الرعد 13: 16.

[1105] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 203/ 3.

[1106] الكافي 8: 58/ 19.

[1107] تفسير القمّي 2: 160.

[1108] في «ط ، ي»: كذلك.

[1109] تفسير القمّي 2: 160.

[1110] في المصدر: الزنى.

[1111] الكافي 2: 324/ 1.

[1112] معاني الأخبار: 629/ 1.

[1113] الكافي 2: 324/ 2.

[1114] أخفر الذمّة: لم يف بها. «لسان العرب- خفر- 4: 253».

[1115] الإدالة: الغلبة. «لسان العرب- دول- 11: 252».

[1116] الكافي 2: 325/ 3.

[1117] في المصدر: الفضيل.

[1118] الرعد 13: 11.

[1119] الأنعام 6: 151 ، الاسراء 17: 33.

[1120] المائدة 5: 31.

[1121] القسم: النصيب و الحظّ. «لسان العرب- قسم- 12: 478».

[1122] في المصدر: النيّة.

[1123] معاني الأخبار: 270/ 2.

[1124] الزهد: 21/ 46.

[1125] الأمالي: 195/ 26.

[1126] مجمع البيان 8: 481.

[1127] تفسير القمّي 2: 160.

[1128] في المصدر: كراهتك ، في الموضعين.

[1129] الكافي 1: 58/ 2.

[1130] آل عمران 3: 68.

[1131] الكافي 1: 154/ 1.

[1132] في المصدر: أبو أحمد القاسم.

[1133] معاني الآخبار: 96/ 2.

[1134] تقدّم في الحديث (2) من تفسير الآيتين (68 ، 69) من سورة القصص.

[1135] في «ط ، ي»: من.

[1136] تفسير القمّي 2: 160.

[1137] الزمر 39: 65.

[1138] تفسير القمّي 2: 160.

[1139] الزمر 39: 65.

[1140] التهذيب 3: 35/ 127.

[1141] ثواب الأعمال: 110.

[1142] ... مجمع البيان 8: 488 «قطعة منه».

[1143] ...

[1144] خواصّ القرآن: 6.

[1145] تفسير القمّي 2: 161.

[1146] الكافي 5: 119/ 1.

[1147] الكافي 6: 431/ 4.

[1148] الكافي 6: 431/ 5.

[1149] في المصدر: أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول: سئل أبو عبد اللّه (عليه السّلام) عن.

[1150] الكافي 6: 432/ 8.

[1151] الكافي 6: 433/ 16.

[1152] في المصدر زيادة: منه.

[1153] معاني الأخبار: 349/ 1.

 

[1154] عقيرة الرجل: صوته إذا غنى أو قرأ أو بكى. «لسان العرب- عقر- 4: 593».

[1155] ربيع الأبرار 2: 596. [.....]

[1156] تفسير القمّي 2: 161.

[1157] تفسير القمّي 2: 161.

[1158] تقدّم في تفسير الآية (2) من سورة الرعد.

[1159] يأتي في تفسير الآيات (7- 9) من سورة الذاريات.

[1160] تفسير القمّي 2: 161.

[1161] الكافي 1: 13/ 12.

[1162] رجل سكّيت: كثير السّكوت. «لسان العرب- سكت- 2: 43». و في «ج ، ي» ، مسكينا ، وفي المصدر: سكينا.

[1163] في نسخة من «ط»: مستغن بالعبّر ، وفي المصدر: مستعبر بالعبر.

[1164] أفرط فلان ولدا: إذا مات له ولد صغير قبل أن يبلغ الحلم. «لسان العرب- فرط- 7: 367».

[1165] أي تصالحا و تمانعا ، و في «ج»: تحابّا.

[1166] في المصدر: لعزّتهم.

[1167] في المصدر: ينفعه.

[1168] الحريّ: الجدير و الخليق. «النهاية 1: 375».

[1169] في المصدر: حكما.

[1170] في المصدر: و يثبتها.

[1171] قال المجلسي (رحمه اللّه): قوله: «حتّى تفطّر وانشقّ» كناية عن غاية تأثير الحكمة فيه ، البحار 13: 413.

 

[1172] النّطف: النجس ، و الرجل المريب. «أقرب الموارد- نطف- 2: 1314».

[1173] الورق: الدراهم المضروبة. «الصحاح- ورق- 4: 1564» ، و في «ج ، ي»: رزقك.

[1174] في المصدر: هان.

[1175] تفسير القمّي 2: 162.

[1176] تفسير القمّي 2: 161.

[1177] الكافي 2: 155/ 1.

[1178] أمحضه النصيحة: صدقه. «لسان العرب- محض- 7: 228».

[1179] في المصدر: سكينا ، وفي «ج»: ساكنا سكينا.

[1180] في «ط»: تحابّا.

[1181] في المصدر: لعزّتهم.

[1182] في «ط ، ج ، ي»: والمصدر: السلطان.

[1183] في المصدر: القضيّة.

[1184] مجمع البيان 8: 496.

[1185] في «ط»: نسخة بدل: أرزقك.

 

[1186] ...

[1187] تفسير القمّي 2: 165.

[1188] في المصدر: أنه سأل.

[1189] الكافي 1: 354/ 79.

[1190] الإسراء 17: 23.

[1191] الإسراء 17: 23.

[1192] الكافي 2: 127/ 6.

[1193] تأويل الآيات 1: 436/ 1.

[1194] تأويل الآيات 1: 436/ 2.

[1195] تأويل الآيات 1: 437/ 3.

[1196] تأويل الآيات 1: 437/ 4.

[1197] العنكبوت 29: 8.

[1198] خصائص الأئمّة: 70.

[1199] تقدّم في تفسير الآيتين (8 ، 9) من سورة العنكبوت.

[1200] البقرة 2: 83 ، النساء 4: 36 ...

[1201] المناقب 3: 105.

[1202] في المصدر: سالم.

[1203] المناقب 3: 105.

[1204] المناقب 3: 105.

[1205] معاني الأخبار: 52/ 3.

[1206] مناقب ابن شهر آشوب 3: 105.

[1207] ...

[1208] الأمالي 1: 122.

[1209] تفسير القمّي 2: 165.

[1210] تفسير القمّي 2: 165.

[1211] يس 36: 12.

[1212] الكافي 2: 207/ 10.

[1213] مجمع البيان 8: 499.

[1214] تفسير القمّي 2: 165.

[1215] الكافي 1: 32/ 2.

[1216] تفسير القمّي 2: 165.

[1217] مجمع البيان 8: 500.

[1218] تفسير القمّي 2: 165.

[1219] تفسير القمّي 2: 165.

[1220] تفسير القمّي 2: 165.

[1221] مشارق أنوار اليقين: 80.

[1222] الكافي 2: 480/ 21.

[1223] مجمع البيان 8: 500.

[1224] المائدة 5: 41.

[1225] تفسير القمّي 2: 165.

[1226] أي يهلك.

[1227] كمال الدين و تمام النعمة: 368/ 6.

[1228] في «ج ، ي ، ط»: الحيني ، و في «ط» نسخة بدل: الجبيسي ، وفي المصدر: الجهيني ، تصحيف صحيحه ما أثبتناه ، انظر تهذيب التهذيب 8: 111.

[1229] في «ط» و المصدر: جوير ، وفي «ي» و«ط» نسخة بدل: حريز ، وفي «ج»: جريرة ، تصحيف ، صحيحه ما أثبتناه ، انظر تهذيب التهذيب 2: 123.

[1230] الأمالي 2: 104.

[1231] في جميع النسخ و المصدر: عبد اللّه ، راجع تاريخ بغداد 10: 348.

[1232] إبراهيم 14: 5.

[1233] في «ط ، ي»: و سبحاته.

[1234] يتخولنا بالموعظة: أي يتعهّدنا. «النهاية 2: 88».

[1235] السّآمة: الملل و الضّجر. «النهاية 2: 328».

[1236] إبراهيم 14: 34.

[1237] الأمالي 2: 105.

[1238] الأمالي 2: 6. [.....]

[1239] الأمالي 2: 104.

[1240] مجمع البيان 8: 501.

[1241] تفسير القمي 2: 166.

[1242] تفسير القمّي 2: 166.

[1243] تأويل الآيات 1: 439/ 10.

[1244] تأويل الآيات 1: 439/ 11.

[1245] معاني الأخبار: 368/ 1.

[1246] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 58/ 217.

[1247] مائة منقبة: 149/ 81.

[1248] المناقب 3: 76 ، شواهد التنزيل 1: 444/ 609 ، ينابيع المودة: 111.

[1249] تقدمت في تفسير الآيتين (256 ، 257) من سورة البقرة.

[1250] مجمع البيان 8: 503.

[1251] البقرة: 2: 269.

[1252] البقرة: 2: 269.

[1253] تفسير القمي 2: 166.

[1254] تفسير القمّي 2: 166.

[1255] برهوت: واد باليمن ، وقيل في أقصى تيه حضرموت. «المعجم ما استعجم 1: 246».

[1256] الجمّة: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه. «الصّحاح- جمم- 5: 1890». و في «ط» نسخة بدل و«ج»: «حمّة» في الموضعين ، والحمّة: العين الحارّة. «الصحاح- حمم- 5: 1904».

[1257] في المصدر: «ما جروان» وفي «ج ، ي» باحوران ، ولعلّ الصّواب: باجروان: وهي بلدة كبيرة من بلاد الجزيرة على نهر ، ومنها إلى الرقّة ثلاثة فراسخ. «الروض المعطار: 74».

[1258] الاحتجاج 2: 454.

[1259] الاختصاص: 94.

[1260] تفسير القمّي 2: 166.

[1261] تفسير القمّي 2: 167.

[1262] تفسير القمّي 2: 167.

[1263] تفسير القمّي 2: 167.

[1264] من لا يحضره الفقيه 1: 84/ 383.

[1265] شرح النهج 2: 269.

[1266] ثواب الأعمال: 110.

[1267] ...

[1268] خواصّ القرآن: 6 «نحوه».

[1269] الحمّى المثلّثة: التي تأتي في اليوم الثالث. «مجمع البحرين- ثلث- 2: 241» ، وفي «ط ، ي»: بالمثلّثة.

[1270] ...

[1271] تفسير القمّي 2: 167.

[1272] تفسير القمّي 8: 145/ 117.

[1273] تقدّم في تفسير الآية (5) من سورة طه.

[1274] تفسير القمّي 2: 168.

[1275] معاني الأخبار: 146.

 

[1276] تفسير القمّي 2: 167.

[1277] تفسير القمّي 2: 168.

[1278] تفسير القمّي 2: 6.

[1279] الكافي 3: 256/ 22.

[1280] الكافي 3: 255/ 21.

[1281] الكافي 3: 256/ 24.

[1282] الكافي 3: 250/ 2.

[1283] الكافي 3: 136/ 3.

[1284] من لا يحضره الفقيه 1: 80/ 357.

[1285] عيون أخبار الرّضا (عليه السّلام) 2: 32/ 48.

[1286] المناقب 2: 236.

 

[1287] البحار 38: 137/ 97 ، عن عروضة ابن شاذان ، مدينة المعاجز: 175.

[1288] ...

[1289] ...

[1290] ...

[1291] تفسير القمّي 2: 168.

[1292] الجنّة: الوقاية «النهاية 1: 308».

[1293] التهذيب 2: 242/ 958.

[1294] في المصدر: ثلثا.

[1295] من لا يحضره الفقيه 1: 305/ 1394.

[1296] المحاسن: 289/ 435.

[1297] المحاسن: 289/ 434.

[1298] تعطف بالرداء: ارتدى وسمي الرداء عطافا لوقوعه على عطفي الرجل. «لسان العرب- عطف- 9: 251».

[1299] المؤونة: التعب و الشدة. «الصحاح- مأن- 6: 2198».

[1300] سورة ق 50: 35.

[1301] صلفت المرأة: إذا لم تحظ عند زوجها ، وأبغضها. «الصحاح- صلف- 4: 1387».

[1302] تفسير القمي 2: 168.

[1303] المحاسن: 180/ 172.

 

[1304] (ألف) ليس في «ج».

[1305] تأويل الآيات 2: 441/ 1.

[1306] ... فضائل الشيعة: 72/ 36.

[1307] في المصدر: يفتحها الرب.

[1308] الزهد: 102/ 278.

[1309] السجف والسجف: الستر. «الصحاح- سجف- 4: 1371».

[1310] سورة ق 50: 35.

[1311] الاختصاص: 352.

[1312] أمالي الصدوق: 225/ 9.

[1313] الأمالي 1: 300.

[1314] مجمع البيان 7: 517.